أنس الحجي: مخزونات النفط في الصين جزء من استعداداتها للحرب مع الغرب
الصينيون مقتنعون بأن الحرب قادمة مع أميركا والغرب
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن مخزونات النفط في الصين تستعد لحرب كبيرة مع الغرب، موضحًا أن دورها التاريخي في سوق الطاقة العالمية بدأ في نهاية التسعينيات مع تحرير الأسواق في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
وأوضح الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة" على موقع تويتر، قدّمها بعنوان "دور الصين في أسواق الطاقة العالمية وآثار إعادة تصنيفها دولةً متقدمة"- أن هذا الدور بدأ مع قيادة أميركا وبريطانيا لتحرير الأسواق وتقليص الدور الحكومي وبيع الشركات العامة.
وأضاف: "بسبب انفتاح السوق بدأت الشركات تتجه إلى بكين، ما أسهم لاحقًا في امتلاء مخزونات النفط في الصين، التي تتوقع أنها ستخوض حربًا ضد الدول الغربية وأميركا خلال الـ100 عام المقبلة".
وتابع: "مع توقيع اتفاق منظمة التجارة العالمية أصبح هناك توسع في التجارة بصفة كبيرة، وصارت الشركات والمصانع الأوروبية والغربية واليابانية تنتقل إلى بكين".
نتائج الانتقال إلى الصين
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن انتقال الشركات والمصانع الغربية واليابانية إلى الصين أدى إلى عدة أمور، فهي ذهبت هناك لأهداف معينة، ولكن ما زالت الدول الغربية تستهلك منتجاتها.
ولفت إلى أن أول أمر حدث هو أنه بالنظر إلى تصريحات السياسيين في الغرب بأنهم استطاعوا خفض نسبة الكربون والانبعاثات على مدى 40 عامًا الماضية، فعندما يحتجون على بكين عليهم أن يتذكروا أنهم هم من أرسلوا المصانع إلى الصين، أي أنهم أرسلوا التلوث الذي كان في أوروبا إليها.
الأمر الآخر -وفق الدكتور أنس الحجي- هو أن هذه الدول الغربية ما زالت تستورد البضائع من بكين، والآن هذه الدول نفسها تقول إنها ستضع ضرائب كربون على الواردات من الدول النفطية، ومن الدول مثل الهند والصين.
وأوضح الحجي أن فرض ضريبة كربون على الواردات يعني أن الأوروبيين سيضطرون إلى دفع الضريبة الحقيقية للكربون، لأنهم في البداية حوّلوها إلى بكين والآن يسترجعونها، ومن ثم ستكون الضريبة على المستهلك الأوروبي أو الأميركي وليس على مصدر هذه البضائع.
وأشار مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة إلى أن هذه الخطوة من شأنها خفض الطلب على بعض البضائع بصفة عامة، ولكن ليس بصورة كبيرة.
لماذا ذهبت المصانع إلى الصين؟
قال الدكتور أنس الحجي، إن تحرير الأسواق في الثمانينيات مهّد لما حدث لاحقًا في التسعينيات، إذ انتقلت الصناعات من الغرب إلى الشرق، ولكنها أخذت معها -أيضًا- زيادة استهلاك الطاقة.
وأوضح أن النفط والغاز اللذين كانت ترسلهما الدول المنتجة إلى أوروبا، تحولا بصفة تلقائية إلى الصين، لذا أصبح لزامًا على هذه الدول إعادة تقييم إستراتيجياتها، لأن التحول كان كبيرًا جدًا، ومن ثم كان هناك تركيز من دول الخليج على الدول الآسيوية.
وأضاف خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن هذا التركيز ليس بسبب الجغرافيا كما يقول البعض، وإنما بسبب التحول الصناعي الكبير من الغرب إلى الشرق.
وتساءل: لماذا تحوّلت هذه الصناعات إلى بكين ولم تتحول إلى دول أخرى؟ موضحًا أن البعض يعتقدون أن هذا يرجع إلى رخص العمالة الصينية، ولكن هذا الكلام غير صحيح، لأن هناك دولًا مثل بنغلاديش -كانت وما زالت- الأجور فيها أقل من الصين.
وتابع الحجي: "هناك أسباب كثيرة للذهاب إلى الصين، ولكن أود أن أؤكد نقطة واحدة سمعتها من عدة رؤساء شركات، وهي أن أهم هذه الأسباب هو وجود العمالة الماهرة ووجود جامعات صينية مميزة تنتج ما يريدون".
ومع حدوث الأزمة المالية العالمية، تأثرت الدول الآسيوية ومن بينها الصين، ولكنها كانت الأقل تأثرًا، لأنها كانت تحمي اقتصادها بصفة دائمة وكبيرة، وهي ما زالت تقدم هذه الحماية إلى الاقتصاد حتى الآن، إذ أدى ارتفاع متوسط دخل المواطن الصيني بصفة كبيرة إلى ارتفاع استهلاك الطاقة، وبالتالي زيادة واردات النفط والغاز، التي أدت بدورها إلى العمل على زيادة مخزونات النفط في الصين.
مخزونات النفط في الصين استعدادًا للحرب
قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن عام 2021 شهد تطورات جديدة تلقي بظلالها الآن في 2022، مع إدراك المسؤولين في بكين أن الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية سوف تهاجم الصين يومًا ما بسبب تايوان أو لأسباب أخرى.
وبالتالي -وفق الحجي- فإن الصينيين يرون أنه خلال الـ100 عام المقبلة ستكون هناك حرب مع الغرب، وعليهم أن يستعدوا لذلك، ومن بين هذه الاستعدادات بناء مخزون إستراتيجي ضخم في كل شيء، سواء الأغذية أو المعادن.
وبالنسبة إلى الطاقة، كان هناك تركيز كبير على بناء مخزونات النفط في الصين، لأنهم مقتنعون أنهم في حالة حدوث أي حرب سيُغلق مضيق "ملقة"، وهو الذي تمر منه نحو 80% من الصادرات والواردات الصينية.
وأضاف: "الصينيون مقتنعون بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين -في حالة حدوث حرب- سيغلقون مضيق ملقة ويتسببون في أزمة خانقة، لذلك يستعدون ببناء مخزون ضخم من كل شيء، بما في ذلك مخزونات النفط في الصين".
وأوضح الحجي أن هذا الموضوع يُعَد سريًا ولا يفصح عنه مسؤولو بكين، ولكن هناك شواهد وأدلة على بناء ذلك المخزون، من خلال مراقبة حركة أسواق النفط والشحنات وصادرات الدول النفطية والواردات، ومراقبة السفن ومعرفة كميات النفط التي تحملها، كما أن مخزونات النفط في الصين تُراقب من الفضاء بوساطة الأقمار الصناعية.
اقرأ أيضًا..
- زيمبابوي تبدأ الحفر في واحدة من أكبر مناطق استكشافات النفط عالميًا
- أبرز المعلومات عن شركة الحفر العربية السعودية المقرر طرحها للاكتتاب (إنفوغرافيك)
- تعزيز صادرات الغاز المسال الأميركية يوفر حلًا سريعًا لأزمة إمدادات أوروبا