الطاقات المتجددة في الجزائر غير مستغلة.. والنخبة السياسية هي المستفيدة (تقرير)
دينا قدري
سلّط تقرير حديث الضوء على حجم إمكانات الطاقات المتجددة في الجزائر التي ما زالت غير مستغلة، وعدم جدوى فاعلية برامج تنمية الطاقات المتجددة التي أُطلقت منذ أكثر من 10 سنوات.
وكشف التقرير -الذي أصدرته مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية- عن أن الجزائر تُعَد في وضع جيد، بحكم جغرافيتها ومناخها، لتصبح منتجًا ومصدرًا رئيسًا لمصادر الطاقات المتجددة، وفق ما نقلته منصة وكالة "إيكوفين" الناطقة باللغة الفرنسية.
إلا أن التقرير شدد على أن الاعتماد الكبير للجزائر على المحروقات -التي تمثل 93.6% من عائدات التصدير ونحو 50% من ميزانية الدولة- هو العقبة الرئيسة التي تمنع البلاد من استغلال إمكاناتها الهائلة في مجال الطاقات المتجددة.
إمكانات الطاقات المتجددة في الجزائر
أوضح التقرير -الذي حمل عنوان "تحديات تحول الطاقة في الدول المصدرة للوقود الأحفوري- حالة الجزائر"- أن البلاد تتمتع بما يتراوح بين ألفين إلى 3 آلاف ساعة من أشعة الشمس سنويًا في صحرائها التي تغطي 80% من مساحة البلاد، وتتمتع بأعلى درجة حرارة سطحية في العالم.
ومن الناحية النظرية، يمكن لهذه المنطقة الصحراوية وحدها أن تولّد أكثر من 169.4 ألف تيراواط/ساعة، أو 5 آلاف ضعف الاستهلاك الوطني السنوي للكهرباء.
ونظرًا إلى قرب الجزائر من أوروبا واتساعها الجغرافي وسمعتها بوصفها مصدرًا موثوقًا للطاقة، فإن سيناريوهات تصدير الطاقات المتجددة في الجزائر قابلة للتطبيق أيضًا، بحسب التقرير الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأكدت كاتبة التقرير إيمان بوخاتم، أن مختلف برامج تنمية الطاقات المتجددة في الجزائر التي أُطلقت منذ عام 2011 لم تحقق النتائج المتوقعة، بما في ذلك البرنامج الوطني لتنمية الطاقات المتجددة، الذي يهدف إلى تحقيق قدرة إنتاج كهرباء متجددة تبلغ 22 ألف ميغاواط بحلول عام 2030
ولا تمتلك الجزائر اليوم سوى قدرة مركبة تبلغ نحو 425 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
تداعيات الحرب في أوكرانيا.. والنخبة السياسية مستفيدة
ذكر التقرير أن ارتفاع أسعار النفط والغاز منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا يشكّل عقبة جديدة أمام الانتقال إلى الطاقات المتجددة في الجزائر.
إذ إنه يعزّز سياسة استخراج النفط والغاز وتحقيق أرباح هائلة، ويثير دفعة نحو المزيد من التنقيب عن الوقود الأحفوري، خاصةً في ظل سعي الاتحاد الأوروبي إلى إبعاد نفسه عن الغاز الروسي، من خلال تنويع مصادر إمداده.
وهناك دلائل على أن هذا هو الاتجاه الذي سلكته الطبقات الحاكمة الجزائرية، بحسب ما أوردته مؤلفة التقرير الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
فقد وافقت مؤخرًا على ضخ المزيد من الغاز إلى إيطاليا، وتخطط حاليًا لاستكشاف حقول جديدة واستغلالها، بمساعدة شركات الطاقة الأوروبية الكبرى.
وفي هذا السياق، توصي إيمان بوخاتم السلطات الجزائرية بتغيير إستراتيجيتها والاستفادة من الارتفاع الحالي في أسعار المحروقات لتخصيص أموال كبيرة لانتقال الطاقة، من أجل الحفاظ على مكانتها بوصفها مصدرًا رئيسًا للطاقة في حقبة ما بعد النفط والغاز، وتقديم مستقبل آمن إلى الجزائريين على المدى الطويل.
عقبات التحول إلى الطاقات المتجددة في الجزائر
هناك عدة عقبات عاقت تنفيذ مختلف برامج تطوير الطاقات المتجددة في الجزائر، أولها الافتقار إلى الالتزام السياسي الجاد لصالح انتقال حقيقي للطاقة، بحسب تقرير فريدريش إيبرت.
فمنذ خمسينيات القرن الماضي، أدت عائدات النفط والغاز دورًا حيويًا في تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب الجزائري، وضمان مستوى معيشي أعلى من العديد من دول المنطقة.
وفي الوقت نفسه، تستحوذ النخب السياسية القوية على الكثير من ريع النفط والغاز، وتستفيد بشكل غير متناسب من "الاقتصاد الاستخراجي" الحالي.
وأكد التقرير أن المسافة الكبيرة بين مراكز الطلب ومراكز التوريد تمثّل أيضًا عقبة أمام استغلال إمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الجزائر.
إذ تقع مراكز الطلب في شمال البلاد، وتمنع الكثافة الحضرية إقامة المشروعات الكبيرة؛ في حين يوجد العرض في الصحراء، في النصف الجنوبي من البلاد، الذي يشهد وفرة الإشعاع الشمسي والمساحة الجغرافية.
كما أن دعم منتجات الطاقة يمثّل عقبة إضافية أمام تحول الطاقة.
إذ تدفع الأسر الجزائرية ما يعادل 0.038 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة للكهرباء، في حين لا تدفع الشركات سوى 0.033 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، وتمثّل هذه الأسعار ثلث تكلفة الإنتاج فقط.
إنجازات الطاقات المتجددة في الجزائر
من جانبها، نشرت محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية في الجزائر تقريرًا عن دمج الطاقات المتجددة في الجزائر بجميع القطاعات، وفق رؤية رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون في برنامجه لتطوير البلاد.
وتناول ملخص للتقرير -الذي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه، إلى حين الانتهاء من إعداد التقرير الكامل- حصيلة الإنجازات في الدولة خلال عامي 2020 و2021.
وأكد التقرير دمج الطاقات المتجددة في خطط تنمية مؤسسات الدولة بدرجات متفاوتة، على الرغم من تأثيرات جائحة كورونا في أنشطة البلاد الاقتصادية.
فقد شهدت الجزائر زيادة بنسبة 7% في الطاقة المركبة، بسعة إضافية 27.6 ميغاواط، مقارنةً بالقدرة المتراكمة في نهاية عام 2019.
وبلغ إجمالي القدرة المركبة في مجال الطاقات المتجددة في الجزائر 567.1 ميغاواط، منها 438.2 ميغاواط باستثناء الطاقة الكهرومائية، في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021.
كما أشار التقرير إلى أن إجمالي القدرة المركبة في مجال الطاقات المتجددة يشمل 401.3 ميغاواط متصلة بالشبكة، و36.9 ميغاواط خارج الشبكة.
ويرجع هذا النمو إلى منشآت الطاقة الشمسية في الجزائر خارج الشبكة، التي سجلت سعة إضافية تُقدّر بنحو 15.6 ميغاواط، أي بزيادة 73% مقارنة بنهاية عام 2019.
ويوضح الرسم الآتي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- تطورات الطاقة المتجددة في الجزائر:
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: تحديد أسعار النفط الروسي يعني خفض إنتاجه وخلق أزمة (فيديو)
- بوتين: رفع العقوبات عن نورد ستريم 2 مخرج أوروبا لتوفير الغاز (فيديو)
- أول قطار يعمل بالهيدروجين في العالم يحقق رقمًا قياسيًا جديدًا (فيديو)
- هل ما زال شحن السيارات الكهربائية أرخص رغم أزمة الطاقة؟.. تقرير يجيب