التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

الغاز المسال.. تحول الطاقة وارتفاع الأسعار يعطلان ازدهار السوق

وتوقعات بتصدر قطر وأستراليا وأميركا أسواق الوقود الأحفوري

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • يتميّز الغاز الطبيعي المسال بكثافته وسهولة نقله في السفن حول العالم
  • • اشترت الدول الغنية ذات الموارد الشحيحة كاليابان وكوريا الجنوبية معظم الغاز الطبيعي المسال
  • • تصدرت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة حركة مبيعات مرنة وقصيرة الأجل
  • • لم يتمكن المنتجون من مجاراة الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال في الصين

رغم الازدهار الحالي الذي تشهده أسواق الغاز المسال، والذي أُطْلِق عليه -مؤخرًا- صفة الوقود الانتقالي في مسار تحول الطاقة، يرى بعض المحللين أن التحول المتسارع للطاقة واستمرار ارتفاع الأسعار قد يؤديان إلى تغيّر هذا الوضع.

ويتميّز الغاز المسال بكثافته وسهولة نقله في السفن حول العالم مثل النفط الخام، وبأنه ينتج نحو نصف كمية انبعاثات الكربون، التي يطلقها الفحم، عند إعادة تغويزه وحرقه.

وتوقع المدافعون عن الغاز المسال أن تحتل قطر وأستراليا والولايات المتحدة مراكز الصدارة في آخر أوقات ازدهار أسواق هذا الوقود الأحفوري، وفقًا لما نشره موقع "إنرجي مونيتور".

سوق الغاز المسال

منذ مطلع القرن، ازدهرت سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية، إذ زادت واردات الغاز المسال في جميع أنحاء العالم أكثر من 3 أضعاف بين عامي 2000 و2020.

الغاز المسال
محطة تصدير الغاز المسال التابعة لشركة تشينيير الأميركية

واشترت الدول الغنية ذات الموارد الشحيحة كاليابان وكوريا الجنوبية معظم الغاز الطبيعي المسال من خلال عقود طويلة الأجل مرتبطة بسعر النفط، وتصدرت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة حركة مبيعات مرنة وقصيرة الأجل، إذ يرتبط السعر بمراكز تداول الغاز الطبيعي.

وقد تضاعف حجم السوق الأوروبية 4 مرات، في سياق بحث البلدان عن وقود بديل أنظف من الفحم، والحد من اعتمادها على واردات خطوط أنابيب الغاز من روسيا.

وكشفت الأرقام الصادرة عن شركة النفط البريطانية بي بي أن واردات الغاز المسال زادت بنسبة 0.8% على أساس سنوي حتى خلال عام 2020 الذي شهد تفشي وباء كورونا، إذ انخفض الطلب على الفحم والنفط بنسبة 3.8% و9.4% على التوالي.

وبينما ظل الطلب قويًا، كانت الأسعار متقلبة، إذ تراجعت من أدنى مستوياتها القياسية خلال الركود الأولي الناجم عن تداعيات تفشي الوباء إلى مستويات قياسية مع تعافي الاقتصاد العالمي.

لذلك، لم يتمكن المنتجون من مجاراة الطلب المتزايد على الغاز المسال في الصين (التي تجاوزت اليابان لتصبح أكبر مستورد في العالم في عام 2021)، وفصل الشتاء البارد في نصف الكرة الشمالي في عام 2020، وزيادة الطلب خلال أزمة الطاقة هذا الشتاء.

حركة السوق في 2021

يستبعد العديد من المحللين أن يغير تقلب الأسعار آفاق نمو الغاز الطبعي المسال على المدى الطويل.

شل
شعار شركة شل - أرشيفية

وأشارت توقعات الغاز لعام 2021 لدى شركة الاستشارات "ماكنزي" إلى أن الطلب على الغاز المسال ينمو بنسبة 3.4% سنويًا حتى عام 035، في حين توقعت شركة النفط شل أن الطلب العالمي سيتضاعف تقريبًا ليصل إلى 700 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040.

وقال المحلل لدى منصة "إس آند بي غلوبال بلاتس"، روس واينو: إن أسعار الغاز المسال المرتفعة أدت إلى موجة جديدة من التعاقد على الغاز المسال، ومن المرجح أن تدفع بموجة من مشروعات التصدير في أمريكا الشمالية إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي.

وأوضح أنه رغم أن الأسعار الفورية لا تزال مرتفعة، فإن الغاز المسال المتعاقد عليه لمدد طويلة الأجل لا يزال يُعدّ صفقة جيدة نسبيًا.

وأكدت بيانات شركة الاستشارات ريستاد إنرجي أن حجم عقود الغاز المسال متوسطة وطويلة الأجل قد ارتفع في عام 2021.

ومثّلت الصين إلى حد كبير عامل التحفيز، إذ وقّعت نحو 10 عقود طويلة الأجل مع موردين خارجيين، ومن المتوقع أن تتضاعف واردات البلاد من الولايات المتحدة، منافستها الجيوسياسية الكبرى.

وتوقع روس واينو أن تصبح الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم عام 2022، مشيرًا إلى أن 3 مشروعات جديدة للغاز الطبيعي المسال، التي من شأنها زيادة الطاقة الإنتاجية للبلاد، ستبدأ العمل عام 2022.

إزالة الكربون

ترى صناعة الغاز المسال أنه لا يوجد وقت لنمو استهلاك الغاز بوصفه وقودًا انتقاليًا، في ظل إصرار العالم على إزالة الكربون لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.

ويأتي هذا الوقود الانتقالي في شكل غاز طبيعي مسال محايد للكربون، الذي تدعي الشركات أنه يمكن تحقيق هذا الهدف، إما من خلال شراء تعويضات الكربون، إذ تدعي شركة توتال إنرجي الفرنسية الكبرى أنها فعلت ذلك، أو من خلال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

وقال نائب رئيس قسم أسواق الغاز والطاقة لدى شركة الاستشارات ريستاد إنرجي، تشي نان: إن جميع منتجي الغاز المسال الرئيسين يسرعون تطوير تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

وأشارت شركة وود ماكينزي للأبحاث والاستشارات -مؤخرًا- إلى أن صناعة الغاز المسال "في وضع جيد لقيادة عملية احتجاز الكربون وتخزينه، بميزانيات عمومية قوية وقدرة تشغيلية وخبرة في تخزين الكربون".

حالة عدم اليقين

تشير مجموعة من الأدلة إلى أن التفاؤل الذي يسود صناعة الغاز المسال قد يكون في غير محله على المدى الطويل، في ظل شكوك جدية بشأن اعتبار الغاز المسال محايدًا للكربون.

ويُظهر تحليل شركة وود ماكنزي للأبحاث والاستشارات أن التعويضات التي اشترتها شركة توتال إنرجي مقابل "الغاز المسال المحايد كربونيًا غير كافية لتغطية بصمة الكربون للوقود".

ويذكر تقرير الشركة بشأن الغاز المسال وتخزين الكربون الصادر في سبتمبر/أيلول 2021، أن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لا تزال تمثل أقل من 1% من انبعاثات الكربون السنوية، على الرغم من الضوضاء التي تحب صناعة الوقود الأحفوري إصدارها حيال ذلك.

وقد يؤدي استمرار الشكوك بشأن جدوى إزالة الكربون من الغاز المسال إلى تراجع جاذبيته في ظل سعي الدول للوصول إلى الحياد الكربوني، بحسب موقع "إنرجي مونيتور".

ويقول المحللون إن التقلب المستمر في أسعار الغاز المسال قد يبدأ التأثير في طلب المستهلكين.

وبيّن نائب رئيس قسم أسواق الغاز والطاقة لدى شركة الاستشارات ريستاد إنرجي، تشي نان، أن استمرار ارتفاع سعر الغاز الحاصل -حاليًا- الحالي غير مفيد للصناعة، وأشار إلى أن انخفاض أسعار الغاز يشجّع المستهلكين على استخدام كميات إضافية.

وقال محلل الغاز الطبيعي المسال في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (آي إي إي إف إيه)، بروس روبرتسون: إن الأشهر الأخيرة شهدت تقلبًا وارتفاعًا في الأسعار في السوق الفوري وسوق العقود طويلة الأجل.

جدير بالذكر أن العقود طويلة الأجل تكون مرتبطة إما بسعر النفط، وإما في حالة الولايات المتحدة، بسعر غاز هنري هاب المعياري؛ وقد تغير كلا السعرين خلال أزمة الطاقة.

المخاطر المستقبلية

لا يبدو أن الطلب العالمي على الغاز المسال على وشك التراجع، ولكن المستقبل الذي يستمر فيه نمو الطلب القوي في القرن الـ21 حتى الآن يبدو غير مؤكد إلى حد كبير.

وتسعى العديد من البلدان والشركات الرئيسة في الصناعة إلى مضاعفة عدد محطات تسييل الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم في ظل الخطط الحالية، بحسب بيانات شركة الأبحاث والبيانات البريطانية "غلوبال داتا".

وتوقعت "غلوبال داتا" أن تزيد النفقات الرأسمالية المجمعة لمحطات التسييل المقترحة ومحطات إعادة التغويز عن 500 مليار دولار.

وترى شركة ريستاد إنرجي أن الطريقة التي تسير وفقها الأمور في الوقت الحالي تشير إلى أن الغاز المسال سيظل وقودًا مهمًا على المدى القصير، وسيصبح الأمر غير واضح بعد ذلك.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق