هل يخفّف توليد الكهرباء محليًا من أزمة الطاقة هذا الشتاء؟ (تقرير)
نوار صبح
- • توجد نحو 10 آلاف حالة وفاة ناجمة عن فقر الوقود سنويًا في بريطانيا
- • الطاقة المجتمعية تشير إلى مشروعات الطاقة المتجددة المملوكة كليًا أو جزئيًا للمجتمعات المحلية
- • في بريطانيا تبيع مشروعات المجتمع الأهلي الكهرباء مباشرة إلى الشبكة الوطنية
- • نمت السعة التراكمية المركبة للطاقة الشمسية في المجتمع الأميركي بصورة كبيرة
قد يمثّل تمكين الأهالي والتجمعات السكانية من توليد الكهرباء محليًا فيما يُعرف باسم الطاقة المجتمعية، حلًا طويل الأجل لمشكلة فقر الطاقة هذا الشتاء، الذي تعانيه ملايين الأُسَر، إذ توجد نحو 10 آلاف حالة وفاة ناجمة عن فقر الوقود سنويًا في بريطانيا.
وعلى الرغم من أن هذا الرقم قد يكون صادمًا، فمن المرجح أن يكون هذا العام "أعلى بصورة كبيرة"، وفقًا للرئيس التنفيذي لاتحاد الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (إن إتش إس)، ماثيو تايلور، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
واتخذ تايلور -الذي تمثّل منظمته قادة الخدمات الصحية في بريطانيا- مؤخرًا خطوة غير مسبوقة تتمثل في الإفصاح علنًا عن "أزمة إنسانية" هذا الشتاء دون اتخاذ مزيد من الإجراءات الحكومية لتعويض ارتفاع فواتير الكهرباء.
ولا تُعَد بريطانيا وحيدة في مواجهة هذه المشكلة، لأن جميع الدول الغربية، التي عارضت الحرب الروسية في أوكرانيا، تسعى جاهدة لتعويض النقص في إمدادات الوقود الأحفوري الروسي، وفقًا لما نشر موقع "إنرجي مونيتور" (Energy Monitor).
وعلاوة على ذلك، ارتفعت فواتير الطاقة ارتفاعًا كبيرًا ومتسارعًا، وأصبح الاقتصاد العالمي متأرجحًا مع ترقُّب مدة ركود طويل ومضطرب.
ما هي الطاقة المجتمعية؟
يشير مفهوم الطاقة المجتمعية أو توليد الكهرباء محليًا، إلى مشروعات الطاقة المتجددة المملوكة كليًا أو جزئيًا للمجتمعات المحلية.
ويأتي أحد حلول الإنقاذ المحتملة للأسر ذات الدخل المنخفض في شكل نظام طاقة لامركزي يُشار إليه باسم "الطاقة المجتمعية".
وعلى الرغم من أن صناعة الطاقة المجتمعية تنمو وتزدهر على جانبي المحيط الأطلسي، يتساءل المحللون عمّا إذا كان بإمكان هذه الطاقة توفير الإغاثة للمجتمعات المعرضة للخطر هذا الشتاء؟
وتشير الطاقة المجتمعية إلى تقديم مبادرات ومشروعات الطاقة المتجددة التي يقودها المجتمع السكاني، وتكون إما مملوكة بالكامل للمجتمعات، وإما تدار بالشراكة مع شركاء تجاريين أو من القطاع العام، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ولا يُعدّ تحقيق الأرباح هدفًا رئيسًا لمثل هذه المبادرات التي يمكنها فعل ذلك.
وبدلًا من السعي وراء الربح والمنافسة، تعمل مبادرة الطاقة المجتمعية بموجب اتفاقات التعاون والشراكة والملكية المجتمعية ومبادئ الحوكمة، وتسعى إلى توفير منافع بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية لأعضائها أو المساهمين أو المناطق المحلية.
الطاقة المجتمعية لمكافحة فقر الطاقة
تقول مديرة مشروع فقر الطاقة في مؤسسة الاتحاد لأوروبي لتعاونيات الطاقة الأهلية (آر إي سكوب)، هيلين شوكيرت: إن الأمر لا يتعلق فقط بتوربينات الرياح والألواح الشمسية، وإنما بتمكين الناس وإنشاء مجتمعات أكثر قوة ومرونة.
ويمكن لمجتمعات الطاقة القيام بعدد من الأنشطة المختلفة: من توليد الكهرباء من الكتلة الحيوية والطاقة الكهرومائية الصغيرة وطاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى توفير التدفئة، والتوزيع، والمرونة والتخزين وخدمات النقل والتنقل، ومنع هدْر الكهرباء.
ووفقًا لخلاصة إحصاءات الطاقة البريطانية الصادرة عن حكومة بريطانيا، بلغت خسائر التحويل والنقل والتوزيع من نظام الكهرباء في البلاد في عام 2019 إلى 370 تيراواط/ساعة - 52.7% من إجمالي تدفق الكهرباء.
تُجدر الإشارة إلى أن 5% فقط من هذه الكهرباء المهدرة تكفي لتشغيل أكثر من 6 ملايين منزل.
وتقول مديرة الاتصالات لدى مؤسسة "باور أوف بيبول" غير الربحية في بريطانيا، كورينا ميلر: إن زيادة الطاقة النظيفة المجتمعية من شأنها أن تعزز كفاءة نظام الكهرباء في بريطانيا.
وأوضحت أنه بالنظر إلى أن القطاع يستخدم في الغالب مصادر الطاقة المتجددة غير الحرارية -طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية- التي لا تتكبد خسائر التحويل، يمكن تجنّب خسائر التحويل المقدرة بنحو 2585 ميغاواط سنويًا بحلول عام 2030.
وبيًن أن ذلك يجري في إطار سيناريو الطاقة من أجل سعة التوليد العالية للأفراد، أي ما يعادل توفير الكهرباء لـ1.1 مليون منزل.
وأضافت ميلر أن توليد المزيد من الكهرباء النظيفة بالقرب من مصادر الطلب يساعد في تقليل الخسائر المترتبة على النقل والتوزيع إلى المنازل والمدارس والشركات المحلية.
وتبيع معظم مجتمعات الطاقة، التي لديها إنتاجها الخاص، الكهرباء على أساس تكاليف الإنتاج بدلًا من أسعار السوق، وبالتالي يمكنها أن تقدم إلى الأعضاء سعرًا ثابتًا، يمكن أن يكون نصف سعر السوق في أوقات أزمة الطاقة الحالية.
نماذج الطاقة المجتمعية
طُوّر نظام الطاقة المجتمعية في أوروبا بصورة غير متساوية، وفقًا لما نشر موقع "إنرجي مونيتور" (Energy Monitor) في 7 سبتمبر/أيلول الجاري.
وفي المقابل، تتمتع حركة الطاقة التعاونية بتقليد عريق في البلدان التي لديها تشريعات مواتية مثل ألمانيا وهولندا والدنمارك، التي وُلّدت 67% من طاقة الرياح البرية فيها من المزارع المملوكة للمواطنين.
ومنذ بدء نفاذ حزمة الطاقة النظيفة للاتحاد الأوروبي في عاميْ 2018-2019، فإن جميع الدول الأعضاء ملزمة قانونًا بتهيئة الظروف المواتية لتنمية مجتمعات الطاقة.
وتقول مديرة مشروع فقر الطاقة في مؤسسة الاتحاد لأوروبي لتعاونيات الطاقة الأهلية (آر إي سكوب)، هيلين شوكيرت: إن الموعد النهائي لاعتماد قواعد حزمة الطاقة النظيفة كان في 30 يونيو/حزيران 2021، لكن بعض الدول الأعضاء لم تعتمدها حتى الآن.
وفي بريطانيا، تبيع مشروعات المجتمع الأهلي الكهرباء مباشرة في الشبكة الوطنية، وتجمع رسومًا رمزية تحددها هيئة تنظيم الطاقة الحكومية "أوفجيم"، ثم يشتري الناس الكهرباء بأسعار الجملة من مرافق الكهرباء.
وتضيف ميلر أنه في حين تخلق هذه المخططات فوائد للاقتصاد المحلي والمجتمع المحلي، فإن القواعد المتَّبَعة تمنع المشروعات المجتمعية من بيع كهربائها النظيفة مباشرة للعملاء المحليين.
الطاقة الشمسية في أميركا
في الولايات المتحدة، تُعدّ الطاقة الشمسية المجتمعية أحد أكثر أشكال طاقة المجتمع شيوعًا، وهو مصطلح له تفسيرات متعددة على مستوى العالم.
ويشترك العملاء طواعية في مشروع، مثل مجموعة الطاقة الشمسية الموجودة في بلدة قريبة توفر الكهرباء للمرافق المحلية، وبالتالي يتلقون أرصدة فاتورة الكهرباء.
ويرى مدير أسواق الطاقة النظيفة في برنامج الطاقة في الولايات المتحدة التابع لمعهد الموارد العالمية، نيت هاوسمان، أنه على عكس تركيبات الطاقة الشمسية على سطوح المساكن، قد لا يرى عملاء الطاقة الشمسية في المجتمع أبدًا المشروع الذي يشتركون فيه أو يتلقون الكهرباء منه.
- الطاقة الشمسية المجتمعية في أميركا قد تنمو 7 غيغاواط بحلول 2027 (تقرير)
- تلال بريطانيا.. مشروع عملاق لتخزين الطاقة الكهرومائية تحت الأرض
وقد نمت السعة التراكمية المركبة للطاقة الشمسية في المجتمع الأميركي بصفة كبيرة في العقد الماضي، إذ تضاعفت في المتوسط سنويًا منذ عام 2010.
وفي نهاية عام 2021، كان هناك ما لا يقل عن 5 آلاف و219 ميغاواط من الطاقة الشمسية المجمعة في الولايات المتحدة، مع وجود مشروعات نشطة في 40 ولاية ومقاطعة كولومبيا.
ونُشر نحو 1,813 ميغاواط من الطاقة الشمسية المجتمعية في الولايات المتحدة في عام 2021 وحده، وهو ما يكفي لتشغيل نحو 344 ألفًا و470 منزلًا.
اقرأ أيضًا..
- هل ما زال شحن السيارات الكهربائية أرخص رغم أزمة الطاقة؟.. تقرير يجيب
- ارتفاع وظائف قطاع الطاقة عالميًا إلى مستويات ما قبل الوباء (تقرير)
- تضرر أنشطة استكشاف النفط والغاز عالميًا مع انخفاض تراخيص الحفر (تقرير)