خطة الطاقة في بريطانيا تضع المستثمرين والمصارف في ورطة مناخية
مع إطلاق جولة جديدة من تراخيص النفط والغاز
نوار صبح
في إطار حزمة موسّعة من الإجراءات لمعالجة أزمة الطاقة في بريطانيا، التي أعلنتها رئيسة الوزراء، ليزا تروس، يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول، ستُطلَق جولة جديدة من تراخيص النفط والغاز، الأسبوع المقبل، بإصدار أكثر من 100 ترخيص.
وسيضع توجّه بريطانيا لمنح تراخيص لعشرات حقول النفط والغاز الجديدة للمستثمرين والمصارف أمام مهمة علاقات عامة صعبة، في الوقت الذي تكافح فيه المملكة المتحدة لتعزيز أمن الطاقة والالتزام بالتزاماتها المتعلقة بالمناخ، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويتعارض بدء مشروعات جديدة للنفط والغاز مع تحول العالم للاستغناء عن الوقود الأحفوري في مكافحة الاحتباس الحراري والالتزام في محادثات المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بخفض استخدامها.
دوافع إطلاق التراخيص الجديدة
تجدر الإشارة إلى أن التضخم الجامح وسط الصراع في أوكرانيا أجبر رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، ليز تراس، على إطلاق جولة جديدة لتراخيص النفط والغاز في مواجهة أزمة الطاقة في بريطانيا، في وقت يسعى فيه الرئيس الروسي بوتين إلى استخدام الطاقة باعتبارها سلاحًا هذا الشتاء، بحسب تحليل نشرته وكالة رويترز مؤخرًا.
وبريطانيا ليست الوحيدة في إعادة تقييم إستراتيجيتها في مجال الطاقة؛ فقد اضطرت ألمانيا إلى العودة إلى استخدام الفحم الحراري الأكثر تلوثًا للمساعدة في تزويد محطات الكهرباء لديها بالوقود وإبقاء الأنوار مضاءة؛ ما يعوق الجهود قصيرة المدى لكبح انبعاثات الكربون الضارة بالمناخ.
بالنسبة لشركات الطاقة في بريطانيا والمستثمرين والمصرفيين وشركات التأمين التي تمولها؛ فإن الاستثمار الجديد في الوقود الأحفوري يمثل تحديًا؛ نظرًا لأن الكثيرين قد تعهدوا بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
وقال المدير العالمي لمشاركة السياسات والشؤون الخارجية في منصة الإفصاح البيئي "سي دي بي" غير الربحية، بيترو بيرتزي، إن جولة تراخيص النفط والغاز ستعوق تمامًا قدرة الشركات على تحقيق أهدافها المناخية.
في عام 2021، نصحت وكالة الطاقة الدولية بعدم السماح باستثمارات جديدة في النفط والغاز والفحم بهدف تحقيق الهدف العالمي المتمثل في الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
ومن المرجح أيضًا أن تجعل خطط الطاقة في بريطانيا المناقشات في الجولة المقبلة من محادثات قمة المناخ في مصر في نوفمبر/تشرين الثاني أكثر صعوبة.
خفض الانبعاثات
قال متحدث باسم تحالف نت زيرو آسيت أونرز ألاينس" (إن زد إيه أو إيه)، وهي مجموعة تضم شركات تأمين وأنظمة معاشات تقاعدية بأكثر من 10 تريليونات دولار من الأصول تهدف إلى الضغط من أجل خفض الانبعاثات: إن السياسات يجب أن تتماشى مع أهداف المناخ العالمي.
وقال المتحدث باسم التحالف إنه إذا كانت الاستثمارات والسياسات العامة غير متوافقة مع ذلك؛ فهذا يتعارض مع رؤية الحلف ورسالته، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن الأزمات، مثل الاضطرابات الحالية في سوق الطاقة في بريطانيا، قد تجعل الاستثناءات ضرورية لضمان أمن الطاقة.
وأشار إلى أنه لا ينبغي لأي من هذه الاستثناءات أن تبرر الانحراف عن الأهداف المتوسطة والطويلة الأجل التي تسهل الانتقال نحو اقتصاد محايد كربونيًا.
ويرى بعض كبار المسؤولين التنفيذيين في الخدمات المالية، الذين تحدثت إليهم رويترز، مجالًا للمرونة في خطط الطاقة في بريطانيا بشرط تحقيق الأهداف البيئية طويلة الأجل.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة التأمين "روثيساي"، توم بيرس، أن تعهد الشركة بخفض انبعاثات المحفظة بنسبة 20% بحلول عام 2025 سيظل أولوية، مشيرًا إلى الأخذ في الاعتبار الحد الذي تكون لدى الشركات خطة مستقبلية جيدة.
ويقول مسؤولون تنفيذيون آخرون إن فرص تحقيق أهداف الحياد الكربوني في الموعد المحدد كانت ضئيلة جدًا؛ ما قلل من اعتماد أوروبا الغربية على الطاقة الروسية من خلال دعم أكبر لإنتاج الكهرباء التي تعمل بالفحم، وكانت الأولوية القصوى لأمن المنطقة، وفي النهاية السلام العالمي.
نقص المصداقية
تُعَد خطط الطاقة في بريطانيا للاستثمار في النفط والغاز جزءًا من محاولة لتصبح مصدرًا صافيًا للطاقة بحلول عام 2040، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقالت كبيرة محللي الاستدامة في شركة إدارة الأصول "إيه بي آر دي إن"، آنا موس، إن خطة الطاقة في البلاد ستوسع فجوة المصداقية بين تعهدات بريطانيا بشأن المناخ وعملها المناخي.
وأضافت أن تراخيص النفط والغاز الجديدة لن تبدأ في التسليم قبل مدة عقد على الأقل، وألمحت إلى طرق أكثر فاعلية من حيث التكلفة لتعزيز الأمن دون التضحية بالمناخ، مثل مصادر الطاقة المتجددة.
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: النفط الروسي الرخيص أصبح هدفًا لدول مجموعة الـ7 (تقرير)
- إيرادات دول أوبك من صادرات النفط تتجه لأعلى مستوى منذ 8 سنوات (تقرير)
- قراءة في سوق الطاقة الأوروبية عقب قرار مجموعة الـ7 وأوبك+.. كيف تنتهي الأزمة؟