المقالاتسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغازمقالات النفطنفط

أزمة الطاقة وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء نتائج سريعة للغزو الروسي لأوكرانيا (مقال)

مارك ماثيس – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • السياسيون ووسائل الإعلام والقطاع المالي قرروا أنه يتعيّن علينا تقليل استخدامنا للوقود الأحفوري
  • • معظم السياسيين ووكالات الأنباء اهتموا بتضخيم "التهديد الوجودي" لتغير المناخ
  • • البشرية تعتمد اعتمادًا كليًا على الوقود الأحفوري اليوم وسنظل كذلك لعقود عديدة مقبلة
  • • هناك حاجة إلى إنتاج جميع التقنيات التي يحبها نشطاء المناخ كثيرًا

على الرغم من أن هذا المقال الذي يتحدث عن أزمة الطاقة يأتي بعد 8 أشهر من إطلاق فيلم "لا تنظر إلى أعلى"، فإنه جاء في الوقت المناسب.

في الفيلم الكوميدي الساخر "لا تنظروا إلى أعلى"، اكتشف عالمان فلكيان أن أحد المذَنّبات سيضرب الأرض، وينهي الحياة على هذا الكوكب. ومن المفترض أن يكون الفيلم قصة رمزية لطريقة عدم مبالاة السياسيين ووسائل الإعلام بـ"أزمة المناخ" المفترضة.

سأتوقف قليلاً لأترككم تضحكون على تلك الكذبة الواضحة.

قررتُ أخيرًا مشاهدة الفيلم، وما رأيته كان قصة رمزية ساخرة بشكل لا يُصدق ومن نوع مختلف - عن أزمة الطاقة التي تجتاح الآن الكثير من مناطق العالم.

تداعيات تبني أوهام الطاقة

عندما صدر فيلم "لا تنظروا إلى الأعلى"، كان معظم الناس قد بدأوا لتوِّهِم فهم عواقب عقود من التدهور الذي تسببت فيه الحكومات التي تتبنى خيالات الطاقة وأوهامها.

وقد قرر السياسيون ووسائل الإعلام والقطاع المالي المتعاونان معهم أنه يتعيّن علينا تقليل استخدامنا للوقود الأحفوري بصفة كبيرة على الرغم من أن القيام بذلك سيؤدي إلى الكارثة التي نواجهها الآن.

أزمة الطاقة
خطوط لنقل الكهرباء في ألمانيا - الصورة من فاينانشيال تايمز

وأدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى تسريع وتيرة ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء بصفة ملحوظة، بالإضافة إلى النقص وعدم الموثوقية.

تُجدر الإشارة إلى أن ضغوط الطاقة التي نواجهها الآن -وستزداد سوءًا- كانت متوقعة لأي شخص يستخدم الآلة الحاسبة ولديه معرفة أساسية بالطاقة.

وفي المقابل، اهتم معظم السياسيين ووكالات الأنباء بتضخيم "التهديد الوجودي" لتغير المناخ؛ ولم يرغبوا في "النظر إلى الأعلى" لرؤية التهديد المباشر.

توجد عدة لحظات في فيلم "لا تنظروا إلى الأعلى" تتسم بروح الدعابة إلى حد ما، ولكن بطرق لم يقصدها مؤيدو الفضيلة في هوليوود.

لا يستطيع عالِما الفلك (اللذان يؤدي دورهما ناشط المناخ المنافق ليوناردو دي كابريو والممثلة الموهوبة والمتحمسة جينيفر لورانس) فهم سبب عدم تعامل وسائل الإعلام الإخبارية ورئيس الولايات المتحدة مع المشكلة على محمل الجد.

ويشيران باستمرار إلى "البيانات"، مؤكدين أن هناك "100 سابقة مؤكدة" أنه ما لم نتخذ إجراء صارمًا الآن لإيقاف المذنب، فسوف يدمر الكوكب.

وتتمثّل الرسالة الواضحة في أننا نعلم أن مناخ الأرض يمر بأزمة، وأن حرق الوقود الأحفوري هو السبب، وأنه ما لم نقم على الفور بإزالة الكربون من أنظمة الطاقة لدينا، فسنموت جميعًا. بالطبع، كل هذا ينطوي على مبالغات.

المعرفة اليقينية

الأشياء الوحيدة التي نعرفها على وجه اليقين هي أن البشرية تعتمد اعتمادًا كليًا على الوقود الأحفوري اليوم، وسنظل كذلك لعقود عديدة مقبلة، وربما لمدة أطول من ذلك.

إننا نعلم أن الصين والهند وأفريقيا وبقية العالم النامي سوف تحرق أكبر قدر ممكن من الوقود الأحفوري لرفع مستويات معيشتها، بغض النظر عن سياسات الطاقة الانتحارية التي تفرضها الدول الغربية على نفسها.

توجد لحظة غريبة في فيلم "لا تنظروا إلى الأعلى" تتسم بالصدق والسخرية.

فقد اقتنع "قطب التكنولوجيا الملياردير" -في فيلم "لا تنظروا إلى أعلى"- بإحباط محاولة تفجير المذنب. ويخطط الملياردير لتحطيم المذنب إلى قطع ثم توجيهه إلى الأرض حتى يمكن استخراج الذهب والفضة والمعادن الأرضية النادرة ذات القيمة العالية الموجودة في المذنب.

وعلى الرغم من إبراز الملياردير على أنه شخص رأسمالي جشع، فإن المعادن الأرضية النادرة التي يريد تعدينها ضرورية لإنتاج جميع الأجهزة الإلكترونية الحديثة.

ويُعدّ هذا نوعًا من الصفقة الكبيرة.

علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى إنتاج جميع التقنيات التي يحبها نشطاء المناخ كثيرًا - السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، والألواح الشمسية، التي تتطلب كميات ضخمة من الطاقة المتجددة.

لقد انهمك منتجو الفيلم في قصة رمزية بشأن تغير المناخ، لدرجة أنهم فشلوا في فهم أن مذنَّبًا غنيًا بالمعادن يتسارع نحو الأرض سيساعد في تحقيق العديد من أحلامهم في إزالة الكربون.

لا مبالاة قادة الحكومات

بالعودة إلى العالم الواقعي، لا يزال العديد من قادة الحكومات ومتملقو وسائل الإعلام يرفضون النظر إلى أعلى لمعرفة المخاطر الواقعية.

أزمة الطاقة
محطات نووية - أرشيفية

فقد خفّضت روسيا شحنات ألمانيا من الغاز الطبيعي إلى 20% من طاقتها من خط أنابيب نورد ستريم 1.

رغم ذلك، لم تقرر ألمانيا حتى الآن التراجع عن قرارها بإغلاق آخر 3 محطات للطاقة النووية قبل الأوان بحلول نهاية العام.

ألا يهتم السياسيون الألمان بأن افتقارهم إلى السلامة العقلية للطاقة قد يقتل أعدادًا لا حصر لها من مواطنيهم هذا الشتاء؟

يوجد مثال آخر، إذ تتلقى ولاية هاواي الأميركية آخر شحنة من الفحم هذا الأسبوع، لأنها ستغلق آخر محطة فحم لها.

وقال حاكم الولاية، ديفيد إيج، "إنها الخطوة الصحيحة لمجتمعاتنا وكوكبنا".

هل هي الخطوة الصحيحة فعلًا؟

إن استبدال محطة توليد الكهرباء بالفحم يُعدّ في غير أوانه، لذلك سيتعيّن على المستهلكين خفض استخدام الكهرباء وتحمُّل الأسعار المرتفعة.

وسيتم استبدال توليد بعض الكهرباء بحرق النفط، وهو ما يعادل 5 أضعاف تكلفة الفحم، ويزداد الأمر سوءًا.

وسيُشحن مرفق البطارية العملاق الذي سيُستخدم لتخزين الكهرباء الاحتياطية باستخدام… النفط!

إن ما يدعو للأسف هو أن مثال ولاية هاواي الذي ينمّ عن حماقة الطاقة يُعدّ القاعدة وليس الاستثناء. ويواصل السياسيون ومعظم أعضاء وسائل الإعلام "الإخبارية" التهييج الشديد بشأن أحدث حريق أو فيضان أو أي شيء آخر، بدعوى أن "أزمة المناخ الوجودية" حاصلة وواقعة هنا.

علاوة على ذلك، فإن الأزمة المباشرة (إذ إن الأزمة ليست افتراضًا وإنما يمكن قياسها بوحدات الواط والوحدات الحرارية البريطانية) تؤثر فينا وتضرَ بنا.

وأقول لقادة الحكومة وأعضاء المؤسسات الصحفية.. إنه حان الوقت لكي "تنظروا إلى الأعلى"!

* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق