هل يفي النفط السعودي بحصة أوبك+؟ مسؤول سابق يجيب
المهنا: يمكن للمملكة التفوق على هذه المستويات.. وروسيا لاعب رئيس
هبة مصطفى
يلعب قطاع النفط السعودي دورًا حيويًا في توقيت بالغ الأهمية تمر به الأسواق الدولية التي لم تكَد تُسرع من وتيرة التعافي من تداعيات جائحة كورونا إلا واصطدمت بتداعيات من نوع آخر خلّفها الغزو الروسي لأوكرانيا واضطراب الأسواق بمرحلة ما بعد العقوبات.
وقال المستشار السابق بوزارة النفط السعودية حتى عام 2017، مؤلف كتاب "قادة النفط"، إبراهيم المهنا، إن المملكة قادرة على الوفاء بحصتها ضمن اتفاق تحالف أوبك+ لإنتاج شهر أغسطس، بل يمكنها أيضًا التفوق على تلك المستويات.
وأوضح المهنا أن الشكوك حول قدرة المملكة على إنتاج ما يتراوح بين 11 و12 مليون برميل يوميًا لا محل لها؛ إذ إن النفط السعودي قادر على الوفاء بحصته وإنتاج المزيد، بحسب ما أورده خلال مقابلة ستاندرد أند بورز غلوبال كومودتي إنسايتس معه (S&P Global Commodity Insights).
قدرات النفط السعودي
أرجع إبراهيم المهنا تأكيده قدرة النفط السعودي على إنتاج ما يصل إلى 12 مليون برميل يوميًا لما تملكه المملكة من نظام يدعم الخطط الإنتاجية باعتبارها بنية تحتية مؤهِّلة لذلك، ومن ضمنها خطوط الأنابيب ومنشآت التخزين والتصدير، مضيفًا أن البنية التحتية القوية ونظام التخزين والتصدير القوي يقترن بإدارة وتخطيط جيدين.
وتابع أن المملكة نوّعت حقولها النفطية من حيث الحجم بما يتسع لخطط زيادة الإنتاج فور الحاجة لذلك، وقال: "فقط نحتاج لزيادة منصات الحفر للمساهمة في زيادة الإنتاج".
وشدد على أنه لا ينبغي للأسواق القلق من قدرة المملكة والنفط السعودي على الوفاء بتعهدات أوبك+، مشيرًا إلى أن تركيز الأسواق على الحديث عن ذروة النفط والقدرة الإنتاجية قد يدفع نحو رفع الأسعار وإثارة المخاوف.
وأيّد المهنا وصف المخاوف حول احتياطيات أوبك+ التي تتعلق في الغالب بإنتاج النفط السعودي والإماراتي بأنها "مبالغ بها".
وتطرق إلى العلاقة بين المُنتج والمستهلك، لافتًا إلى أن قطاع النفط السعودي يتواصل مع العملاء عبر مستوى سياسي وآخر على مستوى الأسواق.
وأضاف أن هناك مسارًا لتعزيز القطاع على الصعيد الدبلوماسي بالتواصل بين الوزراء السعوديين مع نظرائهم، بالإضافة إلى دور أرامكو ومكاتبها بأنحاء العالم كافة التي تعد منافذ تواصل مع الشركات والعملاء من مشتري النفط.
وقال إن أرامكو تؤدي دورًا مهمًا في تعزيز مرونة أسعار السوق؛ إذ تعكف على تعديل الأسعار طبقًا لمردود العملاء.
أوبك+ والأزمة الروسية
أكد إبراهيم المهنا أن دولًا عدة من أعضاء أوبك يعانون اضطراب الإمدادات مثل إيران وفنزويلا وليبيا؛ إذ تأثرت احتياطياتهم السوقية بالعقوبات والصراعات؛ ما يعزز التمسك بالمعروض من اللاعبين الرئيسين ومن بينهم روسيا وقازاخستان وأذربيجان.
وأضاف أن الأعضاء كافة مقتنعون باستمرار أداء روسيا دورًا مهمًا خلال السنوات المقبلة باعتبارها مُصدّرًا ومُنتجًا، مشيرًا إلى أن التنسيق مع الشركاء من خارج أوبك (في إشارة إلى تحالف أوبك+) مطلوب ولا سيما أن عددًا من منتجي منظمة أوبك لا يتمتعون بطاقة إنتاجية تلبي احتياجات السوق.
واستدرك مؤكدًا أن أسواق النفط تواجه تحديًا جديدًا كل 3 سنوات تقريبًا، لافتًا إلى أن تداعيات جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا لم يكونا أكبر الأزمات التي واجهت السوق النفطية؛ إذ سبق أن عانت الأسواق انهيار الأسعار عام 1986 حينما انخفض إنتاج أوبك من 34 مليون برميل يوميًا إلى ما يتراوح بين 13 و14 مليون برميل.
واستشهد أيضًا بما واجهته أسواق النفط خلال الغزو العراقي للكويت وخسارة السوق ما يتجاوز 4 ملايين برميل يوميًا، وكذلك الأزمة المالية العالمية عام 2008 وانخفاض الأسعار لمستويات قياسية؛ حينها عززت من دور أوبك في خفض الإنتاج بمعدل 4.2 مليون برميل يوميًا.
إدارة أسواق الطاقة
تتعامل منظمة أوبك بدقة مع نظام ضخم يتعلق بما يقرب من 100 مليون برميل يوميًا، بدءًا من الإنتاج بالحقول النفطية مرورًا بالنقل عبر خطوط الإنتاج والاتجاه إلى التخزين أو التصدير أو النقل لمصافي التكرير ومحطات الوقود، وفق ما ورد بمقابلة إبراهيم المهنا مع غلوبال كومودتي إنسايتس.
وحول رؤيته لسياسة أوبك طوال مدة تتجاوز 30 عامًا هي عمر مشاركته بالغرفة الوزارية للمنظمة، أوضح المهنا أن سياسة الإنتاج، سواء فيما يتعلق بالنفط السعودي أو منظمة أوبك بصورة عامة، تصب جميعها لصالح خدمة المصالح الوطنية على المدى القريب والبعيد.
ولفت إلى أن قطاع النفط السعودي يهتم بالعلاقة مع المنتجين والمستهلكين، مما يقرب من 50 دولة و80 شركة، مؤكدًا حاجة أسواق الطاقة بصورة عامة وأسواق النفط بصورة خاصة إلى التنسيق والإدارة.
وأوضح أن إدارة الاستثمارات طويلة الأمد تتطلب 3 سنوات بحد أدنى، بدءًا من التنقيب حتى مرحلة الإنتاج والتصدير للأسواق الدولية، وبخلاف الاستثمارات يتطلب التنسيق بين المنتجين تطبيق مبادئ الإدارة أيضًا.
واعتبر المهنا أن تباين تكلفة الإنتاج من منطقة لأخرى في حدود 35 إلى 40 دولارًا للبرميل يتطلب أداء دور مهم في إدارة الأسعار حفاظًا على عدم انخفاضها لمستويات تدفع نحو تخارج المنتجين وإحداث نقص بالمعروض في الأسواق ومن ثَم رفع الأسعار.
زيارة بايدن للسعودية
تُسلط الأسواق الدولية -في الآونة الحالية- الضوء على قطاع النفط السعودي ولا سيما بعد إعلان الرئيس الأميركي عزمه زيارة الرياض خلال المدة بين 15 و16 يوليو/تموز الجاري، وهي زيارة تتزامن مع مواجهة أميركا أزمة تتعلق بالتكلفة المرتفعة للبنزين.
ويذهب محللون تجاه تفسير توقيت تلك الزيارة بأنها محاولة أميركية للضغط على قطاع النفط السعودي والمملكة لضخ المزيد من الإمدادات، خاصة أن أسواق النفط واقعة تحت ضغط الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات المفروضة على موسكو لتحجيم صادراتها النفطية.
وتأتي زيارة بايدن في ظل امتلاك النفط السعودي والإماراتي النصيب الأكبر من خطط الطاقة الإنتاجية لأوبك+، بينما تنخفض قدرة عدد أعضاء التحالف على زيادة معدلات الإنتاج.
وفاقت معدلات السعة الفائضة لقطاع النفط السعودي تقديرات وكالة الطاقة الدولية؛ إذ أكد مسؤولون سعوديون أن الطاقة الفائضة بالرياض تتجاوز 1.3 مليون برميل يوميًا، بحسب ما أورده إبراهيم المهنا في كتابه "قادة النفط".
اقرأ أيضًا..
- النفط القازاخستاني ينجو من حكم قضائي روسي.. واستئناف الصادرات بعد دفع الغرامة
- مصافي التكرير العالمية تكافح لتلبية الطلب بعد جائحة كورونا
- 10 توصيات لإصلاح منظومة الطاقة في الجزائر (إنفوغرافيك)
- بالأرقام.. الشبكات الصغيرة في أفريقيا تعزز وصول الكهرباء وانتقال الطاقة