التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

أرصدة الكربون لا تضمن حياد الشركات مناخيًا.. ومنظمات: تضر أكثر مما تنفع

لا تخفض الانبعاثات وتضلل عملية احتسابها فعليًا

هبة مصطفى

فجّرت منظمات ومؤسسات بيئية مفاجأة من العيار الثقيل، بقولها، إن اختزال الشركات الكبرى دورها حيال الخطط المناخية في شراء أرصدة الكربون تعويضاتٍ لانبعاثاتها فقط قد يسبّب ضررًا يفوق النفع.

ووصفت المنظمات والمؤسسات تلك الأرصدة بأنها بمثابة مصدر "إلهاء" تمارسه تلك الشركات؛ لغضّ الطرف عن حجم الضرر الحقيقي الذي يواجه الأهداف المناخية.

ودعت تلك المؤسسات إلى الفصل ما بين الحياد الكربوني "للشركات" والحياد الكربوني "العالمي"، وأكدت أن الخلط بين المسارين أو عَدّهما مسارًا واحدًا أمر غير منطقي، وفق ما نشرته وكالة بلومبرغ.

جاء ذلك في نظرة تقييمية لما تعهّدت به نحو 5200 شركة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، عبر شراء أرصدة الكربون أو التوسع بالمساحات الخضراء والغابات وغيرها من الأدوات التي تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية.

ومن ضمن تلك الشركات أبل الأميركية التقنية، جنرال موتورز لتصنيع السيارات، زيورخ للتأمين السويسرية، بروكتر أند غامبل الأميركية الاستهلاكية، وغيرها، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

تقدير فعلي للانبعاثات

لم تتمكن أرصدة الكربون بصفتها تعويضات من جذب انتباه المؤسسات والمنظمات البيئية لعدِّها طريقًا لتحقيق الحياد الكربوني، إذ أكدوا أن الوصول إلى الحياد الكربوني هو فقط ما ينطبق على الكوكب بأسره.

أمّا الحديث عن خفض الانبعاثات أو أرصدة الكربون تعويضًا عن ثاني أكسيد الكربون الذي يُطلق بالهواء ويعود مجددًا (عبر انبعاثات شركات أخرى) ما هو إلّا جانب -فقط- من الأهداف المناخية.

أرصدة الكربون
انبعاثات لمرافق ومنشآت - الصورة من (FutureLearn)

ودعت شركة "كربون 4" الاستشارية الفرنسية إلى فكّ الارتباط ما بين أرصدة الكربون التي تتبنّاها الشركات بصفة تعويضات وبين تقدير حجم انبعاثاتها واحتسابها فعليًا.

وفسرت المؤسسة المعنية باحتساب الانبعاثات ذلك بأن قيام الشركات باستثناء حجم الانبعاثات المقابل لتلك التعويضات من بياناتها الأساسية يعرقل الجهود العالمية لرصد حجم التلوث الفعلي.

وأكدت أن المعني بالمقام الأول بخطط الحياد الكربوني هو الحكومات وليس الشركات، ووصفت انخراط الشركات بتلك التعهدات بأنه أمر غير منطقي قد يجلب ضررًا يفوق مستويات النفع.

وأرجعت "كربون 4" ذلك إلى عدم قدرة كل شركة منفردة في تحقيق الحياد الكربوني على الصعيد العالمي، مشيرة إلى أن أرصدة الكربون بصفة تعويضات أو مشتريات لمشروع مقابل انبعاثات مشروع آخر تعدّ "استثمارًا" لا يجوز دمجه في خطط خفض الانبعاثات العالمية.

مسارات مقترحة

اقترحت شركة "كربون 4" إمكان اتّباع الشركات الراغبة في دعم خطط الأهداف المناخية لـ3 مسارات: أوّلها، خفض الانبعاثات اعتمادًا على إطار مبادرة الأهداف القائمة على العلم (تنسيق بين الأمم المتحدة، ومعهد الموارد العالمية، والصندوق العالمي للطبيعة)، وهي مبادرة تضم ما يزيد عن 1000 شركة تتبع الأهداف المناخية بنمط علمي.

أمّا المسار الثاني، فيتمثل في تجنّب منتجات أو خدمات الشركة للانبعاثات وإسهامها في تخلّص أماكن أخرى من الكربون (ما يطلق عليه أرصدة الكربون التعويضية).

ويتعلق المسار الثالث بدور الشركات في توفير التمويل اللازم لإزالة الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري وثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وهو دور للشركة تجاه خطط الحياد الكربوني العالمي، وليس خططها المنفردة.

وترى مبادرة الأهداف القائمة على العلم أن الشركات عليها اتّباع خطوات أكثر صرامة لخفض انبعاثاتها الخاصة بمعدل يصل إلى 90% بحدّ أدنى، قبيل منتصف القرن (2050).

واتفق هذا الطرح مع ما لفتت إليه الحكومة الفرنسية العام الماضي، حينما أكدت وكالة التحول البيئي "إيه دي إي إم إي" أنه لا توجد شركة محايدة كربونيًا، ولا يتعين على جهة وصف نفسها بأنها تمثّل هذا المسار.

أسعار تعويضات الكربون
أسعار تعويضات الكربون

شركات تحارب حياد الكربون

يبدو أن موقف الشركات -كجزر منفصلة- حيال أرصدة الكربون بصفة تعويضات للانبعاثات بمثابة "غسل أخضر" لنزع يدها عمّا تسبّبه تلك الانبعاثات من تعطيل للأهداف المناخية ومستهدفات تحقيق الحياد الكربوني العالمي.

فمن ضمن تلك الشركات من يخصص حجم إنفاق ضخم لممارسة ضغوط لتغيير سياسات المناخ والتشريعات المعنية بذلك، وهي ممارسات لا تُحتسب ضمن إسهام الشركة ضد خطط الحياد الكربوني.

واللافت للنظر، أن تلك الشركات تستخدم أرصدة الكربون والتعويضات على أنها إسهامات مناخية، في الوقت الذي تضر به تلك الخطط -وفق وصف "كربون 4"-، في حين يتعين عليها اتّباع إجراءات إضافية إذا ترسخت رغبتها في الدعم المناخي.

وعلى النقيض من ذلك، شددت المؤسسات البيئية والمناخية أنه لا يمكن استثناء الشركات وتنحيتها جانبًا من خطط الحياد الكربوني، لا سيما أن تطور مظاهر تغير المناخ يتصيّد الفجوة بين الشركات والحكومات والأفراد.

وبدوره، أكد كبير العلماء بمعهد ستوكهولم البيئي، ديريك بروخوف، أنه لا يمكن حلّ أزمة المناخ من خلال جهد شركة واحدة، مشيرًا إلى أن الشركات "الجادة" في دورها حيال الخطط المناخية يتعين عليها دعم السياسات الحكومية والدولية الراعية لذلك.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق