المقالاتسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغاز

مستحقات الغاز الإيراني وأزمة التدفقات إلى العراق وتركيا (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • ديون العراق على واردات الكهرباء والغاز الطبيعي من إيران تسبّب توتر العلاقات
  • • قامت طهران أحيانًا بقطع وتقليص حجم صادرات الغاز الطبيعي والكهرباء إلى العراق
  • • كان المسؤولون العراقيون يتذرّعون دائمًا بالعقوبات في عدم سداد الديون
  • • لولا موافقة إدارة بايدن لما كان بإمكان إيران الحصول على النفط من العراق
  • • لن تتمكن الحكومة من استخدام دبلوماسية الطاقة النشطة دون تغيير في السياسة الخارجية

بالنظر إلى الطلب في المنطقة وتوافر البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز، يُعدّ تصدير الغاز الإيراني إلى دول الجوار أولوية لدى طهران.

ومن المتوقع أن تتمكن إيران، اعتمادًا على احتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي، من أداء دور فعال في أمن الطاقة في المنطقة والتمتع بالمزايا السياسية والاقتصادية لصادرات الطاقة إلى الدول المجاورة.

ومع ذلك، أدت العقوبات المتكررة على صناعة الطاقة الإيرانية والاستهلاك المحلي المرتفع إلى اقتصار صادرات الغاز الإيراني الكبيرة على تركيا والعراق.

في مطلع مايو/أيار الماضي، نقلت صحيفة الصباح العراقية عن المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى العبادي، قوله، إن طهران وبغداد توصّلا إلى "تفاهم" لزيادة صادرات الغاز إلى العراق.

وقالت وزارة الكهرباء العراقية، إن العراق كان يستورد ما بين 50 و70 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا من إيران في الصيف والشتاء، بحسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية.

وبلغت واردات الغاز الإيراني بين 5 و 8 ملايين متر مكعب يوميًا، لدرجة أن بعض وحدات الإنتاج توقفت عن العمل.

ديون إيران على العراق

تسببت ديون العراق المترتبة عن واردات الكهرباء والغاز الطبيعي من إيران، في السنوات الأخيرة، بتوترات في العلاقات بين البلدين.

الغاز الإيراني
خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي من إيران إلى تركيا – المصدر صحيفة طهران تايمز

ونظرًا لاستمرار العقوبات والمشكلات القائمة في قطاع الطاقة الإيراني، قامت طهران في بعض الحالات بقطع وتقليص حجم صادرات الغاز الطبيعي والكهرباء إلى العراق، ما خلق العديد من المشكلات للعراق.

في المقابل، جرت محادثات عديدة بين مسؤولي البلدين، في السنوات الأخيرة، بشأن سداد ديون العراق لإيران، وكان المسؤولون العراقيون يُلقون باللوم دائمًا على العقوبات في عدم سداد الديون، وقابلت طهران هذا الموقف دائمًا بعدم الرضا.

وأدى عجز إيران عن إمداد العراق بالغاز الطبيعي والكهرباء، وتوقّف صادراتها من الغاز الطبيعي، إلى بحث بغداد عن بدائل لواردات الطاقة من إيران في السنوات الأخيرة.

ووقّعت بغداد خلال هذه السنوات عدّة عقود مع شركات أجنبية لبناء محطات طاقة شمسية واستيراد الكهرباء من دول مجاورة.

أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي، في 15 يونيو/حزيران، بحسابه في تويتر، أن إيران تلقّت 1.6 مليار دولار من ديون الغاز من العراق.

وقال، إنه لحسن الحظ، وبفضل دبلوماسية الطاقة النشطة، وبعد أشهر من المفاوضات، تسلّمت طهران -قبل ساعات- 1.6 مليار دولار من المستحقات المتأخرة لتصدير الغاز الإيراني إلى العراق.

ومنذ بداية العام، زاد حجم تصدير الغاز في البلاد بنسبة 25%، وعائدات النقد الأجنبي بنسبة 90%، مقارنة بالعام الماضي.

علاوة على ذلك، يصف جواد أوجي استلام إيران مستحقاتها من العراق بأنه دبلوماسية طاقة ناجحة لحكومة إيران.

وقد اتفق المسؤولون الإيرانيون الأذربيجانيون والتركمان، خلال مؤتمر للطاقة في باكو (أذربيجان)، على زيادة حجم مقايضات الغاز الطبيعي.

وحصلت زيارات متبادلة بين مسؤولين إيرانيين ودول مجاورة، خلال الشهر الماضي، لتعزيز العلاقات في مجال الطاقة.

ونقلت بعض وسائل الإعلام الإيرانية عن مسؤولين في وزارة النفط الإيرانية تأثيرَ هذه الاجتماعات على سداد ديون العراق لإيران.

ووفقًا للمسؤولين، يمنح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أو إف إيه سي) تصريحًا للعراق لسداد الديون لإيران، ولكن بشرط أن يدفع العراق ديونًا لتركمانستان بدلًا من إيران.

وبهذه الطريقة، يُحَضَّر لإحياء العقد السابق؛ حتى تتخذ إيران خطوة أخرى في إطار سياستها الكلّية بأن تصبح مركزًا للطاقة في المنطقة.

علاقات الطاقة مع دول الجوار

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي قرار وزارة النفط بسداد ديون الجمهورية الإسلامية البالغة ملياري دولار لواردات تركمانستان من الغاز، واستئناف إمدادات الغاز للبلاد هذا الشتاء.

وتوقفت مبيعات الغاز منذ بداية عام 2017؛ بسبب تأخّر إيران لعدّة سنوات في سداد ديونها الخاصة بالغاز إلى تركمانستان، ورفعت دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، التي فرضت غرامة قدرها 2 مليار دولار على إيران.

أزمة الكهرباء في تركيا

وادّعى أوجي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن إيران يمكنها تسوية ديونها لتركمانستان عن طريق تصدير المنتجات المطلوبة أو تقديم الخدمات الهندسية إلى عشق آباد.

وتعتزم إيران ضخّ الغاز والكهرباء في محطات الكهرباء العراقية مرة أخرى، بعد أن شهد العام الماضي إغلاق 110 مصانع للصلب بسبب انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

من جانبها، أعلنت وزارة الطاقة الإيرانية، هذا العام، انقطاع التيار الكهربائي عن الصناعات في وقت أبكر مما كان عليه في السنوات السابقة.

وفي حين تدرس وزارة الطاقة والبترول تصدير الكهرباء والغاز إلى الدول المجاورة، فإن الصناعات في البلاد، بما في ذلك الصلب والإسمنت، تبحث عن طريقة لمواصلة أعمالها، ولم تجد شركات صناعة الصلب حلًا سوى الهجرة إلى سوريا.

وكان من واجب الوزارتين، بدلًا من التركيز على تلبية احتياجات محطات الكهرباء العراقية، أن تضعا خطة لمنع الإفلاس وإغلاق الصناعات المحلية.

دور إيران في سوق الطاقة العالمية

نظرًا لتوقف المحادثات النووية وعدم تحديد موعد محدد لاستئناف المحادثات والتوصل إلى اتفاق محتمل، أصبحت الظروف أكثر صعوبة بالنسبة لإيران في سوق الطاقة العالمية.

وكان بيع النفط في السوق الموازية للصين أحد خيارات الجمهورية الإسلامية لتجاوز العقوبات.

وأدى بيع النفط الخام الروسي بخصومات عالية إلى الهند والصين لزيادة حصة النفط الروسي في مزيج الطاقة بين الصين والهند. وتسبَّب ذلك في انخفاض صادرات النفط الإيرانية إلى الصين.

ونظرًا لسرّية مبيعات النفط الإيرانية، وكذلك وجهات تصدير النفط الإيرانية، فإنه من غير الممكن للحصول على إحصائيات دقيقة عن صادرات النفط الإيرانية خلال مدة العقوبات.

لكن مقارنة إحصاءات عائدات النقد الأجنبي للدول الرئيسة المصدّرة للنفط في الأشهر الأخيرة تُظهر بوضوح أن الدول ذات العلاقات المستقرة مع الدول المجاورة والقوى الكبرى استفادت إلى أقصى حدّ من ظروف سوق الطاقة وأزمة الطاقة المستمرة.

وأسفرت صادرات النفط عن تحسين ظروف إيران الاقتصادية.

ولولا موافقة إدارة بايدن، لما كان بإمكان إيران الحصول على النفط من العراق، وهذا على عكس ادّعاء جواد أوجي.

أزمة الطاقة المحلية في إيران

نظرًا لنقص الغاز الإيراني في الشبكة الوطنية واختلال التوازن في إنتاج واستهلاك الغاز الطبيعي، فلا بد أن تشهد أزمة قطاع الغاز الطبيعي والكهرباء تصعيدًا في الأشهر المقبلة.

وعلى عكس ادّعاءات وزير النفط الإيراني جواد أوجي، لن تكون الحكومة قادرة على استخدام دبلوماسية الطاقة النشطة دون تغيير جوهري في السياسة الخارجية.

ومع استمرار السياسة الخارجية الحاليّة، وعدم اليقين بشأن مكانة صادرات الطاقة في السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية، من المتوقع حصول زيادة في حصة الدول المجاورة في سوق النفط وتقدّمها الاقتصادي، وفي الوقت نفسه ستفقد إيران الفرص.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق