التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير منوعةرئيسيةروسيا وأوكرانياطاقة متجددةمنوعات

أيهما تُفضل أوروبا عقب حظر الفحم الروسي.. إعادة إنتاجه أم تعزيز الرياح البحرية؟

ومخاوف من انهيار الخطط المناخية وتوسعات الطاقة المتجددة

هبة مصطفى

رغم أن قرار الاتحاد الأوروبي حظر واردات الفحم الروسي -بدءًا من 10 أغسطس/آب المقبل- يشكّل ضربة سياسية قوية إلى موسكو ضمن العقوبات المفروضة عليها إثر غزو أوكرانيا، فإنه واقعيًا لا يشكّل أزمة طاقة لدول القارة العجوز.

إذ تنخفض معدلات الاستهلاك الأوروبي للفحم -خاصة الفحم الروسي- مقارنة بباقي إمدادات الوقود الأحفوري أو مصادر الطاقة المتجددة.

وتُفسح إزاحة واردات الفحم الروسية في أوروبا المجال بصورة أكبر أمام التوسع في خطط الطاقة المتجددة، وأبرزها مشروعات طاقة الرياح البحرية، خاصة أنه يأتي بالتزامن مع توجه عالمي لدعم الأهداف المناخية.

حظر الفحم الروسي

جاء قرار الاتحاد الأوروبي بحظر الفحم الروسي بوصفه أول الإجراءات ضد إمدادات الطاقة الروسية.

جانب من شحنات صادرات الفحم الروسي
جانب من شحنات صادرات الفحم الروسي - الصورة من (The Coal Hub)

وبينما يحمل القرار دلالات سياسية، لا تُشير البيانات إلى عمق تأثر دول الاتحاد بتداعيات الحظر، إذ يُصنّف الفحم ضمن الوقود منخفض الاستخدام أوروبيًا، وانخفضت عمليات تعدينه في دول القارة العجوز خلال العقود الـ3 الماضية.

وبينما الأرقام المُعلنة عن واردات الفحم الروسية إلى أوروبا "ضخمة"، لكنها لا تعكس معدلات استهلاك قوية، فموسكو تُعد أكبر مُورّدي الفحم الحراري إلى أوروبا، خاصة ألمانيا التي تحصل على ما يزيد على نصف إمداداتها من الفحم عبر روسيا.

كما قفزت معدلات استيراد أوروبا لإمدادات الفحم الروسي 47% في غضون 30 عامًا، إذ سجلت 54% عام 2020، ارتفاعًا من 7% عام 1990، وفق ما نشره الكاتب ديف كيتنغ، في سلسلة تغريدات على صفحته بتويتر.

ورغم ضخامة النسب المُعلنة، فإن معدلات الاستهلاك تكشف حقائق مُغايرة، إذ انخفض الاستهلاك خلال الـ30 عامًا محل المقارنة من 1200 إلى 427 مليون طن، تزامنًا مع انخفاض الإنتاج المدفوع بمحاولات التخلص من الوقود الأحفوري وإعلاء مصلحة الأهداف المناخية.

ويتسق ذلك مع حصة الفحم المنخفضة ضمن مزيج مصادر توليد الكهرباء بدول الاتحاد الأوروبي التي لا تتجاوز 13%، بالإضافة إلى تسجيل استخدام الفحم هبوطًا إلى نصف معدلاته قبل 7 سنوات، مقابل توسع في مصادر الطاقة المتجددة إلى ما يقرب من الضعف.

الفحم.. أم واردات النفط والغاز!

بالنظر إلى حجم واردات الفحم الروسي إلى أوروبا مقابل واردات النفط والغاز يتبيّن أن الاتحاد الأوروبي مال إلى اتخاذ أكثر الإجراءات العقابية سهولة وأقلها تأثيرًا فيه.

وتفصيليًا، تبلغ قيمة واردات الفحم الروسي إلى أوروبا يوميًا ما يقرب من 15 مليون يورو مقابل 850 مليون يورو لصالح واردات النفط والغاز، وفق ما نقلته صحيفة إنرجي مونيتور عن الباحث في مركز بروغل، سيمون تاغليابيترا.

لكن في حالة لجوء الاتحاد الأوروبي إلى التصعيد ضد موسكو واتباع السيناريو الأميركي بحظر النفط الروسي أو الغاز، فإن احتمالات تزايد الطلب على الفحم في أوروبا ترتفع.

ولا تعني تلك الخطوة بالضرورة التراجع عن القرار العقابي ضد روسيا بحظر الفحم الروسي، نظرًا إلى اختلاف الفحم عن النفط والغاز كونه صاحب سوق أكثر اتساعًا لا تدفع نحو اضطراب سلاسل التوريد.

وتعوّل أوروبا على أسواق أخرى تملك احتياطيات ضخمة، إذ فتحت أبوابها للفحم الإندونيسي، في حين اتجهت شحنات الفحم الروسي للبحث عن مشترين آخرين مثل الهند، خوفًا من أن تلقى مصير شحنات النفط التي تكدست بمواني موسكو تجنبًا للعقوبات.

لكن حظر أوروبا إمدادات الفحم الروسي دفع نحو رفع أسعاره عالميًا خاصة عقب زيادة اللاعبين الأكثر تأثيرًا في سوق الفحم (الصين والهند) من معدلات الاستيراد لتعويض نقص الغاز وأسعاره الجنونية.

الفحم الروسي

حظر يؤدي إلى زيادة الإنتاج

تُشكّل خطوة حظر الفحم الروسي سلاحًا ذا حدين، فمن جهة يُعد منع إمداداته الأقل ضررًا على الدول الأوروبية، لكن حظره من موسكو بالتزامن مع ارتفاع أسعار الغاز قد يثير الشكوك حول توجّه القارة العجوز إلى مصادر الطاقة المتجددة أم أنها ستعود لتكثيف إنتاجها من الفحم.

وأثار القرار تخوّف البعض من اتباع أوروبا للنهج الأميركي، بعدما كشفت إدارة معلومات الطاقة زيادة إنتاج الفحم الأميركي خلال العام الجاري بنسبة 4% (ما يعادل 25 مليون طن) رغم توقعات انخفاض الاستهلاك.

وظاهريًا، تُبدي دول الاتحاد الأوروبي قدرتها على الاستغناء عن الفحم الروسي، لكن حظره من موسكو لا يشير إلى التخلي الكامل عنه أو التوجه نحو المصادر المتجددة بديلًا آخر، ولا يعني -أيضًا- انتصار الخطط المناخية.

إذ دعا الرئيس الإيطالي، ماريو دراغي، عقب غزو أوكرانيا إلى ضرورة إعادة تشغيل محطات الفحم، كما أعلنت اليونان تمديد تشغيل محطات الكهرباء المعتمدة على الفحم حتى عام 2028 بدلًا من خطط إغلاقها العام المقبل.

الأمر ذاته تكرر في ألمانيا التي تسعى لتكوين احتياطي من الفحم، وأرجأت إغلاق محطات الكهرباء المعتمدة عليه دون تحديد سقف زمني للتأجيل، كما تُعيد التشيك ورومانيا النظر في خطط إغلاقه.

سعة طاقة الرياح

الخطط المناخية وطاقة الرياح

في ظل احتمال عودة القارة الأوروبية إلى التوسع في إنتاج الفحم لتعويض غياب الإمدادات الروسية تُصبح الخطط المناخية والجهود المبذولة طيلة الأعوام الماضية في مهب الريح.

وهنا تبرز طاقة الرياح -خاصة البحرية- بوصفها بارقة أمل لإنقاذ القارة العجوز من التراجع وعودة الانخراط في انبعاثات الفحم، خاصة أن مصادر الطاقة المتجددة تُسهم في توليد الكهرباء بنسبة 38% مقابل 13% فقط للفحم.

وتُشير التوقعات إلى تفوق طاقة الرياح البحرية عالميًا الآونة الأخيرة، خاصة في ظل بحث دول جديدة عن مكان لها في القطاع كالسعودية والهند وإيطاليا وأستراليا وغيرها، وبناء مزارع للرياح البحرية للمرة الأولى، ليصبح إجمالي الدول المُنتجة لها 35 دولة بحلول 2030، وفق صحيفة جو باردوت.

ويعوّل نشطاء المناخ على طاقة الرياح البحرية لإنقاذ القارة العجوز من الاستغراق في الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري، خاصة أن بعض دولها قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الإطار من ضمنها أوكرانيا التي أثّر الغزو الروسي في خططها الطموحة للقطاع ودفعها إلى تعليق مشروعاتها.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق