إذا وقعت الحرب وانقطع الغاز الروسي.. ما الخيارات المتاحة أمام أوروبا؟
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الولايات المتحدة دعت قطر واليابان لتوفير شحنات إضافية من الغاز.
- تعتمد القارة الأوروبية على 35% من الغاز الروسي.
- تدفقات الغاز الروسي لأوروبا كانت أقل من المعتاد لعدة أشهر.
- إذا أقدمت روسيا على مهاجمة أوكرانيا؛ ستتأثر خطوط أنابيب الغاز.
- الطاقة المتجددة والفحم خيارات أخرى أمام أوروبا لتعويض نقص الغاز.
مع تصاعد المخاوف من وقوع حرب روسية أوكرانية، وتسببها في انقطاع الغاز الروسي عن أوروبا، يصبح التساؤل المطروح: ما خيارات القارة العجوز حال حدوث ذلك؟
ورغم تأكيد روسيا عدم وجود نية لمهاجمة أوكرانيا وإعلانها بدء سحب بعض قواتها من حدود كييف بعد الانتهاء من إجراء تدريبات عسكرية؛ فإن الولايات المتحدة والدول الأوروبية ما زالت تصر على احتمالية وقوع حرب، وتؤكد وصول المزيد من القوات الروسية إلى الحدود.
وما زالت المحاولات الدبلوماسية جارية من أجل الدفع نحو عدم وقوع الحرب، والتي قد تُشعل الوضع العالمي ومن ثم التأثير في الاقتصاد الذي يحاول الخروج من تداعيات فيروس كورونا، وأبرزها الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة.
ويؤجج الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية مخاوف القارة الأوروبية على وجه التحديد، ومن بينها مدى تأثير الوضع في إمدادات الغاز الروسي التي تعد أكبر مورد لهذا الوقود الأحفوري للدول الأوروبية.
ويشير تقرير لوكالة رويترز إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية دعت دولًا؛ مثل قطر واليابان، للمساعدة في توفير شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال حال مهاجمة روسيا أوكرانيا، وهو ما سيدفع نحو تطبيق عقوبات على موسكو.
خطوط أنابيب الغاز في قلب الأزمة
قبل اندلاع تلك الأزمة، كانت تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا أقل من المعتاد بالفعل لعدة أشهر -بحسب تقرير رويترز-.
ونقلت وكالة الأنباء، عن سياسيين في أوروبا، قولهم إن روسيا تستخدم أسعار الغاز المرتفعة للضغط في الخلاف الحادث حول مشروع خط أنابيب نورد ستريم2 المدعوم من شركة الغاز الروسية (غازبروم)، وهو الأمر الذي تنفيه العملاق الروسي؛ إذ تؤكد أنها تفي بالتزاماتها تجاه العملاء الأوروبيين.
وفي الواقع، تعتمد القارة الأوروبية على نحو 35% من الغاز الروسي، الذي يأتي معظمه من خلال خطوط أنابيب منها خط (يامال-أوروبا) الذي يعبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا، وخط (نورد ستريم1) الذي يربط الغاز الروسي بألمانيا مباشرة، وكذلك عبر أوكرانيا.
ورغم ذلك؛ فإن التقرير يؤكد أن معظم الدول الأوروبية خفضت اعتمادها على الغاز الروسي على مر السنين؛ إذ تشير تقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، إلى أن عبور الغاز الروسي من خلال أوكرانيا لأوروبا انخفض بنسبة 70% منذ عام 1998 والتي كانت تقدر بأكثر من 140 مليار متر مكعب حينذاك، وذلك مقابل 42 مليار متر مكعب خلال 2021.
وفي حالة فرض العقوبات من جانب الغرب إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، سيؤثر ذلك في تدفق الغاز عبر خطوط الأنابيب مثل (يامال-أوروبا)، و(نورد ستريم1)، بالإضافة إلى خط (ترك ستريم) الذي يمتد من الاتحاد الروسي إلى تركيا.
وفي السياق نفسه، عبرت شركة بلاتس أناليتيكس عن مخاوف السوق مع وقوع الحرب، التي قد تتسبب في انقطاع إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا يما يعادل 250 ألف برميل يوميًا من النفط، و120 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وفقًا للشركة.
وفي السياق نفسه، شددت الولايات المتحدة على أن خط (نورد ستريم2) لن يمضي قدمًا إذا قررت روسيا مهاجمة الأراضي الأوكرانية.
ويشار إلى أن (خط نورد ستريم2) ما زال ينتظر التصديق من هيئة تنظيم الطاقة في ألمانيا، لبدء تدفق الغاز الروسي من خلاله.
وعلى الجهة المقابلة، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن خط الأنابيب (نورد ستريم2)، مشروع تجاري بحت سيعمل على تعزيز الطاقة في أوروبا.
ومن المحتمل -بحسب معهد أكسفورد لدراسات الطاقة- أن تعلق روسيا مبيعات الغاز لأوروبا ردًا على العقوبات التي ستفرض عليها إذا قررت الحرب، أو يتسبب ذلك في إلحاق الضرر بأحد خطوط الأنابيب التي تعبر أوكرانيا لنقل الغاز لأوروبا.
ما الخيارات المتاحة أمام أوروبا؟
يشير تقرير رويترز إلى أن هناك خيارات أخرى متاحة أمام بعض البلدان لتعويض الغاز الروسي؛ فعلى سبيل المثال يمكن لألمانيا -التي تعد أكبر مستهلك للغاز القادم من روسيا- الاستيراد من النرويج وهولندا والدنمارك عبر خطوط الأنابيب.
ومع ذلك، تؤكد النرويج -التي تعد ثاني أكبر مورد لأوروبا- أنها بالفعل تقدم الغاز الطبيعي بأقصى طاقتها ولا تستطيع تعويض أي نقص للغاز الروسي.
ومن الخيارات المتاحة كذلك أمام بلدان القارة العجوز، أنه يمكن لدول جنوب أوروبا أن تستقبل الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب المار من البحر الأدرياتيكي حتى إيطاليا، وكذلك خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول (TANAP) عبر تركيا.
وكان نائب وزير الطاقة الأذربيجاني، النور سلطانوف، قد أكد استعداد بلاده لتصدير الغاز إلى أوروبا، مبينًا امتلاك أذربيجان احتياطيات كافية من الغاز الطبيعي، وبإمكانها تصدير كميات منه إلى أوروبا.
وأشار التقرير إلى أن المفوضية الأوروبية اقترحت نظامًا لدول الاتحاد الأوروبي لشراء مخزونات الغاز لتكوين احتياطي إستراتيجي بشكل مشترك.
ونوه بأنه على الرغم من ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال إلى شمال غرب أوروبا، خصوصًا تلك الشحنات القادمة من الولايات المتحدة؛ فإن هناك حدًا أقصى لمقدار إنتاج الغاز المسال ونقله.
واستشهد التقرير بما قاله مركز بروغل للأبحاث، عن استخدام قدرة التسييل العالمية بالكامل تقريبًا، وكذلك سفن الغاز الطبيعي المسال.
كما أن دولة قطر -أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم-، والتي تستطيع إرسال بعض الغاز الإضافي إلى أوروبا، لا تستطع الإمداد بشكل كافٍ؛ لأن معظم الكميات بموجب عقد واتفاق مسبق.
وبالنسبة لدولة اليابان؛ قد يكون بإمكانها تحويل بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، ولكن سفن الغاز المسال قد تأتي من موانئ في الولايات المتحدة وليس من طوكيو مباشرة، بحسب تصريحات نقلتها رويترز.
الفحم والطاقة المتجددة خيارات أخرى
توجد خيارات أخرى قد تلجأ إليها الدول الغربية لمحاولة سد الفجوة بواردات الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء، ومنها روابط من البلدان المجاورة تستخدم في نقل الكهرباء، أو العمل على زيادة إنتاج الكهرباء عبر الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة وكذلك الفحم.
وأمام ذلك؛ فإن خيار الطاقة النووية قد يكون حلًا غير مناسب بعض الشيء؛ إذ إنها آخذة في الانخفاض ببعض الدول الأوروبية كألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وفرنسا؛ بسبب تقادم المصانع وإيقاف التشغيل والانقطاع المتكرر.
وكذلك اتجهت بعض الدول الأوروبية بهدف تحقيق الأهداف المناخية، إلى إغلاق محطات الطاقة القديمة التي تعمل بالفحم مع عدم بناء أي محطات جديدة تعمل بذلك الوقود الأحفوري الأكثر تلويثًا.
وهناك بعض البلدان ما زالت تحافظ بمحطات الفحم للإمداد الاحتياطي؛ إذ تحولت دول أوروبية إلى الفحم منذ منتصف العام الماضي؛ نتيجة ارتفاع أسعار الغاز.
وتوجد كذلك حلول أخرى اتجهت إليها بعض البلدان في أزمات سابقة، باعتبارها تدابير خفض الإنتاج الصناعي في أوقات معينة، أو توجيه الأسر إلى الحد من استخدام الكهرباء، أو فرض انقطاع مؤقت في التيار الكهربائي.
أزمات سابقة تسببت في انقطاع الإمداد
بالفعل واجهت الدول الأوروبية مشكلة انقطاع إمدادات الغاز الروسي، خلال السنوات الـ15 الماضية؛ نتيجة الخلاف كذلك بين موسكو وأوكرانيا حول الغاز.
وفي عام 2006 قطعت شركة غازبروم الروسية الإمدادات عن أوكرانيا ليوم واحد، وفي فصل شتاء عامي 2008 و2009 كانت هناك اضطرابات في الإمدادات الروسية عبر أوروبا.
وشهد عام 2014 كذلك قطع روسيا الإمدادات عن أوكرانيا بعد إقدام موسكو على ضم شبه جزيرة القرم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، اتجهت أوكرانيا إلى التوقف عن شراء الغاز الروسي.
وبحسب التقرير، خفّضت أوكرانيا الاعتماد على واردات الغاز الروسي عبر آلية التدفق العكسي؛ أي استيراد كييف من الاتحاد الأوروبي.
موضوعات متعلقة..
- أزمة روسيا وأوكرانيا.. تداعيات محتملة على إمدادات الطاقة لأوروبا
- الغاز الطبيعي.. أذربيجان تدعم أوروبا لتعويض الإمدادات الروسية
- أزمة روسيا وأوكرانيا تهدد 30% من الطلب الأوروبي على الغاز (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- هل تجاوزت أسعار النفط 100 دولار؟.. العقود الآجلة والأسعار المؤرخة تجيب
- أبرز اكتشافات النفط والغاز في 2021 (إنفوغرافيك)
- مقايضة الغاز.. إيران تخطط للوصول إلى أسواق الطاقة عبر قطر