التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الطاقة النظيفة في ميزان الحكومة الأسترالية.. دعاية "وهمية" وقيود استثمارية

اتهامات للحكومة بالغسل الأخضر ودعم مشروع "قنبلة" انبعاثات

هبة مصطفى

في ظل حملة دعاية ضخمة تُروج لتبنّي الحكومة الأسترالية التحول نحو الطاقة النظيفة، في غضون الاستعدادات لعقد الانتخابات الفيدرالية خلال النصف الأول من العام الجاري، جاءت نتائج استطلاع للمستثمرين لتغيّر تلك الصورة تمامَا.

إذ خصصت الحكومة الأسترالية تحت قيادة رئيس الوزراء سكوت موريسون، حجم إنفاق يقارب 31 مليون دولار على إعلانات تشير إلى حجم التحول في مجال الطاقة وخفض الانبعاثات تحت قيادتها.

وبينما تحاول الحكومة توجيه الصورة الذهنية لأدائها بعيدًا عن الفحم واستثمارات الوقود الأحفوري، اصطدمت حملة إعلاناتها بنتائج استطلاع أُجري بين أكبر مستثمري العالم حول استثمارات الطاقة النظيفة.

دعاية غير واقعية

تبنّت الحكومة حملة دعاية ضخمة على مرحلتين، الأولى بدأت في سبتمبر/أيلول الماضي بحجم إنفاق وصل إلى 12.9 مليون دولار، والثانية بدأت في ديسمبر/كانون الأول ويُتوقع استمرارها حتى إبريل/نيسان المقبل بحجم إنفاق 17.9 مليون دولار.

نتيجة واحدة تهدف الحملة الحكومة للتوصل لها: تأكيد تحقيق مستويات جيدة في خفض الانبعاثات والتحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، مع وجود خطط مستقبلية لدعم هذا الاتجاه.

قمة المناخ كوب 26 - رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون
رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون - أرشيفية

وفتحت حملة الدعاية، التي لحقت تصريحات الحكومة قبل قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26 حول الوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050، الباب أمام تساؤلات عدّة، خاصة أن خطة الحكومة لم تحدد أيّة مسارات واضحة المعالم لتحقيق هدفها.

إذ تلفت الإعلانات الحكومية إلى تسجيل مستويات قياسية في تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل، وتخصيص مليارات لاستثمارات البنية التحتية للشحن المتعلق بالسيارات الكهربائية، كما إنها تُشير إلى خفض الانبعاثات بنسبة 20% عن مستويات عام 2005.

وفي المقابل، أكد منتقدو حملة الدعاية أن الطاقة النظيفة والمتجددة، وكذلك السيارات الكهربائية، عانت في أستراليا من خفض دعم الحكومة الفيدرالية، مقابل التوسع في استثمارات الوقود الأحفوري.

وأضافوا أن خفض الانبعاثات الذي تُشير إليه الحملة تحقّق بين عامي 2007 و2005 لدى تقلُّد حزب العمّال مقاليد السلطة الحكومية، وليس حكومة موريسون الحالية، وفق صحيفة ذي غارديان.

أداء الطاقة النظيفة في أستراليا

رغم حملة الدعاية، ما زالت أستراليا متأخرة عن الركب المناخي العالمي في استثمارات الطاقة النظيفة.. هكذا خلصت نتائج الاستطلاع الذي أجرته مجموعة مستثمري الطاقة النظيفة (التي تضم 18 مستثمرًا ومُطورًا، بمحفظة تتجاوز 11 غيغاواط واستثمارات تصل إلى 24 مليار دولار).

ورغم تفاؤل المستثمرين بإمكانات الطاقة النظيفة واستثماراتها في البلاد، فإن القلق من "قيود" قواعد سوق الكهرباء لم يشجع استثمارات التخلي عن توليد الطاقة الكهربائية من المحطات العاملة بالفحم المتقادمة.

ففي خضم الدعايات والإعلانات التي تروّج لتبنّي الحكومة خططًا لخفض الانبعاثات، لم تشهد مشروعات الطاقة النظيفة في أستراليا سوى 3 صفقات فقط خلال الربع الثاني من العام المالي، من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى ديسمبر/كانون الأول، أحدهما بقدرة تصل إلى 50 ميغاواط، بينما لم تُحدد قدرة المشروعين الآخرين.

وجاءت غالبية مخاوف المستثمرين -وفق الاستطلاع- استنادًا لوجود تحدّيات تعوق استثماراتهم، تتعلق بقدرة الشبكة والأساليب المتأخرة في إدارة توزيع تكلفة البنية التحتية الجديدة للربط بين المشاركين.

جنوب أستراليا - الكهرباء - الطاقة المتجددةاستثمارات "متأخرة" عن الركب

أوضح الرئيس التنفيذي لمجموعة مستثمري الطاقة النظيفة، سيمون كوربيل، أن استثمارات الطاقة النظيفة والمتجددة في أستراليا ما زالت متأخرة؛ ما يزيد صعوبة تحقيق سيناريو التغيير خلال المدة التي حققتها الحكومة.

وأضاف أن معدلات الإصلاح التنظيمي والسياسي لا تلائم حجم الاستثمار الذي يحتاجه سيناريو التغيير الذي أقرّته الحكومة، وفق ما أظهرت نتائج استطلاع استثمارات الطاقة النظيفة في الربع الثاني من العام المالي الجاري في أستراليا.

(يبدأ العام المالي في أستراليا في يوليو/تموز، وينتهي في يونيو/حزيران من كل عام).

وأضاف كوربيل أن نتائج الاستطلاع أظهرت تخوّف المستثمرين من عدم تغيّر مخاطر الاستثمار للأفضل، ورغم تفاؤلهم بسيناريو التغيير الذي أقرّته الحكومة، فإن الاتجاه العامّ لإصلاح سوق الكهرباء الوطني ما زال يتّسم بالبطء.

انتقال عشوائي

حذّر سيمون كوربيل من تحوّل انتقال الطاقة في أستراليا إلى عملية فوضوية تكلّف فاتورة مرتفعة، حال عدم تطوير إنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة وتطوير البنية التحتية للنقل، في ظل إغلاق متواصل لمحطات الفحم، وفق صحيفة رينيو إيكونومي.

وحدّد كوربيل المخاطر التي تواجه استثمارات الطاقة النظيفة في: تعقّد واستطالة عمليات تطوير النقل، ومقترح التسعير الهامشي للمواقع، وغياب آليات التغلب على الخسارة الهامشية.

ويرى مهتمون بعملية الانتقال نحو الطاقة النظيفة بصورة سلسة في أستراليا، أنه في ظل حتمية إغلاق محطات الكهرباء العاملة بالفحم، يجب التوجه بسرعة نحو إصلاح قوانين سوق الكهرباء، تمهيدًا للتحول إلى الطاقة النظيفة.

غسل أخضر

في ظل أداء حكومي ضعيف لإصلاح سوق الكهرباء بما يمهد للتحول نحو الطاقة النظيفة، وتخصيص حجم إنفاق كبير للترويج لعبارات مطاطة دون أهداف أو خطوات ملموسة، واجهت الحكومة اتهامات بممارسة "الغسل الأخضر".

ووسايد- حقل غاز
مشروع حقل وودسايد للغاز في أستراليا - أرشيفية

وأكد ممثل حزب العمّال الأسترالي عن المناخ والطاقة، كريس بوين، أن الحكومة الأسترالية رأت أموال دافعي الضرائب التي استُخدمت في حملة دعاية نجاح سياساتها تجاه الطاقة النظيفة والمتجددة بمثابة "صندوق تمويل" لحملتها الانتخابية، ما يعدّ غسلًا أخضر لأدائها.

وانتقد بوين إنفاق الحكومة ما يقرب من 31 مليون دولار في حملة إعلانات للترويج لأهداف غير ملموسة، مقابل إنفاق 6 ملايين دولار فقط على "نمذجة" خطة الحياد الكربوني.

وانتقد نوّاب برلمانيون عدم تطرُّق حملة الإعلانات الحكومية إلى الحديث بصورة صريحة عن "التغير المناخي"، بينما دافع مسؤولون حكوميون وممثلو الوزارات المعنية عن موقف الحكومة من تجاهل التطرق الواضح للتغيرات المناخية، مؤكدين أنه "غير متعمد".

وكشفت المسؤولة بوزارة الصناعة والعلوم والطاقة والموارد هيلين بينيت -خلال جلسة برلمانية، يوم الإثنين، لمناقشة حجم إنفاق الدعاية- أنه من بين إنفاق مُقدّر بـ 31 مليون دولار في مرحلتي الدعاية، خُصّص 67 ألف دولار لقياس مردود الحملة، لكنها تحفّظت على إعلان نتائج المردود الشعبي.

"قنبلة" انبعاثات حوض بيتالو

خلال جلسة الاستماع لحجم إنفاق حملة الإعلانات الحكومية بالبرلمان، ظهرت مفاجأة من العيار الثقيل، إذ بينما تروّج الحكومة قبيل الانتخابات الفيدرالية لإنجازاتها في خفض الانبعاثات وانتقال الطاقة، وتتباطأ في إصلاح لوائح سوق الكهرباء وقوانينها، دعمت في الوقت ذاته مشروعًا كفيلًا بمضاعفة الانبعاثات 5 آلاف ضعف بحلول 2030.

وينتج عن تطوير التوسعات في حوض بيتالو للغاز بالإقليم الشمالي ما يقرب من 4.9 مليون طن انبعاثات بين عامي 2025 و2030، رغم أنه يجري الإنفاق على تلك التوسعات من أموال دافعي الضرائب.

ورغم أن المسؤولين أكدوا -خلال جلسة آخر جلسة استماع قبل 4 أشهر- أن حجم الانبعاثات الكربونية لحوض بيتالو للغاز لن يتجاوز 0.1 مليون طن، فإنها تضاعفت بصورة هائلة بعد مراجعتها وإعادة تقييمها، في ظل توقعات بارتفاعها بصورة أكبر عقب عام 2030.

وأوضح عضو البرلمان عن حزب الخضر، آدم باندت، أن القفزة في تقدير الانبعاثات عقب التوسعات الحكومية لحوض بيتالو للغاز المدعومة بأموال دافعي الضرائب، تعادل زيادة قدرها 5000% بالإقليم الشمالي.

وتنتُج تلك الانبعاثات جراء عمليات التكسير الهيدروليكي في الحوض بالإقليم الشمالي بالبلاد، وهي عمليات تسمح باستخدام وسائل ميكانيكية تعمل بسوائل مضغوطة لإحداث كسور بالطبقات الصخرية، بما يسمح باستخراج النفط والغاز من طبقات كان يستحيل الوصول إليها بعمليات الحفر المعتادة.

وواجه حقل بيتالو للغاز قرارًا بالتعليق من قبل حكومة الإقليم الشمالي عام 2016، نظرًا للأضرار البيئية الناجمة عن عمليات التكسير الهيدروليكي، إلّا أن العمل بالمشروع استؤنِف عام 2018، وفق صحيفة هيدروكربون تكنولوجي.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق