التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الهيدروجينرئيسيةطاقة متجددةهيدروجين

الهيدروجين الأخضر.. متى تنافس أستراليا وتتجه للتصدير؟ (تحليل بحثي)

الحكومة تستهدف قيمة صادرات الهيدروجين ومبيعات محلية بـ 70 مليار دولار

هبة مصطفى

تستهدف الحكومة الأسترالية بلوغ قيمة صادرات الهيدروجين الأخضر والاستخدام المحلي ما يقرب من 70 مليار دولار أميركي في غضون 30 عامًا؛ ما يعزز إزالة الكربون.

ورغم الاعتماد الأسترالي الواسع على الفحم خلال السنوات الماضية، فإن كانبرا تواجه ضغوطًا داخلية بعدما علت أصوات داعمة للتحول نحو الطاقة النظيفة، والاتجاه للاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في صناعات عدّة.

وتمتلك أستراليا التقنيات اللازمة لتصنيعه من مصادر الطاقة المتجددة (وهو العائق الذي يواجه الدول الأخرى)، ما يمكن أن يدفعها لتحقيق ثروة طائلة من ورائه.

ومع توافر موارد الطاقة المتجددة والموانئ المستخدمة حاليًا لصادرات الوقود الأحفوري (مثل الفحم، والغاز الطبيعي المسال)، تكتسب أستراليا أهمية استثنائية لتصنيع الهيدروجين الأخضر وتصديره.

وحظي الهيدروجين الأخضر بمناقشات ومباحثات مكثّفة خلال قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26، كونه بديلًا نظيفًا للكهرباء والوقود يعمل على خفض الانبعاثات.

وحاول باحث أكاديمي تحليل قدرة الهيدروجين الأسترالي على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، بطرح مدى توافر الإمكانات اللازمة لاقتحام تصنيعه، وكذلك المعوقات التي تواجه المستهدفات الحكومية تجاهه.

ولايات مؤهلة للإنتاج

استعرض البحث الدور المرتقب للولايات الأسترالية للاستفادة من بدء تصنيع الهيدروجين الأخضر وإنتاجه، وأوضح أن أفضل الولايات الأسترالية التي يمكنها احتضان الصناعة هما ولايتا كوينزلاند وتسمانيا؛ نظرًا لتوافر مصادر الطاقة المتجددة بهما بأسعار زهيدة.

محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر

وأكد البحث -الذي أعدّه باحث الزمالة الأول في مركز الهيدروجين بولاية فيكتوريا، التابع لجامعة سوينبورن للتكنولوجيا، ستيفن بيرسي، أن ساحل ولاية كوينزلاند الشمالي سيتحول إلى "مركز طاقة الهيدروجين" بحلول نهاية العقد الجاري.

بينما ستتربع ولايات (نيو ساوث ويلز، وكوينزلاند، وفيكتوريا، وجنوب أستراليا) على عرش مُنتجي الهيدروجين الأقلّ تكلفة بحلول 2040، بعد تلقّيها دعمًا من أسعار الطاقة الشمسية الزهيدة للغاية.

وأظهر البحث -بالتعاون مع مركز فيكتوريا للهيدروجين- أن أقلّ المناطق تكلفة بداية من العام المقبل، ستكون شمال كوينزلاند التي سيكلف إنتاج كل كيلو غرام هيدرجين أخضر بها 4.1 دولارًا، يليها ولاية تسمانيا بتكلفة تصل إلى 4.4 دولارًا لكل كيلوغرام، لتوافر الموارد المتجددة.

وأضاف بيرسي في بحثه، أن المناطق الساحلية بشمال ولاية كوينزلاند ستتحول إلى مركز الهيدروجين الأسترالي بحلول عام 2030؛ نظرًا لتوافر الطاقة الشمسية بأسعار زهيدة وكذلك الموانئ، بينما تضمنت توقعات البحث تمتُّع ولاية أستراليا الغربية والإقليم الشمالي بالميزات ذاتها.

انخفاض أسعار الطاقة المتجددة

استند البحث إلى توقعات هيئة البحوث لتكلفة الطاقة المتجددة والمحللات الكهربائية التي تسمح بضمّ ولايات أسترالية جديدة للولايات المُصنعة للهيدروجين الأخضر، إذ تتوقع الهيئة انخفاض أسعار الطاقة الشمسية بصورة تفوق انخفاض أسعار طاقة الرياح بحلول عام 2040.

وفور بلوغ هذه الحقبة، ومع مواصلة انخفاض أسعار الطاقة المتجددة، طرح البحث أسعارًا تقريبية مُتوقعة للهيدروجين في عدّة ولايات تتميز بتوافر الطاقة الشمسية تجعلها أفضل مراكز إنتاجه، مثل وسط وشمال كوينزلاند (يُتوقع أن تقترب أسعاره فيها من 1.7 دولارًا لكل كيلوغرام) ونيو ساوث ويلز وفيكتوريا وجنوب أستراليا (يُتوقع أن تبلغ أسعاره فيها 1.8 دولارًا لكل كيلوغرام).

وبالوصول لتلك المعدلات المتوقعة لأسعار الهيدروجين الأخضر، يمكن لأستراليا الاستغناء عن سلسلة التوريد والبنية التحتية للتخزين في عمليات نقله، إذ سيتكلف النقل حينها بين 0.05 و0.75 دولارًا/كيلوغرام.

وبمقارنة الأسعار المقترحة في البحث بالأسعار الواردة في الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، يمكن لأستراليا توفير إمدادات الهيدروجين الأخضر لشاحنات النقل بدلًا من الديزل خلال 4 سنوات، أمّا استخدامه في تصنيع الأسمدة فقد يتأخر إلى عام 2040.

الهيدروجين - الحياد الكربوني

معوقات الصناعة

مع جميع مزايا الصناعة التي استعرضها البحث، ورغم المقومات الأسترالية المؤهلة لتصنيعه، فإن إنتاجه في الوقت الحالي بأسعار بسيطة يعدّ أمرًا صعبًا بالمقارنة مع الوقود الأحفوري،ما دامت الدولة لم تتخذ قرارات ضريبية ضد تلوّث الكربون.

إنتاج الهيدروجين من الفحم
مصنع إنتاج الهيدروجين من الفحم في أستراليا- الصورة من وكالة رويترز (12 مارس 2021)

لكن بالعودة إلى الوراء -وقبل 10 سنوات- كانت الطاقة المتجددة -كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح- محلّ سخرية، لأنها كانت أكثر تكلفة من الآن، لكن الانتقادات التي كانت تتعرض لها خمدت حدّتها مع مرور الوقت، لتسجل أسعارًا أقلّ من الفحم، على سبيل المثال، وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

وبالتوازي مع انخفاض أسعار التخزين في البطاريات، وأسعار أجهزة التحليل الكهربائي (المُحللات المستخدمة في تصنيع الهيدروجين الأخضر) أصبحت المنافسة أكثر سهولة.

وتتوقع هيئة البحوث الأسترالية "سي إس آي آر أو" انخفاض تكلفة المُحللات الكهربائية بنسبة 83%، بحلول عام 2040، بالتوازي مع انخفاض أسعار الهيدروجين المُنتج باستخدام الغاز؛ ما يؤهل الساحة أمام الهيدروجين الأخضر للاستحواذ على حصص كبيرة في الأسواق منذ عام 2030.

نقص المياه

يحتاج تصنيع الهيدروجين الأخضر إلى كميات من المياه، ورغم أن أستراليا تعاني نسبيًا من الجفاف، فإنه لتحقيق المستهدف الحكومي (أن تبلغ عائدات التصدير والاستهلاك المحلي لتلك الصناعة 70 مليار دولار أميركي خلال 30 عامًا) تحتاج أستراليا لتخصيص ما يعادل 4% فقط من حجم المياه المستخدمة لريّ المحاصيل خلال عامي 2019 و2020، ما يكفي لإنتاج 225 ألف ميغا لتر.

ومع خروج محطات الكهرباء المعتمدة على الفحم من الشبكة في ولايتي كوينزلاند ونيو ساوث ويلز سيجري توفير المياه بصورة أكبر؛ ما يسمح بتوجيهها لصناعة الهيدروجين الأخضر، وفق البحث المنشور بصحيفة ذي كونفرزيشن.

وتستهلك محطات الكهرباء بهاتين الولايتين 158 ألف ميغا لتر سنويًا، بخلاف استهلاك عمليات تعدين الفحم بهما 224 ألف ميغا لتر أخرى، وفق آخر التقديرات للمؤسسة الأسترالية للحفاظ على البيئة لعام 2020.

توقعات الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف

التحول الأسترالي

طرح البحث حلولًا أخرى لتوفير المياه اللازمة لإنتاج وتصنيع الهيدروجين الأخضر، منها اللجوء لتحلية مياه البحر بطول السواحل الأسترالية، وقدّرت رابطة المياه الأسترالية تكلفة تحلية مياه البحر بما يقارب 1% من تكلفة إنتاج الهيدروجين.

وفسّر الأهمية المتنامية للهيدروجين الأخضر بأنها ترجع لكونه طاقة متجددة يمكن تخزينها ونقلها بسهولة ودون انبعاثات، وتتنوع استخداماته بين النقل والصناعات وإنتاج الكهرباء.

وحدّد آليات عمل يمكن اتّباعها خلال العقد الجاري، لبدء التخطيط لترسيخ لصناعة واقتصاد الهيدروجين الأخضر في أستراليا، تتضمن تطوير ودعم المشروعات الجديدة للبنية التحتية التي تهدف للإعداد لإنتاج وتوزيع واستخدام وتصدير الهيدروجين الأخضر بنطاق واسع.

وأشاد بحث ستيفن بيرسي باتجاه شركات كبرى في مجال التعدين لاستخدام الهيدروجين الأخضر، لكن تظل الصناعة بحاجة إلى سياسات وتشريعات تدعم تطورها.

نحو العالمية

شرح البحث تقنية إنتاجه بصورة مبسّطة تبدأ بتوفير مصادر زهيدة الثمن للطاقة المتجددة لاستخدامها في تقسيم جزئيات الماء إلى (هيدروجين، وأكسجين) عبر المُحللات الكهربائية، وتخزين الإنتاج في شاحنات، أو تصديره عبر خطوط أنابيب.

وتعتمد صناعة الهيدروجين في إنتاجه حتى الآن على الغاز الذي يُعدّ وقودًا أحفوريًا؛ ما يشير إلى أنها ليست بالحديثة، إذ استُخدمت سابقًا في إنتاج الأسمدة الزراعية وعمليات تكرير النفط، لكن الحديث عن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لإنتاجها هو الأمر الحديث نسبيًا.

وحظيت تلك الصناعة باهتمام المستثمرين خلال السنوات الأخيرة، بالتزامن مع ظهور مسارات تقنية جديدة تسمح بإنتاجه بتكلفة زهيدة؛ ما يدفع دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وبعض الدول الأوروبية لاعتماده بديلًا نظيفًا للوقود الأحفوري يسهم في إزالة الكربون.

ومع تحوّل اليابان وكوريا الجنوبية والهند والصين للتخلّي عن الكربون، فإن الصادرات الأسترالية من الفحم (التي بلغت 64 مليار دولار عام 2019) لتلك البلدان يمكن أن تتحول إلى صادرات هيدروجين أخضر.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق