تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

هل يخرج الغاز المسال من عباءة الحياد الكربوني؟

سؤال تجيب عنه دراسة لـ"آي إتش إس ماركت"

حازم العمدة

اقرأ في هذا المقال

  • تساؤلات البصمة الكربونية للغاز المسال تتزايد رغم تنامي الطلب العالمي
  • الغاز المسال وقود أنظف بالنسبة للغازات الدفيئة مقارنة بالفحم والنفط
  • صادرات الغاز الأميركي المسال تقفز إلى 9.4 مليار قدم مكعبة يوميا في نوفمبر
  • توقعات بأن يحطم إنتاج الغاز المسال رقما قياسيا في 2020 رغم كورونا
  • انبعاثات الميثان الصادرة من الغاز أخطر 84 مرّة مقارنةً بثاني أكسيد الكربون

ما مستقبل الغاز الطبيعي المسال في ظلّ الجهود العالمية لتحقيق الحياد الكربوني؟.. هل يفتح الباب أمام عالم منخفض انبعاثات الكربون والميثان؟ أم إنه مجرّد وقود أنظف مقارنةً بالفحم وغيره من مصادر الطاقة التقليدية؟.. هل ينبغي أن تكون المقارنة الصحيحة بينه وبين النفط والفحم؟ أم مقارنته بمصادر الطاقة المتجدّدة؟.. هل من الممكن أن يتحوّل إلى رقم صعب في معادلة الحياد الكربوني من خلال تطوير تقنيات لخفض انبعاثاته الضارّة -لاسيّما الميثان-؟ أم إنه سيخرج من المعادلة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما المدى الزمني لخروجه؟

بالرغم من زيادة الطلب العالمي عليه، فإن التساؤلات لم تتوقّف عن البصمة الكربونية للغاز الطبيعي المسال، ما دفع مؤسّسة "آي إتش إس ماركت" للأبحاث والاستشارات، إلى محاولة الإجابة عنها في دراسة أجرتها مؤخّرًا.

في الوقت الذي وصلت فيه صادرات الغاز الأميركي المسال إلى مستويات قياسية، أصبحت البصمة الكربونية الناتجة عن إنتاج واستخدام الغاز الطبيعي المسال "قضية سياسية"، ما يثير تساؤلات حول مصيره، لاسيّما على المدى الطويل.

تقييم أسواق الغاز

قبل الغوص في الإجابة عن هذه التساؤلات، يرسم التقرير صورة لأسواق الغاز في الولايات المتحدة والعالم.

وصلت صادرات الغاز الأميركي المسال إلى 9.4 مليار قدم مكعّبة يوميًا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

المفوّضية الأوروبية تتبنّى إستراتيجية أكثر صرامة مع الميثان، لكنّها تزيد من تكلفة استيراد الغاز المسال

حطمت الصادرات بذلك الرقم القياسي، المسجّل في يناير/كانون الثاني 2020، خلال ذروة الطلب في فصل الشتاء وقبل جائحة فيروس كورونا، التي انعكست على الاستهلاك والشحنات.

يُنظر إلى الغاز الطبيعي المسال على أنه بديل أنظف مقارنةً بالفحم، فيما يتعلّق بالغازات الدفيئة.

انبعاثات الميثان

مع ذلك، فإن الميثان -وهو المكّون الرئيس للغاز الطبيعي- أخطر بمعدّل 84 مرّة من ثاني أكسيد الكربون، ما يجعله هدفًا رئيسًا لبرامج مكافحة تغيّر المناخ في أوروبا والعالم، وفقًا لما ذكرته "آي إتش إس ماركت".

ولعلّ هذا هو ما دفع المفوّضية الأوروبية إلى إصدار بيان، في مارس/آذار، جاء فيه أن "انبعاثات الميثان تضرّ بمصداقية الغاز اليوم بصفته وقودًا فاعلًا نحو التحوّل إلى نظام طاقة يتّسم بالحياد الكربوني".

وكالة الطاقة الدولية - انبعاثات الميثان

وأوضح البيان أن الانبعاثات "تعرّض للخطر إمكانات الغازات المتجدّدة منزوعة الكربون على المدى الطويل، وقد يجري التخلّي عن البُنية التحتية للغاز نتيجة لذلك".

ومن ثمّ أتبعت المفوّضية بيانها بإستراتيجية يمكن أن تؤدّي إلى لوائح أكثر صرامة للميثان، وأكثر تكلفة لمستوردي الغاز المسال.

ارتفاع الطلب على الغاز المسال

تشير البيانات إلى أن الطلب على واردات الغاز الطبيعي المسال لم تستسلم تمامًا للموجة الثانية من كورونا، حيث ارتفعت الشحنات مؤخّرًا بسبب الطقس البارد في اليابان والصين.

وتفيد تقارير إدارة معلومات الطاقة بتعافي صادرات الغاز الأميركي المسال مقارنةً بالصيف، مدعومةً بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والغاز المسال في آسيا وأوروبا، فضلاً عن التوقّف غير المخطط له في محطات الغاز المسال لدى مصدرين منافسين.

الإستراتيجية تسمح بتحديد "قيمة افتراضية" لانبعاثات الميثان على الواردات التي لا تلتزم بالمعايير البيئية

على الصعيد العالمي أيضًا، يتوقّع أن يحقّق إنتاج الغاز الطبيعي المسال عامًا قياسيًا، في 2020، بالرغم من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن كورونا.

وفي هذا السياق، توقّعت "آي إتش إس ماركت" أن يبلغ المعروض العالمي من الغاز المسال، لعام 2020، ما يُقدَّر بنحو 361.4 مليون طن متري، ارتفاعًا من 356.8 مليون طن متري، في عام 2019.

ولفتت المؤسّسة إلى أن إجمالي إمدادات الغاز المسال بلغ 318.1 مليون طن متري، في 2018، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 13.6%، خلال العامين الماضيين.

إشارات تحذير من أوروبا

بيد أن المفوّضية الأوروبية أعلنت، في أكتوبر/تشرين الأوّل، إستراتيجية الميثان التي ستدخل حيّز التنفيذ، عام 2024، عبر قطاعات صناعية متعدّدة، بما في ذلك الطاقة، لتحسين المعايير وتلبية الالتزامات البيئية.

تركّز الإستراتيجية على وضع معايير أكثر صرامة بموجب "الصفقة الخضراء"، المعلنة في ديسمبر/كانون الأوّل 2019.

اقتراحات بفرض "ضريبة حدودية" على واردات الغاز الأوروبية، ما يرفع تكلفة الغاز مقارنةً بالطاقة المتجدّدة

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال المستورد من خارج الاتحاد الأوروبي يساهمان بما يتراوح بين ثلاثة و ثمانية أضعاف انبعاثات هذه المنتجات، عندما يجري إنتاجها داخل الاتحاد الأوروبي.

القيمة الافتراضية

ستسمح الإستراتيجية للمفوّضية الأوروبية بتحديد "القيمة الافتراضية" الخاصّة بها لانبعاثات الميثان من واردات الغاز لأيّ دولة لا تلتزم بالمعايير البيئية.

كما تقترح التنسيق مع دول خارج الاتحاد الأوروبي لتوحيد معايير تتبّع الميثان، والإبلاغ عن مستويات انبعاثاته.

وفي ورقة بحثية، صدرت في نوفمبر/تشرين الثاني، قال الباحث البارز في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، جوناثان ستير: "تنطوي الإستراتيجية على تهديد واضح للغاية للدول المصدّرة، لتنفيذ التدابير المطلوبة أو المخاطرة بأن صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي تعدّ زائدة عن قيمة الانبعاثات الافتراضية المستقبلية التي ستحدّدها المفوّضية الأوروبية".

دول أوروبية تتّخذ إجراءات فردية من شأنها تقليص واردات الغاز المسال

وأضاف ستير أن "هذه محاولة واضحة لفرض ضوابط خارج الحدود على الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي."

ضريبة حدودية

في السياق ذاته، تقترح الإستراتيجية أيضًا فرض "ضريبة حدودية" لتعكس محتوى الكربون في الواردات الأوروبية، وهي خطوة من شأنها أن تجعل الغاز الطبيعي المسال أكثر تكلفة مقارنةً بالطاقة المتجدّدة، لكن إستراتيجية المفوّضية الأوروبية ليست التهديد الوحيد الذي يواجه مصدّري الغاز المسال، حيث تتّخذ الدول الأوروبية، الآن، وبشكل فردي، إجراءات من شأنها تقليص بعض الواردات.

في أكتوبر/تشرين الأوّل، قرّرت شركة إنجي الفرنسية عدم المًضي قدمًا في عقد شراء بقيمة 7 مليارات دولار لمدّة 20 عامًا مع شركة تطوير الغاز المسال الأميركية (نيكست ديكيد) للشحنات من مرفق ريو غراندي في ميناء براونزفيل في تكساس.

دورة الغاز المسال تصدر انبعاثات كربونية في كلّ مراحل الإنتاج والنقل والاستخدام النهائي

في الشهر ذاته، منعت المحكمة العليا في أيرلندا، بناء محطة لاستيراد الغاز المسال عند مصبّ نهر شانون، التي اقترحتها شركة (نيو فورترس إنرجي)، ومقرّها الولايات المتحدة.

وأعلنت الحكومة الائتلافية الجديدة في أيرلندا -التي تضمّ حزب الخضر- معارضتها واردات الغاز الناتج عن التكسير الهيدروليكي من الولايات المتحدة.

هل الغاز الطبيعي المسال فائز بيئيًا؟

في ظلّ هذه التطوّرات، يلوح في الأفق سؤال في غاية الأهمّية، عمّا إذا كان الغاز الطبيعي المسال يوفّر طريقًا لتقليل انبعاثات الكربون والميثان، أم لا؟

من ناحية، عندما يقدَّم الغاز المسال الغاز الطبيعي بديلًا للشركات والقطاعات التي تعمل بالفحم، أو استخدام زيت التدفئة، فهو فائز بيئي واضح.

وجدت الدراسات التي أجرتها وكالة حماية البيئة الأميركية، أن حرق الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة يولّد انبعاثات ثاني أكسيد كربون أقلّ بنسبة تتراوح بين 45و55%، مقارنةً بحرق الفحم الحجري.

دراسة أميركية: حرق الغاز الطبيعي يولّد انبعاثات كربونية أقل من الفحم الحجري بنحو 55%

من ناحية أخرى، تنتج دورة الغاز الطبيعي المسال انبعاثات الكربون في كلّ خطوة من عملياتها: إنتاج الغاز الطبيعي، والتسليم إلى محطات التسييل، ومعالجة التسييل، والشحن بالسفن ، وإعادة التغييز (التحويل إلى غاز)، والاستخدام النهائي، والتخزين في عدّة نقاط على طول الطريق.

من هذا المنظور، فإن الغاز الطبيعي المسال لا يتوافق مع مستقبل صافي الصفر.

دورة الفحم والغاز

وفي ضوء دورة الحياة الكاملة للفحم والغاز والغاز الطبيعي المسال، خلصت دراسة أجراها مختبر التكنولوجيا البيئية الوطني الأميركي، عام 2019، إلى أن الغاز الطبيعي المسال المنتج في الولايات المتحدة، والذي يجري شحنه من الخليج الأميركي إلى روتردام في هولندا، سيُنتج انبعاثات غازات دفيئة أقلّ بما يتراوح بين 20 و53% على مدار 100 عام، مقارنةً بحرق الفحم الحجري في أوروبا.

بالنسبة لصادرات الغاز الطبيعي المسال إلى الصين، من شأن الغاز الأميركي المسال أن يولّد انبعاثات أقلّ بنسبة تتراوح بين 21 و 54%، مقارنةً بالفحم الوارد من مصادر إقليمية.

جماعات البيئة الأميركية تشكّك في نتائج الدراسات المؤيّدة لصادرات الغاز المسال.

وباستخدام نماذج الانبعاثات المحدّثة المتاحة، عام 2020، تشير دراسة أجراها معهد النفط الأميركي، إلى أن صادرات الغاز الأميركي المسال إلى الصين وألمانيا والهند ستولّد -في المتوسّط- انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أقلّ 50.5% من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.

ورغم ذلك، تشكك الجماعات البيئية الأميركية في النتائج المؤيّدة لصادرات الغاز المسال.

يشكّك صندوق الدفاع البيئي في افتراض رئيس لتحليل مختبر التكنولوجيا البيئية الوطني الأميركي، وهو معدّل تسرّب الميثان المنخفض نسبيًا لقطاعات الإنتاج.

تستخدم دراسة المختبر معدّل تسرّب الميثان بنسبة 1.2%، بناءً على إنتاج الغاز الطبيعي غير التقليدي (بتقنية التكسير الهيدروليكي) في حوضي مارسيليوس ويوتيكا في بنسلفانيا وأوهايو.

مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية: الغاز المسال ليس إستراتيجية مناخية فاعلة

بيد أن صندوق الدفاع البيئي يشير إلى أن معظم الغاز الأميركي المسال يأتي من حوض برميان في تكساس ونيو مكسيكو، حيث كان يتتبّع انبعاثات الميثان عن طريق الأقمار الصناعية وأجهزة مراقبة مستوى الأرض المتنقّلة، منذ عام 2018.

ووجد الصندوق أن انبعاثات غاز الميثان، في المتوسّط ، أكثر من 3.5%، ليس هذا فحسب، بل رفض مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية النتائج التي توصّل إليها معهد النفط الأميركي، في تقريره الصادر في ديسمبر/كانون الأوّل 2020.

وقال المجلس: إن " الغاز الطبيعي المسال ليس إستراتيجية مناخية فاعلة".

المفوّضية الأوروبية حريصة على عقود الغاز المسال رغم طموحات تحقيق الحياد الكربوني

وفي هذا السياق، يرى المجلس أن المقارنة الحقيقية يجب أن تكون مع الطاقة المتجدّدة.

وتشير تقديراته إلى أن إنتاج ونقل وتسييل الغاز الأميركي، من عام 2020 حتّى عام 2030، "سيولّد ما يصل إلى 213 مليون طن متري من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الجديدة.. وهو ما يعادل الانبعاثات السنوية لنحو 45 مليون سيارة".

رسائل متناقضة

بالنظر إلى الاستنتاجات المختلفة التي يمكن استخلاصها من البيانات ونماذج الانبعاثات، ربّما ليس من المستغرب أن تكون الإجراءات التي تتّخذها الشركات والصناعات والدول بشأن الغاز الطبيعي المسال متناقضة.

وخير مثال على ذلك شركة إنجي، فبعد شهر من الانسحاب من صفقة (نيكست ديكيد)، أعلنت إنجي أستراليا ونيوزيلندا أنها ستشارك في تطوير محطة إعادة، وهدفها المعلن هو "التحوّل إلى طاقة منخفضة الكربون."

المستثمرون يسعون لاستخدام تقنيات خضراء، مثل احتجاز الكربون وتخزينه ومعدّات تعمل بالطاقة المتجدّدة لتقليل البصمة الكربونية للغاز الطبيعي

ليس هذا فحسب، بل يجري تنفيذ مشروعات البُنية التحتية للغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء أوروبا أيضًا.

افتتحت كرواتيا محطة جديدة للغاز الطبيعي المسال، في ديسمبر/كانون الأوّل، حيث أفادت توقّعات لمؤسّسة آي إتش إس ماركت إلى أن شحنتها الأولى من الولايات المتحدة ستصل قريبًا.

كما افتتحت محطات جديدة في ليتوانيا وبولندا، في الربع الأخير من عام 2020.

الحفاظ على عقود الغاز المسال

حتّى المفوّضية الأوروبية -وبالرغم من طموحها لتحقيق الحياد الكربوني، بحلول عام 2050- فهي حريصة على مواصلة عقود الغاز المسال.

من هذا المنطلق، قالت رئيسة وحدة العلاقات الدولية والتوسيع في إدارة الطاقة بالمفوّضية الأوروبية، آن شارلوت بورنوفيل، خلال ندوة عبر الإنترنت، في نوفمبر/تشرين الثاني: "ستظلّ تجارة الغاز المسال والغاز القضية الرئيسة لتعاوننا مع الولايات المتحدة، في السنوات المقبلة".

نوفاتيك تبرم صفقة مع سيمنس لإزالة الكربون من إنتاج الغاز المسال في القطب الشمالي

قالت شركة استشارات الطاقة الأوروبية ديت نورسك فيريتاس ( دي إن في جي إل)، إن طاقة الغاز الطبيعي المسال ستكون أحد مجالات الاستثمار المتزايد في صناعة النفط والغاز، خلال السنوات الخمس المقبلة.

وكتب هانز كريستيان دانيلسن، المدير العالمي للتسويق والمبيعات بالشركة، تقريرًا، جاء فيه: "في عام 2024، سيشكّل الغاز الطبيعي المسال 17% من النفقات الرأسمالية العالمية للوقود الأحفوري، و15% من النفقات الرأسمالية العالمية، في عام 2025، وهي زيادة كبيرة مقارنةً بأقلّ من 4%، في السنوات الأخيرة".

السوق الأوروبية

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة (إل إن جي ألايز) فريد هوتشيسون -وهي مجموعة تجارية في واشنطن العاصمة- إنه بينما يجد إنتاج الغاز المسال الأميركي سوقًا له في آسيا، سيحتاج المنتجون على الأرجح إلى أوروبا بمثابة منفذ ثابت.

بيد أنهم يحتاجون أيضًا إلى حلّ مشكلة الانبعاثات، حتّى يتمكّنوا من الوصول إلى السوق الأوروبية.

وفي السياق ذاته، قال المدير التنفيذي لمركز الغاز الطبيعي المسال -ومقرّه الولايات المتحدة- تشارلي ريدل: "بالتأكيد، هناك اهتمام أكبر بإزالة الكربون، وكيف يتناسب الغاز الطبيعي مع تلك الصورة.. ليس فقط في أوروبا، ولكن في آسيا أيضًا".

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة أنوفا للغاز الطبيعي المسال -التي اقترحت بناء مرفق بطاقة 6.5 مليون طن متري سنويًا في ميناء براونزفيل- عمر خيام: "تعدّ أوروبا واحدة من أكثر أسواقنا التصديرية الواعدة، لاسيّما أنه سيكون لدينا أقلّ بصمة كربونية بين محطات تصدير الغاز المسال في أميركا الشمالية، إن لم يكن العالم".

تقنيات خضراء

لتحقيق بصمة كربونية أقلّ، أعلنت أنوفا، في ديسمبر/ كانون الأوّل، أنها ستستخدم ضواغط كهربائية تعمل بالطاقة المتجدّدة الخالية من الكربون بنسبة 100%.

وخلال البحث عن عقود كافية للمضي قُدمًا في مشروع ريو غراندي للغاز الطبيعي المسال بالرغم من خسارة إنجي كعميل رئيس، تقول (نيكست ديكيد)، إنها تواصل تنفيذ خطّتها المعلنة سابقًا لاستخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لتقليل انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون بنسبة 90%.

ويسعى مشروع آخر مقترح في لويزيانا، يُعرف باسم(جي 2 نت زيرو) للغاز المسال، في ديسمبر/ كانون الأوّل، إنه يسعى للحصول على 200 مليون دولار من مستثمرين مؤسّسيين لمجمّع للبتروكيماويات والغاز الطبيعي المسال يعمل بمصادر الطاقة المتجدّدة وتقنية احتجاز الكربون.

توقّعات بأن تشكّل سياسات الإدارة الأميركية الجديدة ضغوطًا متزايدة على انبعاثات الميثان

تُحدث هذه الالتزامات فرقًا بالنسبة للمشترين، لاسيّما أن قوانين البيئة الأميركية تفرض بقدر معقول من الصرامة والشفافية، وفقًا لهوتشيسون.

على الصعيد ذاته، يقول هوتشيسون "الأوروبيون جادّون بشأن الميثان، لكنّهم يعرفون أيضًا أننا ربّما نكون أفضل اللاعبين الذين يتعاملون معهم .. ربّما باستثناء القطريين.. الجزائريون والروس غامضون إلى حدّ ما ، لذلك أعتقد أن المشكلة الكبرى هي مدى تعاوننا".

سدّ فجوة الانبعاثات

مع ذلك، يبدو أن شركة نوفاتيك -أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في روسيا- حريصة على سدّ الفجوة في الانبعاثات أيضًا. فقد أعلنت صفقة مع شركة (سيمنس إنرجي)، في 10 ديسمبر/كانون الأوّل، لاستكشاف طرق لإزالة الكربون من إنتاج الغاز المسال في القطب الشمالي من مرفق يامال للغاز المسال الحالية ومحطة (أركتيك إل إن جي 2) -وهي قيد الإنشاء حاليًا-، بحسب (أي إتش إس ماركت).

ويرسل منتجو الغاز الطبيعي المسال- الذين يحصلون على الغاز من الشركات التي انضمّت إلى برامج الإبلاغ الطوعي عن الميثان وخفضه- إشارات إيجابية إلى المشترين في جميع أنحاء العالم. وقد يشمل ذلك شراكة النفط والغاز والميثان التي ترعاها الأمم المتحدة، أو تحالف (وان فيوتشر) في الولايات المتحدة.

ومن هذا المنطلق، يقول هوتشيسون: "نرى في صناعة الغاز الأميركية التزامًا للسيطرة على الميثان من خلال المراقبة المستمرّة على مدار الساعة طوال أيّام الأسبوع، ويمكن أن يتبع ذلك اتّصالات صارمة من خلال سلسلة قيمة الغاز الطبيعي المسال"..

سياسات بادين

من المرجّح أن تؤدّي قرارات السياسة التي تتّخذها الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب جو بايدن إلى مزيد من الضغط على انبعاثات الميثان، مع استفادة منتجي الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة أيضًا.

ويقول هوتشيسون: "أعتقد أنه يمكننا تفادي قضية تعديل حدود الكربون من خلال العودة إلى اتّفاقية باريس للمناخ...واستنادًا إلى التصريحات الأخيرة، يبدو أن وكالة حماية البيئة تريد التراجع عن قواعد الميثان التي وضعتها إدارة ترمب وإعادة تنظيم الميثان، هذان الأمران سيقلّلان من ضغطنا في أوروبا."

المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن

قد يختار بايدن أيضًا التراجع عن قرار إدارة ترمب الأخير، الذي يُظهر نقصًا واضحًا في الاهتمام بمعالجة مشكلة الانبعاثات وتداعياتها على صناعة الغاز الأميركي المسال.

في 4 ديسمبر/كانون الأوّل، أصدرت وزارة الطاقة الأميركية لائحة تنصّ على أن الوكالة ستنظر فقط في انبعاثات الكربون المباشرة من التحميل الفعلي لسفن الغاز المسال ونقلها إلى حافّة المياه الإقليمية للولايات المتحدة في قرارات بشأن التراخيص.

وقالت وزارة الطاقة، إن جميع الانبعاثات الأخرى "ضعيفة للغاية، بحيث لا يمكن توقّعها، وليست لها علاقة سببية وثيقة بشكل معقول بمنح ترخيص التصدير".

وفي هذا الإطار، يرى "ريدل" فوائد محتملة لتغييرات السياسة في ظلّ إدارة بايدن، لاسيّما إذا كانت هناك رغبة في إنهاء الحرب التجارية مع الصين التي تسبّبت في تضرّر أكثر من 90% من صادرات الغاز المسال، في 2019-2020.

مزايا الغاز الطبيعي المسال

بالرغم من كلّ المناقشات حول مستقبل الحياد الكربوني- والكلام لهوتشيسون- فإنه لا ينبغي التقليل من شأن مزايا الغاز المسال بصفته مصدرًا لانبعاثات أقلّ، ووقودًا ذا تكلفة معقولة.

ومن هذا المنطلق، يقول ريدل: "لن تتخلّى أوروبا عن الغاز الطبيعي في أيّ وقت قريب".

سبب آخر للتفاؤل من جانب مصدّري الغاز المسال -حتّى إلى أوروبا- هو الاستخدامات العديدة للغاز المسال.

على سبيل المثال، مع قيام ألمانيا بإلغاء محطات الفحم والطاقة النووية تدريجيًا، تتنامى الطاقة المولّدة بالغاز، جزئيًا بمثابة داعم للطاقة المتجدّدة.

أيضًا في ألمانيا ، يُعفى الغاز الطبيعي المسال المستخدم للمركبات الثقيلة من ضرائب الوقود، حتى 31 ديسمبر/كانون الأوّل 2023.

خبراء: الغاز المسال وُجد ليبقى، والعالم غير مستعدّ للتخلّي عن الغاز الطبيعي على الأقلّ في المستقبل القريب

سيُدعم الطلب على الغاز الطبيعي المسال أيضًا من خلال مرافق استيراد الغاز الطبيعي المسال الإضافية، مثل (هانسيتيك إنرجي هاب) ومشروع إعادة تغييز بطاقة 12 مليار متر مكعّب سنويًا في ساد بألمانيا.

إنتاج صديق للبيئة

في محاولة لإثبات أن الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يكون أكثر توافقًا مع البيئة، يشترك مطوّرو هانسستيك إنرجي هاب مع شركة داو للكيماويات لاستخدام الحرارة المتولّدة من عملياتها لتشغيل مرفق إعادة التغييز، حيث يجري الإنتاج بطريقة صديقة للبيئة.

إلى الجنوب، وتحديدًا في أواخر ديسمبر/كانون الأوّل، حصلت صناعة الغاز الطبيعي المسال في إيطاليا على دفعة، عندما قالت إيني وسنام، إنهما ستستثمران في شبكة من محطات التزوّد بالوقود للغاز الطبيعي المسال مساهمةً في إزالة الكربون من قطاع الشاحنات الثقيلة.

روسيا تسعى لتقليل انبعاثات الكربون
روسيا تسعى لتقليل انبعاثات الكربون

يعد قطاع التجارة البحرية مجال نموّ آخر للغاز الطبيعي المسال ، حيث إنه أحد الخيارات لتلبية اللوائح الدولية التي دخلت حيّز التنفيذ، في بداية عام 2020.

في هذا الإطار، أعلنت شركة شل -أكبر متداول للغاز الطبيعي المسال في العالم- في 10 ديسمبر/كانون الأوّل، أنها استأجرت أربع ناقلات جديدة تعمل بالغاز الطبيعي المسال، وسوف تتسلّمها منتصف عام 2024.

الخلاصة

المحصّلة النهائية -وفقًا لهوتشيسون- هي أن الغاز الطبيعي المسال وُجد ليبقى.

من المؤكّد أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال قوي في آسيا، هذا الشتاء، حيث كان سعره وفق مؤشّر اليابان- كوريا للغاز المسال التابع لوكالة ستاندر آند بورز غلوبال بلاتس يتراوح بين 11.5 و12 دولارًا لكلّ مليون وحدة بريطانية، في منتصف ديسمبر/كانون الأوّل، ثمّ ارتفع السعر إلى ما فوق 21 دولارًا لكلّ مليون وحدة حرارية بريطانية، الأسبوع الماضي، مقارنةً بأقلّ من دولارين، في أبريل/نيسان 2020.

في السياق ذاته، يرى "ريدل" أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال سيتجاوز المعروض، خلال العقد المقبل، مشيرًا إلى أن الطلب ينمو من الأسواق الناشئة، وخاصّةً الهند التي لديها التزام قوي بالغاز.

ويضيف: "أعتقد أن عام 2021 وأوائل عام 2022 سيكونان واعدين للصناعة، من حيث قرارات الاستثمار النهائي بشأن المنشآت أو التوسّعات الجديدة. هناك الكثير من المشروعات على أعتاب أميركا الشمالية والعالم. سيتعيّن القيام بالاستثمارات . "

التكيّف مع الواقع الجديد

يرى "ريدل" أن الطريقة التي يتعامل بها معالجو الغاز الطبيعي المسال مع قراراتهم الاستثمارية تتغيّر لتعكس الواقع الجديد، قائلًا: "نحن نستجيب لما نسمعه من السوق، لقد غيّر الوباء العالمي التوقّعات، وكذلك قضية الكربون".

الغاز المسال الحياد الكربوني

قال هاتشيسون، إن المشغّلين الناجحين سوف يتعاملون مع مشكلة الكربون بشكل صريح. وقال هوتشيسون: "سيتعيّن عليهم إظهار المكان الذي يحصلون فيه على الغاز، ومن ينقله إلى محطاتهم ، وما هي اتّفاقياتهم [مع الأطراف المقابلة] بشأن تسرّب الميثان، وما إلى ذلك".

ولن يتوقّف الأمر عند عند أوروبا- بحسب هاتشيسون- بل سيجري التعامل بشكل مختلف مع نظراء آسيويين.. حتّى الصينيون سيكونون أكثر إصرارًا على ذلك.

من شأن هذه الإستراتيجيات حال نجاحها أن تضمن إدارة انبعاثات الكربون للمستخدمين النهائيين بطريقة مسؤولة .

وفي النهاية، يلخّص هاتشيسون رؤيته لمصير ومستقبل الغاز، بقوله: "أرى عقدًا من النموّ الهائل للغاز سيذهل الناس، ويحبط أولئك الذين يعتقدون أن عصر الغاز قد ولّى وانتهى".

اقرأ المزيد..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق