تغيّر المناخ.. 9 تقنيات على رادار الحكومات لتحقيق الحياد الكربوني
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- انخفاض أسعار البطاريات يدعم زخم المركبات الكهربائية والتخزين.
- الملح المصهور أحد الحلول طويلة المدى لتخزين الكهرباء.
- تعزيز تكنولوجيا إعادة التدوير يخفض انبعاثات صناعة البلاستيك.
- الطاقة الشمسية تدعم توصيل الكهرباء للمحرومين في الدول الفقيرة.
- دور مهم للهيدروجين واحتجاز الكربون في تحقيق الحياد الكربوني.
يفرض تغيّر المناخ على العالم البحث المستمر عن التقنيات منخفضة الكربون، التي تدفعه سريعًا نحو تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ومع اعتقاد الحكومات أن الطاقة المتجددة لن تقدر وحدها على تحقيق الأهداف المناخية؛ ظهرت الرغبة في تبني المزيد من التقنيات النظيفة؛ مثل الهيدروجين واحتجاز الكربون وتخزينه من أجل خفض انبعاثات الاحتباس الحراري.
وفيما يلي أبرز التكنولوجيات التي تُشكل خطط الاستدامة لدى غالبية حكومات العالم وسط مساعي مواجهة تغيّر المناخ.
كهربة النقل العام
فضلًا عن الزخم الكبير الذي تشهده سيارات الركاب الكهربائية؛ فإن الحكومات بدأت في تحويل المواصلات العامة إلى كهربائية، من أجل خفض الانبعاثات الكربونية.
وعلى سبيل المثال، قدمت الحكومة الهندية -في مسعى لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ- حوافز بقيمة 486 مليون دولار لدعم نشر 7090 حافلة كهربائية في البلاد.
ويتوقع تقرير لشركة الأبحاث، ريبورت لينكر، أن تشهد الحافلات الكهربائية العالمية معدل نمو سنويًا مركبًا قدره 14.9%، بعد أن كان هناك 82.604 ألف وحدة مبيعة عام 2020.
ويرى التقرير أن انخفاض أسعار البطاريات -التي تمثل 40% من إجمالي تكلفة التصنيع للحافلة الكهربائية- سيدعم زيادة المبيعات في المدة من 2021 إلى 2026.
وتقود الصين الريادة عالميًا، من حيث نشر الحافلات الكهربائية؛ إذ يوجد -حاليًا- في البلاد أكثر من 421 ألف حافلة كهربائية متداولة في المدن الصينية، بحسب تقرير لشركة آي إي إس سينرجي (IES Synergy).
ومن المقرر أن تستمر الصين في الصدارة مع توقعات شراء 420 ألف حافلة كهربائية جديدة بحلول عام 2025، وفقًا للتقرير، رغم اتجاه أوروبا والولايات المتحدة إلى زيادة الحافلات الكهربائية.
وفي أميركا، تتضمن خطة البنية التحتية التي وافق عليها الكونغرس -وتهدف لمواجهة تغيّر المناخ- بقيمة تتجاوز تريليون دولار، استبدال الحافلات والاعتماد على حافلات أخرى عديمة الانبعاثات من خلال إنفاق 39 مليار دولار على المواصلات العامة والتي تشمل 24 ألف حافلة و5 آلاف عربة سكة حديد و200 محطة.
كما تتضمن الخطة إنفاق 7.5 مليار دولار على المواصلات المتعلقة بالمدارس؛ منها 5 مليارات دولار لشراء حافلات مدرسية كهربائية وهجينة.
ومع زيادة الضغط لإزالة الكربون، تعمل سلطات النقل العام الأوروبية على تسريع تشغيل الحافلات الكهربائية، مع توقعات أن يبلغ متوسط حصة الحافلات عديمة الانبعاثات 67% من المبيعات الجديدة بحلول عام 2030، لتصل إلى 65 ألف حافلة، بحسب بنك الاستثمار الهولندي (آي إن جي).
الشاحنات الكهربائية
تعمل الحكومات على التحوّل إلى الشاحنات الكهربائية؛ حيث إن الشاحنات الثقيلة مسؤولة عن 22% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المركبات العاملة بالبنزين، بحسب تقرير نشرته منظمة المجلس الأمريكي لاقتصاد موفر للطاقة (ACEEE).
وعلى سبيل المثال، أعلنت اللجنة المالية في مجلس الشيوخ الأميركي تشريعًا لتوفير ائتمان ضريبي بنسبة 30% لمشتريات الشاحنات الكهربائية.
ويحتاج التوسع في الشاحنات الكهربائية إلى تكلفة مرتفعة لتوفير محطات الشحن، لكن يُظهر تحليل لشركة ماكنزي، عام 2019، أن محطة الشحن كل 80 إلى 100 كيلومتر ستكون كافية لمراحل التبني المبكرة.
ووفقًا لشركة الأبحاث ماركتس آند ماركتس، من المرجح أن ترتفع سوق الشاحنات الكهربائية من 69.597 ألف وحدة متوقعة هذا العام، إلى 1.413 مليون وحدة بحلول عام 2030، مع زيادة تركيز الحكومة على السيارات حيادية الانبعاثات، فضلًا عن تبني الشاحنات الكهربائية في قطاع التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية.
ومن شأن زيادة الشاحنات الكهربائية على الطريق أن تُسهِم في الحد من التداعيات السلبية الناجمة عن تغيّر المناخ.
تكلفة تخزين الكهرباء
مع توسع سوق بطاريات الليثيوم جراء الطفرة التي تشهدها حاليًا السيارات الكهربائية -أحد سبل مواجهة تغيّر المناخ- فإن تكلفة البطاريات بدأت في الانخفاض.
وفضلًا عن المركبات الكهربائية، أصبحت البطاريات أبرز الحلول لتخزين الكهرباء، مع رغبة العالم في مزيد من التبني للمصادر المتجددة -ذات الطبيعة المتقطعة- لخفض الانبعاثات.
وانخفضت أسعار بطاريات الليثيوم أيون من 1100 دولار لكل كيلو واط/ساعة عام 2010، إلى 137 دولارًا لكل كيلو واط/ساعة، العام الماضي، بحسب مؤسسة بلومبيرغ نيو إنرجي فاينانس.
وبحلول عام 2023، من المرجح أن يصل متوسط أسعار بطاريات الليثيوم إلى 100 دولار لكل كيلو واط/ساعة، بحسب التقرير.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، بلغ إجمالي سعة تخزين البطاريات المثبتة 17 غيغاواط عام 2020، مع إضافة مستوى قياسي 5 غيغاواط، بزيادة 50% عن العام السابق له.
وتقود الولايات المتحدة والصين إضافات سعة التخزين عالميًا، ومن المتوقع استمرار قيادة البلدين في هذا الشأن، إذ تخطط أميركا لإضافة 14.5 غيغاواط من سعة بطاريات تخزين الكهرباء بحلول عام 2024، فيما تهدف بكين إلى تركيب أكثر من 30 غيغاواط بحلول منتصف العقد.
تخزين طويل المدى
تُعَد بطاريات الليثيوم أيون جيدة لتلبية احتياجات التخزين قصيرة المدى (4-5 ساعات)، لكن هناك حاجة إلى حلول تُلبي الاحتياجات طويلة الأجل الناتجة عن التحولات الموسمية وعدم التوافر الدائم لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتاريخيًا، كانت الطاقة الكهرومائية أحد الأساليب المتاحة لإدارة هذه التحولات الموسمية، بحسب تقرير شركة ماكنزي؛ إذ إن مواجهة تغيّر المناخ ضرورة ملحة.
وتوجد العديد من الابتكارات لتخزين الكهرباء طويلة الأمد، مثل تخزين الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية باستخدام الملح المصهور.
ومن المتوقع أن تصل سوق تخزين الكهرباء عبر الملح المصهور إلى 1.74 مليار دولار بحلول عام 2026، ارتفاعًا من 629.96 مليون دولار عام 2019، مع هيمنة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفق تقرير صادر عن شركة الأبحاث ريسيرش آند ماركيتس.
إعادة تدوير البلاستيك
أنتج العالم 8 مليارات طن من البلاستيك حول العالم منذ خمسينات القرن الماضي، لكن أعيد تدوير 10% فقط من الإجمالي، مع وصول الإنتاج الحالي إلى 300 مليون طن سنويًا، بحسب تقرير نشره منتدى الاقتصاد العالمي في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبنهاية عام 2019، بلغت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من إنتاج البلاستيك وحرقه أكثر من 850 مليون طن متري، بحسب تقرير لمركز القانون البيئي الدولي.
وتظهر عملية التحلل الحراري للنفايات البلاستيكية حاليًا بصفتها حلًا واعدًا، لتحويل البلاستيك إلى المواد الأولية السائلة؛ ما يوفر فوائد اقتصادية وبيئية.
وبحسب مؤسسة آي إتش إس ماركت؛ فإن عملية إعادة تدوير نفايات البلاستيك عن طريق التحلل الحراري متاحة فقط على نطاق صغير في الوقت الحالي يتراوح بين 10 و50 طنًا متريًا يوميًا.
ويوضح التقرير أن العديد من المصانع التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 50 إلى 300 طن متري يوميًا لا تزال في مرحلة التخطيط والبناء.
ونظرًا لتزايد الضغوط لخفض الانبعاثات؛ فمن المتوقع أن تصل السوق العالمية لإعادة تدوير البلاستيك المقدر بنحو 33 مليار دولار عام 2020، إلى 47.3 مليار دولار بحلول عام 2026، وفقًا لتقرير صادر عن ريبورت لينكر.
كفاءة مصابيح الإضاءة
تُعد مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء أو ما يشتهر اختصارًا بـ(LED) وتكنولوجيا الإضاءة الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة، مع حقيقة أنها ذات جودة تدوم لنحو 25 مرة مقارنة بالمصابيح التقليدية، بحسب وزارة الطاقة الأميركية.
وتمثل الإضاءة نحو 12% من الاستهلاك العالمي للكهرباء، ومن شأن تعزيز استخدام مصابيح الـ(LED) أن يقلل انبعاثات الكربون العالمية بأكثر من 553 مليون طن سنويًا، بحسب شركة الإضاءة الرائدة في العالم، سيغنفاي.
وفي الولايات المتحدة، تحل هذه المصابيح الموفرة للكهرباء محل المصابيح التقليدية في المنازل الأميركية، مع توقعات أن توفر كهرباء بنحو 569 تيراواط/ساعة سنويًا بحلول عام 2035، أو ما يعادل إنتاج الكهرباء السنوي لأكثر من 92 محطة كهربائية بسعة 1000 ميغاواط.
ومن المتوقع أن تحقق مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء 84% من حصة السوق بحلول عام 2030، بحسب وزارة الطاقة الأميركية.
الوصول للطاقة الشمسية
بغض النظر عما تسبب فيه الوباء من اختناقات لسلاسل التوريد ومن ثم زيادة التكاليف، تستمر الطاقة المتجددة في أن تصبح أرخص وأكثر سهولة، خاصة الطاقة الشمسية بالنسبة لملايين الأشخاص المحرومين من الكهرباء.
وتُعَد الطاقة الشمسية من أكثر مصادر توليد الكهرباء مرونة؛ إذ يُمكن لنشر الألواح الشمسية تزويد المباني بالكهرباء في المواقع النائية، ومن شأن ذلك أن يساعد العالم على توصيل الكهرباء إلى البلدان النامية والمواقع خارج الشبكة.
ويرى تقرير للبنك الدولي أن شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة بإمكانها توفير كهرباء رخيصة لنحو نصف مليار شخص على الكهرباء، معظمهم من أصحاب الدخول المنخفضة.
وشهد العالم استثمار ما يقرب من 3 مليارات دولار في سوق الطاقة المتجددة خارج الشبكة الكهربائية، والتي تتمتع بإمكانات نمو هائلة منذ أن أصبحت بعيدة عن قيود الشبكة، بحسب تقرير لشركة الأبحاث وود ماكنزي.
وانخفضت تكلفة الوحدات الشمسية بنسبة 85% منذ عام 2010، رغم تضاعف إنتاج الكهرباء لكل وحدة، وفقًا للتقرير.
احتجاز الكربون وتخزينه
بدلًا من التركيز فقط على إزالة الكربون تمامًا من القطاع الصناعي؛ فإن أهداف الحياد الكربوني ومواجهة سلبيات تغيّر المناخ تعطي ضرورة -أيضًا- لتعزيز تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
وحتى سبتمبر/أيلول الماضي، بلغت قدرة المشروعات المخطط لها لاحتجاز الكربون وتخزينه 111 مليون طن سنويًا، بزيادة 52% عن المستوى المسجل العام الماضي عند 73 مليون طن سنويًا، وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن المعهد العالمي لالتقاط الكربون وتخزينه.
وفضلًا عن دور هذه التقنية في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ فإنها تُمكن من استخدام ثاني أكسيد الكربون لصنع منتجات أخرى، ومن ثم تصبح تداعيات تغيّر المناخ أخف وطأة.
ويمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون بصفته مادة خام بديلة لتصنيع البلاستيك ومنتجات أخرى، بدلًا من الوقود الأحفوري، كما يمكن استخدامه في الزراعة من خلال دمجه مع الأمونيا لإنتاج اليوريا.
وبحسب تقرير لمنتدى الطاقة الدولي؛ فإن هناك حاجة إلى 220 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون للاستخدام سنويًا، من أجل تلبية الطلب.
وفي الوقت الحالي، بدأ النظر إلى التقاط الكربون من الهواء مباشرة، مع إمكان تخزينه بشكل دائم في تكوينات جيولوجية عميقة، أو يمكن استخدامه في معالجة الأغذية أو دمجه مع الهيدروجين لإنتاج وقود اصطناعي.
وبحسب تقرير صادر هذا الشهر عن وكالة الطاقة الدولية، يوجد حاليًا 19 مصنعًا لالتقاط الكربون من الغلاف الجوي، تحتجز أكثر من 0.1 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، كان أحدث مصنع لالتقاط الكربون من الهواء مباشرة، بقدرة 4 آلاف طن سنويًا لتخزينه في أيسلندا.
ويتطلب سيناريو الحياد الكربوني، توسيع هذه التقنية لالتقاط أكثر من 85 مليون طن من الكربون سنويًا بحلول عام 2030 و980 مليون طن بحلول عام 2050، بحسب وكالة الطاقة.
استخدام الهيدروجين في تحوّل الطاقة
من المقرر أن يؤدي الهيدروجين منخفض الكربون دورًا رئيسًا في دفع عجلة الجهود العالمية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
وعلى الرغم من أن المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات تُظهر كفاءة أعلى في استهلاك الوقود؛ فإن الهيدروجين قادر على تخزين الكهرباء بوزن أقل؛ ما يجعله حلًا مثاليًا لمركبات الشحن الثقيلة التي تسافر لمسافات طويلة.
وباختصار؛ فإن وقود الهيدروجين يُعَد الحل الأبرز للاستخدام في القطاعات التي يصعب استخدام الكهرباء فيها مثل قطاع الشحن البحري، وفي الوقت نفسه يمكّن التفادي من الآثار السلبية الناجمة عن تغيّر المناخ.
ومن شأن اعتماد تقنيات أنظف لإنتاج الهيدروجين أن يمكّن العالم من تجنب ما يصل إلى 60 غيغا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول 2050، وهو ما يمثل 6% من إجمالي التخفيضات التراكمية للانبعاثات، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وبحسب التقرير، فإن هناك زخمًا عالميًا نحو الهيدروجين؛ فقد أعلنت اليابان وكوريا الجنوبية إستراتيجيات وطنية لتحديد دور الهيدروجين في أنظمة الطاقة لديهما، يونيو/حزيران عام 2019، كما أعلنت فرنسا خطة لنشر تطوير الهيدروجين.
وفضلًا عن ذلك، أعلنت 13 دولة أخرى (أستراليا وكندا وتشيلي وجمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا والمجر وهولندا والنرويج والبرتغال وروسيا وإسبانيا والمملكة المتحدة) إستراتيجيات للهيدروجين، بالإضافة إلى المفوضية الأوروبية.
كما يُعد تعزيز الهيدروجين النظيف ضمن خطة لإنفاق 65 مليار دولار لتحسين موثوقية ومرونة شبكة الكهرباء، تقنيات احتجاز الكربون، في مشروع البنية التحتية في الولايات المتحدة.
موضوعات متعلقة..
- تحول الطاقة.. تقنيات جديدة لتطوير مشروعات الهيدروجين والطاقة المتجددة في 6 دول
- تقنيات التخزين.. الهيدروجين والغاز لاعبان رئيسان لتوفير كهرباء رخيصة في أميركا
- الأسعار والتهديدات المناخية تدعم تكلفة تقنية احتجاز الكربون
اقرأ أيضًا..
- السعودية تقود طفرة طاقة تكرير النفط في دول أوابك
- قمة المناخ كوب 26.. ترينيداد وتوباغو تنتقد مقترح وقف تمويل قطاع النفط والغاز