مكاسب الغاز المسال تشعل الحرب.. شل تتهم شركة أميركية بـ"التربح غير المشروع"
هبة مصطفى
بين الحين والآخر، تتعرض سوق الغاز المسال لهزّة قوية تشعل السباق على الإمدادات والأسعار والمكاسب، وبعد أن كانت غالبية المؤثرات تدور حول الصراعات الجيوسياسية أو نقص الإنتاج وتعثر المشروعات، بات "الفساد" أحدثها.
ووجّهت عملاقة الطاقة "شل" اتهامًا لشركة فينشر غلوبال (Venture Global) اتهامات بجني مكاسب بطرق غير مشروعة، والتربح من المبيعات عبر التحايل على العملاء.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتفاصيل الصراع، انضمت شركة النفط البريطانية بي بي لشل في اتهامها لـ"فينشر غلوبال"، في حين اقتصرت دائرة المتضررين على عملاء أوروبيين حتى الآن.
وفي المقابل، نفت الشركة الأميركية هذه الاتهامات، مشيرة إلى أنها ما زالت في طور استكمال مرافقها ومشروعاته.
اتهام بالتربح
تعطَّل تسليم شحنات الغاز المسال بموجب العقود طويلة الأجل، بين شركة "فينشر غلوبال" الأميركية وعملائها في أوروبا.
ويبدو أن التأخير كلّف العملاء المزيد من الخسائر؛ نتيجة اللجوء لمورّدين آخرين أو السوق الفورية لتعويض الإمدادات المعطلة وتلبية الطلب.
ودفع ذلك شركة شل للتقصي وراء الأمر عبر شركة كومباس ليكسيكون (Compass Lexicon) الأميركية للاستشارات، التي خلصت إلى أن "فينشر غلوبال" جنت 3.5 مليار دولار بشكل غير مشروع.
وأود تقرير الاتهامات أن "فينشر غلوبال" لم تسلّم للعملاء الأوروبيين شحنات الغاز المسال وفق التعاقد طويل الأجل، وباعتها في السوق الفورية استغلالًا لقفزة الأسعار في أعقاب الحرب الأوكرانية بمكاسب أعلى.
وبذلك لم تلتزم الشركة الأميركية بالعقود الموقّعة، وكبّدت العملاء -أيضًا- عبئًا ماليًا إضافيًا بعد الشراء من السوق الفورية بأسعار تفوق سعر التعاقد.
وانتقدت شركة شل ما سوّقت له "غلوبال فينشر" حول دعمها المواطن الأوروبي المتضرر من الحرب الأوكرانية والعقوبات المفروضة على روسيا، عبر تزويد العملاء في القارة العجوز بالمزيد من تدفقات الغاز المسال.
ضحايا أوروبيون
تضمنت الشركات المتضررة من عدم تسليم شحنات الغاز المسال طويلة الأجل عملاء الشركة الأميركية المتعاقدين منذ التأسيس، ويشمل ذلك شركات: شل، والنفط البريطانية بي بي، وأورلن (Orlen) البولندية، وإديسون الإيطالية (Edison)، وريبسول الإسبانية، وغالب البرتغالية.
وكانت شركة "أورلن" البولندية الأكثر تضررًا حسب تقرير "كومباس ليكسيكون"، في حين كشفت شركة شل أن أحد المشترين من الشركة الأميركية -لم تذكر اسمه- واجه صعوبات وتحديات لتوفير إمدادات بديلة وتلبية الطلب.
وأضاف التقرير أن المشتري المتضرر اضطر إلى التعاون مع 5 شركات أميركية أخرى، ما كلّفه -خلال المدة من أكتوبر/تشرين الأول 2022 حتى مايو/أيّار 2024- حجم إنفاق إضافيًا بلغ 1.5 مليار دولار.
وقد يتحول الاتهام الوارد في تقرير شركة استشارات إلى ما هو أكبر، في ظل مساعي شركة شل لتصعيد الأمر لدى السلطات المعنية بشؤون الطاقة في أميركا والاتحاد الأوروبي، رغم أن هذه المحاولات لم تؤتِ ثمارها حتى الآن.
ووصف متحدث باسم شركة شل سلوك شركة "فينشر غلوبال" الأميركية بأنه "طمع وجشع"، على خلاف ما تروّج له الشركة بوصف إمداداتها من الغاز المسال "عطاءً وكرمًا" للمواطنين الأوروبيين المتضررين من الحرب الأوكرانية، وفق ما نقلته فايننشال تايمز (Financial Times) عن المتحدث.
مخاوف مستقبلية
استفادت شركة "فينشر غلوبال" الأميركية من قيمة عقود طويلة الأجل للعملاء الأوروبيين في تمويل مشروعاتها، وفي المقابل تحمَّل المستهلكون ودافعو الضرائب الأوروبيون فارق التكلفة.
ومنذ افتتاح منشأة التصدير لشركة "فينشر غلوبال" الأميركية وبدء تشغيلها، وخلال مدة تصل إلى 908 أيام (ما يقارب عامين ونصف) باعت الشركة ما يزيد عن 330 شحنة في السوق الفورية.
وكشفت تقديرات صادرة عن شل أن مواصلة شركة "فينشر غلوبال" الأميركية الإخلال بعقود التوريد طويلة الأجل، واضطرار العملاء للجوء إلى مورّدين إضافيين، سيرفع قيمة الخسائر التي تسببت بها الشركة الأميركية إلى 4.65 مليار دولار.
يُشار إلى أن شركتي "شل، وبي بي" بوصفهما شركتين عملاقتين في مجال الطاقة، تكبّدتا المليارات نتيجة عدم تلقّيهما شحنات التعاقد مع الشركة الأميركية، ودفع سعر أعلى خلال شراء الغاز المسال من السوق الفورية.
وبصفتها طرفًا ممثلًا عن الشركات التي عانت أكبر خسارة نتيجة عدم الوفاء بالعقود والإضرار بالصناعة، طلبت شركات: (شل، وبي بي، وإديسون) الدخول في تحكيم مع "فينشر غلوبال" الأميركية.
ردّ الشركة الأميركية
واجهت شركة "فينشر غلوبال" هذه الاتهامات بالرفض، وأشارت متحدثة باسمها إلى أن هذه الانتقادات تعدّ بمثابة "دعاية مدفوعة".
ورأت المتحدثة أن الشركة قدّمت للسوق خدمات خفضت أسعار الغاز المسال، بعدما بدأت الإنتاج بالتزامن مع مواصلة خطوات بناء أولى منشآتها "كالكاسيو باس".
وشددت المتحدثة على أن الشركة قدر تعاقداتها طويلة الأجل مع العملاء، رغم أنها لم تبدأ التشغيل التجاري بكامل طاقة منشآتها بعد، ما يجعلها غير ملزَمة بتوريد الإمدادات للعملاء.
واللافت للنظر أن الشركة أعلنت حالة القوة القاهرة (التوقف عن الوفاء بالتعاقدات) في توقيت حرج، وبررت ذلك بأن معدّات التزود بالكهرباء في المنشأة تحتاج إلى إصلاح وصيانة.
وكانت منشأة "كالكاسيو باس" المطلة على ساحل ولاية لويزيانا قد بدأت الإنتاج في يناير/كانون الثاني 2022، وصدّرت أولى شحناتها في مارس/آذار من العام ذاته.
وبلغت المنشأة سعتها القصوى في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته أيضًا، بإنتاج يصل إلى 10 ملايين طن سنويًا، حسب تقدير شركة شل.
وتطور الشركة -أيضًا- مشروعين إضافيين، هما "بلاكماينز" و"سي بي 2"، ومن المتوقع أن يرفع المشروعان سعة الشركة التصديرية إلى 65 مليون طن سنويًا، حال اكتمالهما.
ويُنظر إلى منشآت الشركة الأميركية بوصفها جاذبة للاهتمام، بعدما توسعت بوتيرة سريعة، لكنها الآن تدخل في مواجهة شرسة مع شركتي شل وبي بي والعملاء الأوروبيين الآخرين.
موضوعات متعلقة..
- كالكاسيو باس.. سابع محطة للغاز المسال في أميركا تبدأ الإنتاج (تقرير)
- صادرات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا تتأثر بتأخير تعاقدات محطة كالكسيو باس
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي يواجه انتقادات من شركات الطاقة العالمية
اقرأ أيضًا..
- أكبر 5 صفقات نفطية في أغسطس 2024.. الصدارة للسعودية والعراق
- واردات تركيا من الغاز المسال المصري في 11 عامًا (بيانات حصرية لأول مرة)
- هل تؤجل السعودية و7 دول من تحالف أوبك+ زيادة إنتاج النفط إلى 2025؟