رئيسيةأخبار الطاقة النوويةطاقة نووية

الطاقة النووية في إيطاليا تقاوم "النفور التاريخي" بخطة جديدة

أسماء السعداوي

سطع نجم الطاقة النووية في إيطاليا مجددًا في سماء المشهد السياسي والطاقي، بعدما خرجت في عام 1990 بقوة استفتاء شعبي كاسح، حينها.

وتعتزم حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني السماح ببناء مفاعلات معيارية صغيرة، في ضوء مساعي خفض انبعاثات الكربون وتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وإذا نجحت خطة إصدار قانون يفتح المجال للاستثمار في المفاعلات المعيارية الصغيرة، سيكون من المحتمل دخول تلك المفاعلات حيز التشغيل في غضون 10 أعوام.

وتتميز المفاعلات المعيارية الصغيرة بكونها أصغر حجمًا وأرخص وأسرع عند التنفيذ، مقارنة بنظيرتها ذات الحجم الكامل، والتي قد يستغرق بناؤها عقودًا كاملة.

الطاقة المتجددة لا تكفي

يتوقع وزير البيئة وأمن الطاقة الإيطالي غيلبرتو بيتشيتو فراتين أن تمثّل الطاقة النووية 11% على الأقل من إجمالي استهلاك الكهرباء بحلول عام 2050.

ويرى أن إدخال الطاقة النووية سيضمن استمرار الاعتماد على الطاقة النظيفة، وسط مساعي تقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري.

وزير البيئة وأمن الطاقة الإيطالي غيلبرتو فراتين
وزير البيئة وأمن الطاقة الإيطالي غيلبرتو فراتين- الصورة من صحيفة لوموند الفرنسية

وعن دور مصادر الطاقة المتجددة، قال، إن الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح "لا يمكنها أن توفّر الأمن الذي نحتاج إليه"، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" (Financial Times).

يقول فراتين، إن محطات الطاقة النووية الصغيرة أكثر كفاءة، وتولّد 300 ميغاواط من الكهرباء من على مساحة 4 هكتارات فقط، وهي مساحة ضئيلة بالمقارنة بتلك التي تحتاج إليها مزارع الطاقة الشمسية.

وينتمي فراتين إلى تيار اليمين المتشدد الذي يحمل توجهًا مشككًا في قدرات الطاقة المتجددة، وأثار الائتلاف الحاكم الانتقادات في مايو/أيار (2024) بعد إصدار قوانين تحدّ من تركيب ألواح الطاقة الشمسية على الأراضي الزراعية، بزعم تأثيرها في الإنتاج وصيد الأسماك.

وتوقعت وزارة الطاقة في العام الماضي (2023) أن تلبي الطاقة المتجددة ثلثي احتياجات الكهرباء بحلول عام 2030.

وأسهمت المصادر المتجددة بنسبة 37% من الطلب على الكهرباء في 2023، ارتفاعًا من 31% في 2022.

الطاقة النووية في إيطاليا

أقامت إيطاليا 4 محطات نووية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كما وضعت خطة توسُّع طموحة لزيادة القدرات.

وبعد كارثة محطة تشيرنوبل النووية في عام 1986، صوّت الإيطاليون بالإجماع لصالح إنهاء الإعانات المخصصة لتطوير مفاعلات نووية جديدة.

ووسط تنامي المشاعر المناهضة لمفاعلات الطاقة النووية في إيطاليا، قررت روما إغلاق كل المحطات النووية، ليغلق آخرها أبوابه في عام 1990.

وحاول رئيس الوزراء الأسبق سلفيو برلسكوني استئناف برنامج روما النووي، ومرَّر قانونًا وعقودًا لبناء مفاعلات جديدة، مستهدفًا أن تستحوذ الطاقة النووية على 25% من مزيج الكهرباء بحلول عام 2030.

وأحبط استفتاء للرأي في عام 2011 مقترح برلسكوني، بعدما رفض أكثر من 90% من المواطنين خطة عودة الطاقة النووية في إيطاليا.

وأيضًا، أعرب 75% من المشاركين في استطلاع رأي أجرته مجموعة "ليغامبينتي" البيئية عن تشكّكهم في الطاقة النووية بوصفها حلًا لمشكلات قطاع الطاقة.

كما عارض 25% من المستطلَعة آراؤهم (عددهم ألف شخص)، خيار الطاقة النووية بشدة، لأسباب تتعلق بالسلامة، وقال 37%، إن المفاعلات النووية "يمكن" أن تساعد إيطاليا إذا كانت أكثر أمانًا.

نفور تاريخي

أكد وزير البيئة وأمن الطاقة غيلبرتو بيتشيتو فراتين أن استفتاءات الرأي ليست عقبة بطريق حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني في الدفع بقوانين جديدة لتسهيل عودة الطاقة النووية.

وأعرب عن ثقته في إمكان تجاوز "نفور الإيطاليين التاريخي" من الطاقة النووية، بفضل التقنيات الأحدث التي تتميز بمستويات مختلفة من السلامة، كما تحمل منافع للعائلات والشركات.

وقال: "إنها مسألة إدراك ووعي.. الشباب أكثر إدراكًا، وكبار السن أقل.. إنهم من جيل تشيرنوبل، وعندما يسمعون حديثًا بشأن الطاقة النووية يقولون: "لا"، تلقائيًا".

ولفت إلى امتلاك بلاده كفاءة عالية بقطاع الطاقة النووية؛ إذ تنشط مؤسسات بحثية وشركات إيطالية رفيعة المستوى بسلاسل التوريد النووية في الأسواق الخارجية.

مفاعل نووي صغير من إنتاج شركة ويستنغهاوس الأميركية
مفاعل نووي صغير من إنتاج شركة ويستنغهاوس الأميركية- الصورة من الموقع الرسمي

الطاقة الشمسية وشبح الصين

حذّرت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني من أن انتشار ألواح الطاقة الشمسية يهدد الأمن الغذائي لإيطاليا، ولذلك فرضت قيودًا جديدة تحجّم انتشار الطاقة الشمسية.

وبدوره، أوضح وزير البيئة فراتين أن روما قلقة من الاعتماد الزائد على الألواح الشمسية التي يُصنَّع معظمها في الصين.

وقال الوزير: "من الواضح أن تطوير الطاقة الشمسية مرتبط بشدّة بالواردات من الصين، وهي دولة ذات نظام تسيطر فيه الحكومة إلى حدّ كبير على الشركات، ما قد يجعلها أداة سياسية، وكذلك تجارية".

وإذ دعا إلى اتّباع الحذر والاعتدال في تراخيص نشر ألواح الطاقة الشمسية، قال، إن الألواح الموجودة على التلال، وهي مقصد جذب للسياح، ليست سارّة للنظر دائمًا.

يتّسق ذلك مع شكوى الكثير من المواطنين بأن الألواح الشمسية تُفسد المنظر الطبيعي للريف الإيطالي.

كما أشار الوزير إلى أن إيطاليًا ذات سمات جغرافية خاصة، فلا تتوافر مساحات ضخمة مجانية لنشر الألواح الشمسية، مؤكدًا أنه لا يمكن تغطية الجبال والهضاب بتلك الألواح.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق