الزجاج منخفض الانبعاثات.. تقنية مبتكرة لقطاع المباني
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
- التطورات التقنية مكّنت الزجاج من إظهار مجموعة من الخصائص الجديدة
- استعمال الزجاج منخفض الانبعاثات يسهم في تقليل البصمة الكربونية للمباني
- الزجاج منخفض الانبعاثات يقدّم حلًا مستدامًا لتصميم المباني
- إنتاج الزجاج منخفض الانبعاثات يواجه تحديات تتمثل في استهلاك الكهرباء والموارد الطبيعية
يُمثّل الزجاج منخفض الانبعاثات ثورة في صناعة البناء؛ كونه يُقدّم حلًا مستدامًا لتصميم المباني، وتسمح خصائصه الفريدة بإنشاء هياكل مبتكرة لا تقلل من البصمة الكربونية فحسب، بل تعرض -أيضًا- أشكالًا وتصميمات فريدة.
ويُشكّل استعمال الزجاج أكثر من 50% من مساحة السطح الخارجي للعديد من ناطحات السحاب الحديثة، وفق تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وعزّز التقدم في تقنيات الزجاج من دفع حدود تصميم المباني، وبفضل تنوّعه ومتانته، أصبح الزجاج منخفض الانبعاثات خيارًا مطروحًا بشكل متزايد في قطاع البناء.
ويُعدّ قطاع المباني مسؤولًا عن نحو 40% من انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة، وتأتي 28% من تشغيل المباني، و11% من المواد وعملية البناء.
تطور تقنيات الزجاج
مكّنت التطورات التقنية للزجاج من إظهار مجموعة من الخصائص الجديدة، فلم يصبح الزجاج شفافًا فقط، بل وعاكسًا أيضًا، ويُحسّن من كفاءة استهلاك الطاقة.
وغالبًا ما تعتمد ناطحات السحاب على الزجاج المسطح، لكن نقله للحرارة بسرعة ونفاذيته العالية للضوء يشكّلان تحديات كبيرة؛ لأن ذلك يزيد من استهلاك الطاقة للتدفئة والتبريد، كما أن أشعة الشمس الزائدة يمكن أن تسبّب تقلبات في درجات الحرارة، بحسب تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي.
واستجابةً لأزمة الطاقة في سبعينيات القرن الـ20، أطلقت الحكومات الأوروبية مبادرات لتحسين استهلاك الطاقة، وكشفت الأبحاث أن ربع تكاليف التدفئة السكنية يُهدَر بسبب فقدان الطاقة من نوافذ المباني، ما دفع الحكومات إلى تمويل دراسات تهدف للحدّ من ذلك.
ونتيجة لذلك، ظهرت نوافذ زجاجية متعددة الأجزاء، ما مهّد الطريق لتطوير حلول النوافذ الموفرة للطاقة للمرة الأولى، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأحدثت حلول النوافذ الحديثة ثورة في كفاءة الاستهلاك، إذ تعمل النوافذ والأبواب ذات الزجاج المزدوج على تقليل انتقال الحرارة وتقليل احتياجات الكهرباء لأغراض التدفئة والتبريد.
كما شجع ذلك على تطوير الزجاج منخفض الانبعاثات (Low-e glass)، وهو زجاج يحتوي على طلاء خاص يقلل من كمية الحرارة التي يمكن أن تتسرب عبر الزجاج.
وطُرحت النوافذ منخفضة الانبعاثات لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، من خلال وضع طبقات رقيقة من الذهب على الزجاج أدت لظهور لون أخضر، كما أُنتِجَ بعد ذلك زجاج مطلي بطلاءات عديمة اللون منخفضة الانبعاثات باستعمال طبقات الفضة عام 1981.
سوق الزجاج منخفض الانبعاثات
تُشكّل الطلاءات الناعمة، متضمنةً الزجاج منخفض الانبعاثات، 65% من إجمالي سوق المنتجات المطلية (مثل النوافذ والأبواب وغيرها)، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبلغت القيمة السوقية للزجاج المطلي الناعم ذي البصمة الكربونية المنخفضة 28 مليون دولار في عام 2022، مع توقعات بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 9.23% في المدة من 2023 إلى 2028؛ ما يدفع القيمة إلى ما يُقدّر بنحو 47 مليون دولار في 2028.
ويُسخر الزجاج المطلي منخفض الانبعاثات، فوائد الضوء الطبيعي مع حماية الجزء الداخلي من المبنى من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، من خلال عكس الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية.
وفضلًا عن أن الزجاج منخفض الانبعاثات يوفر عزلًا حراريًا يُسهم في تقليل استهلاك الطاقة ومن ثم تقليل البصمة الكربونية، فإن عملية تقسية هذا الزجاج -طريقة لتقوية الزجاج عبر تعريضه لدرجات حرارة عالية ثم تبريده بسرعة- تعزز الأمان والسلامة للمباني.
ومع تشديد لوائح خفض استهلاك الطاقة، أصبح الزجاج المطلي المزدوج والثلاثي شرطًا إلزاميًا في المباني الجديدة، وفي الوقت نفسه، يعمل الاتجاه العالمي لتعزيز التحضر والبنية التحتية على تغذية الطلب على هذا النوع من الزجاج منخفض البصمة الكربونية.
وتخضع سوق الزجاج المطلي لتحولات كبيرة، مدفوعة بالابتكارات في تقنيات الزجاج الذكي وتقنيات الطلاء والتركيز الصناعي المتزايد على الاستدامة.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك تطوير زجاج عازل مطلي بثلاث طبقات من الزجاج منخفض الانبعاثات، الذي يمكنه تقليل قيمة النفاذية الحرارية (U) من 5.7 واط لكل متر مربع كلفن إلى 0.5 واط لكل متر مربع كلفن، ما يوفر عزلًا حراريًا أكبر بـ10 مرات.
تحديات إنتاجية
يسهم استعمال الزجاج منخفض الانبعاثات بالبناء في تقليل البصمة الكربونية، لكن استدامة إنتاجه تظل مصدر قلق، إذ تتطلب استهلاكًا كبيرًا للكهرباء والموارد الطبيعية.
كما أن الاعتماد على الوقود الأحفوري في صناعته يسهم في زيادة الانبعاثات، وعلاوة على ذلك، فإن استخراج ومعالجة المواد الخام يمكن أن يضرّ بالنظم البيئية، وخاصة مع أنشطة استخراج الرمال.
ولمعالجة هذه المخاوف، يجب على صناعة الزجاج منخفض الانبعاثات تبنّي ممارسات أكثر استدامة لتقليل تأثيراتها البيئية على طول سلسلة القيمة، من خلال زيادة استعمال الزجاج المعاد تدويره، وتحسين كفاءة استهلاك الكهرباء، والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- إيرادات تسعير الكربون من قطاعي النقل والمباني قد ترتفع إلى 200 مليار دولار
- إزالة الكربون من المباني.. مدينة أميركية تطبق إستراتيجيات فاعلة (تقرير)
- انبعاثات المباني تهدد الأهداف المناخية للاتحاد الأوروبي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تحالف مصري بقيادة شركة بتروكيماويات يخطط لاستيراد الغاز المسال الأميركي
- شركة خاصة ترفع احتياطيات النفط في مصر 29 مليون برميل
- صفقة لبناء 8 ناقلات نفط وغاز بقيمة 1.5 مليار دولار
- الطاقة الشمسية على الأسطح في أستراليا تتوسع بـ420 بطارية مجتمعية