تحول الطاقة في أذربيجان يتعزز بالإمكانات الخضراء لإقليم كاراباخ (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • المدن والقرى الذكية تدمج المصادر المتجددة وتخزين الطاقة والشبكات الذكية لتحسين الاستهلاك
- • تصاميم وتكنولوجيا المباني الموفرة للطاقة تعمل على تقليل الاستهلاك والانبعاثات
- • التحول إلى المدن والقرى الذكية أمر ضروري لتحقيق استدامة الطاقة
- • إمكانات كبيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تلبي الطلب المحلي وتسهّل نقل الكهرباء
تعود أهمية المدن والقرى الذكية في تحقيق هدف تحول الطاقة في أذربيجان إلى أنها تدمج المصادر المتجددة وتخزين الطاقة والشبكات الذكية لتحسين الاستهلاك وتقليل الأحمال القصوى وانبعاثات الكربون باستعمال أنظمة إدارة الطاقة المتطورة.
وتدعم هذه المناطق نماذج الطاقة اللامركزية من خلال تسهيل استخدام الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتهدف تصاميم وتكنولوجيا المباني الموفرة للطاقة إلى تقليل الاستهلاك وخفض الانبعاثات، في حين تعمل خيارات التنقل المستدامة، مثل السيارات الكهربائية ووسائل النقل العام، على تقليل الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل.
في المقابل، تضمن المشاركة النشطة لأصحاب المصلحة النتائج الشاملة وطويلة الأمد لهذه المشروعات التي من شأنها دعم خطوات تحول الطاقة في أذربيجان.
وعند مراعاة جميع هذه الأمور، فإن التحول إلى المدن والقرى الذكية أمر ضروري لتحقيق استدامة الطاقة، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وبناء أنظمة طاقة قوية وفعالة.
إمكانات الطاقة الخضراء في إقليم كاراباخ
يتمثل أحد المبادئ الرئيسة لإستراتيجية تحول الطاقة في أذربيجان، وخطط البلاد للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في إمكانات الطاقة الخضراء في إقليم كاراباخ.
وحددت أذربيجان أولوياتها بأن تصبح "دولة البيئة النظيفة والنمو الأخضر" في ضوء إعلان عام 2024 "عام التضامن من أجل العالم الأخضر".
وصُنِّفت المناطق المهمة مع التركيز على إعادة التشجير وتعزيز التنوع البيولوجي وكفاءة استعمال الطاقة على أنها مناطق طاقة خضراء.
وتشمل هذه المناطق إقليم كاراباخ المحرر وزنغازور الشرقية وجمهورية نخجوان المتمتعة بالحكم الذاتي. تهدف مبادرات "القرية الذكية" و"المدينة الذكية" إلى تسهيل عملية التخلص من النفايات، وتخصيص الطاقة، وجودة الهواء.
ويهدف أحد العناصر الرئيسة لهذه الخطة إلى إنشاء مناطق الطاقة الخضراء، حيث تُستعمَل إمكانات كبيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتلبية الطلب المحلي وتسهيل نقل الكهرباء إلى المناطق المجاورة.
وبفضل إمكانات الطاقة الشمسية التي تبلغ 7 آلاف و200 ميغاواط وإمكانات طاقة الرياح التي تبلغ 2000 ميغاواط، تتمتع مناطق كاراباخ وزنغازور الشرقية بموارد وفيرة من الطاقة المتجددة، مما ييسر تحول الطاقة في أذربيجان.
وتسهم هذه المناطق، إلى حدّ كبير، في الموارد الداخلية لأذربيجان، وهي ضرورية لإمدادات المياه في البلاد.
وعلى الرغم من أن طاقة الرياح مناسبة تمامًا للتضاريس شديدة الانحدار في لاتشين وكلباجار، فمن المرتقب تنفيذ مشروعات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مناطق مثل "فضولي" و"جبرائيل" و"زنغيلان" و"قبادلي".
على صعيد آخر، يُظهر العمل مع المنظمات الأجنبية واستعمال التكنولوجيا المتطورة التزام أذربيجان بتحويل مناطقها المحررة إلى مراكز للطاقة المتجددة.
وسيتعزز تحول الطاقة في أذربيجان واستقلالها ومرونتها البيئية من خلال هذه الخطة الطموحة، التي تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بصورة كبيرة بحلول عامي 2030 و2050.
مشروع "القرية الذكية"
في مناطق "أغالي" وزنغيلان بأذربيجان، تهدف مبادرة "القرية الذكية" إلى تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية وتشجيع عودة الأسر النازحة داخليًا.
وتعطي هذه المبادرة، التي تشرف عليها السلطة التنفيذية لمنطقة زنغيلان، ووكالة التوظيف العامة الأذربيجانية، ووكالة تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ووكالة الخدمات الزراعية، الأولوية لخلق فرص العمل لمُعيلي الأسر الذين ينتقلون إلى قرية "أغالي".
وتشمل المبادرة تخصيص الأراضي الزراعية وإنشاء البنية التحتية الأساسية مثل الأسواق ورياض الأطفال والمدارس ومرافق الرعاية الصحية.
ولدعم هذه الجهود، أنشئ ما يقرب من 200 منزل صديق للبيئة مزود بأنظمة التدفئة الشمسية والبطاريات.
وتقع قرية "أغالي" في جنوب غرب أذربيجان، وهي تمثّل "القرية الذكية" التي حددتها الحكومة.
وتربط ساحتها المركزية صفوفًا أنيقة من المنازل المبنية حديثًا، والمزينة بألواح الطاقة الشمسية، ما يعكس أجواء مجتمعية هادئة.
ويؤدي الممر على ضفاف النهر، الذي تصطف على جانبيه الشجيرات الصفراء، إلى منشأة حديثة للطاقة الكهرومائية توفر الكهرباء النظيفة للسكان.
وفي إطار مبادرة "غريت ريتيرن"، يعمل سكان قرية "أغالي" في مهن مختلفة، بما في ذلك الزراعة، والتوظيف في القطاع العام، والمشروعات التجارية الصغيرة.
وبحلول عام 2023، تخطط أذربيجان لتكرار نجاح قرية "أغالي" من خلال إنشاء 3 قرى ذكية إضافية في زنغيلان، بهدف تعزيز الإسكان والتوظيف والبنية التحتية في المنطقة.
وعلى الرغم من التحديات مثل قيود النقل بسبب عدم كفاية البنية التحتية، تهدف مبادرات التنمية المستمرة إلى معالجة هذه القضايا، والتنبؤ بالنمو الاقتصادي، وتحسين مستويات المعيشة، وتحسين نوعية الحياة للسكان المحليين.
وقد احتُلَّت قرية "أغالي"، التي تضم أغالي-"1، و"أغالي-2"، و"أغالي-3"، في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1993، وحُرِّرَت في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وبحلول 27 أبريل/نيسان 2021، بدأت المرحلة الأولى من مشروع "القرية الذكية"، وبناء 200 منزل، مع افتتاح القرية رسميًا في 27 مايو/أيار 2022.
ويؤكد المشروع الجودة البيئية والاستعمال الفعال للطاقة، ويضم محطة للطاقة الكهرومائية على نهر هيكيري بـ3 توربينات، يبلغ إجمالي قدرتها 636 كيلوواط، وإنتاج سنوي يبلغ 5,553,200 كيلوواط/ساعة.
بالإضافة إلى ذلك، رُكِّبَت ألواح شمسية كهروضوئية بقدرة 325 كيلوواط على المباني الإدارية.
من ناحيتها، تشتمل المنازل على أنظمة تدفئة مشتركة ومجمعات شمسية لتسخين المياه، إلى جانب العزل المتقدم لتقليل استهلاك الطاقة.
من جهة ثانية، يعمل الإنترنت عالي السرعة وإضاءة الشوارع الذكية بكاميرات المراقبة على تعزيز البنية التحتية، ما يوفر الخدمات لـ871 ساكنًا على مساحة 119.0 هكتارًا.
بدورها، حفّزت توجيهات الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، على بناء 4 محطات للطاقة الكهرومائية على طول نهر أوكسشوتشاي، من المتوقع أن تنتج مجتمعة 42 ميغاواط، ما يزوّد مدينة زنغيلان بالكامل بالطاقة النظيفة.
قمة المناخ كوب 29
تُعدّ استضافة أذربيجان لقمّة المناخ كوب 29 نقطة تحول مهمة في تاريخ البلاد، ما يدل على اهتمامها بالتنمية المستدامة، والعمل المناخي العالمي.
وبوصفها الدولة المضيفة، سترحّب أذربيجان بالقادة والمتخصصين والأطراف المهتمة من جميع أنحاء العالم للحديث عن الموضوعات المهمة المتعلقة بتغير المناخ.
ومن شأن هذا الحدث أن يجعل أذربيجان رائدة في مجال تعزيز الممارسات واللوائح التنظيمية المستدامة، مع تسليط الضوء على التزام البلاد بالرعاية البيئية.
وتسعى قمة المناخ كوب 29 في أذربيجان إلى تطوير حلول مبتكرة تعالج قضايا المناخ وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال تشجيع التواصل والتعاون.
ويُنَفَّذ برنامج "المدن الذكية والقرى الذكية" ضمن خطط تحول الطاقة في أذربيجان، بما يؤكد أهمية استعمال التكنولوجيا المتطورة لتحسين الاستدامة وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، بما يتماشى مع أهداف قمة المناخ كوب 29.
وتضع هذه الإستراتيجية نموذجًا للبلدان النامية الأخرى التي تهدف إلى تحقيق أهداف مماثلة، من خلال دمج التكنولوجيا المتطورة والصديقة للبيئة في التنمية الحضرية والريفية.
من جهتها، تأمل أذربيجان في تشجيع الشركاء الدوليين وأصحاب المصلحة على اعتماد إستراتيجيات التنمية المستدامة التي يمكن تعديلها لتناسب مختلف الظروف البيئية والاقتصادية، من خلال عرض تطوراتها في البنية التحتية الذكية خلال قمة المناخ كوب 29.
وتوفر قمة المناخ كوب 29 للدول النامية منتدى أساسيًا لتبادل المعرفة والعقبات والإنجازات في مكافحة تغير المناخ، وتمهّد لتحقيق تحول الطاقة في أذربيجان
وسيدعو هذا الحدث إلى تعاون ومساعدة دوليين أقوى، مع التركيز على نقاط الضعف التي تواجهها الدول النامية في معالجة المخاوف البيئية.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف قمة المناخ كوب 29 إلى تعزيز نهج أكثر شمولًا للعمل المناخي يضمن عدم تخلّف أيّ بلد عن مواكبة التحول العالمي نحو الاستدامة، من خلال رفع أصوات الدول النامية.
وفي قمة المناخ كوب 29، سيكون لقطاع الأعمال والمستثمرين دور حاسم بسبب الإمكانات الغنية التي توفرها لتعزيز الاستثمارات المستدامة والتكنولوجيا الخضراء.
ويمكن للشركات تسريع التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، من خلال جذب الاستثمار وعرض حلولها ومشروعاتها الإبداعية.
إلى جانب تعزيز النمو الاقتصادي، ستكون قمة المناخ كوب 29 في أذربيجان حافزًا للتعاون بين الشركات والمستثمرين والحكومات.
وعلى الصعيد العالمي، ستؤكد قمة المناخ كوب 29 الحاجة إلى العمل المنسّق لتفادي تداعيات تغير المناخ والمساعدة في تشكيل السياسات والتعهدات الدولية المتعلقة بالمناخ.
وسيحثّ الحدث الحكومات على رفع أهدافها المناخية وتعزيز أهداف المناخ العالمي، من خلال التقاء الخبراء والقادة الدوليين.
ومن أجل تحقيق أهداف المناخ العالمي، تسعى قمة المناخ كوب 29 إلى إقامة تحالفات وزيادة التعاون الدولي من خلال تبادل المعلومات والمبادرات الدبلوماسية.
في الختام، تُعدّ استضافة أذربيجان قمّة المناخ كوب 29 مناسبة تاريخية، عززت مكانتها بصفتها قائدًا عالميًا، وأكدت التزامها بمكافحة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.
وتتيح هذه القمة الفرصة للخطاب النقدي والتعاون الذي يهدف إلى تسريع اعتماد التكنولوجيا الخضراء، وتعزيز المرونة، وتحقيق الأهداف المناخية على مستوى العالم، من خلال الجمع بين القادة والخبراء وأصحاب المصلحة الدوليين.
ويسلّط الحدث الضوء على الأساليب الإبداعية لأذربيجان، مثل مشروع "المدن الذكية والقرى الذكية"، الذي يُعدّ مثالًا للتدابير القابلة للتنفيذ للتنمية الحضرية والريفية المستدامة.
ويمثّل تقدم هذه القمة المناخ دليلًا إضافيًا على أهمية الجهود الجماعية والتعاون العالمي والحلول الشاملة في معالجة المشكلات المترابطة لتغير المناخ، وضمان مستقبل مستدام وعادل للأجيال المقبلة.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- تحول الطاقة في أذربيجان ينتعش بدعم من الإمارات والسعودية (تقرير)
- الطاقة المتجددة في أذربيجان.. آفاق واعدة لتأمين احتياجات أوروبا (تقرير)
- صادرات الغاز الأذربيجاني تتجاوز 7 مليارات دولار في 5 أشهر
اقرأ أيضًا..
- مصر من بينها.. إنرجيان تبيع أصولها في 3 دول للتركيز على المغرب وإسرائيل
- استهلاك الطاقة في العالم يرتفع لمستوى قياسي.. وتراجع طفيف لحصة الوقود الأحفوري
- أكبر 10 حقول غاز حامض في العالم.. 7 منها بدول عربية