التقاريرتقارير دوريةتقارير منوعةرئيسيةروسيا وأوكرانيامنوعاتوحدة أبحاث الطاقة

كيف أثرت العقوبات الغربية على روسيا في أسواق الألومنيوم والذهب والصلب؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • العقوبات على روسيا شملت المعادن الأساسية والحيوية
  • آثار العقوبات في أسواق الليثيوم والكوبالت محدودة لضعف إسهام روسيا
  • الاتحاد الأوروبي ما زال يفضّل وارداته من الألومنيوم الروسي منخفض الانبعاثات
  • إنتاج الذهب في روسيا لم يتأثر بالعقوبات لكن طرق تصديره أصبحت مضطربة
  • صادرات الفحم الروسي تتحول من أوروبا إلى الهند والصين وكوريا الجنوبية
  • أوروبا لم تفرض عقوبات على البلاديوم الروسي خشية تضرر الصناعة المحلية
  • انتقائية العقوبات الغربية سببها مراعاة السياسيين للمصالح الاقتصادية لبلادهم

دخلت العقوبات الغربية على روسيا عامها الثالث على التوالي مع استمرار الحرب في أوكرانيا دون توقف حتى الآن، وأظهرت موسكو قدرتها على تمويل الحرب رغم محاصرة صادراتها من الطاقة وغيرها من السلع عالميًا.

واستهدفت العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا ومجموعة الـ7 منذ اندلاع الحرب، إضعاف الاقتصاد الروسي وتقييد قدرته على الوصول إلى الأسواق والتمويل والتكنولوجيا لإعاقة حربها على أوكرانيا.

ورغم توالي العقوبات الغربية على روسيا منذ ذلك التاريخ شاملة مصادر الطاقة والمعادن، لكن المنتجين الروس أبدوا قدرة عالية من المرونة والتكيف عبر التركيز على أسواق جديدة في آسيا، ما أثر بصورة كبيرة في أسواق السلع العالمية، بحسب تقرير تحليلي حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وبرزت الهند والصين في صدارة أكبر الأسواق المهتمة باستقبال صادرات الطاقة الروسية مع عدم انضمامها إلى تحالف العقوبات الغربية، إذ نجحت موسكو في جذب هذه الأسواق بتخفيضات سخية.

آثار العقوبات الغربية على روسيا في أسواق المعادن

ناقشت ندوة تحليلية عقدتها شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي -مؤخرًا- آثار العقوبات الغربية على روسيا في أسواق المعادن والتعدين والفحم العالمية منذ سريانها.

واستهدفت العقوبات بصورة كبيرة قطاعي المعادن والتعدين الروسيين، إذ نفذ التحالف الغربي للعقوبات سلسلة من التدابير التقييدية المناهضة لهذه القطاعات منذ فبراير/شباط 2022.

وأدت هذه التدابير إلى خلق حواجز تجارية مختلفة بداية من الرسوم الجمركية الإضافية وحتى الحظر الصريح على استيراد وتداول المنتجات الروسية، بما في ذلك المنتجات المعدنية وفي القلب منها الألومنيوم والنحاس والنيكل والصلب.

وبدأ نطاق العقوبات الغربية على روسيا في هذا المجال يتوسع بصورة ملحوظة في ديسمبر/كانون الأول 2023، عندما فرضت حكومة المملكة المتحدة حظرًا لنحو 19 سلعة أساسية، ما أدى إلى توسيع نطاق المنتجات المتضررة بصورة كبيرة، ليشمل المعادن الأساسية والثانوية مثل التنغستن والكوبالت والتانتالوم.

وأسهم تشديد العقوبات في محاصرة توريد المواد الخام الحيوية اللازمة لصناعة البطاريات، ما أدى إلى ظهور آثار متفاوتة عبر الأسواق، لا سيما في أسعار النحاس والألومنيوم والنيكل التي شهدت مزيدًا من التقلبات السعرية.

ورغم ذلك، فإن إنتاج روسيا المحلي من الغرافيت الاصطناعي -الذي تستهلكه في صناعة الصلب- لم يتأثر بالعقوبات إلا بصورة محدودة، كما ظلت الأسواق العالمية للكوبالت والليثيوم مستقرة لمحدودية إسهام روسيا في إمدادات هذه المواد عالميًا، بحسب تحليل خبراء وود ماكنزي.

تحولات تجارة الألومنيوم منخفض الكربون

يُعد الألومنيوم الروسي جزءًا أساسيًا من سلسلة التوريد العالمية، إذ يمثّل 6% من إجمالي المعروض العالمي للمعدن وتصل النسبة إلى 14% حال استثناء الصين.

وتزداد أهمية الألومنيوم الروسي في الأسواق العالمية للمعدن لأسباب بيئية، إذ تُسهم روسيا بنحو 27% من المعروض العالمي للألومنيوم منخفض الكربون خارج الصين في عام 2023.

وشملت العقوبات الغربية على روسيا خلال الربع الثاني من عام 2022، حظرًا فرضته بورصة لندن للمعادن على الألومنيوم الروسي المنتج بعد 13 أبريل/نيسان من العام نفسه، ما أسهم في الحد من ربحية بيع المعادن الروسية وتثبيط المستهلكين عن الشراء خارج الصين.

صادرات الألومنيوم الروسية
صادرات الألومنيوم الروسية - الصورة من bloomberg

ورغم التحديات، وجدت موسكو أسواقًا لشراء الألومنيوم داخل الأسواق الغربية ذاتها عبر تقديم تخفيضات على الأسعار العالمية، ما أدى إلى زوال مخاوف الإغلاق الكامل للإنتاج الروسي.

ويتعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط متصاعدة لتنفيذ حظر كامل على صادرات الألومنيوم الروسية، لكن ذلك يستلزم زيادة الواردات من مناطق أخرى مثل الهند ودول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا، ما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الكربون المرتبطة، إذ تتميز الواردات القادمة من موسكو بأنها منخفضة الكربون.

تحولات تجارة الذهب وطرق التصدير

ما تزال روسيا فاعلًا مهمًا في أسواق الذهب العالمية، إذ أسهمت بنحو 9% من الإنتاج العالمي في عام 2023، بحسب بيانات وود ماكنزي.

ورغم امتداد العقوبات الغربية على روسيا إلى محاصرتها في أسواق المعادن -إلى جانب أسواق النفط والفحم-، فإن هذه العقوبات لم تؤثر إلا بصورة محدودة في إنتاج البلاد من الذهب.

ويرجع بقاء إنتاج الذهب قويًا في روسيا إلى عدة أسباب، أبرزها الاحتياطيات الهائلة التي تمتلكها البلاد، وطول عمر المناجم وتكاليف التشغيل المنخفضة.

ورغم مرونة قطاع الذهب الروسي وانتعاش مستويات الإنتاج في عام 2023 فإن طرق تصديره التقليدية شهدت اضطرابات كبيرة، خاصة مع قرار بورصة لندن للمعادن تعليق التسلم من 6 مصافٍ روسية للذهب في مارس/آذار 2023، ما أثر بصورة كبيرة في وصول روسيا إلى سوق لندن.

وأدى الحظر، الذي فرضته مجموعة الـ7 على شراء الذهب ونقله واستيراده من روسيا في يوليو/تموز 2022، إلى إحداث تحول كبير في طرق التجارة، مع توجه روسيا بصورة متزايدة إلى أسواق آسيا، خاصة الصين والهند.

تحولات صادرات الفحم الروسية

في عام 2022، تأثرت صادرات الفحم الروسي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بعد أن احتاج منتجو الفحم إلى تحويل صادراتهم من أوروبا إلى أسواق آسيا والمحيط الهادئ.

وأدت عمليات إعادة التوجيه الهائلة لصادرات الفحم الروسية إلى حدوث ازدحام شديد على خطوط السكك الحديدية الناقلة للبضائع المتجهة شرقًا في روسيا.

رغم ذلك، فقد زاد منتجو الفحم الروسي صادراتهم إلى الأسواق الآسيوية الرئيسة (الصين وكوريا الجنوبية والهند) بأكثر من 80% في عام 2023، مقارنة بعام 2021، أي قبل اندلاع الحرب الأوكرانية.

ويتوقع خبراء وود ماكنزي، أن تؤثر العقوبات الأميركية المشددة حديثًا ضد روسيا في 8% إلى 10% من صادرات الفحم الروسية قريبًا، إذ تستهدف خفض الطلب على الفحم الروسي في 2024، وتضييق سوق الفحم الحراري والمعدني.

أوروبا مستمرة في استيراد الحديد الروسي

رغم نجاح العقوبات الغربية على روسيا في محاصرة دخول الفحم الروسي إلى أوروبا، فإن تأثيرها في صناعة الصلب الروسية كان أقل بسبب تباين مواقف الدول الأوروبية من حظر وارداتها من خام الحديد.

وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يستوردان في السابق كميات كبيرة من الصلب والمعادن الروسية، لكن العقوبات المفروضة في أوائل عام 2022، أدت إلى انخفاض حاد بنسبة 71% في وارداتها من الصلب الروسي.

لفائف صلب مطلية بالزنك في مخزن تابع لمصنع صلب في روسيا
لفائف صلب مطلية بالزنك في مخزن تابع لمصنع صلب في روسيا - الصورة من bloomberg

وشملت حزمة معلنة من العقوبات في عام 2023 حظرًا إضافيًا على المنتجات شبه المصنعة من روسيا، مع حظر استيراد المواد الخام مثل (البيليت) بداية من أبريل/نيسان 2024، وحظر استيراد الألواح في أكتوبر/تشرين الأول 2024.

ومع ذلك، فقد أثر الضغط الذي مارسته بعض الشركات على وتيرة وشدة هذه العقوبات، ما أدى إلى إقرار الاتحاد الأوروبي مدد سماح لاستيراد بعض المنتجات الروسية، على عكس الولايات المتحدة التي أوقفت وارداتها من الصلب الروسي مبكرًا عام 2023.

ويعكس الموقف الأوروبي من استمرار السماح بدخول واردات خام الحديد الروسي، محاولة صناع السياسات، الموازنة بين العقوبات ومصالح صناعة الصلب الأوروبية، فحتى الآن لا يوجد حظر صريح على دخول الخام رغم العقوبات التي تعوق المعاملات مع شركات التعدين الروسية.

ورغم ذلك، فقد لجأ المستوردون في الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ذاتية على واردات الصلب الروسية، ما أدى إلى تحولها إلى الأسواق الآسيوية لا سيما الصين التي ارتفعت حصتها من وارداته من 38% إلى 90% بنهاية 2023.

ولا يتوقع خبراء التحليل في وود ماكنزي حدوث تغييرات كبيرة في التدفقات التجارية للمعادن شبه المصنعة والصلب الروسي قبل عامي 2026 و2028.

وعلى كل حال، يشير النهج الانتقائي في العقوبات الغربية المفروضة على روسيا خاصة استبعاد معادن المجموعة البلاتينية مثل البلاديوم الذي تسيطر روسيا على 40% من إنتاجه العالمي، إلى إدراك القادة لأهمية التوازن العملي بين الأهداف السياسية والمصالح الاقتصادية لبلادهم.

وقد ظهر هذا بوضوح في تخفيف العقوبات المفروضة على المواد الحيوية مثل خام الحديد والألواح تجنبًا لتعطيل الصناعات الأساسية مثل صناعة الصلب الأوروبي، ما يدل على المعايير المعقدة للعقوبات وتوظيفها سياسيًا فقط عندما تكون التكاليف قابلة للتحكم بالنسبة إلى الدول التي تفرضها، بحسب محللي وود ماكنزي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق