غازتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةنفط

أمن الطاقة وارتباطه بالممرات المائية.. خبراء يسلطون الضوء على تحديات النقل (صور)

داليا الهمشري

تشغل قضية أمن الطاقة أذهان المتابعين مع تصاعد الصراعات الجيوسياسية في المنطقة، ولا سيما أنها أصبحت تهدد الممرات المائية التي تُعد الشريان الرئيس لنقل إمدادات النفط والغاز العالمية.

وفي هذا الإطار، عقدت الوكالة الدولية لأمن الطاقة التابعة لمركز سيف بن هلال لدراسات وأبحاث علوم الطاقة مؤتمرها الدولي الأول بعنوان "أمن الطاقة من أمن الممرات المائية"، على مدار يومَي 27 و28 مايو/أيار 2024، وحضرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتمحورت الجلسة الأولى من المؤتمر -التي أدارها أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة طنطا الدكتور مدحت حماد- حول قضية "أمن الممرات المائية".

وخلال كلمته، أوضح الأستاذ في كلية الهندسة خبير الطاقة المصري الدكتور سامح نعمان، أن 62% من إمدادات الوقود الأحفوري عالميًا تُنقل عن طريق المضائق والقنوات المائية.

تحديات نقل الطاقة

سلّط نعمان الضوء على التحديات التي تواجه نقل الطاقة عبر الممرات المائية، ومن بينها تقلبات سعر الشحن، والقرصنة، وتقلبات الطقس الشديدة، والحروب والصراعات الإقليمية، ومخاطر التسرب، والقوانين البيئية.

وأوضح أن مضائق هرمز وباب المندب وجبل طارق والبوسفور وقناة السويس هي المسيطرة الأساسية على مسارات نقل الطاقة عالميًا.

ونوه بأهمية مضيق هرمز في الحركة المائية العالمية، نظرًا إلى موقعه الجغرافي المهم الذي يجعله منفذًا رئيسًا للطاقة على مستوى العالم.

وأشار إلى أن 20 مليون برميل من النفط (من إجمالي 100 مليون برميل عالميًا) تمر يوميًا في مضيق هرمز، أي نحو 20% من الاحتياجات الدولية من النفط، و25% من الغاز.

ولفت إلى أن مضيق باب المندب يمثّل الترتيب الثالث عالميًا في الأهمية بعد مضيقي هرمز وملقا، ويُعد الرابط الرئيس بين 3 قارات هي: آسيا وأفريقيا وأوروبا.

كما يمثّل مضيق باب المندب المنفذ الرئيس لتصدير الطاقة إلى أوروبا، إذ تمر خلاله 57 قطعة بحرية يوميًا، أي ما يقرب من 3.3 مليون برميل نفط.

جانب من فعاليات مؤتمر أمن الطاقة وارتباطه بأمن الممرات المائية الذي عُقد بالقاهرة
جانب من فعاليات مؤتمر أمن الطاقة وارتباطه بأمن الممرات المائية الذي عُقد في القاهرة

تهديدات القرصنة

أكد الخبير الاقتصادي والمالي، الشريك المؤسس لشركة ثري كابيتال في الإمارات حسين القمزي، أن قناة السويس ومضيقي هرمز وباب المندب تُعد شرايين حيوية لسوق الطاقة العالمية والتجارة الأوروبية الآسيوية، ولا سيما فيما يتعلق بالشحن البحري للنفط والغاز.

وأوضح أن هذه المضائق الأساسية قد تعرّضت إلى تهديدات خلال المدة الأخيرة تمثلت في عمليات التخريب التي تمت برعاية بعض الدول، من بينها الهجوم على ناقلات النفط والقرصنة في ساحل الصومال وأعمال جماعة الحوثي.

وأشار إلى أن سلامة مرور إمدادات الطاقة في الممرات المائية عادة ما تتأثر بالتوترات السياسية الدولية وأسعار النفط العالمية والعلاقات بين الدول.

ولفت إلى أن أعمال التخريب التي تتعرّض لها الممرات المائية تسفر عن عواقب وخيمة، من بينها زيادة تكاليف الشحن، وتأخر الوصول بسبب إعادة التوجيه، وإرباك سلاسل التوريد، وزيادة التضخم العالمي.

بالإضافة إلى انخفاض الإيرادات المالية لبعض الدول من رسوم الاستيراد وضرائب التصدير.

جانب من فعاليات مؤتمر أمن الطاقة وارتباطه بأمن الممرات المائية الذي عُقد بالقاهرة
جانب من فعاليات مؤتمر أمن الطاقة وارتباطه بأمن الممرات المائية الذي عُقد في القاهرة

فوائد تحقيق الأمن

قال الخبير الاقتصادي الإماراتي حسين القمزي -في كلمته خلال المؤتمر-، إن تحقيق أمن الممرات المائية يثمر عدة فوائد، من بينها تعزيز التجارة، وجذب الاستثمارات، وتعزيز النمو الاقتصادي.

وأضاف أن الحوادث الأمنية تؤثر بصورة مباشرة في أسعار النفط العالمية واستقرار السوق.

وتابع أن أكثر من 20% من النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز، محذرًا من أن أي اضطرابات ستسفر عن عواقب اقتصادية عالمية وخيمة.

واستطرد قائلًا: "بالنسبة إلى مصر، تُعد إيرادات قناة السويس بالغة الأهمية للاقتصاد الوطني، كما تؤثر الحصارات أو التهديدات بصفة كبيرة في الناتج المحلي".

وأوصى باستعمال الأقمار الصناعية والطائرات دون طيار لمراقبة أمن الممرات المائية.

كما شدد على أهمية ضمان أمن الممرات المائية في منطقة الشرق الأوسط، لضمان استقرار إمدادات الطاقة في جميع أنحاء العالم، داعيًا إلى العمل على زيادة التعاون الإقليمي والدولي.

استمرار الوقود الأحفوري

سلطت الجلسة الثالثة من المؤتمر الدولي -التي أدارتها أستاذة الاقتصاد والطاقة الدكتورة وفاء علي- الضوء على "أمن الممرات المائية وأمن الطاقة".

وأبرز الخبير الاقتصادي والنفطي، كبير مستشاري وزير النفط السعودي (سابقًا) الدكتور محمد الصبان، قضية الأمن بمياه الخليج وأثرها في الاقتصاد العالمي.

وقال، إن الغرب حاول منذ السبعينيات تمرير فكرة الابتعاد عن النفط تحت اسم "أمن الطاقة"، وعندما فشلوا في ذلك لجؤوا إلى فكرة التغير المناخي.

ورأى أن الغرب قد اتخذ فكرة مواجهة تغير المناخ بمثابة ذريعة لوقف استعمال النفط على الرغم من أن بعض الدول ما تزال تدعم استهلاك بعض مصادر الوقود الأحفوري الأخرى مثل الفحم.

كما أوضح أن الدول المتقدمة لم تفِ بالتزاماتها تجاه دعم مصادر الطاقة المتجددة والأجندات المناخية في الدول النامية، ما يكشف عدم مصداقيتها وازدواجية معاييرها.

وأكد أن النفط والغاز مستمران في تشكيل مزيج الطاقة لعشرات الأعوام مهما توسعت مصادر الطاقة المتجددة.

جانب من فعاليات مؤتمر أمن الطاقة وارتباطه بأمن الممرات المائية الذي عُقد بالقاهرة
جانب من فعاليات مؤتمر أمن الطاقة وارتباطه بأمن الممرات المائية الذي عُقد في القاهرة

مضيق باب المندب

أكد الأستاذ في كلية العلوم، مدير مركز بحوث الطاقة الجديدة والمتجددة بجامعة المنوفية الدكتور مجدي أبوغزالة، أهمية مضيق باب المندب في نقل الطاقة، نظرًا إلى موقعه الإستراتيجي، كونه منطقة اتصال مع شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط.

وأضاف أن المضيق يُعد نقطة عبور للمواني وحاملات النفط والغاز والاتجار بالبضائع والأسلحة، ما جذب إليه تركيز واهتمام أطراف إقليمية ودولية عديدة، وجعلها تتصارع للحصول على موقع إستراتيجي حوله، وتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية.

وتابع أن مضيق باب المندب هو السبب وراء احتشاد عدد من القواعد العسكرية في منطقة القرن الأفريقي، مشيرًا إلى أن جيبوتي وحدها تحتضن 9 قواعد عسكرية لـ6 دول مختلفة، بينما توجد 5 قواعد على الأراضي الصومالية، وقاعدتان في الإمارات وواحدة في تركيا، وقاعدتان في إريتريا، واحدة إسرائيلية وأخرى إماراتية.

أمن الطاقة في أوروبا

أشار أبوغزالة إلى أن أمن الطاقة في أوروبا يستند إلى عدة دعائم رئيسة، من بينها العمل على تنويع مصادر الطاقة، من أجل التقليل من التبعية لمورد أو دولة معينة، وطرح مفاهيم مختلفة تتعلق بمبدأ رفع كفاءة الطاقة بهدف خفض الاستهلاك قدر الإمكان.

كما تهدف الإستراتيجية الأوروبية لأمن الطاقة إلى تحقيق إدارة قوية للموارد والتحكم بالعرض الخارجي عن طريق الدخول في شركات قوية مع الدول الرئيسة التي يعتمد عليها الاتحاد الأوروبي في تأمين متطلباته من النفط والغاز.

يأتي ذلك بالإضافة إلى العمل على تجنب الأزمات في سوق الطاقة عن طريق قناعة مفادها بأن تحقيق أمن العرض يتطلب بالضرورة أن تكون الأسواق منتظمة بصورة قوية، ما يحول دون حدوث أزمات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق