التقاريرتقارير النفطتقارير منوعةرئيسيةمنوعاتنفط

صناعة البتروكيماويات في الخليج.. هل تتأثر بقيود "البلاستيك" المرتقبة عالميًا؟

هبة مصطفى

تشتهر صناعة البتروكيماويات في الخليج بريادتها على الصعيد العالمي؛ نظرًا لارتباط الصناعة الوثيق بتوافر تدفقات النفط والغاز، وهو عامل تتميّز فيه دول المنطقة.

ورغم أن دول الخليج تحلّ في مقدّمة كبار منتجي الصناعة، فإن هذه الريادة -بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- قد تفتح بابًا من الجدل واسع النطاق في ظل مساعي لإقرار اتفاقية عالمية لتحجيم إنتاج البلاستيك والحدّ من التلوث.

وتطمح الدول الأعضاء في برنامج الأمم المتحدة للبيئة للتوصل إلى اتفاق بحلول العام الجاري 2024 يضع حدًا لما أسمته "التلوث البلاستيكي".

علاقة البتروكيماويات بالبلاستيك

تملك صناعة البتروكيماويات في الخليج نقاط قوة تُميِّزها عن بقية المنتجين العالميين؛ لتوافر احتياطيات الهيدروكربونات والموارد القابلة للاستخراج بكثرة من الحقول والآبار.

ويمكن تفسير العلاقة بين الدولة المنتجة للهيدروكربونات وبين تفوّقها في إنتاج البلاستيك، بالنظر إلى أن البتروكيماويات تُعدّ صورًا مشتقة من عملية تكرير النفط والغاز، وفي مرحلة لاحقة يمكن إنتاج المواد البلاستيكية من بعض أنواع البتروكيماويات.

ويُعدّ منتجو البتروكيمياويات في الخليج ضمن أكبر المنتجين العالميين؛ ما يضعهم في نطاق المساءلة عن مستويات إنتاج البلاستيك في حال إقرار الاتفاقية العالمية المرتقبة.

ومن أبرز أشكال المواد البلاستيكية "البولي إيثيلين" و"البولي بروبيلين"، وكلاهما يُشتق من النفط الخام، ويشكّل حجم إنتاج البلاستيك عالميًا صداعًا في رأس هيئات الأمم المتحدة البيئية.

ويقارن الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج البولي إيثيلين بمعدل الطلب (2000-2030):

حجم إنتاج البولي إيثيلين

وأكدت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة أن 79% من مخلّفات البلاستيك يُتخلَّص منها في مواقع دفن النفايات، وتحرق 12% أخرى منها.

ومقابل ذلك، يعاد تدوير بعض هذه النفايات ومعالجتها إلى صور أخرى قابلة للاستعمال، لكنها تمثّل الحصة الأقلّ من بين حجم النفايات، بنسبة 9% فقط.

واقع الصناعة

رغم صدارة صناعة البتروكيماويات في الخليج، فإن طرح اتفاق يهدف للحدّ من إنتاج البلاستيك يأتي في توقيت حرج؛ إذ يواجه القطاع تحديات إنتاجية وتراجعًا قياسيًا.

ويتزامن ذلك مع تعثُّر الإنتاج في السعودية، إذ تشكّل صناعة البتروكيماويات ثاني أكبر صناعات المملكة بعد النفط.

وتسجل الصناعة في هذه الآونة تراجعًا لأدنى مستوياتها منذ ما يقرب من 20 عامًا، وبلغت خسائر شركة "سابك" للصناعات الأساسية (رابع أكبر منتج عالمي) ما يُقدَّر بنحو 2.8 مليار ريال سعودي العام الماضي، فيما يمكن وصفه بأنه أول خسارة للشركة منذ عام 1990.

(الريال السعودي = 0.27 دولارًا أميركيًا).

ويعود ذلك لأسباب عدّة، من بينها: زيادة المعروض من البتروكيماويات مقابل طلب منخفض من أبرز المشترين (الصين)، وفق تقرير نشره موقع إربيان غولف بيزنس إنسايتس (AGBI).

وبسبب تراجع صناعة البتروكيماويات في الخليج عامة، والسعودية خاصة، فقد يكون تأثير التوصل لاتفاق عالمي يفرض قيودًا على إنتاج واستهلاك البلاستيك "محدودًا" بالنسبة لدول المنطقة.

وتعارض دول عدّة اتفاقية الحدّ من إنتاج واستهلاك المواد البلاستيكية، من بينها: السعودية، وقطر، والكويت، وإيران، والصين.

مرافق تابعة لشركة سابك السعودية
مرافق تابعة لشركة سابك السعودية - الصورة من Oil & Gas Middle East

اتفاقية البلاستيك

يأتي إقرار الاتفاق الدولي بشأن التخلص من التلوث البلاستيكي بحلول نهاية العام الجاري، امتدادًا لمشاورات الهيئات المعنية بالبيئة في الأمم المتحدة حول هذا الشأن منذ مطلع عام 2022.

ومن المقرر أن تشهد كوريا الجنوبية، خلال المدة من 25 نوفمبر/تشرين الثاني حتى مطلع ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الجاري، لقاءً تشاوريًا هو الخامس من نوعه بشأن الاتفاقية.

ويتبنّى اتفاقية قيود إنتاج واستهلاك البلاستيك 66 دولة، منها: فرنسا، وهولندا، وإسبانيا، وأستراليا، والمكسيك، وغيرها.

بدوره، حذّر نائب رئيس أبحاث الطاقة لدى مؤسسة سيتي (Citi) للخدمات المالية في لندن "أوليفر كونور" من تداعيات قيود الإنتاج المرتقبة على صناعة البتروكيماويات بخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في العالم.

وأضاف أن أكبر منتجات البلاستيك "البولي إيثيلين" و"البولي بروبيلين" قد تواجه تراجعًا في الطلب، إذا طُبِّقت قيود الإنتاج والاستهلاك بما يتماشى مع الاتفاق العالمي المرتقب.

ولفت كونور إلى ضرورة هذه المنتجات بالنسبة لقطاعات رئيسة، مثل: البناء والنقل، موضحًا أن الطلب الآسيوي على هذه القطاعات كان يتجه إلى النمو والتوسع.

وبخلاف تداعيات تراجع إنتاج البتروكيماويات في الخليج على مدى تأثير اتفاقية الأمم المتحدة في السوق العالمية، فإن كونور تطرَّق إلى ضرورة التوسع في إعادة تدوير البلاستيك؛ ما يمكّن رائدي الصناعة من خفض انبعاثاتها وتطوير كفاءتها بدلًا من خفض الإنتاج.

وقال، إن التركيز على خفض الكثافة الكربونية لصناعة البتروكيماويات -مثل بقية الصناعات الرئيسة- يعزز القدرة التنافسية، ويضمن تخفيف القيود على الإنتاج والاستهلاك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق