الصراع حول الطاقة النووية في أستراليا يحتدم.. ما القصة؟
حياة حسين
- مؤيدو الطاقة النووية يروّجون لضرورتها لتحقيق هدف الحياد الكربوني
- تأجيل مشروعات الطاقة المتجددة في ولاية أسترالية يؤدي إلى تمديد عمل أكبر محطة تعمل بالفحم
- دفاعات الرافضين لعلم تغير المناخ تشبه إستراتيجيات مصنّعي التبغ لمنع الربط بين التدخين وسرطان الرئة
- العديد من المحافظين في البلدان المختلفة ينكرون قضية تغير المناخ
انضم زعيم الحزب الوطني الليبرالي في ولاية كوينزلاند ديفيد كريسافولي إلى مناهضي تبنّي الطاقة النووية في أستراليا، بوصفها وسيلة لعلاج تغير المناخ وحماية البيئة، واصفًا إياها بـ"المصدر المكلف وغير الواقعي".
وأشار المحاضر الأول للدراسات الدولية في جامعة جنوب أستراليا آدم سيمبسون، إلى موقف كريسافولي، في مقال له منشور أمس الأحد 5 مايو/أيار 2024، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وكان وزير المناخ والطاقة في الحكومة الفيدرالية كريس بوين قد وصف الطاقة النووية بأنها "غير اقتصادية تمامًا"، خلال مؤتمر مجلس الطاقة الذكية Smart Energy Council، الشهر الماضي.
وجاء حديث الوزير ردًا على المطالبين بتسهيل وجود الطاقة النووية في أستراليا، ومن بينهم زعيم المعارضة الفيدرالية بيتر داتون، إذ حثّ حكومة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز على رفع الحظر المفروض منذ مدة طويلة محليًا، ونشر ما يرى أنها طاقة نووية نظيفة وموثوقة وزهيدة التكلفة.
وفرضت حكومة رئيس الوزراء السابق جون هوارد حظرًا وطنيًا على الطاقة النووية في أستراليا عام 1999، بعد مساومة مع الديمقراطيين الأستراليين بشأن سياسة الإصلاح الأخضر، وقانون حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، الذي نصَّ على أن الوزير المعني يمكنه رفض إنشاء محطة للطاقة النووية.
غير أن الحكومة نفسها، وبعد مرور 7 سنوات، طلبت من عالم الفيزياء النووية زيغي سويتكوفسكي إعداد تقرير بشأن مزايا الطاقة النووية في أستراليا، الذي خلص إلى أنها لا يمكن أن تتنافس اقتصاديًا مع كهرباء الفحم إلّا إذا فُرِضت ضريبة الكربون المثيرة للجدل سياسيًا.
سلبيات الطاقة النووية في أستراليا
أكد زعيم المعارضة الفيدرالية في أستراليا بيتر داتون أن بلاده لن تستطيع تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 دون الطاقة النووية، وفق ما ذكره المحاضر الأول للدراسات الدولية في جامعة جنوب أستراليا آدم سيمبسون، بمقال منشور في "ذا كونفرساشن".
وردّ الكاتب على زعيم المعارضة قائلًا: "إن الطاقة النووية غير مناسبة لأستراليا.. فهي بطيئة جدًا، ومكلفة جدًا، وغير مناسبة لاحتياجاتنا، لذلك فإن خططًا لبناء محطات طاقة نووية -سواء كانت صغيرة أو كبيرة- غير واقعية بصورة كاملة".
وأوضح أن الذين يصّرون على أن الطاقة النووية في أستراليا هي السبيل الوحيد لتحقيق الحياد الكربوني، هم من فريق "يمارس لعبة قديمة لتجنّب التصرف حيال أزمة تغير المناخ".
وقال الكاتب، إن هذه الإستراتيجيات التي يتّبعها المطالبون بوجود الطاقة النووية للتشويش على أهداف مكافحة تغير المناخ، ظهرت منذ 15 عامًا، "ودرسّتُها في مناهج السياسات الدولية والبيئية، خاصة في قضايا أمن الطاقة والعدالة المناخية".
وتابع الكاتب أنه وضع إستراتيجيات جديدة تتعلق بالطاقة النووية في مقررات السياسة البيئية التي يدرّسها في الجامعة منذ أن أصبح داتون زعيمًا للمعارضة، خاصة أنه أولى اهتمامًا من قبل بسياسات منكري تغير المناخ.
وأكد أن صناعة الوقود الأحفوري ومؤسسات الأبحاث اليمينية مثل "هريتاج" Heritage في أميركا، ومعهد القضايا العامة في أستراليا، عملت مدة طويلة على تقويض علم تغير المناخ، واستعملت سياسات تشبه وسائل شركات صناعات التبغ لمنع الربط بين التدخين وسرطان الرئة.
إنكار تغير المناخ
قال المحاضر الأول للدراسات الدولية في جامعة جنوب أستراليا آدم سيمبسون، في مقال، طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إن العديد من المحافظين في البلدان المختلفة ينكرون قضية تغير المناخ.
ورغم أن المحافظين التقليديين في أوروبا يوافقون على ضرورة الإجراءات العاجلة لمكافحة تغير المناخ، فإن هذه القضية ما تزال تشكّل حالة استقطاب بين الأحزاب التقدمية والمحافظة.
وأشار الكاتب إلى أنه في دولة مثل أميركا، وفي خضم حرب المناخ، التي تشبه أستراليا، فإن غالبية الحزب الجمهوري يفضّلون زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، مقارنة بالطاقة المتجددة مثل الشمس ومزارع الرياح.
وتابع أن الأدلة العلمية، إضافة إلى التزام أستراليا بخفض انبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق الحياد الكربوني، مع التجارب الحية التي عاشها السكان، مثل حرائق الغابات في الصيف الأسود عام (2019-2020)، زادت الوعي، وحجّمت من دفاعات المنكرين لتغير المناخ، خاصة من قبل أيّ حزب كبير في البلاد.
إلّا أن هذا الأمر يحتاج إلى تغيير الرؤى والسياسات، للدفع نحو الطاقة المتجددة، وبعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وأوضح الكاتب أن حكومة ولاية نيوساوث ويلز تبحث مع شركة "أوريجين إنرجي" المحلية Origin Energy، للحصول على دعم فني يمكّنها من تمديد تشغيل أكبر محطة طاقة تعمل بالفحم في البلاد 4 سنوات إلى ما بعد 2025، بتكلفة تبلغ 150 مليون دولار أميركي سنويًا ،ويرجع ذلك إلى التأجيل الطويل لمشروعات الطاقة المتجددة في الولاية، مقارنة بولايات أخرى.
وقال الكاتب، إن بحثًا أوضح أن هؤلاء الأشخاص القلقين بشأن تغير المناخ، عادةً ما يمتلكون رؤية قاتمة بشأن الطاقة النووية، حتى في البلدان التي لديها تلك الصناعة، وذلك من منطلق أن الترويج لها درجَ منذ مدة طويلة على العمل على تأجيل مشروعات الطاقة المتجددة في المقابل؛ وهو ما أدى إلى حصول المفاعلات النووية على دعم حكومي هائل.
وأضاف الكاتب: "يبدو أن إستراتيجية مؤيدي الطاقة النووية تجني الثمار أخيرًا، إذ أشار مسح حديث لصحيفة (غارديان إيسنشال) إلى أن عددًا أكبر من المواطنين يعتقدون أن الطاقة المتجددة أغلى من النووية، في حين إن معظم التقارير يقول، إن الأخيرة أعلى سعرًا من الأولى بمقدار 3 أضعاف".
وكشف الكاتب النفايات النووية الإشعاعية وصعوبة التخلص منها، إضافة إلى طول المدة التي يستغرقها بناء محطة نووية، مشيرًا إلى رفض السياسي الأسترالي ديفيد كريسافولي الطاقة النووية.
موضوعات متعلقة..
- مناطق الفحم في أستراليا تتحول إلى محطات نووية بحسب خطط للمعارضة (تقرير)
-
الطاقة المتجددة في أستراليا تترقب نتائج الانتخابات للانطلاق بعيدًا عن الفحم
اقرأ أيضًا..
- حقل أفروديت للغاز يثير الجدل مجددًا.. وحقل ظهر المصري يترقب الموقف
-
تصدير الصلب الأخضر.. دولة عربية ستكون الأرخص بالنسبة لأوروبا