أنس الحجي: 4 أسباب أعفت النفط الإيراني من عقوبات "بايدن"
أحمد بدر
مع تراجع الولايات المتحدة أكثر من مرة عن تطبيق عقوبات جديدة على النفط الإيراني، يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن أزمة كبيرة، تتمثل في تراجعه عن وعوده الانتخابية، بإعادة العلاقات بين واشنطن وطهران.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن أزمة بايدن الحقيقية أنه وعد الشعب الأميركي خلال الانتخابات بأنه سيعيد العلاقات مع إيران، ويعيد الاتفاق الذي عُقد في عام 2014، لتحجيم البرنامج النووي لطهران.
جاء ذلك خلال أولى حلقات الموسم الجديد من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدمه الدكتور أنس الحجي عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي قدمها هذا الأسبوع تحت عنوان "النفط والسياسية بين بايدن وإيران".
ولفت الحجي إلى أن أزمة بايدن هنا تكمن في أن إيران اكتشفت أن التعامل مع الولايات المتحدة يعتمد على الشخص الموجود في البيت الأبيض، فإذا عقدت اتفاقية مع رئيس وخسر بعد 4 سنوات، فإلى أين ستذهب هذه الاتفاقية؟ لذلك كان واضحًا من البداية -حتى قبل مجيء بايدن- أن العودة لاتفاق 2014 شبه مستحيلة.
لماذا تغاضى بايدن عن العقوبات؟
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن عودة إيران إلى اتفاق عام 2014 تُعد شبه مستحيلة، لا سيما أنها ستطالب بأن يكون الاتفاق من خلال الكونغرس الأميركي وليس عبر البيت الأبيض، وهو أمر مستحيل، لأن الكونغرس لن يوافق على أي اتفاق مع طهران.
لذلك، وفق الحجي، ليس هناك أي دافع لإيران أن توافق، ولكن المشكلة أن الرئيس الأميركي جو بايدن وعد، والآن يتفاوض الطرفان في فيينا من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ انسحب الإيرانيون مرات عدة من الاجتماعات.
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن بقاء الإيرانيين على طاولة المفاوضات يجعل بايدن يتغاضى عن العقوبات المفروضة عليها، وهذا هو الحل الوحيد الذي يمنحه الأمل في بقائهم على الطاولة، إذ يمكن حينها التوصل معهم إلى حل، وكان هذا أول أسباب تجاهل العقوبات.
ولكن، عندما غزت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على النفط الروسي، إذ -وهذا أمر مضحك- حرم نفسه من النفط الروسي وكأنه فرض عقوبات على نفسه، أرسل بايدن رسالة عبر دولة خليجية إلى طهران، منحها الضوء الأخضر بأنه سيتغاضى بالكامل عن العقوبات إذا أرسلت النفط إلى أوروبا، وهو ما حدث، ووصل النفط الإيراني إلى مواني أوروبا علنًا.
وعلى الرغم من ذلك، وقعت طهران في إشكالية أن العقوبات في النهاية ما زالت موجودة، لأن هذه الدول الأوروبية يجب أن تدفع ثمن النفط الإيراني ولا تستطيع ذلك بصورة مباشرة، وبالتالي عليها فتح حساب خاص في البنك وتضع فيه المبالغ لحين انتهاء العقوبات وعندها يجري تحويلها إلى إيران.
وهنا، بحسب الدكتور أنس الحجي، لعب الإيرانيون لعبة كبيرة، عندما عرفوا أن الرئيس الأميركي جو بايدن مضطر، موضحًا أن هذه اللعبة كانت كبيرة، لأن بايدن طلب من دول الخليج زيادة الإنتاج للتعويض عن النفط الروسي، فرفضت دول الخليج، لذلك تواصل الإيرانيون مع بايدن وقالوا له إن العرب لم يساعدوك ولكننا مستعدون للمساعدة.
وتابع: "الإيرانيون أخبروا بايدن أن لديهم نحو 70 أو 80 مليون برميل من النفط العائم، الذي لم يتمكنوا من بيعه بسبب العقوبات التي يفرضها عليهم، فإذا جرى التغاضي أو إلغاء العقوبات، يمكن توفير مزيد من النفط في الأسواق".
وفي تلك المدة، كان بايدن قد قرر السحب من المخزون الإستراتيجي الأميركي، فراقت له الفكرة، وبدأ السحب من المصدرين في الوقت نفسه، من المخزون الإستراتيجي الأميركي، والمخزون العائم الإيراني، ليجري تصفية مخزون النفط الإيراني العائم بالكامل، وهو ما استفادت منه طهران بصورة كبيرة.
كيف استفادت إيران من بايدن؟
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن إيران استفادت من الرئيس الأميركي جو بايدن بصورة كبيرة، إذ إنها عندما علمت بأنه في مأزق ويحتاج إلى النفط، تحركت حكومتها، إذ زادت استثماراتها وإنتاجها من النفط الإيراني، كما زادت صادراتها.
وأضاف: "لكن الإيرانيين اكتشفوا أنهم لا يستطيعون البيع إلى أحد يريد شراء نفطهم، لأنهم إذا باعوه للهند أو الدول الأوروبية لن يحصلوا على الأموال بصورة مباشرة، لذلك ركزوا على دولتين، هما الصين والعراق، لأن الأولى تدفع لهم وتعطيهم أشياء في المقابل أيضًا، أي أن هناك مقايضة، أي يحصلون على أموالهم بصورة مباشرة".
لذلك، وفق الدكتور أنس الحجي، قرر الإيرانيون تحويل مزيد من النفط الإيراني إلى الصين، في محاولة للحصول على عائدات مباشرة، ومن ثم جرى دعم الاقتصاد الإيراني بصورة كبيرة تحت مرأى ومسمع الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لم يتحرك نهائيًا لوقف هذه العمليات.
الغريب في الأمر، أنه رغم تغاضي بايدن ورغم معرفة الجميع أن إيران أُعطيت ضوء أخضر، فإن طهران وبكين واصلتا عمليات تصدير النفط في الخفاء، وهذا يوضح أنهما حاولتا عدم كشف هذه العمليات للأميركيين من جهة، واحتمال عودة العقوبات بأي وقت من جهة أخرى، لذلك لم يكن هناك داع لتغيير هذا النظام في التعامل بينهما.
وبالنسبة إلى إيران، كان لدى نظامها اقتناع كامل بأن العقوبات ستعود، واختار أن تكون الاستثمارات التي قاموا بها للتنقيب عن النفط واستخراجه في أحواض اختاروها إستراتيجيًا وليس اقتصاديًا، أي أن هناك أحواضًا نفطية في إيران غنية جدًا وتكاليفها بسيطة، ولكنهم اختاروا أماكن أخرى احتياطياتها أقل وتكاليفها أعلى، ولكن يمكن تهريب النفط منها بسهولة.
وتابع: "هذا يدل على أن النظام الإيراني يعرف أن موضوع العقوبات سيعود يومًا ما مع تغير الرؤساء في أميركا، وهذا الكلام مهم، لأنه يعني في النهاية أن فرض أي عقوبات لن يؤتي ثماره، لأن إيران والصين أتقنتا تهريب النفط الإيراني، ولكن في الأساس تجاهل بايدن موضوع العقوبات ليُبقي الإيرانيين على طاولة المفاوضات، للتوصل إلى اتفاق نووي، من أجل البرنامج النووي".
وأشار إلى أن أحد الأسباب أيضًا للتغاضي عن العقوبات، اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، في حين بايدن لا يريد أن ترتفع أسعار النفط بأكثر مما هي عليه الآن، التي تدور حول 85 دولارًا لخام غرب تكساس الوسيط، ونحو 90 دولارًا لخام برنت، ومن ثم فهي قريبة بنحو 5 إلى 10 دولارات من الحدود الخطرة.
موضوعات متعلقة..
- صادرات النفط الإيرانية تواجه أول عقوبات أميركية بعد الهجمات على إسرائيل
- صادرات النفط الإيرانية أمام حزمة جديدة من العقوبات الأميركية
- ما مصير صادرات النفط الإيراني لمصافي التكرير الصينية المستقلة بعد المواجهة مع إسرائيل؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- واردات المغرب من المشتقات النفطية ترتفع 3% في الربع الأول
- طاقة الرياح في السعودية أمام فرصة نمو قوية لدعم البنية التحتية الجديدة (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية إلى 17 مليون وحدة