تقارير النفطالتقاريررئيسيةنفط

استهداف مصافي النفط الروسية.. هل تُشعل أوكرانيا أزمة وقود تُورط القيصر؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تؤكد أوكرانيا إستراتيجية الهجمات على مصافي النفط الروسية.
  • قصفت أوكرانيا مصافي النفط الموجودة في أعماق الأراضي الروسية الفيدرالية 12 مرة على الأقل منذ بدء الغزو الروسي.
  • تأثير أسعار الوقود المرتفعة سيتردد صداه في أنحاء روسيا.
  • الهجمات أجبرت شركات النفط الروسية أيضًا على الاستثمار في أنظمة مضادة للطائرات دون طيار.
  • شنّت أوكرانيا 5 هجمات ناجحة على العديد من مصافي النفط الروسية في مارس.

تفتح هجمات أوكرانيا على مصافي النفط الروسية جبهةً جديدةً قد تغيّر قواعد اللعبة في الحرب الشرسة التي تشنّها موسكو على كييف منذ أكثر من عامين.

وتؤكد أوكرانيا إستراتيجية تلك الهجمات غير التقليدية؛ نظرًا إلى أن موسكو قد نجحت -إلى حد كبير- في تفادي العقوبات الغربية المفروضة على صادراتها النفطية والتي تستهدف عرقلة آلة الحرب.

غير أن متابعات من جانب منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) أظهرت تشكُّك خبراء في جدوى تأثير هجمات المصافي الروسية؛ واثقين بقدرة موسكو على إعادة ترتيب أوراقها والتصدي تقنيًا لتلك الضربات المنفذة بالمسيرات الأوكرانية.

يقول مدير برامج الطاقة في مركز رازومكوف (Razumkov Center) للأبحاث الأوكراني فولوديمير أوملشينكو، إنه يتعيّن على كييف تدمير من 3 إلى 4 من مصافي النفط الروسية شهريًا حال كانت ترغب بإشعال أزمة وقود في روسيا، وفق ما نشرته صحيفة أوكرانيا بزنس نيوز.

وأوضح أوملشينكو أن ما يزيد على 30 من مصافي النفط الروسية الكبيرة لديها سعة إجمالية تلامس 330 مليون طن (2.409 مليار برميل)، مشيرًا إلى أن الهجمات التي تشنّها المسيرات الأوكرانية على تلك المنشآت أسهمت في القضاء على أكثر من 14% من تلك السعة.

*طن النفط الروسي يعادل 7.3 برميلًا.

وفي الوقت نفسه تُنتِج روسيا ما يزيد على 45 مليون طن من البنزين، وتستهلك 38 طنًا من هذا الوقود، ولذا تشهد البلاد نقصًا مؤكدًا في هذا المنتَج النفطي.

ومع ذلك لا يوجد هناك نقص في وقود الديزل؛ حيث يلامس إنتاج موسكو منه أكثر من 80 مليون طن، في حين تستهلك 40 مليون طن من هذا الوقود المهم لقطاع النقل الثقيل.

الدخان يتصاعد من مصفاة تكرير روسية بعد تعرضها لهجوم بطائرة مسيرة أوكرانية
الدخان يتصاعد من مصفاة تكرير روسية بعد تعرّضها لهجوم بطائرة مسيرة أوكرانية - الصورة من "فايننشال تايمز"

تسارع الهجمات

تسرّع أوكرانيا وتيرة الهجمات على مصافي النفط الروسية، في حملة تستهدف تجفيف أهم منابع الإيرادات بالنسبة لموسكو التي تعوّل عليها في مواصلة تدوير آلة الحرب الأوكرانية، وفق مجلة ذا هيل الأميركية.

وقصفت القوات الأوكرانية مصافي النفط الموجودة في أعماق الأراضي الروسية الفيدرالية 12 مرة على الأقل منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط من عام 2022، لتعطل بذلك ما لا يقل عن 10% من سعة التكرير النفطي في البلاد، وفق تقديرات وزارة الدفاع البريطانية.

وخلال شهر مارس/آذار (2024) وحده، شنّت أوكرانيا 5 هجمات ناجحة على العديد من مصافي النفط الروسية، وفق تطورات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتسلّط تلك الهجمات الضوء على حرص "كييف" على استغلال تلك التقنية الرخيصة -نسبيًا- في شن هجمات مكلفة ضد أهداف طاقة حيوية في روسيا، تمامًا كما فعلت بمسيرات بحرية ضد أسطول موسكو في البحر الأسود.

حسابات الحرب تتغيّر

يقول خبراء إن كييف تحتاج إلى تكثيف الهجمات المنفّذة على مصافي النفط الروسية حال أرادت تغيير حسابات الحرب الدائرة مع موسكو التي ما زالت تُظهر تفوقًا ملحوظًا في ميدان المعركة نتيجة عوامل عدة، من بينها رفض الكونغرس الأميركي منح مساعدات جديدة إلى أوكرانيا.

وفي هذا الصدد قال نائب مدير برنامج روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (Foundation for Defense of Democracies) في واشنطن جون هاردي، إنه إذا "استطاعت أوكرانيا تسريع وتيرة هجماتها على المصافي الروسية، يمكن أن تبسُط هيمنتها على روسيا في الحرب".

وأضاف هاردي: "بقدر ما تحدد تلك الهجمات مسار الحرب؛ فإن تأثيرها قد يكون أوضح ماليًا؛ إذ إن كل دولار تخسره موسكو من الضرائب المفروضة على صناعة النفط، يعني دولارًا لا يمكنها أن تنفقه على الجنود أو إنتاج الأسلحة".

ووصلت الهجمات الأوكرانية -حتى الآن- إلى عمق 800 ميل داخل روسيا، غير أنها لم تلحق سوى أضرار محدودة بمصافي النفط الروسية؛ ما يتيح لموسكو إصلاح المنشآت المستهدفة.

وقال تحديث استخباراتي أجرته وزارة الدفاع البريطانية، في مارس/آذار (2024)، إن الهجمات الأوكرانية قد أجبرت موسكو على إجراء "إصلاحات كبرى" تطلّبت أموالًا كثيرة ووقتًا طويلًا.

وأوضح أنه "من المرجّح أن العقوبات تزيد وقت إحلال المعدات وتكلفته، وتفرض تلك الهجمات تكلفة مالية على روسيا، وتؤثر في سوق الوقود المحلية لديها".

جانب من محاولات إطفاء منشأة نفط روسية بعد تعرّضها لهجوم أوكراني
جانب من محاولات إطفاء منشأة نفط روسية بعد تعرّضها لهجوم أوكراني - الصورة من newsukraine

ورطة الكرملين

أحدثت تلك العقوبات بعض المشكلات للكرملين الذي فرض حظرًا لمدة 6 أشهر على صادرات البنزين الروسية في محاولة لسد مستويات الطلب المحلي، في حين ارتفعت أسعار الغاز في البلاد منذ بدء الهجمات على المصافي.

وقال الباحث في برنامج فولبرايت لدى كلية بوش للحوكمة والخدمة العامة بجامعة تكساس إيه آند إم، جيورجي ريفيشفيلي، إن ارتفاع أسعار الوقود يمكن أن يفرض مشكلات داخلية للرئيس بوتين.

ولفت ريفيشفيلي إلى أنه "منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا يحافظ الكرملين على اتفاقية غير معلنة مع الروس للإبقاء على أي اضطرابات تتعلق بالحرب عند أدنى مستوياتها"، في تحليل كتبه على موقع أتلانتيك كاونسل (Atlantic Council) الأميركي.

وتابع: "تأثير أسعار الوقود المرتفعة سيتردد صداه في أنحاء روسيا، ولا سيما في المناطق التي تعاني اقتصاديًا؛ ما قد يزعزع استقرارها".

هجمات بلا جدوى

ترى الباحثة في مركز أوروبا الشرقية والدراسات الدولية (the Centre for East European and International Studies) ألكسندرا بروكوبينكو، أن الهجمات الأوكرانية على مصافي النفط الروسية "شيء بغيض، ولكنها لا تؤثر بشدة في آلة الحرب الروسية".

وأضافت بروكوبينكو أن تلك الهجمات "لا تؤثر في إمدادات الوقود، وربما ترفع أسعار البنزين لمدة وجيزة بالسوق المحلية في روسيا"، خلال تصريحات كتابية إلى صحيفة ذا هيل، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ولفتت إلى أن الهجمات أجبرت شركات النفط الروسية -كذلك- على الاستثمار في أنظمة مضادة للطائرات دون طيار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق