تفكر شركة شل (Shell) في مغادرة بورصة لندن؛ نظرًا إلى عدم تقييم أسهمها بالشكل الذي تستحقه، في ظل الفجوة الواضحة مع منافسيها في الولايات المتحدة.
وأبدى الرئيس التنفيذي للشركة وائل صوان، استعداده للبحث عن مكان آخر لإعطاء أسهمه المقومة بأقل من قيمتها، ما تستحقه.
في الوقت الحالي، يعمل صوان على إصلاح الشركة؛ إذ يسعى منذ بداية تولّيه مهام منصبه عام 2023 إلى خفض التكاليف، والتخلص من الوحدات ذات الأداء الضعيف وتخصيص الأموال لإعادة شراء الأسهم.
ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، ارتفعت أسهم شل بنحو 0.7% خلال تعاملات اليوم الإثنين (8 أبريل/نيسان 2024).
عوامل خروج شركة شل من لندن
منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شعرت مدينة لندن بالقلق بشأن تراجع دورها في التمويل العالمي.
وتحققت هذه المخاوف بشكل واضح، عندما فشلت بورصة لندن في الفوز بأكبر طرح عام أولي في العام الماضي (2023) من قبل شركة بريطانية.
ولكن المشكلة هنا ليست خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بل في عدم مبالاة المستثمرين الأوروبيين -إن لم يكن العداء الصريح- تجاه الوقود الأحفوري، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في مقال نشرته وكالة بلومبرغ.
ويتعين على الشركات أن تدرج أسهمها في الأماكن التي يرحّب بها المستثمرون، وحيث يجري تقييمها على النحو اللائق، وهذا لا ينطبق حاليًا على شركات الوقود الأحفوري والمملكة المتحدة.
وأوضح كاتب المقال خافيير بلاس، أن شركات الموارد الطبيعية العملاقة مثل شركة شل، رأت ذات يوم أن لندن -المليئة بأعمال التعدين والطاقة- هي موطنها الطبيعي، واليوم، تلوح في الأفق الولايات المتحدة، وهي الآن أكبر منتج للنفط في العالم.
وأضاف أنه إذا غادرت شل بالفعل، فمن المحتمل ألّا تكون حالة فردية؛ إذ تعدّ الشركة أكبر مكون في مؤشر فوتسي 100، وهو مؤشر سوق الأوراق المالية من أكبر 100 شركة من حيث القيمة السوقية المدرجة في بورصة لندن.
وسيكون الضغط على شركة بي بي (BP) -خامس أكبر عضو في المؤشر- هائلًا.
وتُضاف إلى الشركات المحتملة التي ستغادر، شركة غلينكور (Glencore) لتجارة السلع الأساسية، التي لديها أعمال كبيرة في مجال الفحم، لتكون هذه 3 من أفضل 10 شركات في مؤشر فوتسي 100.
يُذكر أن شركت "شل" و"بي بي" ليستا مجرد شركتين كبيرتين في لندن، لكنهما من دافعي الأرباح الضخمة، أي ركائز للمستثمرين ذوي الدخل الذين يشكّلون جزءًا أساسيًا من سوق الأسهم في المملكة المتحدة.
سباق "صوان" للإصلاح
أشار كاتب المقال خافيير بلاس إلى حديثه مع رئيس شل وائل صوان في هيوستن في شهر مارس/آذار 2024، عندما اعترف بأن كل شيء ليس على ما يرام في المملكة المتحدة.
وقال: "لديّ موقع يبدو بوضوح أنه مقوم بأقل من قيمته الحقيقية"، محاولًا شرح الفجوة بين شركة شل المدرجة في لندن ومنافسيَها اللدودين إكسون موبيل (ExxonMobil) وشيفرون (Chevron)، وكلاهما مدرج في نيويورك.
في الوقت الحالي، لا يتمثل حل صوان في تغيير عملية الإدراج، بل في إصلاح شركة شل؛ إنه في خضم ما يسميه "سباق سريع" لمدة 10 أرباع لخفض التكاليف، والتخلص من الوحدات ذات الأداء الضعيف، وتخصيص الأموال لإعادة شراء الأسهم.
وقال: "يمكنك أن تقلق بشأن الفجوة، أو يمكنك شراء هذه الفجوة.. سأستمر في إعادة شراء تلك الأسهم، وإعادة شراء تلك الأسهم بسعر مخفض.. إنها فرصة استثمارية رائعة".
وتساءل الكاتب خافيير بلاس: "ماذا لو ظلت فجوة التقييم قائمة بحلول منتصف عام 2025، بالقرب من خط نهاية السباق السريع؟"
وأوضح صوان أنه لا يوجد شيء محظور، بما في ذلك نقل الإدراج إلى نيويورك: "إذا عملنا خلال السباق، وقمنا بما نقوم به، وما زلنا لا نرى أن الفجوة تضيق، علينا أن ننظر إلى جميع الخيارات"، مضيفًا: "جميع الخيارات".
وقد ينجح في ذلك، وربما لا تغادر شركة شل بورصة لندن أبدًا، ولكن المخاطر التي تواجه لندن أعلى كثيرًا مما تصورته السوق، ومسؤولو البورصة.
صعوبات الانتقال إلى أميركا
توقّع كاتب المقال خافيير بلاس أن تستمر هذه الفجوة، لأن عدد مشتري مخزونات النفط في أوروبا أقل منه في الولايات المتحدة.
وبغضّ النظر عن المقياس، فإن فجوة التقييم واضحة، ويهتم صوان برقم معين: عائد التدفق النقدي الحر.
وعلى هذا المقياس، تتداول شركة شل بأكثر من 12%؛ ويتداول سهم إكسون موبيل أقل بقليل من 7%، في حين يبلغ سهم شيفرون 6.5%، وشركة بي بي عند نحو 16% (كلما ارتفع العائد، انخفض تقييم السهم).
وأشار بلاس إلى أن الانتقال إلى نيويورك قد لا يساعد شركة شل؛ إذ إنها لا تعاني مما يعاني منه الآخرون الذين غادروا لندن أو فكروا في مغادرتها.
وأوضح أن جزءًا من فجوة التقييم هو خطأ الشركة نفسها؛ ففي السنوات الأخيرة، حاولت استرضاء العديد من المستثمرين والمساهمين، ولم تخدم أيًا منهم في نهاية المطاف.
وبالنسبة للمستثمرين الذين يسعون إلى الاستفادة من الوقود الأحفوري، عرضت شركة شل مجموعة مختلطة من النفط والطاقة الخضراء؛ وبالنسبة للمساهمين الذين ركّزوا على تغير المناخ، كانت الشركة شركةً تعمل بالوقود الأحفوري.
وشدد بلاس على أنه لا يمكن -رغم ذلك- إنكار أن بعض الانخفاض في القيمة يرتبط بنقص الطلب في أوروبا.
ولن يكون تحويل القائمة الأساسية إلى نيويورك خاليًا من الصعوبات؛ إذ ستشترط شركة شل موافقة أولئك الذين يملكون أكثر من 75% من أسهمها.
وبعد ذلك، ستواجه الانتظار قبل أن تصبح مؤهلة للعضوية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 -مؤشر أسهم يضم 500 شركة كبرى مدرجة في السوق الأميركية- وهو ما قد يؤدي إلى خفض التقييم في البداية، كما قد يؤدي إلى تكاليف تنظيمية ومحاسبية إضافية.
موضوعات متعلقة..
- شركة شل: العالم يحتاج للنفط والغاز.. ونحذر من هذا الخطر
- شركة شل تخصص 15 مليار دولار لدعم حلول الطاقة منخفضة الكربون
- شركة شل تتخلى عن بعض أصولها النفطية في خليج المكسيك
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. العراق يخالف تعهده بخفض صادرات النفط (خاص)
- أكبر مصدري الغاز المسال في أفريقيا.. الجزائر تعود للمركز الثاني ومصر تتراجع
- فرص الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. هل تتغلب الإمكانات على التحديات؟
- تخزين الكهرباء المتجددة في الرمال.. تقنية رخيصة ومميزة