التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

فرص الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. هل تتغلب الإمكانات على التحديات؟

هبة مصطفى

يحظى الهيدروجين الأخضر في أفريقيا بفرص متزايدة، في ظل توافر الموارد المتجددة اللازمة لإنتاج الوقود النظيف عبر التحليل الكهربائي.

وتمتد مشروعات الطاقة الشمسية وتوربينات مزارع الرياح في القارة السمراء، مستفيدة من المساحات الشاسعة وحالة الطقس المُعزز لقدرات الإشعاع الشمسي وحركة الرياح.

وينعكس هذا التوافر على إبقاء تكلفة إنتاج الوقود الأخضر في نطاق معقول، لكن هناك عدة مخاطر وتحديات من شأنها تهديد عملية الإنتاج والتكلفة المنخفضة المتوقعة.

وبحسب تقرير اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على نسخته الكاملة، يرى مجلس الهيدروجين (مبادرة عالمية تضم 140 شركة من أنحاء العالم) أن استعمالات الوقود النظيف قد تتوسع مستقبلًا لتلبي الاستهلاك المحلي في أفريقيا ويتوفر فائض.

وأشار التقرير إلى الفرص المتزايدة لـ3 دول في القارة، وهي: المغرب، وناميبيا، وموريتانيا، ورغم ذلك أطلق جرس إنذار حول تقويض المخاطر والتحديات لإمكانات إنتاج الوقود النظيف.

موارد متجددة

يكتسب التوسع بإنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا ميزة عن غيره من المواقع الأخرى، نظرًا إلى توافر سعة متجددة تصل إلى 69% من طاقة الرياح، و25% من الطاقة الشمسية.

ويأتي هذا بخلاف إسهام موارد الطاقة المتجددة الأخرى، مثل: الطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة الكهرومائية، وغيرها.

ومن شأن الموارد المتجددة المتاحة أن تؤهل القارة السمراء لإنتاج الوقود النظيف ومشتقاته، مثل الأمونيا والوقود الاصطناعي، إذ يسمح الاستغلال الأمثل لهذه الموارد بإنتاج كهرباء منخفضة التكلفة، لتصبح عنصرًا رئيسًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر عملية التحليل الكهربائي.

مزرعة رياح توركانا في كينيا
مزرعة رياح توركانا في كينيا - الصورة من بلومبرغ

وتتنوع القارة جغرافيًا طبقًا لهذه الموارد، إذ تنتشر إمكانات الشمس والرياح في شمال أفريقيا وجنوبها، في حين تتمتع دول وسط القارة بفرص واعدة حيال الطاقة الكهرومائية، أما دول شرق القارة فتركز على تطوير الطاقة الحرارية الأرضية.

ووفق التقرير، الصادر نهاية شهر مارس/آذار الماضي، قد تتفوّق إمكانات الطاقة الشمسية والرياح في أفريقيا على نظيراتها في المناطق المتفرقة من العالم، عدا أستراليا والصين وتشيلي.

وبصورة محددة، تتربع 3 دول أفريقية على عرش الإمكانات المتجددة في القارة السمراء، والدول الـ3، وهي: المغرب، وموريتانيا، وناميبيا، إذ تفوق مواردها بقية الدول التي قطعت شوطًا كبيرًا في إنتاج الهيدروجين.

حجم الانتشار

بخلاف توافر الموارد المتجددة، تحظى تقديرات إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا بتكلفة منخفضة، ويرجع ذلك إلى "محدودية" المنافسة على تلك الموارد، إذ ما قُورنت بالاستهلاك الأوروبي على سبيل المثال.

وحتى إذا توسعت القارة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، فإن ذلك لن يؤثر في حجم إمكانات الموارد المتجددة الضخمة، ولن يزاحم الوقود النظيف استهلاك هذه الموارد في أوجه أخرى مثل تلبية الطلب على الكهرباء أو غيرها.

ولا ينبغي لمطوري الطاقة المتجددة التخوف من تزايد مطالبات إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، بل على العكس يمكن أن يتحول الوقود النظيف إلى إحدى أدوات موثوقية إنتاج الطاقة المتجددة ونشرها بتشجيعه على استغلال المزيد من هذه الموارد.

وقد يدفع تزايد استهلاك الهيدروجين الأخضر في أفريقيا والإقبال عليه نحو زيادة إنتاجه، وبالتالي الاستفادة من موارد الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية غير المستغلة بالقدر الكافي حتى الآن.

وقد تشكّل تحلية مياه البحر أحد أبرز حلول ندرة المياه في القارة، خاصة أن تدفقات المياه المطلوبة لإتمام عملية التحليل الكهربائي قد تواجه نقصًا يعطّل إنتاج الوقود النظيف في بعض المناطق.

وقد ينعكس اتساع رقعة المشروعات على فرص التوظيف في أفريقيا واقتصاد القارة، إذ يمكن لصناعة الهيدروجين توفير 13 مليون وظيفة بحلول 2050.

الاستهلاك والتكلفة

تعزز صناعة الوقود النظيف الناتج المحلي الإجمالي لجنوب أفريقيا بنحو 3.6%، في حين توفر 370 ألف وظيفة.

وذكر تقرير مجلس الهيدروجين أن تطوير الهيدروجين الأخضر في أفريقيا يعمّق فرص دول القارة في تعزيز الوصول للكهرباء وتلبية الطلب المحلي، بجانب دوره العالمي.

ورجح تقرير مجلس الهيدروجين نمو استثمارات الوقود النظيف في أفريقيا تدريجيًا، لتشكّل استثمارات ما بعد عام 2030 ما نسبته 90% من حجم الاستثمارات الإجمالية.

ويعكس الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور الطلب العالمي على الهيدروجين من عام 2022 حتى 2050:

توقعات الطلب على الهيدروجين بحلول 2050

وتوقع التقرير أن تُمثّل الكيماويات والتكرير والنقل ما حصته 75% من حجم استهلاك الهيدروجين في القارة، ليصل حجم الاستهلاك بحلول عام 2050 إلى 6.5 مليون طن سنويًا.

وتزداد المخاوف من تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، نظرًا إلى زيادة تكلفة رأس المال ونفقات مصادر الطاقة المتجددة وأجهزة التحليل الكهربائي.

ولم يحسم تقرير مجلس الهيدروجين المخاوف حول التكلفة، إلا أنه تطرق إلى احتمالات ارتفاع تكلفة التمويل في أسواق الدول النامية مقارنة بغيرها، ما يعطل قدرتها على المنافسة في خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين.

وتزداد التكلفة نظرًا إلى وجود مخاطر على صعيدين، الأول خاص بالبلدان الأفريقية سواء فيما يتعلق بالاستقرار المالي والسياسي وعدم اليقين في القوانين، والثاني يركز على المخاطر المحتملة للمشروعات مثل نقص الخبرة والبنية التحتية.

تطور المشروعات

حتى الآن، يمكن القول بأن مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، التي وصلت لمرحلة التصميمات الهندسية الأولية، تُشكّل ما نسبته 3% من إجمالي المشروعات التي تخضع للتنفيذ في القارة، مقارنة بنحو 12% على الصعيد العالمي.

ويُشير ذلك إلى وجود تحديات وعوائق تواجه تطور مشروعات الهيدروجين في القارة، وينبغي التغلب على هذه العقبات حتى تشهد أفريقيا تطورًا ملحوظًا.

وحدّد تقرير مجلس الهيدروجين إطارًا يمكن من خلاله نشر مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا بوتيرة أسرع، ويتضمن هذا الإطار التعاون بين حكومات القارة من جهة وبين الأسواق المستقبلة للإمدادات من جهة أخرى، مع التزام الطرفين بالتنسيق مع أصحاب المصلحة من المطورين ومستكشفي فرص الإنتاج.

وأورد التقرير أن التزام الأطراف المعنية بإطار زمني لكل مشروع سيُسهم في التغلب على عقباته، خاصة إذا عززت الحكومات هذه الخطوة بالتأسيس لمناخ استثماري جيد يتسم بسهولة إصدار الموافقات وتوضيح الرسوم والضرائب، بالتعاون مع المحليات والبلديات.

وتتضمن آليات تعزيز نشر مشروعات الهيدروجين في القارة وخفض مخاطر الاستثمار في هذا المجال، الإفصاح عن خطة تطوير البنية التحتية بتخطيط واضح ومباشر، مع مراعاة إمكان الاستفادة من البنية التحتية القائمة في الوقت الحالي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق