الرياح البحرية في بحر البلطيق تزداد نموًا.. لماذا تتخلف روسيا؟
هبة مصطفى
تشهد مشروعات الرياح البحرية في بحر البلطيق نشاطًا مكثفًا خلال الآونة الأخيرة، وتتسابق الشركات فيما بينها لتطوير المزارع.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة، جذبت سواحل بحر البلطيق اهتمام غالبية الدول المطلة عليه، باستثناء روسيا التي ركّزت على استثمارات الوقود الأحفوري.
ومع تحول الأنظار الأوروبية بعيدًا عن الغاز الروسي، بات البحث عن منافذ جديدة لتطوير الطاقة المتجددة محل اهتمام لكبريات شركات الطاقة النظيفة.
وتضم الدول المطلة على ساحل البلطيق والمحيطة به -التي يُطلَق عليها أحيانًا دول حوض البلطيق- كلًا من: (الدنمارك، ألمانيا، بولندا، ليتوانيا، لاتفيا، روسيا، السويد، فنلندا، إستونيا)، ويكتسب موقع هذه الدول أهمية إستراتيجية.
خريطة الشركات والاندماجات
قبل أن نستعرض أبرز مشروعات الرياح البحرية في بحر البلطيق، نتطرق إلى صفقات اندماج واستحواذ أثّرت في الصناعة، إذ أسفرت عن مشروعات مشتركة لعدد من كبريات الشركات.
وذاع صيت شركة سكاي بورن رينيوبلز (Skyborn Renewables) في بحر البلطيق، إذ أُطلقت الشركة عام 2022 بوصفها مشروعًا جديدًا لشركة دبليو بي دي رينيوبلز (WPD Renewables) مطور الرياح البحرية.
وحتى عام 2022، كانت محفظة شركة "دبليو بي دي" تضم 7 غيغاواط من الرياح البحرية منتشرة في 14 سوق أوروبية وآسيوية، لتصل القدرة الإجمالية لـ"سكاي بورن" في ثوبها الجديد إلى 30 غيغاواط.
وتمثّل شركة "سكاي بورن" الذراع الألمانية لشركة استثمارات الطاقة المتجددة والبنية التحتية الأميركية غلوبال إنرفراستركتشر بارتنرز (Global Infrastructure Partner)، التي شهدت صفقة مهمة العام الجاري باستحواذ شركة بلاك روك الأميركية عليها.
وتملك شركة بلاك روك محفظة متنوعة للطاقة النظيفة، بجانب دورها الاستشاري حيال هدف تحول نيوزيلندا الكامل للاعتماد على الطاقة المتجددة، وكذلك تعزيز التحول الأخضر في أوكرانيا.
وفي التقرير أدناه، تستعرض منصة الطاقة عددًا من مشروعات الرياح البحرية في بحر البلطيق:
ألمانيا:
تكتسب مشروعات الرياح البحرية في بحر البلطيق زخمًا كبيرًا، زادت وتيرته عقب الغزو الروسي لأوكرانيا واندلاع الحرب، في فبراير/شباط عام 2022، وكانت ألمانيا صاحبة حصة مهمة ضمن هذه المشروعات.
ومن بين هذه المشروعات، مزرعة رياح تابعة لشركة سيمنس جاميسا (Siemens Gamesa) الرائدة في تصنيع توربينات الرياح الشهيرة بقدرتها على تعزيز إنتاج الكهرباء، وتبلغ قدرة المزرعة المرتقبة لصالح ألمانيا 975 ميغاواط.
وتتبنى ألمانيا مشروعًا آخر خاصًا بمزرعة رياح غيناكر (Gennaker) بقدرة 927 ميغاواط، وتقع المزرعة -التي ما زالت في مرحلة التراخيص، وتطورها شركة سكاي بورن (Skyborn)- شمال برلين.
وتعتمد المزرعة على بنية تحتية تشمل 103 توربينات، بقدرة 8.6 ميغاواط، وقد ترتفع إلى 9 ميغاواط، وهي من إنتاج شركة سيمنس جاميسا أيضًا.
فنلندا:
تبنّى فرع شركة سكاي بورن في فنلندا (Skyborn Renewables Offshore Finland Oy) مقترحًا خلال العام الماضي 2023، بإنشاء مزرعة رياح جديدة.
ومن المأمول أن تصل قدرة المزرعة إلى 3.6 غيغاواط، ويُخطط لإنشائها في المنطقة الاقتصادية بفنلندا، وتمتد حتى السويد.
السويد:
تعدّ السويد من أبرز مطوري الرياح البحرية في بحر البلطيق، وطرحت شركة سكاي بورن -في يوليو/تموز 2023- بناء مزرعة رياح بحرية قرب العاصمة ستوكهولم.
وتصل قدرة المزرعة إلى 2 غيغاواط و800 ميغاواط، وتبعد مسافة قدرها 50 كيلومترًا عن الساحل الواقع شمال جزيرة أورسكار في مقاطعة أوبسالا، وأطلقت عليها الشركة اسمًا محتملًا فايرسكيبت أوفشور (Fyrskeppet Offshore).
وتوقعت الشركة أن تولّد المزرعة البحرية ما مقداره 11 تيراواط/ساعة من الكهرباء النظيفة، بما يمثّل 8% من إنتاج الكهرباء السويدية في الآونة الحالية.
وبالإضافة لمزرعة "فايبرسكيبت أوفشور"، تطور شركة "سكاي بورن" مشروعًا آخر في السويد، وهو مزرعة إستراسولتبانكن" في بحر بوثنيان المتصل بخليج مع بحر البلطيق.
وتطور الشركة أيضًا مزرعة "ستورغراندت"، قرب ممنطقة سودرهامن.
وبذلك تصل محفظة شركة سكاي بورن في السويد إلى 40 تيراواط/ساعة سنويًا، من 4 مناطق بحرية قابلة للإنتاج.
ولم يقتصر تطوير الرياح البحرية في بحر البلطيق على شركة سكاي بورن فقط، إذ تستهدف مجموعة إنغكا (INGKA Group) تطوير مزرعة نبتونز (Neptuns)، في مشروع مشترك مع شركة أو إكس 2 (OX 2) السويدية الرائدة في الطاقة المتجددة.
ومن المتوقع أن تضم المزرعة 207 توربينًا بقدرة 3.1 غيغاواط.
بولندا:
تملك بولندا خططًا لتطوير الرياح البحرية في بحر البلطيق، لكن يبدو أنها لم تترجمها بعد إلى مشروعات.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة الرياح البحرية المضافة من عام 2006 حتى عام 2022:
أين روسيا؟
غابت روسيا عن سباق تطوير طاقة الرياح البحرية في بحر البلطيق، ويعدّ تجاهل إمكانات المنطقة دلالة على عدم اكتراث موسكو بمجالات الطاقة المتجددة، وفق تقرير نشرته صحيفة كلين تكنيكا (Clean Technica).
ولعل صغر المساحة الخاصة بروسيا على ساحل بحر البلطيق يفسّر عدم تبنّيها أيّ مشروعات خاصة بطاقة الرياح في هذه المنطقة.
ويُطلق على المساحة الخاصة بموسكو مدينة "كالينيغراد"، وهي مدينة محاطة بحدود بولندا وليتوانيا وبحر البلطيق.
وتُقدَّر مساحة مدينة كالينيغراد بنحو 4.5 ميل بحري فقط، وتستعمل موسكو غالبيتها لأغراض عسكرية، إذ أسست بها "أسطول البلطيق" أحد أقدم أذرع البحرية الروسية.
وتعدّ مساحة هذه المدينة صغيرة إلى حدّ يجعلها شبه منفصلة عن بقية مدن موسكو، لكنها تظل فرصة يمكن أن يقتنصها الكرملين لاقتحام صناعة الرياح البحرية في بحر البلطيق.
ومن بين الدول المطلة على بحر البلطيق، البالغ عددها 9 دول، تقتصر أزمة المساحة الضيقة المطلة على بحر البلطيق على روسيا فقط.
موضوعات متعلقة..
- دول البلطيق تتعهد بزيادة سعة طاقة الرياح البحرية إلى 20 غيغاواط بحلول 2030
- ألمانيا تستغني عن الغاز الروسي بتجربة جديدة في بحر البلطيق
- ألمانيا تتوسع بمزارع الرياح البحرية وتطرح 4 مناقصات في بحري الشمال والبلطيق
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. حقيقة تصدير النفط السعودي لإسرائيل.. و5 دول تؤمن احتياجات تل أبيب
- العراق يوقع صفقة غاز لمدة 5 سنوات.. وشرط قد يهدد كميات الضخ
- صادرات نفط جنوب السودان تواصل التوقف.. والجيش يحاصر مصفاة الخرطوم (خاص)