نظام الطاقة في بريطانيا يتأرجح بين وعود حكومة المحافظين وأخطاء حزب العمال (تقرير)
نوار صبح
- موارد الطاقة المتضائلة في بريطانيا تدفع الوزراء لمضاعفة الاعتماد على الوقود الأحفوري
- رولز رويس تتمتع بسجل حافل يمتد إلى 60 عامًا في مجال التقنية النووية المتطورة
- القرار الذي اتخذه السير كير ستارمر بالتخلي عن خطته الرائدة للاستثمار الأخضر أضر بمصداقيته
- هناك خطر أن تصبح بريطانيا أكثر اعتمادًا على واردات الوقود الأحفوري وليس أقل
يتأرجح نظام الطاقة في بريطانيا بين وعود حكومة المحافظين، التي تتغنّى بالطاقة النووية وتدعم بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء بالغاز، وبين أخطاء حزب العمال المعارض، الذي خفّض خطط الاستثمارات الخضراء مؤخرًا.
إزاء ذلك، جرى تأكيد أهمية أمن الطاقة في بريطانيا بعدما حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعمال إمدادات الطاقة لديه سلاحًا ضد دول الغرب بعد غزوه أوكرانيا.
وكان ذلك بمثابة نداء استيقاظ مرعب للمجتمع المتحضر، وتذكير جديد بمدى هشاشة نظام الطاقة في بريطانيا، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
نظام الطاقة في بريطانيا أمام تحدي الغاز
في الآونة الأخيرة، واجه نظام الطاقة في بريطانيا تحدي زيادة الاعتماد على الغاز، وفي محاولة يائسة غير مقنعة لتبرير قرار بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء بالغاز دعمًا لمصادر الطاقة المتجددة، حذرت وزيرة الطاقة البريطانية، كلير كوتينيو، من "أننا نواجه احتمالًا حقيقيًا لانقطاع التيار الكهربائي".
وما نسيت الوزيرة كوتينيو أن تذكره هو أن ذلك نتيجة مباشرة لفشل هذه الحكومة، جنبًا إلى جنب مع مسيرة ثابتة من الحكومات التي سبقتها، في معالجة موارد الطاقة المتضائلة في بريطانيا، ما دفع الوزراء الآن إلى مضاعفة الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وقال المحرر المساعد لدى صحيفة ذا تليغراف البريطانية (The Telegraph) بن مارلو، إن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه من غير المرجح أن يتحسن الوضع في المستقبل القريب".
وأضاف بن مارلو: "بل على العكس من ذلك، يبدو أن الأمر متجه إلى الأسوأ، لأنه من الواضح تمامًا أنه لا يوجد سياسي في البلاد يتمتع بالقدرة على معالجة مشكلة بهذا الحجم".
تعزيز الإنتاج النووي البريطاني
أشار بن مارلو، إلى أن "رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، لا يقدم سوى الخطاب الفارغ المعتاد"، واستشهد "بمحاولات الحكومة الأخيرة -إذا أمكن تسميتها كذلك- لتعزيز الإنتاج النووي البريطاني المتضائل بسرعة".
وأردف: "من المؤكد أنه لا داعي للإشارة إلى أنه إذا كنت سترسل زعيم هذا البلد إلى بارو إن فورنيس، وهي بلدة صغيرة تقع في قلب القدرات النووية لبريطانيا، للتغني بمستقبل الطاقة النووية، فمن الأفضل أن تتأكد من أن لديه شيئًا جوهريًا لدعمها".
وقال مارلو: "إن ريشي سوناك هو الوحيد الذي سيتحمل عناء السفر مسافة 300 ميل (482.80 كيلومترًا) إلى جنوب كمبريا، ليعلن أن الصناعة هي (مسعى وطني حاسم)، قبل أن يسعى لتوفير 20 مليون جنيه إسترليني (25.25 مليون دولار) من الأموال العامة (لدعم النمو) في المنطقة".
وأضاف: "صحيح أنه ليس مبلغًا ضئيلًا، ولا ينبغي التغاضي تمامًا عن الوعد بمبلغ 180 مليون جنيه إسترليني (227.26 مليون دولار) سنويًا على مدار العقد المقبل".
وأوضح "كل ما في الأمر هو أنه مع احتياج المحافظين إلى معجزة للبقاء في السلطة، فإن الحكومة تقدم تعهدات من شبه المؤكد أنها لن تكون قادرة على الوفاء بها".
في المقابل، من المقرر أن تتقاعد 8 من إجمالي 9 مفاعلات نووية موجودة في عام 2020، وهناك مفاعلان جديدان فقط -هينكلي بوينت سي وسايزويل سي- في طور الإعداد، وكلاهما يعاني التأخير وتضخم الموازنات، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأردف بن مارلو: "كانت المرة الأخيرة التي بنت فيها بريطانيا محطة نووية هي (سايزويل-بي) في عام 1995، إذ يقرّ وزير الطاقة النووية أندرو باوي بأن بريطانيا (تسعى للحاق بالركب)".
وأشار مارلو إلى أن "لدى بريطانيا شركة وطنية هي رولز رويس، التي تتمتع بالمهارات والمعرفة والخبرة اللازمة للقيام بذلك، بفضل سجل حافل يمتد إلى 60 عامًا في مجال التكنولوجيا النووية المتطورة".
وألمح إلى أن "الطاقة النووية ليست سوى جزء واحد من مزيج الطاقة المطلوب في بريطانيا".
تخلّي حزب العمال عن خطة الاستثمار الأخضر
قال المحرر المساعد لدى صحيفة ذا تليغراف البريطانية (The Telegraph) بن مارلو: "كان القرار الذي اتخذه زعيم حزب العمال السير كير ستارمر، بالتخلي عن خطته الرائدة للاستثمار الأخضر قد أضر بمصداقيته بصورة خطيرة عبر الطيف السياسي".
وقال الخبراء إن خطط حزب العمال المتسارعة للحياد الكربوني ستتطلب استثمارًا إضافيًا بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار).
ومن غير المرجح أن تساعد الخطط الرامية إلى إنشاء شركة طاقة مملوكة للقطاع العام في بناء مزارع الرياح العائمة.
وأشار النقاد إلى أن مبلغ الـ8 مليارات جنيه إسترليني (10.10 مليار دولار) من أموال دافعي الضرائب الذي جرى تخصيصه لهذا المشروع بالكاد يلامس ما هو مطلوب.
ويزعم السير كير أن مزود الطاقة المدعوم من الدولة سيمنح المملكة المتحدة "استقلالًا حقيقيًا في مجال الطاقة"، ولكن إذا جرى تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، ويرى أنه دون بناء البنية التحتية الضخمة المطلوبة، فهناك خطر أن تصبح بريطانيا أكثر اعتمادًا على واردات الوقود الأحفوري، وليس أقل.
اقرأ أيضًا..
- سعة توليد الكهرباء المتجددة ترتفع 473 غيغاواط.. والشرق الأوسط يحقق رقمًا قياسيًا
- بالأرقام.. حقيقة تصدير النفط السعودي لإسرائيل.. و5 دول تؤمّن احتياجات تل أبيب
- إيرادات صادرات النفط السعودي في يناير تنخفض 13.5%