الطاقة النووية في جنوب أفريقيا تترقب تطورًا قد يغير خريطتها عالميًا
محمد عبد السند
- الطاقة النووية مكون مهم في مزيج الطاقة الوطني في جنوب أفريقيا
- تعاني جنوب أفريقيا أزمة كهرباء طاحنة
- جنوب أفريقيا لديها وصول بنسبة 93% إلى الكهرباء
- في يناير الماضي نشرت الحكومة الجنوب أفريقية مسودة خطة الموارد المتكاملة
- تستحق جنوب أفريقيا فرصة لتنفيذ دورة الوقود النووي الكاملة للاستعمالات السلمية
تمثل الطاقة النووية في جنوب أفريقيا مكونًا مهمًا في مزيج الطاقة، في وقت تعاني فيه البلاد شُحًا في إمدادات الكهرباء يُغرق أغلب مدنها في الظلام لساعات طويلة يوميًا.
وتتطلع جنوب أفريقيا إلى استغلال مواردها المعدنية في إنتاج وقود المفاعلات النووية عالية الحرارة، بل وتصديره إلى الأسواق العالمية.
وما تزال جنوب أفريقيا تصارع معضلة انقطاع الكهرباء، نتيجة الشبكة المتهالكة التي عانت لسنوات طويلة الإهمال وسوء الإدارة، ما ترك مرفق الكهرباء الجنوب أفريقي إسكوم (Eskom) الغارق في الديون عاجزًا عن سد الطلب المتنامي على تلك السلعة الإستراتيجية.
وكانت أزمة انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا قد بدأت للمرة الأولى في عام 2007، ما أسفر عن نقص حادّ في توليد الكهرباء اللازمة لسدّ احتياجات الملايين من السكان والصناعة.
وفي العام قبل الماضي (2022)، أخذت الأزمة تتفاقم بعد أن انتهجت الحكومة سياسة تخفيف الأحمال المتكرر يوميًا، إذ استمر الانقطاع لعدّة ساعات على مدار 200 يوم خلال العام، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
مخطط نووي طموح
سلطت سفيرة جنوب أفريقيا لدى بلجيكا ولوكمسبورغ والاتحاد الأوروبي توكوزيل كاسا، الضوء على مخطط طموحات الطاقة النووية في جنوب أفريقيا خلال مشاركتها في قمة الطاقة النووية التي تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاشتراك مع بلجيكا، وفق ما أورده موقع وورلد نيوكلير نيوز (World Nuclear News).
وقالت كاسا، إنه رغم أن جنوب أفريقيا لديها وصول بنسبة 93% إلى الكهرباء، هناك 600 مليون شخص في أفريقيا لا يمكنهم ذلك، مضيفة أن بلادها تعتقد أنه "إذا نجحنا في استئصال شأفة الفقر والبطالة وعدم المساواة في أفريقيا، فسنحتاج كذلك إلى التخلص من فقر الطاقة وضمان أمنها".
وتؤدي الطاقة النووية دورًا مهمًا في مزيج الطاقة الجنوب أفريقي، في الوقت الذي من المتوقع فيه أن تمُد الحكومة عمل محطة كويبرغ (Koeberg) للطاقة النووية الوحيدة من نوعها العاملة في أفريقيا، لمدة 20 سنة أخرى.
مفاعلات الحرارة العالية
سيجري إصدار طلب مقترحات لبناء سعة نووية جديدة قدرها 2500 ميغاواط التي كان من المقرر طرحها في الأصل خلال مارس/آذار (2024)، وفق ما صرحت به سفيرة جنوب أفريقيا لدى بلجيكا ولوكمسبورغ والاتحاد الأوروبي توكوزيل كاسا، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي ضوء الموارد الوفيرة التي تنعم بها أفريقيا، ومن بينها اليورانيوم، تنوي جنوب أفريقيا الاستفادة من تلك الموارد لإنتاج المواد الخام اللازمة لتشغيل المحطات النووية في أفريقيا، مع تطوير تقنية المفاعل المعياري ذي القاعدة الحجرية (Pebble Bed Modular Reactor) بوصفه مشروعًا إستراتيجيًا يتطلب الموافقات المطلوبة كافة.
وتابعت كاسا: "على أساس سجلنا في إنتاج وقود المفاعل ذي القاعدة الحجرية (مفاعل الطبقة الحصوية)، تنوي جنوب أفريقيا تعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية كي تصبح موردًا عالميًا لما يسمى وقود مفاعلات الحرارة العالية، تليها تقنية المفاعل متعدد الاستعمالات المخطط نشرها تجاريًا بعد نهاية العقد الحالي (2030)".
مفاعل جديد
تعمل شركة الطاقة النووية في جنوب أفريقيا نيكسا (Necsa) -الآن- على إعداد دراسة جدوى بشأن مفاعل جديد, كي يخلف مفاعل سفاري-1 (SAFARI-1) للأبحاث الذي يعمل منذ 58 عامًا.
ووفق تصور شركة نيكسا تتراوح سعة المفاعل متعدد الاستعمالات بين 20 و30 ميغاواط مع مرافق تشعيع لاختبار المواد وإنتاج النظائر، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا الصدد قالت سفيرة جنوب أفريقيا لدى بلجيكا ولوكمسبورغ والاتحاد الأوروبي توكوزيل كاسا: "بالنظر إلى كل تلك الحقائق، لدينا يقين راسخ في أنه من أجل الحصول على جميع الفوائد الاقتصادية المحتملة من الطاقة النووية في جنوب أفريقيا، وتحقيق هدف الاكتفاء الذاتي، تستحق جنوب أفريقيا فرصة لتنفيذ دورة الوقود النووي الكاملة للاستعمالات السلمية اتساقًا مع سياسة الطاقة النووية لدينا".
وفي يناير/كانون الثاني (2024) نشرت الحكومة الجنوب أفريقية مسودة خطة الموارد المتكاملة، التي شملت مجموعات مختلفة من الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة والفحم النظيف والغاز، لتوفير أمن الإمدادات، بالإضافة إلى دعم التزامات خفض الانبعاثات الكربونية، مع اتخاذ قرارات السياسة النهائية "على أساس مسار إزالة الكربون على المدى الطويل"، مع تحسين القدرة التنافسية والنمو الاقتصادي في جنوب أفريقيا.
المفاعل ذو القاعدة الحجرية
كان من المفترض أن يكون المفاعل المعياري ذو القاعدة الحجرية في جنوب أفريقيا مفاعلًا صغير الحجم عالي الحرارة يستعمل وقودًا كرويًا من مادة أوكسي كربيد اليورانيوم ثلاثي الهيكل مطلي بالغرافيت، مع استعمال الهيليوم بوصفه مبردًا وقادرًا على توفير الحرارة اللازمة لإنجاز العملية بالإضافة إلى توليد الكهرباء.
وتمنح طبيعة الوقود المفاعل درجة عالية من السلامة السلبية، مستغلًا خصائص السلامة، اعتمادًا على الخواص الفيزيائية للنظام دون الحاجة إلى تدخل.
وتشير السلامة السلبية إلى التدابير كافة التي تستهدف خفضًا أو منع خطر الإصابة في حادث، ومن بينها أحزمة الأمان والوسائد الهوائية.
واستنادًا إلى التقنية الألمانية المثبتة، تعمل جنوب أفريقيا على مشروع المفاعل المعياري ذي القاعدة الحجرية منذ عام 1993، ومع ذلك، فإنه في عام 2010 أعلنت الحكومة رسميًا قرارها بعدم الاستثمار في المشروع الذي وُضع لاحقًا تحت "الرعاية والصيانة" لحماية ملكيتها الفكرية وأصولها.
وقال الرئيس السابق لمؤسسة الطاقة النووية في جنوب أفريقيا، الرئيس التنفيذي لشركة ستراتيك غلوبال (Stratek Global) كلفن كيم، إنه بفضل خبرة مشروع المفاعل المعياري ذي القاعدة الحصوية، يمكن أن يشهد مفاعلها المعياري ذو الحرارة العالية بناء أول وحدة من نوعها سعة 35 ميغاواط في غضون 5 سنوات، في تصريحات أدلى بها إلى موقع "وورلد نيوكلير نيوز" في 2023.
موضوعات متعلقة..
- انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا مستمر.. والحكومة تعد بـ"حل مؤقت"
- الطاقة النووية في جنوب أفريقيا.. محطة كويبرغ تواجه شبح الإغلاق
اقرأ أيضًا..
- توقعات أسعار النفط لمدة 3 أشهر.. وأنسب سعر للسعودية وأوبك+
- تيسلا تخسر معركة معايير انبعاثات الوقود في أستراليا
-
ثالث أكبر مشروع غاز مسال في روسيا يواجه عقبة جديدة