ينصبّ التركيز على قطاع التعدين في السعودية، بوصفه "كلمة السر" في عملية تحول الطاقة، بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري.
تاريخيًا، اعتمد اقتصاد المملكة العربية السعودية على صادرات النفط، إلّا أنها تعمل على تنويع مصادر دخلها، عن طريق استخراج المعادن الثمينة المخبأة تحت رمال صحاريها الشاسعة.
وبموجب رؤية "المملكة 2030" التي تتابع تطوراتها منصة الطاقة، يُعدّ قطاع التعدين في السعودية الركيزة الثالثة في الاقتصاد الوطني، بعد قطاعي النفط والبتروكيماويات، وسط توقعات بإسهامه في الناتج المحلي بـ64 مليار دولار.
وارتفعت قيمة الثروات المعدنية المقدّرة في السعودية بنسبة 90%، لتصل إلى ما يعادل 9.375 تريليون ريال (2.5 تريليون دولار)، وفق تصريحات وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريف.
وجاءت التقديرات الجديدة لثروات قطاع التعدين في المملكة مقارنةً الأرقام التي أُعلنت في عام 2016، وقُدِّرت في ذلك الوقت بـ5 تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار).
إنتاج المعادن في السعودية
يُعتقد أن المملكة العربية السعودية تمتلك رواسب كبيرة من المعادن الحيوية وتلك اللازمة لتصنيع البطاريات، بما في ذلك النحاس والنيكل والليثيوم.
وجزءًا من رؤيتها لعام 2030، تهدف السعودية إلى مضاعفة إنتاجها الحالي من الصلب، وزيادة إنتاجها من الذهب والنحاس 3 مرات، والبقاء ضمن أكبر 10 منتجين للألومنيوم الأولي.
وأشار تقرير حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن المملكة لا يوجد لديها إنتاج حالي من خام الحديد، وتنتج ما يصل إلى 13 مليون طن سنويًا من الفولاذ الخام من واردات خام الحديد، ويبلغ إنتاجها من النحاس والزنك نحو 100 ألف طن متري سنويًا، دون أيّ قدرات صهر أو تكرير حالية.
ويُعدّ النقص الحالي في إنتاج النحاس أمرًا بالغ الأهمية بشكل خاص، إذ تهدف البلاد إلى تسريع إنتاج السيارات الكهربائية من خلال سلسلة توريد البطاريات المحلية، وفق ما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global) في تقريرها.
ومن ناحية أخرى، يُمكن بالفعل إنتاج سلسلة القيمة للألومنيوم بالكامل في السعودية، إذ تتمتع شركة التعدين العربية السعودية "معادن" بمكانة جيدة.
ويبلغ إنتاج البوكسيت السنوي في البلاد 4.8 مليون طن متري، في حين يصل إنتاج الألومينا والألومنيوم الأولي إلى مليون طن متري سنويًا.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت معادن، إنها اكتشفت العديد من رواسب الذهب عالية الكثافة بالقرب من منجم منصورة ومسرة الحالي، وتقوم المملكة -حاليًا- باستخراج 500 ألف أوقية من الذهب سنويًا.
عوامل تعزيز التعدين في السعودية
ذكر التقرير أن إطلاق تراخيص التعدين، وتوفير حوافز الاستثمار، وحملات ترويجية دولية مع الوزراء، كلها تهدف إلى جعل المملكة العربية السعودية لاعبًا كبيرًا يتمتع بقوة تفاوضية على الساحة الدولية.
وعلى عكس مكانتها في صناعة النفط العالمية، تُعدّ المملكة دولة صغيرة في مجال المعادن والتعدين بالمقارنة مع كبار المنتجين في أفريقيا وأميركا الجنوبية؛ ويُعدّ الحدّ من اللوائح والروتين هو إستراتيجية للّحاق بالركب، حسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأصبح الآن من السهل نسبيًا الحصول على التصاريح -التي عادةً ما تكون نقطة ضعف بالنسبة لمطوّري المشروعات- مع وجود رواسب غير مستغلة من المعادن الحيوية.
وتُعدّ الرواسب المعدنية في المملكة أكبر من تلك الموجودة في أوروبا، على الرغم من أنها ليست كبيرة كما هو الحال في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
بالنسبة للمستثمرين، من غير المعتاد أن تتوفر مثل هذه المساحة الكبيرة من الأراضي غير المأهولة للتعدين مع الإجراءات الورقية السريعة، والحماسة من جانب الحكومة لجذب الشركاء.
كما أن التعدين في السعودية ليس بالأمر الجديد من وجهة نظر المستثمر؛ إذ يمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة منارة المعادن للاستثمار حصة 10% في شركة فالي للمعادن الأساسية البرازيلية (Vale Base Metals).
وتُعدّ وزارة الصناعة والثروة المعدنية المدمجة كيانًا حديث العهد، أُنشئت في عام 2019، وهي منبثقة من وزارة الطاقة جزءًا من رؤية 2030.
وقد أُطلق على رؤساء الوزارة، الوزير بندر الخريف ونائب وزير شؤون التعدين خالد بن صالح المديفر، لقب "الجهة الديناميكية الثنائية" في جهودهما لجذب الاستثمارات إلى هذا القطاع.
على الرغم من ذلك، هناك رياح معاكسة لتطوير التعدين في السعودية؛ إذ لم يؤثّر الصراع في البحر الأحمر والحرب الإسرائيل في قطاع غزة بالضرورة في اهتمام المستثمرين الدوليين في المملكة حتى الآن، ولكن أيّ تصعيد إضافي قد يدفع شركات التعدين المحتملة بعيدًا.
4 ركائز لإستراتيجية التعدين في السعودية
في سياقٍ متصل، أعلن نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودية لشؤون التعدين خالد المديفر، أن إستراتيجية التعدين في السعودية بُنيت على 4 ركائز أساسية.
وتُعدّ الركيزة الأولى هي توفير المعلومات الجيولوجية الحديثة إلكترونيًا، إذ أشار المديفر إلى إنجاز المسح الجيولوجي، وقاعدة البيانات الجيولوجية التي عملت عليها هيئة المساحة الجيولوجية، والتي اكتملت ودُشِّنت في عام 2022.
وكشف المديفر أن المعلومات زادت في قاعدة البيانات الجديدة قرابة 3 أضعاف، مشيرًا إلى أنه يجري تحديث وإضافة المعلومات إليها سنويًا، قائلًا: "التحليلات القديمة كانت تتضمن تحليل من 4 إلى 10 معادن في العينة، الآن يجري تحليل قرابة 78 عنصرًا في كل عينة".
أمّا الركيزة الثانية لإستراتيجية التعدين، فكانت تسهيل عمل المستثمر والتشريعات، لتكون متوازنة شفافة، بحيث تجذب الاستثمارات المحلية والعالمية للقطاع.
وأكد المديفر أن الركيزة الثالثة هي التوازن المجتمعي والحفاظ على البيئة والخدمة المجتمعية والاستدامة، في حين إن الركيزة الرابعة هي التصنيع، مشيرًا إلى أن سلسلة الإمداد والقيمة للمعادن الصناعية كبيرة.
موضوعات متعلقة..
- تاريخ قطاع التعدين في السعودية.. وطفرة عالمية مرتقبة (تقرير)
- قطاع التعدين في السعودية.. 4 معلومات عن إحدى أدوات المملكة لتنويع الاقتصاد
- قطاع التعدين في السعودية يعلن تطورات جديدة للتنقيب عن الذهب في "أم الدمار"
اقرأ أيضًا..
- ثاني اكتشاف نفطي ضخم في الصين خلال 10 أيام
- أدنوك الإماراتية توقع ثاني صفقة لتصدير الغاز من مشروع الرويس
- ما هو الهيدروجين الطبيعي وحجم احتياطياته عالميًا؟
- شركات السيارات الكهربائية الصينية تنافس "بي واي دي" بنماذج أرخص (تقرير)