شركات النفط والغاز تحذر من دعوات تحول الطاقة: كارثة لن ننساها
محمد عبد السند
- تزايد الدعوات المطالبة بالتخلص من الوقود الأحفوري
- شركات النفط والغاز تقول، إن هناك ضرورة لتعزيز أمن الوقود الأحفوري
- يُعدّ أسبوع سيرا أكبر تجمّع لكبار المسؤولين التنفيذيين بقطاع الطاقة في الأميركتين
- توصي وكالة الطاقة الدولية بخفض معدلات استعمال النفط والغاز بأكثر من 75% بحلول 2050
- توقعات بأن تستغرق عملية تطوير مصادر الوقود النظيف ما يصل إلى 40 عامًا
لم تعُد شركات النفط والغاز العالمية تدفن رؤوسها في الرمال بشأن جهود تحول الطاقة، وفضّلت الوقوف بالمرصاد في وجه خطط شيطنة مصادر الوقود الأحفوري، رغم حاجة العالم المتزايدة إليها.
وخلال السنوات الأخيرة تزايدت الدعوات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، المطالِبة بالتخلص من مصادر الوقود التقليدية، وتحميلها مسؤولية تفاقم أزمة المناخ لما ينطلق عنها من انبعاثات كربونية حساسة جدًا للبيئة.
غير أن رؤساء شركات النفط والغاز الكبرى يزعمون أن ارتفاع تكاليف الطاقة يعني أن العالم سيحتاج إلى تعزيز أمن النفط والغاز، وليس إلى التحول للمصادر المتجددة.
وقللوا في الوقت نفسه من توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن الطلب على النفط والغاز سيصل ذروته في عام 2030.
جهود مثار شك
شكك رؤساء شركات النفط والغاز العالمية في جدوى جهود التحول بالأخضر، قائلين، إن التحول الفاشل إلى الطاقة المتجددة يمضي بوتيرة غير واقعية، وفق ما نشرته صحيفة غارديان (Guardian) البريطانية.
وخلال مؤتمر سيرا ويك (Cera Week) السنوي المنعقد هذا الأسبوع في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، نددت شركات النفط والغاز بمطالبات التخلص السريع من الوقود الأحفوري، رغم إقرار الصناعة والعلماء والحكومات بأهمية الحاجة إلى خفض الانبعاثات الكربونية المسؤولة عن ظاهرة الاحترار العالمي، تجنبًا لتداعيات أزمة المناخ.
ويُعدّ سيرا ويك أكبر تجمّع لكبار المسؤولين التنفيذيين بقطاع الطاقة في الأميركتين، وفي هذا الحدث قالت الرئيسة التنفيذية لشركة وودسايد إنرجي (Woodside Energy) الأسترالية للنفط والغاز ميغ أونيل، إن التحول إلى الطاقة النظيفة "لا يمكن أن يحدث بوتيرة غير واقعية"، متوقعة أن تستغرق عملية تطوير مصادر الوقود النظيف ما يصل إلى 40 عامًا.
وأضافت أونيل: "أصبح الأمر عاطفيًا، وحينما تصبح الأمور عاطفية، يصبح من الصعب بناء حوار براغماتي"، في معرض تعليقها على المناقشة الدائرة بشأن قضية المناخ.
وبالمثل، قال الرئيس التنفيذي لشركة بتروبراس (Petrobras) البرازيلية جين بول براتس: "إذا اندفعنا، أو إذا سارت الأمور في الاتجاه الخطأ، سنكون أمام كارثة لن ننساها"، في تصريحاته بشأن الطاقة النظيفة، التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
نشطاء المناخ يردّون
سرعان ما لاقت تصريحات شركات النفط والغاز المناهضة للمسار الذي تمضي فيه جهود تحول الطاقة، انتقادات واسعة من قبل نشطاء المناخ، أمثال مدير منطقة أميركا الشمالية في منظمة " 350 دوت أورج" البيئية المعنية بتغير المناخ، جيف أوردور الذي قال، إن تلك الشركات "تعمل ليل نهار لنسف جهود تحول الطاقة، ثم يتجرؤون علانية على انتقاد التحول نفسه".
وأضاف أوردور: "فاعلية سيرا ويك ينبغي أن تسلّط الضوء على رؤية عالمية بشأن مستقبل نظيف ومتكافئ، لكننا بدلًا من ذلك نناقش نقاطًا تعود إلى سبعينيات القرن الماضي".
وتابع: "ينبغي ألّا نثق في أيّ حلول تقدّمها شركات النفط والغاز، لأنه من الواضح أنها تفتقر إلى نية حقيقية لإنهاء أزمة المناخ".
ويُعقد مؤتمر هذا العام تحت شعار "التحول في مجال الطاقة متعدد الأبعاد والسرعات والوقود المتعدد"، على خلفية قيام العديد من شركات النفط والغاز الكبرى بالعدول عن خططها لخفض الإنتاج وخفض الأهداف للقضاء على غازات الدفيئة، رغم ما تحققه من أرباح شبه قياسية.
واستغل الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل الأميركية دارين وود سيرا ويك للتحدث عن آفاق احتجاز الكربون وتقنيات الهيدروجين، التي تعُدّها الصناعة طرقًا مقبولة للحصول على الدعم الحكومي الذي لا يهدد نموذج العمل المركزي للتنقيب عن النفط والغاز.
الحياد الكربوني
يتبنى العلماء موقفًا واضحًا بشأن حاجة العالم إلى الوصول لأهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي (2050)، لتجنّب موجات الحر الكارثية والجفاف والفيضانات وغيرها من التداعيات المناخية، وحتى الآن لا توجد تقنية قادرة على تحسين مستهدف عدم حرق المزيد من النفط والغاز والفحم.
وتوصي وكالة الطاقة الدولية بخفض معدلات استعمال النفط والغاز بأكثر من 75% بحلول عام 2050، إذا كان العالم يرغب في المحافظة على الهدف المتفق عليه دوليًا، المتمثل في الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية.
ويستلزم هذا خفض الطفرة غير المسبوقة في البنية التحتية للغاز على طول ساحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة، والتي سعت إدارة الرئيس جو بايدن مؤخرًا إلى تثبيطها من خلال إعلان وقف الصادرات الجديدة من الغاز الطبيعي المسال من هذه المنشآت.
وفي هذا الخصوص، قالت وزيرة الطاقة في إدارة بايدن جنيفر غرانهولم، إن فترة التوقف ستكون طويلة، وقد تمتد إلى عام، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هيوستن، قال نشطاء المناخ، بما في ذلك أولئك الذين نظّموا مسيرة جنازة وهمية خارج مقرّ المؤتمر في 19 مارس/آذار (2024) لتمثيل المجتمعات المتضررة من تطوير النفط والغاز، إن المسؤولين التنفيذيين في الصناعة أظهروا نواياهم الحقيقية في تلك الفاعلية.
وفي هذا الصدد، قال مدير حملة مساءلة الشركات في مؤسسة إيرثوركس (Earthworks) جوش آيزنفيلد: "إذا نظرتَ إلى تصرفاتهم (شركات النفط والغاز)، يتضح لك أنهم ليسوا غير ملتزمين بخفض الانبعاثات فحسب، بل إنهم حضروا بالفعل إلى سيرا ويك لمواصلة تعزيز إنتاج الوقود الأحفوري واستخراجه وتأخير التحول إلى مستقبل عادل للطاقة النظيفة".
وقال أحد الناشطين في منظمة غرين فيث (GreenFaith)، ويُدعى علي ثارب، إن النشطاء مُنعوا عمدًا من التسجيل لحضور الحدث، مما دعاهم للتعبير عن اعتراضاتهم خارج مقرّ انعقاد فاعلية سيرا ويك.
وأضاف: "لديّ التزام أخلاقي بالحدّ من التسمم المنهجي لكوكبنا الناجم عن الوقود الأحفوري، ويتعين رؤية تلك الأضرار وفهمها وعدم استبعادها من المناقشات".
موضوعات متعلقة..
- رئيس أرامكو يفضح فشل تحول الطاقة: خيال ويحتاج إلى إعادة ضبط
- وزير النفط الكويتي يهاجم دعوات التخلص من الوقود الأحفوري
- بورشه: أوروبا قد تؤجل حظر سيارات الوقود الأحفوري في 2035
اقرأ أيضًا..
- تقرير يتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى 90 دولارًا للبرميل
- الغاز المسال الأميركي يحظى بصفقة تصدير لمدة 20 عامًا
- 10 خبراء لـ"الطاقة": تخفيضات أوبك+ الطوعية قد تتقلص في النصف الثاني من 2024