استثمارات المفاعلات النووية الصغيرة عالميًا قد تتجاوز 176 مليار دولار (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- تتميز المفاعلات النووية الصغيرة بسهولة نقلها وبنائها في المناطق النائية
- بناء المفاعلات الصغيرة أقل تكلفة ولا يحتاج سنوات طويلة مقارنة بالمفاعلات التقليدية
- 5 دول بقيادة الولايات المتحدة تستحوذ على 58% من مشروعات المفاعلات الصغيرة
- توقعات بانتشار المفاعلات الصغيرة خلال العقود المقبلة لتصل حصتها إلى 30% بحلول 2050
- مخاوف نقص وقود اليورانيوم وارتفاع أسعاره أبرز التحديات أمام الطاقة النووية
اكتسبت المفاعلات النووية الصغيرة ثقة متزايدة بين عدة دول كبرى تتجه لنشرها على نطاق واسع خلال السنوات المقبلة، لتحل محل المفاعلات التقليدية الأكبر، ذات الكفاءة الأقل، والتكاليف الباهظة.
وأظهر تقرير تحليلي حديث ارتفاعَ قدرة مشروعات المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMR) المعلنة في العالم إلى 22 غيغاواط حتى الربع الأول من عام 2024، بزيادة 65% منذ عام 2021.
وقدّر التقرير -الذي اطّلعت وحدة أبحاث الطاقة عليه- حجم الاستثمارات المطلوبة لتنفيذ مشروعات المفاعلات النووية الصغيرة عالميًا بنحو 176 مليار دولار.
ويتميز هذا النوع من المفاعلات بصغر حجمه وسهولة نقله وإمكان تركيب العديد منه في منشأة واحدة، إضافة إلى كونه أقل استهلاكًا لليورانيوم، كما يمكن تشغيله في الأماكن النائية التي تصعب إقامة المفاعلات النووية التقليدية بها.
كما يتميز بانخفاض تكاليفه وسرعة بنائه في سنوات قليلة تتراوح بين 3 و5 سنوات مقارنة بالمفاعلات التقليدية الأكبر التي تستغرق 10 سنوات أو أكثر، إضافة إلى كونه أقل عرضة لمخاطر الانصهار وتعطل مضخات التبريد، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
المفاعلات النووية الصغيرة في 5 دول
رغم الجدل المستمر حول دور الطاقة النووية في إستراتيجيات الحياد الكربوني العالمية، والتحديات التي واجهها القطاع خلال الأشهر الـ12 الماضية؛ فإن العديد من الأسواق في جميع أنحاء العالم ما زالت تعمل على توسيع تركيزها على المفاعلات الصغيرة ومتوسطة الحجم.
وأظهر التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي، استحواذ 5 دول هي: الولايات المتحدة وبولندا وكندا والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية، على 58% من مشروعات المفاعلات النووية الصغيرة المعلنة عالميًا حتى الربع الأول من عام 2024.
يوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر 10 دول في توليد الكهرباء من الطاقة النووية عالميًا:
ووفّرت قمة المناخ كوب 28 الأخيرة، التي عُقِدَت في الإمارات أواخر العام الماضي، غطاءً داعمًا لزيادة الأدوار المستقبلية للطاقة النووية في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني.
وتتوقّع وود ماكنزي زيادة القدرة النووية في توليد الكهرباء 3 مرات بحلول عام 2050، مع استحواذ المفاعلات الصغيرة والمتوسطة على 30% من الأسطول النووي بحلول هذا التاريخ.
وتوفّر المفاعلات النووية الصغيرة والمتوسطة الكهرباء الخالية من الكربون على مدار الساعة، كما يمكنها توفير الحرارة منعدمة الانبعاثات للقطاع الصناعي؛ ما يمكّنها من تلبية نمو الطلب على الكهرباء على المدى الطويل.
وزاد تركيز الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على نشر المفاعلات النووية الصغيرة مع تزايد الطلب على مراكز البيانات ذات السعة العالية؛ ما يتطلّب استعدادات مستقبلية كبيرة لتلبية احتياجاتها من الكهرباء.
سياسات الدعم النووي في أميركا واليابان وبريطانيا
يُعَد دعم السياسات أمرًا بالغ الأهمية لتسريع مشروعات المفاعلات النووية الصغيرة وتشجيع المطورين على اتخاذ قرارات الاستثمار النهائية، وهو ما حدث بالفعل في بعض المناطق وأبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان.
ففي الولايات المتحدة، نص قانون خفض التضخم على منح حوافز ضريبية بنسبة 30% لمحطات الطاقة النووية المتقدمة الخالية من الانبعاثات والتي ستُنفذ بعد عام 2025.
وتضم الحوافز الضريبية نسبة 10% للمحتوي المحلي في تصنيع الطاقة النووية، و10% لبناء المفاعلات النووية الصغيرة في مواقع محطات التوليد بالفحم المتقاعدة أو الخارجة من الخدمة.
وفي اليابان، عادت الثقة للطاقة النووية مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات قياسية في عام 2022، ما أسهم في دفع البرلمان -31 مايو/أيار 2023- لتمرير قانون يسمح بإطالة عمر المفاعلات النووية لأكثر من 60 عامًا، وبناء وحدات جديدة بدلًا من القديمة.
وهذه أول مرة تحصل فيها الطاقة النووية في اليابان على تجديد الثقة منذ كارثة محطة فوكوشيما النووية عام 2011، وما أدت إليه من إغلاق جميع المفاعلات العاملة في البلاد، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كما أدرجت المملكة المتحدة تمويل المفاعلات النووية ضمن إستراتيجية البلاد طويلة الأجل لخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ومنحت الحكومة البريطانية -أيضًا- 80 مليون دولار لشركتي جي إي هيتاشي (GE-Hitachi)، وهولتيك إنترناشيونال (Holtec International)، لدراسة جدوى المفاعلات النووية الصغيرة في البلاد.
مخاوف نقص اليورانيوم
رغم التفاؤل المحيط بمستقبل المفاعلات النووية الصغيرة في العالم؛ فإنها تواجه مخاوف نقص إمدادات اليورانيوم وارتفاع تكاليفه بصورة متسارعة؛ إذ كانت السلعة الأقوى أداءً في عام 2023، مع ارتفاع أسعاره.
ويتوقّع تقرير وود ماكنزي أن يستمر الاتجاه الصاعد لأسعار اليورانيوم، الوقود النووي المستعمل في تشغيل المفاعلات، مدفوعًا بإغلاق القدرات الإنتاجية والعقوبات المحتملة على صادرات اليورانيوم الروسية.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر الشركات المنتجة لليورانيوم على مستوى العالم:
ويستند التقرير إلى أن الطلب على وقود اليورانيوم سيرتفع خلال السنوات المقبلة، مع إضافة 8 غيغاواط من القدرة النووية الجديدة واسعة النطاق في عام 2023، وتمديد عمر الأسطول النووي الحالي عالميًا؛ ما سيزيد الطلب على الوقود النووي ويرفع أسعاره.
وبدأت جميع الدول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية استشعار هذه المخاطر المتعلقة بأمن إمدادات اليورانيوم عالميًا، عبر زيادة خطط الحكومات والقطاع الخاص في تمويل مشروعات التوسع بسلسلة توريد اليورانيوم عالميًا.
موضوعات متعلقة..
- خريطة اليورانيوم والطاقة النووية العالمية تتغير.. ما دور السعودية والإمارات؟
- استثمارات الطاقة النووية قد تتجاوز 90 مليار دولار بحلول 2023 (تقرير)
- كيف تحلّ الطاقة النووية محل الوقود الأحفوري في 2050؟ (مقال)
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة السوداني: فقدنا 7 ملايين برميل نفط بسبب الحرب.. وهذا موقفنا من صفقة أرامكو (حوار)
- أكاذيب حول النفط الروسي.. أنس الحجي يفضح بطولات أميركا الوهمية
- الاعتماد على الطاقة المتجددة لتشغيل المدن السياحية.. دراسة مصرية جديدة
- أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية تخططان لاقتحام سوق الليثيوم (تقرير)