دور المرأة في تحقيق الحياد الكربوني.. تحديات تواجه المشاركة (مقال)
هبة محمد إمام
في 8 مارس/آذار، يحتفل العالم سنويًا باليوم العالمي للمرأة، وهو مناسبة للتفكير في دور المرأة بتحقيق الحياد الكربوني وحماية البيئة.
على مدار العقود الماضية، كانت المرأة تؤدي دورًا مهمًا في الحفاظ على البيئة وتخفيف الآثار السلبية لتغير المناخ، ومع ذلك ما زال هناك الكثير من التحديات التي تواجهها المرأة في هذا المجال، ويجب علينا أن نعمل معًا لتمكينها وتعزيز دورها في تحقيق حيادية المناخ.
تُعَد المرأة ركيزة أساسية في أي مجتمع، ولديها القدرة على التأثير الإيجابي في البيئة والمناخ، واستنادًا إلى الأبحاث والدراسات؛ فإن النساء يمتلكن معرفة عميقة بالطبيعة والبيئة، ويتعاملن بشكل مباشر مع الموارد الطبيعية؛ لذلك يُعَد تمكين المرأة وتعزيز دورها في الحفاظ على البيئة وتحقيق الحياد الكربوني أمرًا ضروريًا.
وتواجه المرأة العديد من التحديات في تحقيق هذا الهدف؛ ففي العديد من البلدان، تعاني النساء قيودًا اجتماعية وثقافية واقتصادية تمنعهن من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات البيئية والمناخية.
وعلاوة على ذلك، يتعرضن للعنف والاضطهاد في بعض الأحيان عندما يسعين للتأثير في السياسات والإجراءات المتعلقة بالبيئة والمناخ؛ لذلك يجب أن نعمل على إزالة هذه العقبات وتمكين المرأة لتحقيق دورها الكامل في حماية البيئة وتحقيق الحياد الكربوني.
ويمكن للمرأة أن تؤدي دورًا مهمًا في المستوى الجماعي والسياسي؛ لذا يجب تشجيعها على المشاركة في اتخاذ القرارات البيئية والمناخية على المستوى المحلي والوطني، وأن تتمتع بحقوق المشاركة الكاملة في المؤسسات البيئية والمناخية.
يجب أن تتمكن المرأة من الوصول إلى الموارد والتكنولوجيا التي تساعدها على تحقيق الحياد الكربوني.
وبالنظر إلى دور المرأة في تقليل البصمة الكربونية، يجب أن نعمل على تمكينها وتعزيز دورها في هذا المجال. ويجب أن تتمتع المرأة بحقوق المشاركة الكاملة في صنع القرارات المتعلقة بالبيئة والمناخ، وأن تحظى بفرص متساوية للوصول إلى الموارد والتكنولوجيا الضرورية.
كما يجب أن نعمل معًا لتعزيز التوعية والتثقيف بين النساء والفتيات حول القضايا البيئية والمناخية، وتشجيعهن على المشاركة في العمل المناخي.
تحديات المشاركة في العمل المناخي
تواجه المرأة العديد من التحديات في المشاركة بـالعمل المناخي، وهذه التحديات تتفاوت من بلد لآخر ومن ثقافة لأخرى، وفيما يلي بعض التحديات الرئيسة التي تواجه المرأة في هذا الصدد:
1- التمييز: يعاني بعض من النساء التحيزَ والتمييز في مجال العمل المناخي. تُقيَّد قدراتهن وفرصهن، وقد يتعرضن للتهميش في بعض الأحيان وعدم الاعتراف بإسهاماتهن الفعالة.
2- الوصول المحدود للتعليم والتدريب: في بعض المناطق النائية والبلدان النامية، تواجه النساء صعوبة في الوصول إلى التعليم والتدريب المتخصص في مجالات العمل المناخي. وهذا يحد من فرصهن للمشاركة في النقاشات واتخاذ القرارات البيئية والمناخية، بما يحقق الحياد الكربوني.
3- ضعف التمثيل النسائي في المناصب القيادية: على الرغم من الإدراك المتزايد لأهمية مشاركة المرأة في صنع القرارات البيئية والمناخية؛ فإنها لا تزال تواجه صعوبة في الوصول إلى المناصب القيادية في هذا المجال في بعض المناطق. يعود ذلك جزئيًا إلى التمييز والتحيز الذي يواجههن في سوق العمل.
4- الحدود الزمنية والمسؤوليات الأسرية: غالبًا ما تكون للنساء مسؤوليات إضافية في الحياة العائلية؛ ما يجعلهن يواجهن صعوبة في تنظيم وقتهن والمشاركة بشكل كامل في العمل المناخي. قد يجدن صعوبة في الحصول على وقت كافٍ للتدريب والمشاركة في الاجتماعات والفعاليات ذات الصلة.
5- قلة التمويل والموارد: يواجه العديد من المشروعات البيئية والمناخية التي تشارك فيها النساء صعوبة في الحصول على التمويل والموارد اللازمة لتنفيذ الأنشطة والمشروعات. وهذا يقيد قدرتهن على تحقيق تأثير فعال ومستدام في تقليل الانبعاثات والحد من تغير المناخ.
تلك هي بعض التحديات التي تواجه المرأة في المشاركة بالعمل المناخي. ومع ذلك؛ فإن هناك تفاوتًا في هذه التحديات وتعتمد على الثقافة والبلد والسياق الاجتماعي. يجب علينا أن نعمل على تذليل هذه العقبات وتعزيز مشاركة المرأة في صنع القرارات البيئية والمناخية وتمكينها لتحقيق تأثير إيجابي ومستدام.
كيف يمكن تجاوز هذه التحديات؟
هناك عدة طرق يمكن أن تساعد على التغلب على هذه التحديات وتمكين المرأة من المشاركة بالعمل المناخي. وفيما يلي بعض الاقتراحات:
1- تعزيز التوعية والتثقيف: يجب توفير التوعية والتثقيف حول أهمية مشاركة المرأة في العمل المناخي وأثرها الإيجابي. يمكن توفير هذا الوعي والتثقيف من خلال حملات توعية، وورش عمل، وبرامج تدريبية تستهدف النساء والشباب.
2- تعزيز التمثيل النسائي في المناصب القيادية: يجب تشجيع وتعزيز تمثيل المرأة في المناصب القيادية في مجال العمل المناخي. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز الفرص ووضع سياسات تشجع على تعيين وترقية النساء في هذه المناصب.
3- توفير فرص التعليم والتدريب: يجب توفير فرص التعليم والتدريب المتخصص في مجال العمل المناخي للنساء. ويمكن تنظيم برامج تدريبية وورش عمل تستهدف النساء وتزودهن بالمعرفة والمهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في هذا المجال.
4- تعزيز التمويل والموارد: يجب توفير التمويل والموارد اللازمة لتنفيذ مشروعات العمل المناخي التي تشارك فيها النساء. يمكن تحقيق ذلك من خلال توجيه التمويل والمنح للمشروعات التي تُقَدَّم من قِبل المرأة أو التي تستهدف تحسين أوضاع المرأة في هذا الصدد.
5- تعزيز المشاركة والتمثيل النسائي في صنع القرارات: يجب تعزيز المشاركة الفعالة للنساء في صنع القرارات البيئية والمناخية. يمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع النساء على المشاركة في الاجتماعات والفعاليات ذات الصلة، وتوفير بيئة مشاركة آمنة وشفافة.
6- توفير دعم الحوافز والإجراءات الملائمة: يجب توفير دعم الحوافز والإجراءات الملائمة لتشجيع المرأة على المشاركة في العمل المناخي. يمكن ذلك من خلال توفير مزايا وحوافز للنساء المشاركات وتيسير الوصول إلى المصادر والفرص المناسبة.
تحقيق التساوي بين الجنسين وتمكين المرأة من المشاركة في العمل المناخي يُعد أمرًا مهمًا يجب العمل عليه. يمكن تحقيق ذلك من خلال تبني سياسات وإجراءات تعزز المساواة بين الجنسين.
دعم الخدمات المجتمعية مثل رعاية الأطفال ورعاية المسنين وتوفير إجازات مدفوعة الأجر للأمهات والآباء يُمكن أن يسهم في تقليل العبء الذي تتحمله النساء ويسمح لهن بالمشاركة بشكل أكبر في العمل المناخي.
الالتزام الجماعي للحكومات والمؤسسات
بشكل عام، يجب أن يكون هناك التزام جماعي من الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني بتذليل الصعاب وتعزيز مشاركة المرأة في العمل المناخي. يجب أن تتخذ الخطوات العملية والتدابير لضمان المساواة والتنمية المستدامة من خلال تعزيز حقوق المرأة وتمكينها للعمل والمساهمة بشكل كامل في مجال العمل المناخي لتحقيق الحياد الكربوني.
يمثل تمكين المرأة من المشاركة في العمل المناخي تحديًا كبيرا؛ فالمشاركة الفعالة للنساء بهذا المجال لها تأثير إيجابي في البيئة والمجتمع والاقتصاد. ومع زيادة التحديات المناخية التي نواجهها؛ فإن تعزيز دور المرأة يصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
يجب أن نعمل جميعًا على تذليل العقبات التي تواجه المرأة في المشاركة بالعمل المناخي من خلال توفير التوعية والتثقيف والتمثيل النسائي في المناصب القيادية وتوفير فرص التعليم والتدريب والتمويل والموارد.
يجب أن نسعى جاهدين لتعزيز المشاركة والتمثيل النسائي في صنع القرارات وتوفير الحوافز والإجراءات المناسبة.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات، سنشجع المرأة على تحقيق إمكاناتها الكاملة والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة والعدالة المناخية. إن تمكين المرأة من المشاركة في العمل المناخي ليس مجرد واجب أخلاقي وقانوني، بل هو أيضًا استثمار ذكي يعود بالفائدة على المجتمع.
إننا بحاجة إلى دعم الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني والأفراد لتحقيق التغيير المطلوب. إذا تعاونّا جميعًا وعملنا بروح الشراكة؛ فإننا سنتمكن من بناء مجتمع أكثر استدامة وعدالة، حيث تتمتع المرأة بالمساواة والفرص العادلة للمشاركة في صنع المستقبل.
يجب أن ندرك أن دعم المرأة لا يقتصر على شهر مارس أو يوم المرأة العالمي، بل يجب أن يكون مستمرًا على مدار السنة. يجب أن نعمل معًا لتمكين المرأة وتعزيز دورها في حماية البيئة وتحقيق الحياد الكربوني، وذلك لتحقيق عالم أكثر استدامة.
* مهندسة هبة محمد إمام.. خبيرة دولية واستشارية بيئية مصرية
موضوعات متعلقة..
- الحياد الكربوني في المملكة المتحدة يجعل الفقراء أشد فقرًا (دراسة)
- الحياد الكربوني يقسم الأستراليين.. ومعارضة الطاقة المتجددة تتصاعد (تقرير)
- استثمارات الحياد الكربوني قد تحظى بـ11 تريليون دولار إضافية بحلول 2030
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية تخططان لاقتحام سوق الليثيوم (تقرير)
- زرع الخلايا الشمسية في عين الإنسان.. تقنية ثورية قد تعالج فقدان البصر
- أكاذيب حول النفط الروسي.. أنس الحجي يفضح بطولات أميركا الوهمية