تحيز أوروبا إلى الطاقة المتجددة يثير انتقادات وزير فرنسي
محمد عبد السند
- صدام وشيك بين فرنسا والمفوضية الأوروبية بسبب الأهداف المناخية
- تبرز الطاقة النووية فرس الرهان في فرنسا لتحقيق الأهداف المناخية
- فرنسا تواصل تطوير مصادر الطاقة المتجددة وبناء ما لا يقل عن 6 محطات طاقة نووية
- تستهدف فرنسا تقليص حصة الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة لديها من أكثر من 60% الآن إلى 40% بحلول 2035
- تطالب فرنسا بإدخال تعديل على بنود الصفقة الخضراء
تضع الطاقة المتجددة فرنسا في صدام وشيك -على ما يبدو- مع المفوضية الأوروبية التي تُعد تلك الطاقة النظيفة أولوية قصوى في أجندتها الخاصة بأهداف التحول الأخضر في القارة العجوز.
غير أن موقف المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- والمتجاهل لدور الطاقة النووية إلى حد كبير لا يروق إلى باريس التي تطالب بتعظيم هذا الدور في الأجندة المذكورة.
وتُعد الطاقة النووية فرس الرهان في فرنسا لتحقيق الأهداف المناخية، إذ تستأثر بنسبة 72% من مزيج الكهرباء الوطني لديها، كما تصدر باريس كميات من الكهرباء المولدة بتلك الطاقة المقترنة بمخاطر هائلة، إلى أوروبا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
انتقادات لاذعة
انتقد وزير المالية الفرنسي برونو لومير الإستراتيجية التي تتبناها المفوضية الأوروبية بشأن الأهداف المناخية، قائلًا إنها تركز على مصادر الطاقة المتجددة، في حين تتجاهل تقنيات أخرى مثل الطاقة النووية في كفاحها ضد الاحترار العالمي، وفق ما نشرته بلومبرغ.
وقال لومير: "لم نعد نرغب في أن تحدد أوروبا مستهدفات لتوربينات الرياح هنا، وأخرى للطاقة الشمسية هناك"، في تصريحات صحفية أدلى بها في بداية اجتماع الاتحاد الأوروبي المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل في 4 مارس/آذار (2024).
وأضاف لومير: "نرغب في أن تحدد أوروبا أهدافًا مناخية واضحة"، مشيرًا إلى أن تلك الأهداف المناخية ينبغي أن تتسق مع طموحات التكتل الأوروبي في الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي (2050)، مع ترك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في تقرير مزيج الكهرباء الخاص بها لإنجاز هذا الهدف.
وأكد لومير أن فرنسا ستواصل تطوير مصادر الطاقة المتجددة، عبر بناء ما لا يقل عن 6 محطات طاقة نووية، مردفًا أن باريس ستسعى كذلك لتعزيز الحد من استعمال مصادر الوقود الأحفوري عبر الإجراءات الرامية لتوفير الطاقة.
صدام وشيك
تشير تصريحات المسؤول الفرنسي إلى أن فرنسا -أكبر مُنتِج للطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي- قد تتصادم مع المفوضية الأوروبية بشأن أفضل طريقة لتحقيق الأهداف المناخية.
وبعد مباحثات مكوكية، وقّعت باريس في عام 2023 تشريعًا طرحه الاتحاد الأوروبي الذي يستهدف مضاعفة حصة الطاقة المتجددة إلى ما لا يقل عن 42.5% من مزيج الكهرباء في المنطقة بحلول نهاية العقد الحالي (2030).
وتتطلع فرنسا إلى تجنب فرض غرامة عليها، لكونها الدولة الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي التي أخفقت في تحقيق مستهدف الطاقة المتجددة لعام 2020، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتبرر باريس موقفها هذا بأن نظام الكهرباء لديها لا يًطلق سوى كميات قليلة من الانبعاثات الكربونية، مقارنةً بدول أخرى بفضل أسطولها من المفاعلات الذرية البالغ قوامه 56.
وفي هذا الصدد قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير: "فرنسا لن تدفع أي غرامات، وسنجد حلًا مع المفوضية الأوروبية"، مردفًا: "لا أفهم لماذا يدفع أحد غرامة رغم نجاحه فيما يتعلق بقضية الأهداف المناخية".
وبسؤالها إذا كانت المفوضية الأوروبية قد شرعت في اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد فرنسا، قالت مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون في بروكسل: "ناقشنا تلك الاحتمالية مع لومير"، مضيفة: "سنتابع هذا الأمر في المستقبل القريب".
الطاقة النووية في الصفقة الخضراء
في مارس/آذار ( 2023) توصل أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن الإطار النهائي لنسب أنواع مصادر الطاقة الضرورية لتحول الطاقة في الصفقة الخضراء، ما خفض دور الطاقة النووية كثيرًا في الاستهلاك بحلول 2030، في حين رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 42.5%.
وطالبت فرنسا، التي تتفوق على نظيراتها من الدول الأوروبية في مجال الطاقة النووية، بإدخال تعديل على بنود الصفقة الخضراء يتيح دورًا أكبر للطاقة النووية في عملية تحول الطاقة داخل الاتحاد الأوروبي.
ولطالما مارست باريس ضغوطًا مكثفة لإدراج الطاقة النووية في قائمة مصادر الطاقة المتجددة، بموجب قواعد المفوضية الأوروبية الجديدة بشأن التمويل الأخضر، وهو ما تعارضه ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، التي أغلقت آخر 3 مفاعلات نووية لديها في أبريل/نيسان (2023)
الطاقة النووية في فرنسا
تستهدف فرنسا تقليص حصة الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة لديها من أكثر من 60% -الآن- إلى 40% بحلول أواسط العقد المقبل (2035)، ما يستلزم بناء مزيد من محطات الطاقة النووية في البلد الأوروبي، سعة 13 غيغاواط، بدءًا من عام 2026.
وفي يناير/كانون الثاني (2024) قالت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية أنييس بانييه-روناشيه، إن بلادها تنوي بناء 8 محطات نووية جديدة تُضاف إلى 6 محطات، كان قد أعلنها سابقًا الرئيس إيمانويل ماكرون، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي فبراير/شباط (2022) أعلن ماكرون إنجاز بناء المفاعلات النووية الـ6 الجديدة بوساطة مرفق الكهرباء الفرنسي "إي دي إف" بحلول منتصف القرن الحالي (2050) في إطار إستراتيجية الطاقة النووية الجديدة التي تنتهجها باريس، وتستهدف من خلالها دعم أهداف إزالة الكربون.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة النووية في فرنسا.. كيف تتأثر أوروبا بحريق محطة شينون؟
- الطقس الحار يعطّل إنتاج الطاقة النووية في فرنسا ويهدد إمدادات أوروبا
- إنتاج الطاقة النووية في فرنسا يسجل أعلى مستوياته منذ عام.. وينقذ أوروبا
اقرأ أيضًا..
- أرامكو تنافس شركات عالمية لشراء أصول غاز مسال في سنغافورة
- صادرات النفط الروسي عبر تركيا تتلقى ضربة.. هل انصاعت أنقرة للعقوبات الغربية؟
- سوق الكوبالت العالمية.. تقرير دولي يكشف خطة الصين لاحتكارها