إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.. 3 خطوات مهمة للحكومة خلال 60 يومًا
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- مصر تعتمد إستراتيجيتها لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون
- تخطط لتصدير 5.6 ملايين طن بحلول عام 2040
- إعفاء ضريبي لا يقلّ عن 33% لمشروعات الهيدروجين الأخضر
- مصر تتصدر الدول العربية في عدد المشروعات المعلنة والمقترحة
شهدت خطة إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر خلال أول شهرين من العام الجاري مواصلة البلاد توقيع مزيد من الصفقات الضخمة، مع اعتماد إستراتيجيتها وإصدار حوافز جديدة في إطار سعيها لتحقيق مستهدفاتها بحلول العقد المقبل.
وتعدّ مصر من الدول التي تمتلك خططًا طموحة لمشروعات الهيدروجين الأخضر، تستهدف من خلالها تحقيق مكاسب اقتصادية تتراوح ما بين 10 و18 مليار دولار، عبر التصدير إلى السوق العالمية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وعربيًا، تتصدر مصر دول المنطقة في عدد المشروعات المعلنة والمقترحة، وسط نجاحها العام الماضي في تصدير أول شحنة أمونيا عالمية من الطاقة المتجددة عبر مصنع للهيدروجين الأخضر يقع في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
1- اعتماد إستراتيجية ومستهدفات
اعتمد المجلس الأعلى للطاقة في البلاد الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين مُنخفض الكربون، التي تستهدف أن تكون مصر إحدى الدول الرائدة في اقتصاد الهيدروجين عالميًا.
وتستهدف مصر الوصول إلى حصة تتراوح بين 5 و8% من السوق العالمية للهيدروجين، بحسب الإستراتيجية التي نُشِر بعض ملامحها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بعد أن أقرّتها الحكومة، وحوّلتها للمجلس الأعلى للطاقة،
كما تسعى من خلال استراتيجية الهيدروجين إلى تحقيق أمن الطاقة وخفض 40 مليون طن سنويًا من انبعاثات الكربون بحلول 2040، وكذلك زيادة الناتج المحلي الإجمالي بقيمة ما بين 10 مليارات و18 مليار دولار بحلول 2040.
وتتضمن الإستراتيجية التوسع التدريجي في استعمال الهيدروجين منخفض الكربون محليًا، خصوصًا في قطاعي النقل والصناعة، مع العمل على رفع سعة إنتاجه ومشتقاته لتحقيق ذلك.
وكان قد سبق اعتماد الإستراتيجية قيام الحكومة المصرية في سبتمبر/أيلول 2022 بتشكيل المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
ومن أبرز مهام المجلس متابعة الإستراتيجية المعتمدة مؤخرًا بصورة سنوية، مع توحيد الجهود التي تبذلها الدولة لتحفيز الاستثمار بمجال إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر ومشتقاته.
وتستهدف مصر التحول إلى مركز إقليمي للهيدروجين الأخضر في عام 2026، لتصل بعد ذلك إلى مركز عالمي بحلول 2030، عبر إنتاج 3.2 ملايين طن سنويًا، تصعد إلى 9.2 ملايين طن في عام 2040.
وتخطط مصر لتصدير نحو 5.6 ملايين طن بحلول عام 2040، للاستحواذ على حصة تصل لـ8% من السوق العالمية للهيدروجين الأخضر، وفقًا لوثيقة التوجهات الإستراتيجية للاقتصاد المصري (2024-2030) -والتي ماتزال تخضع للحوار المجتمعي-.
وتأمل بحلول عام 2030 تنفيذ استثمارات ضخمة في قطاع الهيدروجين تصل لـ5.4 تريليونات جنيه (174.5 مليار دولار) في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وتتوزع تلك الاستثمارات ما بين 9 مشروعات (عقود- اتفاق إطاري) بقيمة 1.9 تريليون جنيه (61.4 مليار دولار)، و13 مشروعًا (جارٍ توقيع اتفاق إطاري) باستثمارات 2.5 تريليون جنيه (80.8 مليار دولار)، و10 مشروعات (مذكرات تفاهم جاهزة للتوقيع) باستثمارات تريليون جنيه (32.32 مليار دولار).
2 - حوافز وضعتها مصر
مع مطلع العام الجاري، أصدرت الحكومة سياسة تحفيزية للإسهام في جذب مزيد من الشركات العالمية لقطاع إنتاج الهدروجين الأخضر في مصر.
ومن أبرز ما تضمّنته السياسة التي أقرّها مجلس النواب المصري في أول اجتماع له العام الجاري، حافز استثماري نقدي يُطلق عليه مصطلح "حافز الهيدروجين الأخضر".
ويعني ذلك الحصول على إعفاء ضريبي بنسبة لا تقلّ عن 33%، ولا تتجاوز 55% من الضريبة المسددة على الدخل المحقق من مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر أو توسعاته.
وتتضمن -كذلك- إعفاء المعدّات والآلات والأجهزة والمواد الخام ووسائل النقل، ما عدا سيارات الركوب، من ضريبة القيمة المضافة، وإعفاء صادرات مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته من ضريبة القيمة المضافة.
ومنحت الحوافز الوزير المختص -بعد موافقة رئيس الحكومة- إمكان إعفاء عقارات مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر ومشتقاته من الضريبة.
وتشتمل -أيضًا- على إعفاء الواردات اللازمة لإقامة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر ومشتقاته، ما عدا سيارات الركوب، من الضريبة الجمركية.
كما تخضع مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر للرخصة الذهبية، أي حصول شركة المشروع على الموافقة الواحدة.
وفي السياق نفسه، تضمنت الحوافز السماح للشركة الاستيراد، بذاتها أو عن طريق غيرها، ما يحتاج إليه المصنع دون حاجة إلى قيدها في سجل المستوردين، وكذلك تصدير منتجات المصنع دون ترخيص وبغير حاجة إلى قيدها في سجلّ المصدّرين.
وسمح قانون حوافز إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر للشركات المنفّذة بتوظيف عاملين أجانب في حدود 30% من الإجمالي، خلال أول 10 سنوات من توقيع اتفاقيات المشروع.
وتتضمن الحوافز -أيضًا- تخفيض قيمة رسوم وفئات مقابل الانتفاع بالمواني البحرية، والنقل البحري، ومقابل الخدمات التي تؤدَى إلى السفن في المواني البحرية المصرية بنسبة 30%.
يُضاف إلى ذلك تخفيض بنسبة 25% من قيمة مقابل حق الانتفاع بالأراضي الصناعية المخصصة لإقامة مصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر ومشتقاته، ونسبة 20% من مقابل حق الانتفاع بأراضي مستودعات التخزين بالمواني.
وللحصول على تلك الحوافز، وضع القانون شروطًا، ومنها بدء التشغيل التجاري خلال 5 سنوات من إبرام الاتفاقيات، والاعتماد على النقد الأجنبي الخارجي للتمويل بنسبة لا تقلّ عن 70% من التكلفة.
كما اشترط استعمال منتجات محلية الصنع بحدّ أدنى 20% من مكونات المشروع، ونقل وتوطين التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والمتطورة إلى مصر.
ويستعرض الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر:
3- المزيد من الصفقات
في 28 فبراير/شباط 2024، نجحت البلاد بتوقيع مزيد من صفقات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تضمنت 7 اتفاقيات بمجالي الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.
ووقّعت جهات حكومية ممثلة في صندوق مصر السيادي، وهيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، الاتفاقيات مع 7 مُطورين عالميين.
وضمّت قائمة المطورين شركة باش غلوبال، وشركة سمارت إنرجي، وتحالف"جاما كونستركشن وميريديام"، وتحالف "إس كي إيكو بلانت-سي سك شمال أفريقيا"، وشركة التوكل جيلا، وشركة إيه إم إم باور، وشركة يونايتد إنرجي جروب.
وتصل استثمارات الاتفاقيات في المرحلة التجريبية إلى 12 مليار دولار، ونحو 29 مليار دولار للمرحلة الأولى، ليتخطى إجمالي الاستثمارات نحو 40 مليار دولار في 10 سنوات.
وكانت مصر قد نجحت في عام 2023 تصدير أول شحنة أمونيا عالمية من إنتاج مصنع الهيدروجين الأخضر التابع لشركة "فيرتيغلوب" الإماراتية، الواقع في المنطقة الصناعية بالعين السخنة بمنطقة قناة السويس.
يشار إلى أن المصنع تبلغ قدرته نحو 15 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر، ويستعمل لإنتاج 90 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء، وينفَّذ بالشراكة بين صندوق مصر السيادي، وشركة سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وشركة أوراسكوم للإنشاء.
كما أن البلاد خصصت نحو 20 مليون متر مربع في المنطقة الصناعية بالسخنة لإقامة مشروعات للوقود الأخضر.
أعوام مليئة بالصفقات
شهد عاما 2022 و2023 توقيع مصر صفقات عديدة وضعتها في مقدمة الدول العربية بعدد المشروعات المعلنة والمقترحة، لتكون من بين دول منطقة شمال أفريقيا المؤهلة بصورة كبيرة لتصدير ذلك الوقود الأحفوري إلى أوروبا.
وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن منظمة أوابك، تمتلك مصر 24 مشروعًا للهيدروجين بنهاية 2023، تتضمن 19 مشروعًا بمجال إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، و3 مشروعات للهيدروجين الأزرق أو الأمونيا الزرقاء، ومشروعين لمحطات تموين السفن.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تَصدُّر مصر عدد المشروعات المعلنة والمقترحة عربيًا بنحو 14 مشروعًا حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2023 حسب أوابك:
ومن أبرز تلك الصفقات، توقيع الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات وشركة موبكو مع شركة سكاتك النرويجية اتفاقية مشروع جديد لإنتاج الأمونيا الخضراء بسعة 150 ألف طن سنويًا.
وجذب إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر -كذلك- العديد من الشركات الصينية، من بينها جذب استثمارات صينية بمجال إنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 15 مليار دولار.
وتضمنت توقيع اتفاقية إطارية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس مع شركة تشاينا إنرجي (China energy) لإنتاج الوقود الأخضر بطاقة 1.2 مليون طن من الأمونيا الخضراء، و210 آلاف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا.
واتفقت مجموعة الطاقة الصينية الدولية مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة شمال أبوقير للمغذيات الزراعية، على إنشاء مشروع مشترك لإنتاج الهيدروجين الأخضر في شركة شمال أبوقير للمغذيات الزراعية.
وفي السياق نفسه، تدرس شركة شركة "أكوا باور" السعودية تنفيذ أحد أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في منطقة قناة السويس، باستثمارات تتجاوز 4 مليارات دولار.
وفي عام 2022، وخلال انعقاد مؤتمر المناخ كوب 27 بشرم الشيخ، وقّعت مصر 8 اتفاقيات إطارية مع شركات توتال إنرجي وإف إف آي (Fortescue Future Industries) الأسترالية، والفنار السعودية، وإي دي إف رينيوابلز الفرنسية، ورنيو باور الهندية، وأميا باور الإماراتية، ومصدر الإماراتية.
كما شهد مؤتمر المناخ توقيع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم غير ملزمة مع مصر، تهدف إلى التعاون في الأطر التنظيمية ودعم البنية التحتية لقطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.
وفي 15 ديسمبر/كانون الأول (2022)، قرر مجلس الوزراء المصري منح الرخصة الذهبية لمشروع شركة مصر للأمونيا الخضراء، لإنتاج الأمونيا الخضراء، بقدرة 1 مليون طن سنويًا، وبتكلفة استثمارية 5.5 مليار دولار، في المنطقة الصناعية بالعين السخنة.
كما منحت البلاد الرخصة الذهبية لمشروع شركة مصر للهيدروجين الأخضر، المتضمن إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بقدرة 100 ميغاواط بالمنطقة الصناعية في العين السخنة، باستثمارات تصل إلى 135 مليون دولار.
بطء في التنفيذ
رغم كل تلك الاتفاقيات والمشروعات؛ شغّلت البلاد مشروعًا تجريبيًا واحدًا فقط لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 15 ميغاواط التابع لشركة فيرتيغلوب حتى الآن.
وأرجع التقرير الصادر عن موقع هيدروجين إنسايت (hydrogeninsight) التقدم البطيء في تنفيذ مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، والموقّعة مع شركات عالمية، إلى الشكوك المحيطة بشراء ذلك الوقود النظيف.
ورأى أن اشتراط مصر على المشروعات تأمين 70% من احتياجاتها المالية من ممولين خارج البلاد للحصول على الحوافز التي أقرّتها، بأنها عقبة أخرى أمام تطوير المشروعات.
ومن بين الأسباب -كذلك-، استهداف البلاد استعمال الهيدروجين في إنتاج الأمونيا أو الميثانول لتزويد السفن المارة من قناة السويس، وهو ما يتعارض مع التوجه قصير المدى لشركات الشحن للحصول على الوقود من الميثان الحيوي.
موضوعات متعلقة..
- حوافز الهيدروجين الأخضر في مصر وشروط الحصول عليها (إنفوغرافيك)
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في 2023.. 7 دول عربية تتسابق نحو الريادة العالمية
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا.. أنظار أوروبا تتجه لـ4 دول (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- 5 خبراء يحللون سهم أكوا باور بعد تحقيق نتائج أعمال استثنائية
- قطاع الغاز في الجزائر.. احتياطيات كبيرة ومصدر مهم محليًا وعالميًا (تقرير)
- شل تنحاز لأرباح النفط والغاز وتطرح أصولًا متجددة في أميركا للبيع
- مفاجأة بشأن احتياطيات حقل ظهر المصري