التقاريرتقارير النفطتقارير منوعةرئيسيةمنوعاتنفط

قصة منصة حفر عمرها 25 عامًا.. تتحول إلى شعاب مرجانية

هبة مصطفى

غيّرت منصة حفر بحرية الصورة الذهنية لاقتصار الأداء المثمر على البشر، ومنذ تثبيتها في مياه خليج المكسيك الأميركي قبل 25 عامًا كانت فريدة من نوعها وجذبت الأنظار.

هذه المنصة هي غينيسيس، التي تملك بصمة تاريخية، بوصفها أولى المنصات لشركة شيفرون (Chevron) للحفر في المياه العميقة، وصاحبة لقب "أسطورة" في صناعة النفط والغاز.

لكن يبدو أن رحلة غينيسيس على مشارف الانتهاء مع بلوغها العمر الافتراضي لتقاعد المنصات، واستمر تميزها حتى في مراحل تفكيكها بأمان.

أداء أسطوري

من المعروف أن منصات الحفر -ومن ضمنها غينيسيس- تؤدي دورًا مهمًا لصناعة الوقود الأحفوري، لكن هل فكرت يومًا أنها قد تؤثر في البشر أيضًا؟

فمنذ تشغيلها، كانت أقدم منصات شركة شيفرون الأميركية بمثابة "درس عملي" للأداء والابتكار والبصمة التي لا تُنسى، ولا يعني وقفها عن العمل انتهاء هذه الرحلة.

وعلى العكس من ذلك، تبقى تفاصيل المنصة حاضرة في جيل المنصات الحالي، أو الذي ما زال يخضع للبناء.

صورة قديمة لمنصة غينيسيس genesis offshore platform
صورة قديمة لمنصة غينيسيس الأسطورة - الصورة من موقع شركة شيفرون

وانطلقت رحلة المنصة منذ بنائها في أواخر تسعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين أبدعت في الوصول إلى أعماق أكبر من المعتاد للابتكارات البحرية.

ولم تُسهم المنصة الأسطورة في عمليات الحفر في خليج المكسيك الأميركي فقط، وإنما امتد تأثيرها بالتمهيد والتأسيس لتطور تقني عالمي.

رحلة عطاء

بحجم إنتاج بلغ 120 مليون برميل نفط طوال عمرها التشغيلي، شكّلت منصة غينيسيس العائمة مصدر اعتزاز بالنجاح للأجيال المتعاقبة من فرق العمل على متنها.

ويبدو أن المنصة ارتبطت بعلاقة صداقة وثيقة مع خليج المكسيك، وامتد عمقها التشغيلي إلى نصف ميل تحت سطح البحر، لتقدم خدماتها إلى 20 رأس بئر مصطفة في القاع.

ولم يختلف الأمر كثيرًا فوق سطح البحر، إذ على متن المنصة كانت تملك القدرة على احتضان العديد من المرافق والمعدات المستعملة في عمليات الحفر والإنتاج، معتمدة في ذلك على طولها الممتد بنحو 705 أقدام، ووزن يصل إلى 28 ألفًا و700 طن.

واكتسبت أول منصة حفر في المياه العميقة لشركة شيفرون الأميركية سمعة طيبة، خلال رحلة عملها، إذ تحول طاقمها البحري من العاملين على متنها إلى ما يشبه العائلة الواحدة.

ونجحت كتلة صلب في منح الصناعة أفكارًا وابتكارات لتقنيات الحفر، ومنحت فريق عملها روحًا مختلفة ومميزة في الوقت ذاته.

تقاعد مذهل

تستعد منصة غينيسيس للتقاعد بعد أن أفنت 25 عامًا على تعزيز المخزونات الأميركية، وحفر مكان لشركة شيفرون بين كبريات شركات الطاقة العالمية.

وربما يُعد تخارج المنصات من أساطيل الشركات أمرًا معتادًا بصفته إحدى حلقات تطوير النفط والغاز بمسؤولية وأمان، لكن تقاعد "الأسطورة" كان له بالغ الأثر في الصناعة وطاقم المنصة، وتطلب بذل جهود لإنجاحه.

ومع إطفاء شمعتها الـ20 منذ إنتاج النفط الأول، اتخذت شركة شيفرون عام 2019 قرارًا بالاستعداد لوقف تشغيلها، وها هي تستعد العام المقبل 2025، لتصبح جزءًا من برنامج الشعب المرجانية الصناعية.

وفي برنامج ولاية لويزيانا (Rigs to Reefs)، تصطف أجزاء المنصات بعد تنظيف الهيكل والتفكيك، لتثري الحياة البحرية بأشكال صناعية مستقرة في قاع البحر توحي بأنها شعاب مرجانية.

وتدفع رحلة تطور أداء منصة غينيسيس نحو إبقائها حية ومثالًا لأجيال المنصات العاملة في الصناعة الآن، أو التي تستعد لتولد وتنضم إلى أسطول عائم على سطح البحر تمتد أقدامه في القاع باحثة عن الذهب الأسود.

منصة غينيسيسgenesis offshore platform
جانب من طاقم عمل منصة غينيسيس - الصورة من موقع شركة شيفرون

فريق العمل

يتطلب وقف تشغيل منصة غينيسيس جهدًا ووقتًا، مثلما استغرقت في تركيبها وإدخالها الخدمة، وخاضت مسؤولة رحلة التفكيك "ماريانا فيردي" مع فريقها خطوات عدة بدأت باكتسابها شعورًا مميزًا حينما وطأت أقدامها سطح المنصة لأول مرة.

ولاحظت فيردي مدى تأثير منصة شركة شيفرون في الصناعة، وطاقم المنصة، وحتى في رحلة تفكيكها، فالمنصة الأسطورة تُعد "قصة متكاملة"، حسب وصفها.

ولضمان تفكيكها بطريقة آمنة ومسؤولة ومنح المنصة نهاية ملائمة لجهودها، خطط فريق وقف التشغيل لهذه المرحلة منذ عام 2020 حتى الآن، لغلق رؤوس الآبار وفصلها عن المنصة.

وتقديرًا لتاريخ المنصة الحافل، درس فريق التفكيك كل ما يتعلق بأولى منصات شيفرون في المياه العميقة، سواء المعدات المستعملة للتفكيك والتنظيف، أو كيفية سحب هيكل المنصة إلى المياه الضحلة بمسافة 75 ميلًا.

ومع انضمام المنصة في 2025 إلى برنامج لويزيانا لتحويل المنصات إلى شعاب مرجانية، يُسدل الستار على رحلة عطاء استمرت 25 عامًا.

وتبدأ بعد ذلك رحلة أخرى لا تقل قيمة، بتحويل قصة المنصة إلى "مدرسة" يتشارك بها مهندسو شيفرون مع زملائهم في بقية أصول الشركة أفكار التطوير المستقبلية، لتستمر قيمتها بعد التفكيك والخروج من الخدمة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق