5 لوائح بيئية جديدة تهدد شركات الشحن البحري عالميًا (تقرير)

يتزايد تشديد الخناق على شركات الشحن البحري عالميًا عبر إصدار اللوائح البيئية المتشددة في معايير الانبعاثات، وسط جهود إزالة الكربون من قطاع النقل وخطط الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ودخلت 5 قواعد شحن جديدة إلى حيز التنفيذ منذ عام 2023؛ ما يستلزم انتباه ملّاك السفن ومشغّليها لمتابعتها بصورة دقيقة لمعرفة تأثيراتها، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وتأتي هذه القواعد في إطار خطط المنظمة البحرية الدولية (IMO)، التابعة للأمم المتحدة، للتخلص التدريجي من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الشحن البحري بالكامل في أقرب وقت ممكن من هذا القرن.

لائحة المنظمة البحرية الدولية 2023

أطلقت المنظمة البحرية الدولية مجموعة جديدة من القواعد تسمى لائحة المنظمة البحرية الدولية لعام 2023، وتستهدف فرض تخفيضات إلزامية لانبعاثات الكربون لكل من السفن الجديدة والقائمة، باستعمال مؤشرات كفاءة الطاقة.

وتضمنت تحديثات لائحة المنظمة لعام 2023 إضافة مؤشر كثافة الكربون (CII)، ومؤشر كفاءة الطاقة للسفن القائمة (EEXI)، إلى المعايير التي يجب على ملّاك السفن أو المشغّلين الالتزام بها.

ويعدّ مؤشر كثافة الكربون مقياسًا عالميًا جديدًا يستعمل لقياس انبعاثات الكربون الناتجة عن أنشطة الشحن، ويُحسَب عبر تحديد كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن كل طن من البضائع المنقولة لكل كيلومتر.

ويستهدف هذا المؤشر خفض البصمة الكربونية للسفن وشركات الشحن البحري للحدّ من مساهمتها في تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة العالمية.

ومن المقرر أن تحصل كل سفينة على درجات تقييم لانبعاثات الكربون وفق هذا المؤشر، تبدأ من جيد (A) إلى ضعيف (D)؛ ما يعني أن السفن التي تحصل على درجة أقل من الضعيف (E) سيتعين عليها أن تضع خطة تصحيحية، بحسب تقرير موقع غرين كارير( green carrier).

تأثيرات مؤشر كثافة الكربون

يؤثّر مؤشر كثافة الكربون في مالك أو مشغل السفينة، من حيث إلزامه بمراقبة الانبعاثات الصادرة عن سفينته والإبلاغ عنها، وفقًا للإرشادات التي حددتها المنظمة البحرية الدولية.

كما يحتاج ملّاك السفن أو مشغّلوها إلى جمع البيانات عن استهلاك الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتقديم تقارير دورية بشأنها إلى المنظمة البحرية الدولية.

كما يجب على الملّاك اتخاذ خطوات لتحسين كفاءة استعمال الطاقة وخفض انبعاثات الكربون، من خلال تشديد أهداف تقليل الانبعاثات سنويًا.

وحتى تتمكن السفن من ذلك، يجب عليها الاستثمار في التقنيات الجديدة، مثل المحركات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، والتحول إلى أنواع الوقود البديلة، وتحسين تصميم الهيكل الخارجي للسفن، بالإضافة إلى اعتماد أفضل الممارسات لعمليات السفن، لخفض استهلاك الوقود.

المؤشر الحالي لكفاءة الطاقة

يقوم المؤشر الحالي لكفاءة الطاقة على تصنيف أداء الطاقة في السفن الحالية، استنادًا إلى بيانات الاستهلاك والمقاييس الرئيسة الأخرى، مثل السرعة والقوة وحجم المحرك.

ويرتبط هذا الإجراء بالتصميم الفني للسفينة، ويعتمد على مواصفات السفينة، وليس على أدائها التشغيلي الفعلي، ويستهدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من السفن.

وأصبحت جميع السفن ملزمة بحساب كفاءة الطاقة وكثافة الكربون بالمعايير الجديدة بداية من 1 يناير/كانون الثاني 2023، مع البدء في جمع هذه البيانات والإبلاغ عن أدائها السنوي.

وتؤثّر معايير كفاءة الطاقة في ملّاك السفن وشركات الشحن البحري بصورة مباشرة، إذ أصبحت السفن بحاجة للحصول على الموافقة أو الاعتماد من خلال المسح الدوري الأول لعام 2023.

كما أصبحت السفن ملزمة بحساب سلسلة قيمة كفاءة الطاقة ومقارنتها بالقيمة المطلوبة، وتحسين الكفاءة إذا لزم الأمر، مع تقديم مستندات بذلك حتى تحصل على الموافقة.

وإذا حصلت السفينة على تصنيف أقل من حدّ معين في كفاءة الطاقة، فسوف تخضع لعقوبات وقيود منصوص عليها في لائحة المنظمة البحرية الدولية لعام 2023.

وحتى تحصل السفن على شهادة المنظمة أو موافقتها، يتعين على شركات الشحن البحري أو ملّاك السفن أو مشغّليها تعديل المحركات أو الأنظمة، إذ يمكن أن يؤدي تقليل السرعة بنسبة 20% إلى خفض الكربون بنسبة 50%.

كما يمكن للأجهزة الموفرة للطاقة أو التقنيات النظيفة مثل استعمال البطاريات أو الوقود الخالي من الكربون، مثل الهيدروجين الأخضر أو الأمونيا الخضراء، أن يكون أحد البدائل المتاحة أمام شركات الشحن البحري لاستيفاء متطلبات معيار كفاءة الطاقة.

لائحة ماربول لعام 2023

تعدّ لائحة ماربول لعام 2023 تحديثًا للاتفاقية الدولية لمنع التلوث البحري من السفن، والتي تمّ تطويرها من قبل المنظمة البحرية الدولية بهدف تقليل تلوث المحيطات والبحار، بما في ذلك حظر إلقاء النفايات وتلويث الهواء أو الماء عبر التسرب النفطي.

وتتضمن اللائحة تحديثات للجزء الثالث من خطة إدارة كفاءة الطاقة في السفن (SEEMP)، التي تتضمن معايير وإرشادات جديدة لحساب كثافة الانبعاثات التشغيلية السنوية للسفن والإبلاغ عنها، مع وضع خطة لتحقيق المطلوب خلال 3 سنوات مقبلة.

كما يتضمن هذا التحديث إجراءات للتقييم الذاتي والتحسين، بالإضافة إلى خطة للإجراءات التصحيحية إذا لزم الأمر، حتى تتوافق السفن والناقلات مع معايير خفض الانبعاثات الأكثر تشددًا.

ويؤثّر هذا الجزء من تحديثات لائحة ماربول في شركات الشحن البحري وملّاك السفن أو مشغّليها، عبر إلزامهم بتقديم خطط جادة لتحقيق أهداف خفض كثافة الكربون المطلوبة في غضون 3 سنوات، والاحتفاظ بها في صورة مستند على متن السفينة.

فضلًا عن الحاجة إلى تحديث هذا المستند ببيانات استهلاك الوقود السائدة كل عام، مع تتبّع أداء كثافة الكربون الخاصة بكل سفينة وفاعلية تدابير كفاءة الطاقة وتقييم خططها.

مؤشر تصميم كفاءة الطاقة

يُستعمل مؤشر تصميم كفاءة الطاقة (EEDI) لقياس ومقارنة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للسفن، ويحدد الحدّ الأدنى من متطلبات الكفاءة للسفن الجديدة.

ويُحسَب المؤشر باستعمال معادلة مركبة تأخذ في الحسبان حجم السفينة وقدرتها وسرعتها، فضلًا عن كفاءة أنظمة الطاقة الخاصة بها.

ويمثّل الرقم الناتج كمية انبعاثات الكربون المتوقع أن تطلقها السفينة لكل وحدة من البضائع المنقولة على مسافة محددة، ويستهدف هذا المؤشر تعزيز استعمال المعدات والمحركات الأكثر كفاءة للطاقة.

ويؤثّر هذا الإجراء في أنشطة شركات الشحن البحري بصور مختلفة، أبرزها إلزام السفن الجديدة باستيفاء حدّ أدنى من معايير كفاءة الطاقة حتى تتمكن من الحصول على رخصة التشغيل؛ ما قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الخاصة بالسفن.

ولا ينطبق هذا المعيار في الوقت الحالي إلّا على السفن المسؤولة عن معظم الانبعاثات، غير أنه ينبغي لملّاك السفن أو مشغّليها الانتباه إلى أن هذا المعيار سيُشَدَّد كل 5 سنوات؛ ما يعني أن السفينة المبنية بين عامي 2022 و2025 سيتعين عليها استيفاء معايير أعلى.

المؤشر التشغيلي لكفاءة الطاقة

يعدّ المؤشر التشغيلي لكفاءة الطاقة (EEOI) أحد المقاييس المتّبعة بتقييم كفاءة استعمال الطاقة في السفن، وعادةً ما يُعرف بكونه نسبة أعمال النقل التي تقوم بها السفينة (مَقيسة بالطن والأميال)، إلى إجمالي الطاقة المستهلكة (مَقيسة بالطن والساعة) خلال التشغيل.

ويُستعمل هذا المؤشر لمقارنة كفاءة استعمال الطاقة لسفن شركات الشحن البحري المختلفة، إضافة إلى مراقبة التغيرات في كفاءة استعمال الطاقة للسفينة بمرور الوقت، كما يُستعمل في تقييم كثافة الكربون الفعلية للسفن؛ ما يجعله متوافقًا مع مضمون مؤشر كثافة انبعاثات الكربون (CII).

ولم يُفرَض هذا المعيار بصورة إلزامية على أصحاب السفن أو مشغّليها حتى الآن، على الرغم من طرحه للمناقشة بين المنظمات البيئة المختصة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومع ذلك، تستعمل المنظمة البحرية الدولية هذا المعيار لتقييم مدى امتثال السفن للّوائح البيئية، بما في ذلك أهداف المنظمة لخفض غازات الاحتباس الحراري.

لهذا السبب، ينصح خبراء النقل البحري ملّاك السفن وشركات الشحن البحري بأن تكون على دراية بهذا المعيار، وأن تتخذ الخطوات اللازمة لتحسين أداء السفن بأكبر قدر ممكن، إلى جانب استيفاء متطلبات اللوائح الأخرى.

وتنطوي لوائح الشحن الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2023، على تحديات وفرص لأصحاب السفن تدفعهم إلى ضرورة الاستثمار فيما يعزز الامتثال ويساعد على إعادة بناء صناعة شحن أكثر استدامة.

موضوعات متعلقة..

• حجم التجارة البحرية يتضاعف 3 مرات بحلول 2050.. والنتيجة تنامي انبعاثات الشحن (تقرير)
• هوس الانبعاثات يدفع شركة قهوة كندية لاستعمال المراكب الشراعية.. ما القصة؟
• هل تنقذ القوارب الكهربائية قطاع الشحن من انبعاثات الكربون؟ (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• الطلب على النفط في 2024.. نظرة متفائلة لمؤسسات كبرى (تقرير)
• ما هو الهيدروجين.. وما أنواعه المقبولة في الأسواق العالمية؟ (صوت)
• بالأرقام.. تكلفة إنتاج الهيدروجين في 6 دول عربية
• إنتاج منجم السكري من الذهب في مصر يرتفع للعام الثاني (رسم بياني)