مستشار بريطاني: السياسات الخضراء تلحق الضرر باقتصادات الدول الغربية (تقرير)
نوار صبح
- الشركات البريطانية تخسر أمام المنافسين الأجانب بسبب المنتجات رخيصة الثمن ومعايير السوق المنخفضة
- زيادة تكاليف الطاقة تمثّل ضررًا ذاتيًا اقتصاديًا واجتماعيًا وجيوسياسيًا خطيرًا
- معظم الدول الأوروبية شهدت ارتفاع الأسعار بشكل كبير منذ غزو روسيا لأوكرانيا
- في الصين تبلغ أسعار الكهرباء الصناعية نحو ربع أسعارها في بريطانيا
- الانبعاثات المرتبطة بواردات بريطانيا من الصين ارتفعت بنسبة 62% منذ أواخر التسعينيات
تسببت التجارة الدولية الحرة والسياسات الخضراء في إلحاق الضرر باقتصادات الدول الغربية، وأسفر ذلك عن بروز دول -مثل الصين- لمنافسة الشركات الكبرى في عقر دارها، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وحولت تلك السياسات، التي اتّبعتها الحكومات الغربية لأكثر من عقدين من الزمن، الإنتاج الصناعي من البلدان التي تتمتع بمعايير بيئية متقدمة إلى تلك التي لا تملك إلّا القليل، أو لا تملك شيئًا على الإطلاق.
جاء ذلك في مقال للكاتب المستشار السياسي البريطاني، نيك تيموثي، قال فيه، إنه في الأسبوع الماضي، أبحرت سفينة صينية في بحر المانش، قبل الرسو في هولندا، وكانت تحمل 7 آلاف سيارة كهربائية.
وصُنِعت جميع تلك السيارات في الصين، وتهدف إلى تقويض المنتجات المنافسة المصنوعة في أوروبا، وجميعها استفادت من الإعانات الحكومية وأسعار الطاقة الأقل بكثير من تلك الموجودة في بريطانيا، وفق المقال الذي نشرته صحيفة ذا تيليغراف البريطانية (The Telegraph).
زيادة تكاليف الطاقة في بريطانيا
أدت زيادة تكاليف الطاقة في بريطانيا إلى جعل السلع المحلية أقل قدرة على المنافسة، وفي الأسواق الخارجية والمحلية، تخسر الشركات البريطانية أمام المنافسين الأجانب، بسبب المنتجات رخيصة الثمن، ومعايير سوق العمل المتدنية، وارتفاع الانبعاثات الكربونية.
ويرى كثيرون أن هذا التقدم قد ألحق ضررًا اقتصاديًا واجتماعيًا وجيوسياسيًا خطيرًا.
وأشار نيك تيموثي إلى أن بريطانيا احتلّت، خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الـ20، المرتبة الثالثة من حيث تكاليف الكهرباء الصناعية الأكثر تنافسية بين اقتصادات مجموعة الـ7.
وأضاف أنه "منذ ذلك الحين كان أداؤنا أسوأ بكثير، ففي الأعوام الـ5 التي سبقت تولّي توني بلير رئاسة الوزراء، كانت تكاليف الكهرباء الصناعية لدينا أعلى بنحو 9% من المتوسط في الاقتصادات المتقدمة التي تنضم إلى وكالة الطاقة الدولية".
وبحلول عام 2010، كانت التكاليف أعلى بنحو 23%، وعلى مدى السنوات الـ5 الماضية ارتفعت إلى 52%، وشهدت معظم الدول الأوروبية ارتفاع الأسعار بشكل كبير منذ غزو روسيا لأوكرانيا، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال: "عند مقارنة الأسعار البريطانية بدول محددة سيكون الفرق صادمًا، لأن أسعار الكهرباء الصناعية لدينا أعلى بـ3 مرات من أسعارها في أميركا وكندا".
وتُعدّ هذه الأسعار أكثر من ضعف ما هي عليه في كوريا ونيوزيلندا، وهي أعلى بنحو ضعف تلك الموجودة في الدول الأوروبية ــفنلندا وفرنسا والسويدــ التي تتمتع بقطاع قوي للطاقة النووية، وأعلى كثيرًا من تلك التي تستعمل الفحم لتوليد الكهرباء، مثل ألمانيا وبولندا.
أسعار الكهرباء في الصين
في الصين، المسؤولة عن 53% من الاستهلاك العالمي للفحم، حيث يولّد الفحم 61% من الكهرباء، تبلغ أسعار الكهرباء الصناعية نحو ربع أسعارها في بريطانيا.
يضاف إلى ذلك انخفاض تكاليف العمالة الصينية وإعانات الدعم الهائلة المقدّمة من خلال القروض الرخيصة والصلب، للتأكد من أن هذه ليست تجارة حرة أو عادلة على الإطلاق، بحسب مقال للكاتب المستشار السياسي البريطاني، نيك تيموثي، نشرته صحيفة ذا تيليغراف البريطانية (The Telegraph).
وفي الوقت نفسه، ارتفعت الانبعاثات المرتبطة بالواردات إلى بريطانيا من الصين بنسبة 62% منذ أواخر التسعينيات.
يقول نيك تيموثي: "بوسعنا أن نلوم الصين على إساءة استعمال النظام التجاري العالمي الذي انضمت إليه قبل ربع قرن تقريبًا"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدد، حاليًا، بفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، ولكن "المشكلة الحقيقية تكمن في السذاجة الغربية".
ويشير إلى أن "الصين كانت تنتهك القوانين دائمًا وتستعمل النظام لمصلحتها الخاصة، ولسنوات غضّت الحكومات الغربية الطرف عن سرقة الأسرار الصناعية، ودعم قطاعات بأكملها، وإغراق الأسواق بالسلع الفائضة".
وألمح إلى أن هذه السيارات الكهربائية ليست سوى مثال واضح لما يحدث في الصناعة منذ عقدين على الأقل.
السياسات الخضراء غير واقعية
يؤكّد المستشار السياسي البريطاني نيك تيموثي أنه "على الرغم من كل شيء، فإن بريطانيا تظل قوة تصنيعية أقوى مما يدركه الكثيرون، ونحن ثامن أكبر دول صناعية في العالم والاستثمار ينمو بثاني أعلى معدل في مجموعة الـ7 منذ تطبيق ضريبة الخصم الفائق قبل ما يقرب من 3 سنوات".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى الحدّ من اعتمادنا على الوقود الأحفوري الأجنبي، خصوصًا أنه لا ينبغي لنا أن نعتمد على الأنظمة الاستبدادية في الحصول على الطاقة، ولا ينبغي للسياسة أن تسبق التكنولوجيا أبدًا، وأهدافنا المتمثلة في الحياد الكربوني هي ببساطة غير واقعية وكارثية".
وخلص إلى القول: "لقد حان الوقت للتخلص من عقيدة العولمة والتجارة الحرة والعودة إلى العالم الحقيقي، وما لم نفعل ذلك، فإن الانحدار الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي ينتظرنا".
اقرأ أيضًا..
- العرب ضمن أكبر مستوردي النفط الروسي في الذكرى الثانية لغزو أوكرانيا
- الغبار يهدد مشروعات الطاقة الشمسية في الدول العربية.. السعودية والإمارات أبرز المتضررين
- كيف تستغل أميركا هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر لمحاصرة الصين؟ أنس الحجي يجيب