التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

الغبار يهدد مشروعات الطاقة الشمسية في الدول العربية.. السعودية والإمارات أبرز المتضررين

هبة مصطفى

تزداد طموحات نشر الطاقة الشمسية في الدول العربية يومًا بعد يوم؛ إذ كيف لدول اشتهرت بمواردها الهائلة ألا تُطور إمكاناتها الطبيعية لسد عجزها من الكهرباء، خاصة مع نجاح مشروعات بعض هذه الدول في جذب الاستثمارات اللازمة؟

وهنا يظهر تساؤل "هل المساحات الشاسعة والصحاري الممتدة كافيتان لضمان نمو هذه المشروعات"، أم أن النعمة قد تتحول إلى نقمة وتعطل الأجواء المُتربة والغبار من كفاءة الألواح؟

ويملك الغبار تأثيرًا سلبيًا قويًا في أداء الألواح، خاصة إذا لم تنجح طرق التنظيف في إزالة التراكمات الموجودة على سطحه، وفق بحث دولي نشرت منصة الطاقة المتخصصة تفاصيله مؤخرًا.

ويبدو أن توليد الكهرباء النظيفة من الألواح على الأسطح أو الممددة في المزارع والصحاري لن يكون بالقدر المأمول، لتحجز مشروعات الطاقة الشمسية في الدول العربية موقعًا ضمن السباق العالمي لنشر الطاقة النظيفة؛ لأسباب نناقشها في هذا التقرير.

طبيعة الغبار

تتجه أنظار المستثمرين الغربيين والمحليين إلى تطوير الطاقة الشمسية في الدول العربية، لكن مصير هذه المشروعات بات مرتبطًا بظروف الطقس والحالة المناخية للمنطقة.

وتشتهر دول المنطقة العربية منذ قديم الأزل بالأجواء الترابية والعواصف الرملية، ولا سيما مع امتداد الصحاري والمساحات الشاسعة اللتين تسمحان للهواء بحمل ذرات الغبار والتصاقها بالألواح الشمسية.

وعادة ما تنقسم جزيئات التربة إلى "رمل، طمي، طين" تتباين فيما بينها بالحجم والاستجابة للحركة والانتقال عبر الرياح، ولعل أكثر أشكال جزيئات التربة صعوبةً هو "الغبار" الذي يتكوّن من مادة غروية تنتج عن التصاق الطمي والطين.

أجواء متربة تنتشر في غلاف الإمارات الجوي
أجواء متربة تنتشر في غلاف الإمارات الجوي - الصورة من Khalifa University

يُشكِّل الغبار الغروي مادة ذات خصائص تنتشر في نطاق واسع وعابر للقارات؛ إذ رصد علماء، على سبيل المثال، إمكان إطلاق الصحاري الأفريقية 180 مليون طن سنويًا من الغبار القادر على خوض رحلة سفر لمسافة 5 آلاف كيلومتر.

وتمتد جزيئات الغبار في الغلاف الجوي بصورة رأسية لمسافة تتراوح بين 6 و7 كيلومترات؛ ما يفسر اكتساب سماء المنطقة العربية لونًا يميل إلى البرتقالي في بعض أشهر العام.

المناخ والمشروعات الشمسية

تُعَد مشروعات الطاقة الشمسية في الدول العربية موقعًا مثاليًا؛ لما تمتاز به بلدان المنطقة من عدد وافر للأيام المشمسة والمساحات الشاسعة اللازمة لنشر المحطات والمزارع على نطاق واسع.

وأدركت السعودية والإمارات تحديدًا هذه الإمكانات والموارد بصورة مبكرة، ومنذ سنوات بدأ الحديث عن مشروعات شمسية طموحة قد يكون بعضها على وشك التشغيل وبدء الإنتاج.

ويظهر الغبار والمناخ الجاف وامتداد الصحاري غير المأهولة في المنطقة بوصفها تحديًا ضخمًا يهدد طموحات الطاقة الشمسية في الدول العربية؛ إذ ربما غفل المطورون، خلال دراسة فرص المشروعات الواعدة، عن العواصف الترابية وتأثير الغبار في مشروعات الطاقة المتجددة، حسب تقرير نشره معهد الشرق الأوسط (MEI).

ومع تعرُّض الدول العربية لعواصف ترابية متكررة؛ قد يهدد تراكمُ الغبار على الألواح الشمسية الاستفادةَ منها في توليد الكهرباء النظيفة، سواء في المشروعات القائمة على امتصاص الإشعاع الشمسي أو القائمة على تجميع ضوء الشمس المركّز في مستقبلات معينة.

وتظهر مهمة تنظيف ألواح الطاقة الشمسية في الدول العربية، من جزيئات الغبار المتراكمة؛ بوصفها مهمة شاقة، ولا سيما مع تكرار تعرض الصحاري والمساحات الشاسعة لأجواء مُتربة.

ألواح شمسية مغطاة بالأتربة والغبار
ألواح شمسية مغطاة بالأتربة والغبار - الصورة من Cosmo Magazine

إنتاج مضطرب

مع تزايد الاضطرابات والتقلبات المناخية تتضاءل فرص نشر الطاقة الشمسية في الدول العربية؛ إذ لا يقتصر الأمر حينها على صعوبة تنظيف الألواح فقط، لكن ارتفاع درجات الحرارة قد يمتد تأثيره إلى كفاءة توليد الكهرباء.

ويمكن تفسير ذلك علميًا بأن جزيئات الغبار الغروية الملتصقة بالألواح قد تُشكِّل حائلًا أمام تركيز الإشعاع الشمسي، بل على العكس تفرقه هذه الجزيئات؛ ما يقلل إنتاج الكهرباء.

ومن شأن ذلك فرض المزيد من الضغوط الاقتصادية للمخاطرة بأمن الطاقة، ولا سيما إذا شكّلت الطاقة الشمسية حصة ضخمة من مزيج كهرباء هذه الدول.

ورغم أن الغبار المهدد الرئيس لإنتاج الطاقة الشمسية في الدول العربية؛ فإنه لا ينبغي إغفال ارتفاع درجات الحرارة فوق مستويات 25 درجة مئوية، مسببةً انخفاضًا في الجهد.

وتستلزم مستويات الحرارة في الدول العربية إعادة تطوير تقنيات الألواح للتكيف مع درجات حرارة تتراوح بين 40 و50 درجة مئوية، وهي مستويات معتادة في غالبية دول المنطقة خلال فصل الصيف، ويقترن ذلك بضرورة تنظيف الألواح من "تراكمات" العواصف الترابية وجزيئات الغبار.

ويمتد تهديد الغبار إلى خطوط نقل الكهرباء والبنية التحتية لشبكات النقل؛ إذ تضاعف الرطوبة والمطر من تسبب الغبار في خلل بالدوائر واحتمالات وقوع حوادث أو قصور في نقل التيار.

وهناك طرق عدة لتجنب انتشار جزيئات الغبار؛ منها: معالجة التربة لضمان عدم تكوُّن الجزيئات الغروية في الصحاري والأراضي الشاسعة الممتدة في الدول العربية، وتشكيل "حائط صد" أمام الغبار المتطاير والأجواء المتربة عن طريق نشر حزم الأشجار والنباتات.

عاصفة محملة بغبار برتقالي اللون في الكويت
عاصفة محمّلة بغبار برتقالي اللون في الكويت - الصورة من Khaleej Times

فرص الطاقة الشمسية في الدول العربية

يُعَد الغبار والأجواء العاصفة والمتربة شبحًا يُلاحق فرص نمو مشروعات الطاقة الشمسية في الدول العربية؛ إذ إن التراكمات التي قد تُسبّبها جزيئات الغبار الملتصقة بأسطح الألواح كفيلة بتحويل هذه الفرص إلى استثمارات مهدرة، ما لم تُطوَّر تقنيات التنظيف والتكيف مع الحرارة.

وتظهر السعودية والإمارات بوصفهما ضمن أبرز فرص تطوير الطاقة الشمسية في الدول العربية؛ لما تتمتع به الدولتان من إمكانات وصحارٍ شاسعة ممتدّة، لكنهما أيضًا أبرز المتضررين بسبب الغبار.

1) فرص الطاقة الشمسية في السعودية:

توصّل باحثون إلى أن معدل الغبار في المنطقة يُقدّر بنحو 3 أضعاف المعدلات المعلنة مسبقًا، وفق نتائج دراسة نُشرت على الموقع الإلكتروني لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست".

وقالوا إن الدراسات السابقة قللت من تأثير الغبار؛ لاعتمادها على دراسة الجزيئات دقيقة الحجم فقط، لكن مع أخذ الجزيئات الأكبر في الاعتبار تبيّن أنها تُشكّل 80% من كتل الغبار الأرضية قرب مواقع مشروعات الطاقة الشمسية في الدول العربية.

وتكمن خطورة جزيئات الغبار كبيرة الحجم في أنها ذات تأثير قوي بأداء التقنيات الشمسية وفاعليتها؛ إذ قدّرت الدراسة أنه حتى وإن نُظِّفت الألواح بمعدل أسبوعي ودوري؛ فإن نسب خسارة كفاءة الألواح الممتدة في السعودية قد تصل إلى 15% لألواح السواحل الغربية، و45% للسواحل الشرقية.

حقل شمسي في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية
حقل شمسي في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية - الصورة من CNBC

وترجع خسارة الألواح كفاءتها إلى عاملين:

  • الأول: استقرار الغبار على الألواح وتلويثها عن طريق تراكم الجزيئات؛ ما يُشكّل عائقًا أمام وصول الإشعاع الشمسي؛ ومن ثم خفض معدّل توليد الكهرباء منها.
  • الثاني: تراكم جزيئات الغبار في الغلاف الجوي إثر الأجواء المتربة للمنطقة؛ ما يعوق وصول الإشعاع الشمسي بالقدر الكافي إلى الألواح من الأساس.

ولاحظ باحثو ومعدو دراسة "كاوست" أن العامل الأول له تأثير أكبر؛ إذ فاق انخفاض كفاءة الألواح الناجم عن تراكم رواسب الغبار عليها تأثير تلوث الغلاف الجوي بجزيئات الغبار، بنحو الضعف.

وقال قائد الدراسة "جورجي ستينشيكوف" إن التعامل مع جزيئات الغبار بالصورة المُثلى قد يدعم عملية التطور والاقتصاد المستدام في السعودية، مشيرًا إلى أن نتائج بحثهم تسمح بعمليات صيانة مهمة لتقنيات الطاقة الشمسية في المملكة.

2) فرص الطاقة الشمسية في الإمارات:

من بين التحديات التي تواجه الطاقة الشمسية في الدول العربية، خسارة الألواح في الإمارات ما يُقدّر بنسبة 50% من إنتاجها للكهرباء، بحسب تفسير ورد في دراسة نُشرت بالكامل في مجلة إم دي بي آي (MDPI).

وعزت الدراسة ذلك إلى تراكم جزيئات الغبار على الألواح بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، بعدما ربطت أبحاث سابقة بين تلوث الألواح وضعف إنتاج الطاقة الشمسية منها.

واختبر الباحثون عيّنات أداء الألواح في ظل تعرضها لعوامل عدة؛ منها: "الغبار، الملوثات، درجات الحرارة، الرياح"، مؤكدين أن تأثير هذه العوامل قد يؤدي في بعض الأحيان إلى خسارة ما يتراوح بين 60 و70% من الكهرباء المنتجة.

مشروع للطاقة الشمسية في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم
مشروع للطاقة الشمسية في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم - الصورة من Utilities Middle East

وفحصت الدراسة عيّنات للغبار المتراكم على الألواح الشمسية في 5 مواقع بمجمع محمد بن راشد آل مكتوم، أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم وتصل قدرته إلى 1013 ميغاواط، لكشف التباين والاختلافات بين أنواع الغبار.

ويعمل المجمع بنظام مزدوج لتوليد الكهرباء، سواء من الألواح الكهروضوئية أو الأنظمة الشمسية المُركزة، ويسهم في خفض الانبعاثات.

وبعد فحص عيّنات المجمع، تبيّن أن الغبار المتراكم على الألواح الشمسية يختلف في لونه عن عيّنات الغبار الملتقطة من أرضية المجمع أو المناطق الأخرى؛ ما كان له دلالة على ضمه جزيئات لمركّبات متنوعة؛ الأمر الذي قد يُصعّب تنظيف جزيئات الغبار وإزالتها بالطريقة ذاتها.

وظهر عنصر "الكلور" في بعض العيّنات دون أخرى؛ ما يشير إلى تأثر إنتاج الطاقة الشمسية بالبيئة المحيطة كالتلوث والانبعاثات الصناعية وغيرهما، وفق الدراسة التي أعدّتها أقسام هندسية وبحثية في جامعة الإمارات العربية المتحدة.

وخلصت نتائج الدراسة إلى أن إدراك نوعية الغبار المتراكم على الألواح الشمسية، والعوامل البيئية المؤثرة في المواقع، قد يُشكّلان حجر أساس لوسائل تنظيف وإزالة الغبار الأمثل لتجنُّب هدر الإمدادات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لا اعتقد ان الغبار والأتربة ستكون عاملا مثبطاً في تلك المشاريع ،، لأنه يمكن المزاوجة بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للحصول على التكامل ،، بالإمكان بسهولة تصميم منظفات مائية لإزالة الغبار والطمي او الطين فور تعرض القرية الشمسية للعواصف،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق