7 خبراء يتحدثون في ذكرى غزو أوكرانيا.. هذه مكانة موسكو في أسواق الطاقة
دينا قدري
في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، يبدو أن موسكو ما تزال صامدة في وجه التحديات التي تعرقل صادرات البلاد لمنع تمويل آلة الحرب.
وما إن انطلق الهجوم في فبراير/شباط 2022، حتى فرضت الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي، سواء كان حظرًا شاملًا على الإمدادات أو سقفًا سعريًا محددًا.
ورغم ذلك، استمرت صادرات النفط والغاز الروسية في التدفق إلى الأسواق العالمية، في تحدٍّ صارخ للعقوبات الأوروبية والأميركية؛ إذ استفادت بعض الدول من انخفاض أسعار الوقود الروسي.
وكشف نخبة من الخبراء -استطلعت آراءهم منصة الطاقة المتخصصة- موقف موسكو في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا.
ضربة قوية لروسيا
صرّح كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، الدكتور أومود شوكري، بأن مكانة روسيا في أسواق الطاقة تلقت ضربة خطيرة، بعد عامين من الصراع في أوكرانيا.
وقال -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة-، إن غزو أوكرانيا ألحق ضررًا شديدًا بعلاقة روسيا مع الاتحاد الأوروبي -أكبر عملائها-، كما وجّه ضربة قوية لأسواق الطاقة العالمية.
وأضاف أن صادرات النفط الروسية تمكنت من الصمود أمام العقوبات من خلال إعادة توجيه الشحنات بشكل فعّال إلى آسيا.
ومع ذلك، فقد واجهت صعوبة في العثور على مشترين لجميع براميلها؛ لذلك قررت خفض الإنتاج، بدلًا من الاضطرار إلى البيع للعملاء الذين سيتعين عليهم دفع قيود السقف السعري الذي فرضته مجموعة السبع، بحسب شوكري.
علاوةً على ذلك، تقترح خطة "ريباور إي يو" إنهاء اعتماد الاتحاد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، ورفع نسبة مصادر الطاقة المتجددة في الاستهلاك النهائي للطاقة.
وكانت أوروبا تعمل بقوة على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي، وكان عدم القدرة على التنبؤ بالإمدادات القادمة من روسيا سببًا في تفاقم تقلبات السوق، وزيادة التكاليف والتقلبات.
وقال شوكري: "من ثم، فمن الواضح أن الصراع في أوكرانيا كان له تأثير كبير بمكانة روسيا في أسواق الطاقة، إذ أدى إلى تغيير ديناميكيات العرض، وطبيعة الروابط بين الأسواق، ورغبة الدول المستهلكة في استقلال الطاقة".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- الدول المستوردة للوقود الأحفوري الروسي منذ ديسمبر/كانون الأول 2022:
وشاركه الرأي مدير خدمات النفط العالمية في شركة رايبدان إنرجي (Rapidan Energy) كلاي سيغل، الذي أكد أن موقف روسيا في أسواق الطاقة العالمية تأثّر بشكل عميق بالحرب التي شنّتها ضد أوكرانيا.
وأشار سيغل إلى أن روسيا فقدت أكبر وأهم عملائها في أوروبا، فيما يتعلق بصادرات النفط والغاز، وربما بشكل دائم؛ ويوجد عملاؤها الباقون والجدد في أماكن أبعد جغرافيًا، ما يتطلب تكاليف نقل أعلى للوصول إلى السوق.
وأضاف -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة-، أن صادراتها النفطية تتعرض لضغوط بسبب فرض عقوبات جديدة على أولئك الذين ينتهكون آلية الحد الأقصى للأسعار التي حددتها مجموعة السبع، ومن ثم من المرجح أن تواجه موسكو تخفيضات أكبر على نفطها الخام.
وفي الوقت نفسه، تتعرض الأصول النفطية الروسية لهجمات أوكرانية؛ إذ استُهدفت 4 مصافي تكرير في الأسابيع القليلة الماضية، تظل اثنتان خارج نطاق الخدمة بشكل كامل، واثنتان تعملان بسعة منخفضة.
ومع انخفاض إنتاج المصافي، قد تضطر موسكو إلى الاختيار بين تصدير المزيد من النفط الخام (في انتهاك لالتزاماتها في أوبك+) وخفض إنتاج الحقول، بحسب ما أكده سيغل.
ورأى محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، أن موقف روسيا في أسواق الطاقة قد تأثّر دون شك؛ إذ أثّرت العقوبات وحدها في اتجاه وحجم صادراتها من النفط، وكذلك صادراتها من الغاز.
وعلى الرغم من أنها نجحت في تحويل بعض صادراتها من الطاقة -وخاصةً النفط-، فقد كافحت في نهاية المطاف لإيجاد موطن لجميع صادراتها في مدّة ما قبل العقوبات، الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى إنتاج وتصدير البلاد كميات أقل من النفط والغاز، بحسب ما أكده إيتيّم في تصريحاته إلى منصة الطاقة.
وشدد على أن استمرار العقوبات لن يؤدي إلّا إلى زيادة صعوبة الأمور بالنسبة للبلاد، لأنه يحدّ من قدرة موسكو وتقنياتها وخبراتها على خدمة وصيانة مرافقها ومشروعاتها.
الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا
من جانبه، رأى المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، أن مكانة موسكو في أسواق الطاقة لم تتأثر، في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا.
إذ ما يزال تصدير النفط الروسي مستمرًا، على الرغم من وجود بعض القيود التي تفرض سقفًا سعريًا، إلّا أن روسيا تمكنت من تفادي هذه الأمور، وواصلت تصدير خامها بأسعار عالية.
وأشار الريامي -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- إلى أن الجزء الأكبر من النفط الروسي يذهب إلى الصين عبر خطوط الأنابيب.
وتابع: "بالنسبة للغاز، لم يتأثر كثيرًا بسبب الحصار وقيام الدول الأوروبية بتغيير المسار وشراء الغاز الأميركي، إلّا أن هناك العديد من الدول تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي.. من ثم، فإن التأثير ضئيل للغاية".
وهو ما اتفق عليه الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، الذي شدد على أن روسيا لم تتعرض لضربة كبيرة حتى الآن؛ إذ خففت آسيا، وخاصةً الصين والهند، من خسارة الأسواق الغربية.
وقال: "مع ذلك، فإننا نرى الآن ضغطًا متزايدًا على روسيا، حيث تُزال السفن اليونانية وغيرها من سفن الظل من السوق.. العقوبات والأمور المالية تسبّب دمارًا محتملًا.. ويُمكن لقضية البحر الأحمر الحالية أيضًا أن تكون عائقًا رئيسًا، إذا شاركت القوات البحرية الغربية بالفعل".
وأضاف وودرشوفن -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن جاذبية النفط الروسي تتعرض لضغوط محتملة، نتيجة العقوبات والتكاليف البحرية المرتفعة المحتملة.
وتابع: "ما يزال يتعين علينا أن نرى إلى أيّ مدى ستتمكن أوكرانيا من إزالة المزيد من خيارات النفط الروسي من الأسواق، لكن العلامات الأولى ليست واعدة جدًا بالنسبة لروسيا".
موقف السقف السعري
وصف الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة شعيب بوطمين، بـ"الدهاء الكبير"، ما أقرّته الخزانة الأميركية بإعداد مشروع فرض عقوبات على روسيا من خلال وضع سقف سعري لنفطها عند 60 دولارًا، ثم وافقت عليه دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى.
وأوضح -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن هذا الأمر يسمح ببقاء تدفق النفط الروسي في الأسواق العالمية، لكي لا يحدث هناك شح في المعروض، كما أنه يسمح لدول -على غرار الصين والهند- باقتناء النفط الروسي بتخفيضات.
وتابع: "هذا ما حدث بالفعل، اغتنمت الصين والهند الفرصة لشراء المزيد من النفط الروسي، وتكريره وبيعه بهامش ربحي.. هذا الوضع غطّى جزءًا كبيرًا من الطلب على النفط في آسيا، ما وفّر خامات النفط الأخرى في أسواق أخرى والنتيجة انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية".
في وقت وجيز، تمكنت روسيا من غزو سوقين مهمين، هما السوق الهندية والصينية، عن طريق التملص من العقوبات وشركات التأمين، وعاودت التحكم في الأسعار، وتبيع نفطها بأكثر من 60 دولارًا.
وتوقعت مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس"، المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن تستمر الولايات المتحدة في تشديد تطبيق سقف أسعار النفط الروسي، الأمر الذي قد يعوق صادرات النفط الروسية، دون أن يمثّل ذلك مشكلة إمدادات رئيسة.
وشددت -في تصريحاتها إلى منصة الطاقة- على أن واشنطن ستحقق التوازن بين فرض سقف الأسعار، وضمان عدم تأثّر العرض إلى درجة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وتمكنت روسيا من إعادة توجيه صادراتها من النفط الخام والمنتجات خلال عامي 2022 و2023، وهو ما دفعت موسكو ثمنه بطبيعة الحال، إذ اضطرت إلى قبول تخفيضات كبيرة على نفطها والاكتفاء بالأسعار المنخفضة.
موضوعات متعلقة..
- أزمة روسيا وأوكرانيا.. كيف تتأثر أسواق الطاقة العالمية؟ (إنفوغرافيك)
- أسواق الطاقة في أوروبا قد تتجه نحو أزمة جديدة.. وهذه 3 مؤشرات
- 6 مشاهد مؤثرة في أسواق الطاقة العالمية.. منها تزايد نفوذ أوبك+ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أحجام اكتشافات النفط والغاز العالمية تهبط 47% في 2023
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي.. كيف يستفيد بوتين من قرار بايدن؟ (تقرير)
- هل الهيدروجين الطبيعي متجدد؟ بحث يجيب ويكشف 6 طرق للإنتاج
- مشروع المغرب لأطول خط كهرباء بحري في العالم يستعد لبدء الإنشاء