نفطالتقاريرتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

صادرات المشتقات النفطية الروسية لم تنقطع عن أوروبا وأميركا.. ثغرة التكرير تحل اللغز

زيادة 44% في واردات الغرب من المنتجات الروسية

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • صادرات النفط والمشتقات الروسية محظورة غربيًا منذ نهاية 2022 مع سقف سعري
  • الدول الغربية ما زالت مستمرة في استقبال المشتقات الروسية
  • الولايات المتحدة استوردت منتجات نفطية روسية بقيمة 1.72 مليار دولار
  • الهند والصين وتركيا وبلغاريا أبرز المنخرطين في غسل النفط الروسي

ما زالت صادرات المشتقات النفطية الروسية تواصل تدفّقها إلى دول أوروبا وأميركا للعام الثاني على التوالي، عبر صور تحايل مختلفة يجري التغاضي عنها من قبل هذه الدول، رغم التزامها المعلن بالعقوبات المفروضة على موسكو منذ عام 2022 وحتى الآن.

وتحظر العقوبات التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7 استيراد النفط الخام منذ 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، والمنتجات النفطية الروسية منذ 5 فبراير/شباط 2023.

وكان من المفترض أن تؤدي هذه العقوبات إلى حظر دخول صادرات المشتقات النفطية الروسية إلى أوروبا والولايات المتحدة والدول الملتزمة بالعقوبات، إلّا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، إذ ما تزال خامات موسكو تمثّل أحد أهم المصادر الرئيسة لواردات المشتقات النهائية التي تستهلكها الدول الغربية للعام الثاني على التوالي، بحسب تقرير حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه.

صادرات المشتقات النفطية الروسية غير المباشرة

كشف التقرير الصادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، زيادة بنسبة 44% في حجم صادرات المشتقات النفطية الروسية غير المباشرة إلى الدول المنخرطة في تحالف السقف السعري المفروض على النفط الروسي، خلال العام الماضي.

ويضم هذا التحالف كلًا من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان والمملكة المتحدة إلى جانب الاتحاد الأوروبي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وقدّر التقرير قيمة صادرات المشتقات النفطية الروسية التي تمّ تكريرها بطريقة غير مباشرة من خامات موسكو إلى دول التحالف بما يصل إلى 8.5 مليار يورو (9.12 مليار دولار) خلال الـ13 شهرًا الممتدة من ديسمبر/كانون الأول 2022 (تاريخ سريان العقوبات) إلى الشهر نفسه من 2023، ما يعادل 68% من الالتزامات المالية السنوية للاتحاد الأوروبي بمساعدة أوكرانيا من 2024 حتى نهاية 2027.

كما قدّر مركز الأبحاث قيمة الإيرادات الضريبية العائدة على موسكو من استمرار تدفّق هذا النوع من صادرات المشتقات النفطية الروسية غير المباشرة إلى دول التحالف بما يقرب من 1.7 مليار يورو (1.8 مليار دولار) خلال الأشهر الـ13 المنتهية ديسمبر/كانون الأول 2023.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إيرادات صادرات النفط الروسي منذ عام 2022 وحتى يناير/كانون الثاني 2024:

إيرادات صادرات النفط الروسي

واستوردت الولايات المتحدة وحدها ما قيمته 1.6 مليار يورو (1.72 مليار دولار) من المنتجات النفطية المكررة من الخام الروسي بصورة مختلفة، منذ بدء تطبيق السقف السعري على النفط الروسي عند 60 دولارًا للبرميل.

وقدّر مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف قيمة أحجام النفط الروسي المستعملة في تصنيع المنتجات النفطية إلى الولايات المتحدة بنحو 807 ملايين يورو (870 مليون دولار) خلال الأشهر الـ13 المشار إليها.

كما قُدرّت قيمة النفط الروسي المستعمل في واردات الاتحاد الأوروبي من المشتقات النفطية بنحو 2.6 مليار يورو (2.8 مليار دولار) خلال المدة نفسها.

(اليورو = 1.08 دولارًا أميركيًا).

كيف تسللت صادرات المشتقات النفطية الروسية؟

يرجع السبب الرئيس في استمرار دخول صادرات المشتقات النفطية الروسية إلى الدول المعادية بهذه الطريقة، إلى عدم وجود سياسة واضحة من قبل التحالف الغربي بشأن المنتجات المكررة من الخام الروسي، ما سمح بظهور ما يسمى "ثغرة التكرير" في دول ثالثة لا تخضع للعقوبات.

وتستطيع الدول الثالثة شراء خامات النفط الروسي دون عقبات قانونية، ثم تُعيد تكريره في صورة منتجات نفطية لا تحمل أيّ مسميات روسية، ما يجعل دخولها إلى دول التحالف الغربي قانونيًا.

ويمكن ضبط هذه العمليات التحايلية إذا أرادت الدول الغربية، لكنها تتغاضى عن ذلك؛ ما أسهم بصورة كبيرة في استقرار أسعار الخام الروسي وضمان استمرار تدفّق الإيرادات إلى الكرملين، وفق التقرير.

وتنتشر "ثغرة التكرير" في عدّة دول، أبرزها الهند والصين وتركيا وبعض دول شرق أوروبا المستثناة من عقوبات صادرات النفط الروسي المنقول بحرًا، مثل بلغاريا، بحسب التقرير.

وتقول بلغاريا -على سبيل المثال-، إن هذا الاستثناء يمكّنها من استمرار تصدير المشتقات النفطية المكررة من الخام الروسي إلى أوكرانيا وأوروبا حتى نهاية عام 2024، بغضّ النظر عن سريان قرار حظر الواردات الروسية منذ 5 فبراير/شباط 2023.

وكشف تحقيق واسع، أجراه موقع يورو أكتف (euractiv) خلال العام الماضي، شراء أوكرانيا كميات من المشتقات النفطية الروسية بقيمة 700 مليون يورو (756 مليون دولار) مصنّعة في مصفاة تكرير تابعة لشركة لوك أويل الروسية في بلغاريا.

وقالت شركة لوك أويل الروسية آنذاك، إن مصفاتها في بلغاريا لا تتعامل مباشرة مع المستوردين الأوكرانيين، وإنما تبيع مشتقات البنزين والديزل إلى 500 شركة بلغارية محلية.

ثغرة تكرير أم غسل نفط؟

يقول خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن عمليات تكرير النفط الروسي وبيعه عبر دول غير خاضعة للعقوبات لا يخرج عن كونه عملية غسل علنية للنفط الروسي، تشبه ما يُعرَف في عالم الجريمة باسم "جريمة غسل الأموال".

وتعني عمليات غسل النفط الروسي، محاولة تكريره وبيعه بطرق غير مباشرة تستهدف التحايل على العقوبات الغربية المفروضة على صادرات الخام والمشتقات النفطية المكررة منه، وهو ما أطلق عليه مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف "ثغرة التكرير"، بعبارة خفيفة.

وفقًا لهذه الصورة، تستورد بلغاريا أو أيّ دولة ثالثة غير خاضعة للعقوبات الخام الروسي دون مشكلات، ثم تقوم بتكريره وبيعه إلى أوروبا وأميركا عبر شركات تحمل لافتات وطنية أخرى، وهي إحدى الحيل المستعملة في عمليات غسل النفط عبر التاريخ، إلّا أنها تجري في حالة روسيا على نطاق واسع وبأحجام قياسية لم تحدث في التاريخ المعاصر على الأقل، وفقًا للحجي.

مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي

ويُفسَّر مرور ثغرة التكرير أو ظاهرة غسل النفط الروسي أمام أعين أوروبا وأميركا بهذه الطريقة، بعدم جدّيتها في تنفيذ العقوبات وغلبة الجانب الدعائي عليها، ما أدى إلى فشلها بسبب الخداع، وفقًا للحجي الذي خصص حلقة كاملة من برنامج "أنسيات الطاقة" لمناقشة هذه الظاهرة عبر التاريخ وتطبيقاتها في الحالة الروسية.

ويعتقد مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف أن حظر صادرات المشتقات النفطية الروسية المنتجة بطريقة غير مباشرة، سيكون فعالًا في تعزيز تأثير العقوبات بموسكو عبر تثبيط الدول الثالثة عن استيراد كميات كبيرة من الخام الروسي، داعيًا إلى تشديد تدابير شحن النفط الروسي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق