الطاقة المتجددة في قطاع المباني مهمة لخفض الانبعاثات الكربونية (دراسة مصرية)
داليا الهمشري
أكّدت دراسة حديثة أن الطاقة المتجددة في قطاع المباني تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية الكثيفة الصادرة عن الاستعمالات المنزلية، ولا سيما في تكييف الهواء وتبريده.
ودعت الدراسة، التي حملت عنوان "تطورات الطلب على الطاقة المتجددة عالميًا"، الدول العربية إلى التوسع في انتهاج هذا التوجه العالمي، ولا سيما في مجالات التبريد والتكييف والتدفئة وتسخين المياه.
أجرى الدراسة المدير الفني للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة خبير الطاقة المستدامة الدكتور ماجد كرم الدين محمود، الذي كشف في دراسته مدى انتشار الطاقة المتجددة في قطاع المباني على المستوى العالمي خلال الأعوام القليلة الماضية.
أكبر مُستهلك للطاقة
أوضحت الدراسة، التي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منها، أن قطاع البناء يُعدّ أكبر مُستهلك للطاقة، إذ مثّل نحو 33% من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة في عام 2020، ما يجعله قطاعًا رئيسًا لا بد من استهدافه عند التخطيط لخفض الانبعاثات الكربونية.
وأدى حرق الوقود الأحفوري مباشرةً للتدفئة في المباني -بما في ذلك الغاز في الغلايات والنفط والفحم في الأفران- إلى توليد 8% من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة في عام 2021.
كما شكّلت عمليات البناء 27% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية في عام 2020.
وبذلك يُعدّ استعمال الطاقة في المباني أكبر مساهم في تلوث الهواء؛ إذ يطلق القطاع السكني أكثر من ثلث الانبعاثات؛ ما يؤكد أهمية رفع مستوى الاعتماد على الطاقة المتجددة في قطاع المباني عالميًا.
ولفتت الدراسة إلى أن أكبر 10 دول ومناطق مُستهلكة للطاقة (الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي والهند والاتحاد الروسي واليابان وكندا والمملكة المتحدة وجمهورية كوريا وإندونيسيا) تمثّل 67% من استهلاك الطاقة العالمي في المباني.
ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري
أشارت الدراسة إلى أن ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري حفّز انتشار تقنيات مثل خلايا الطاقة الشمسية الكهروضوئية على الأسطح، وجعلها أكثر جاذبية للمستعمِلين النهائيين.
كما سجل عام 2022 رقمًا قياسيًا في التوجه نحو المضخات الحرارية، مع زيادة التركيبات بنسبة قياسية بلغت 10% مقارنة بعام 2021، وشهدت أوروبا أعلى معدل نمو بنسبة 38%، تليها اليابان والولايات المتحدة.
وأعلنت ألمانيا وأيرلندا والمملكة المتحدة أهدافًا وطنية لمنشآت المضخات الحرارية تزيد 10 أضعاف عن المستويات التي رُكِّبت عام 2021.
بينما اتجهت بعض الدول إلى تزويد المباني بالكهرباء النظيفة أساسًا من خلال شبكة الكهرباء، وشبكات التدفئة، بالإضافة إلى تشغيل عدد من المباني باستعمال أنظمة في الموقع، مثل الطاقة الشمسية الكهروضوئية على الأسطح.
وفي عام 2022، أصدرت ولاية كاليفورنيا الأميركية قرارًا باستعمال الطاقة الشمسية بالإضافة إلى التخزين، أي إن جميع المباني الجديدة المطلوبة لتركيب الطاقة الشمسية يجب أن تحتوي -أيضًا- على نظام تخزين للبطاريات.
كما ألغت كندا خطة لفرض رسوم شهرية على مالكي المباني الذين يبيعون الكهرباء الشمسية إلى الشبكة.
نمو الطاقة المتجددة في قطاع المباني
أدى تزايد الطلب على التبريد وتكييف الهواء إلى تسارع نمو استعمال الطاقة في المباني، إذ يُعدّ التبريد محركًا رئيسًا للطلب على الكهرباء في البلدان النامية، ما يبرز الحاجة إلى حلول تبريد مستدامة للمساعدة في تقليل استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية الصادرة عنها.
ووفرت مصادر الطاقة المتجددة الحديثة نحو 15.5% من الطاقة المستعملة في مباني العالم عام 2021، ارتفاعًا من 11.1% عام 2010.
وتصدرت البرازيل الدول التي تستعمل الطاقة المتجددة في قطاع المباني عام 2021 (إذ استعملت الطاقة الحيوية للتدفئة والطهي، والطاقة الكهرومائية في توفير حصص كبيرة من الكهرباء).
كما اعتمدت كندا -بشكل كبير- على الكهرباء النظيفة للتدفئة، بجانب استعمالها حصة عالية من الطاقة الكهرومائية.
الاستثمار في كفاءة الطاقة
أكدت دراسة "تطورات الطلب على الطاقة المتجددة عالميًا" نمو الاستثمار في كفاءة الطاقة بنسبة 15% عام 2021، إلى 211 مليار دولار أميركي، ما يشير إلى أن المستهلكين قد يوجهون اهتمامهم نحو تقليل الطلب على الطاقة.
كما دفعت تكاليف الطاقة المرتفعة إلى زيادة الاهتمام بكفاءة الطاقة في التدفئة والتبريد.
على سبيل المثال، في عام 2022 دخلت خطة تحسين كفاءة طاقة المباني والمباني الخضراء في الصين حيز التنفيذ، واستهدفت أكثر من 50 غيغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية في المباني، وتغطية حرارية أرضية تبلغ 100 مليون متر مربع.
وفي قطاع المباني -سواء التجارية أو السكنية أو العامة-، تبنّت 52 دولة سياسات تدعم استعمال مصادر الطاقة المتجددة حتى نهاية عام 2022، وتشمل هذه السياسات حوافز لتركيب التقنيات المتجددة مثل أنظمة الخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء أو سخانات المياه الشمسية والغلايات وأجهزة التسخين والتدفئة المعتمدة على الكتلة الحيوية أو المضخات الحرارية الجوفية.
كما حظرت بعض الدول أو خفضت استعمال الوقود الأحفوري للتدفئة في المباني الجديدة والقائمة.
وكانت السياسات لقطاع المباني في الغالب بشكل حوافز مالية وضريبية، وهو ما اعتمدته 45 دولة على مستوى العالم.
وأوصت الدراسة بأن تنتهج الدول العربية هذا التوجه على نطاق واسع، وبخاصة في مجالات التبريد والتكييف والتدفئة وتسخين المياه.
موضوعات متعلقة..
- المغرب يستعين بخبرات كوريا لتعزيز نشر الطاقة المتجددة في المباني
- تطور تكنولوجيا الطاقة الشمسية يقود للاكتفاء الذاتي من الكهرباء عالميًا (مقال)
- تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الكربون يحقّقان فوائد اقتصادية واجتماعية
اقرأ أيضًا..
- أسعار توربينات الرياح المنزلية 2024 (خاص)
- السعودية تعلن أسباب وقف زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط.. وإنجاز يفوق ألمانيا
- ارتفاع واردات إسبانيا من الغاز في يناير 2024.. والجزائر تواصل السيطرة
- اكتشاف ضخم من الهيدروجين الطبيعي (فيديو)