"أكذوبة" المنازل المحايدة للكربون تكلف امرأة 800 ألف دولار
هبة مصطفى
بعد مرور 4 سنوات على بدء محاولة تجديد عقار لإكسابه ميزات المنازل المحايدة للكربون، جاءت النتائج غير مرضية بالقدر الكافي، لتبرهن على وجود فجوة بين مستهدفات الطاقة النظيفة والتطبيق الفعلي.
ولم تكن تتخيّل مالكة عقار في ولاية إلينوي الأميركية، تُدعى سامانثا لوتي، أن تحويل منزلها إلى عقار صديق للبيئة سيكون أمرًا صعبًا وسيضطرها إلى إنفاق 800 ألف دولار.
وبحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة في قصة المنزل الأميركي، فقد تحتاج تجربة تجديد منزل لوتي إلى الوقوف عندها قليلًا لرصد التحديات التي واجهتها، والتدقيق في جدوى هذه المنازل، خوفًا من تحول مسارات الحياد الكربوني إلى "هاجس" يضغط اقتصاديًا على الأفراد.
ويتعين على حكومة الولاية دراسة هذه الحالة بأبعادها البيئية والاجتماعية، للإجابة عن تساؤل قطاع عريض تتجه أنظاره إلى تجربة لوتي "أين تكمن المشكلة؟"، هل في الإجراءات التي اتبعتها أم الشركة التي أسندت إليها المهمة، أم الفكرة من أساسها؟
حالة المنزل قبل التجديد
سيطرت رغبة مُلحة على مالكة العقار سامانثا لوتي -وهي أيضًا ناشطة بيئية- لتحويل منزلها إلى أحد المنازل المحايدة للكربون.
ولم تدرك لوتي أن الرحلة الشاقة -سواء فيما يتعلق بالوقت أو الصعوبات وحجم الإنفاق- ستنتهي بالاعتراف بحيوية دور الوقود الأحفوري، خاصة أن المنزل اشتهر بأنه يشبه "لوحة فنية" لمصممه "فرانك لويد رايت" الذي دمج الهندسة المعمارية ببصمة البراري.
وقبيل حلم المنازل المحايدة للكربون، كان منزل لوتي منذ اشترته عام 2016 أنيقًا يتناثر فيه الزجاج الملون والأحجار المنحوتة وألواح الخشب.
وربما زادت الصبغة التاريخية للمنزل من صعوبة الحصول على مشترٍ، إذ يعود تاريخ بنائه إلى عام 1911، لكن لوتي خاضت التجربة وحصلت على المنزل بسعر 1.126 مليون دولار.
ويتسبب البعد التاريخي للمنزل في زيادة القيود المفروضة على عملية التجديد، ما أثار مخاوف لوتي من محاولة إكساب المنزل صبغة بيئية.
تجديد صديق للبيئة
تتميز المنازل المحايدة للكربون بأنها منخفضة الانبعاثات، ولا تهدر الكثير من الكهرباء، إذ تولد ذات المقدار الذي تستهلكه، وهو مبدأ يميل إليه العديد من نشطاء المناخ، وحاولت سامانثا لوتي تطبيقه في عقارها وتحفتها الفنية التاريخية.
وبعد 4 سنوات من عملية التجديد التي بدأت في 2020، وإنفاق 800 ألف دولار، اعترفت لوتي بأنها لن تتمكن من الحصول على منزل محايد بيئيًا دون استعمال الوقود الأحفوري في عملية عزل المنزل خاصة السقف الذي تتسرّب منه الأمطار، وفق تفاصيل روتها لموقع باتش (Patch) المحلي.
واجتمعت عوامل التكلفة مع الاعتبارات التاريخية، لتضع عائقًا أمام مواصلة لوتي تجديد منزلها، إذ يصعب على المنازل ذات الحفريات الخشبية من الخارج أن تحظى بموافقة على تركيب ألواح شمسية على السطح.
وكان على لوتي البحث عن طريقة لتوليد الكهرباء ذاتيًا حتى تحصل على حسم ملائم لفاتورة استهلاكها، وحتى يتحقق حلمها بالانضمام إلى نادي ملاك المنازل المحايدة للكربون، غير أنها اصطدمت بميزانية تصل إلى مئات آلاف الدولارات.
تكلفة تفوق الحسابات
احتاجت سامانثا لوتي إلى إنفاق 55 ألف دولار على إصلاح السقف المتضرر من تسرب المياه ولإنجاح عملية العزل في عقارها التاريخي بالنسبة إلى عملية تحول المنازل المحايدة للكربون، وخلال العمل لحق ضرر بالطابق الثاني تكلف 50 ألف دولار إضافية.
ولصب الخرسانة في قبو المنزل أنفقت لوتي 10 آلاف دولار، لمساحة تصل إلى 4 آلاف و400 قدم مربعة.
وظهر تسرب في هواء 49 نافذة بالمنزل، ولمعالجة الارتفاع الباهظ في فواتير التدفئة والتبريد إثر التسرب، كان يتعين على لوتي إنفاق 142 ألف دولار على إصلاح هذا العطل.
وتكلف تغيير أنظمة التدفئة والتبريد التي كانت تعمل بالغاز والطاقة الحرارية الأرضية ما يقرب من 300 ألف دولار، رغم أن التكلفة الأولية كانت تدور في نطاق 60 ألف دولار.
ورغم التكلفة الخرافية لصبغة العقار بميزات المنازل المحايدة للكربون، فإن لوتي قالت إنها قد تعوض هذه التكلفة من وفر الطاقة الذي ستجنيه طوال ما يتراوح بين 20 و25 عامًا.
ما الحل؟
قد يقترب تركيب الألواح الشمسية على سطح منزل سامانثا لوتي من تغطية تكلفة فواتير الكهرباء، لكن كون المنزل له اعتبارات تاريخية كان من الصعب إنجاز ذلك بسلاسة وسهولة.
ولم تيأس لوتي من تجربتها الصعبة والمكلفة، إذ قالت إنه يمكن إسناد مهمة تجديد العقارات التاريخية والفنية لتحويلها إلى المنازل المحايدة للكربون إلى أشخاص ذوي خبرة كافية يستغنون عن الغاز في التطبيقات المنزلية.
وأوضحت أن ما توصلت إليه حتى الآن يُعد خطوة تقترب من "منزل صديق للبيئة"، لكن هناك وجهة نظر أخرى تُرجِع التكلفة التي تحملتها لوتي -لتجعل منزلها يعمل بالطاقة النظيفة ومطابقًا لمواصفات المنازل المحايدة للكربون- إلى أنه عمل فردي وليس حكوميًا.
وجرت العادة أن تحقيق الحياد الكربوني بإشراف حكومي يكون أقل تكلفة، حتى لا يتحمل الأفراد مبالغ طائلة مدمرة للاقتصاد قد تعوق نشر مستهدفات وخطط الطاقة النظيفة، حسب المجلة الأميركية ناشيونال ريفيو (National Review).
ووصفت رئيسة لجنة ملاك منازل "فرانك لويد رايت"، مارشا شاير، منزل لوتي بأنه نموذج يدمج بين التراث التاريخي والوعي البيئي، بالإضافة إلى ذلك تعكس تجربة التجديد ما يحتاج إليه القطاع السكني لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2035، طبقًا لموقع بي إن إن بريكنج (BNN Breaking).
موضوعات متعلقة..
- المباني المحايدة للكربون جاهزة في أستراليا بشروط.. والمنافع هائلة
- هل يساعد قانون البنية التحتية في أميركا على تسويق تقنيات الحياد الكربوني؟ (تقرير)
- المباني الخضراء.. توقعات بسوق واعدة قيمتها 116 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات الطاقة الروسية تهبط 10%.. و6 دول عربية ضمن المستوردين
- صادرات النفط الروسي أعلى من المستهدف بـ300 ألف برميل يوميًا
- خطة انقطاع الكهرباء في مصر خلال شهر رمضان (خاص)