تقارير التغير المناخيالتغير المناخيالتقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

الكونغو الديمقراطية تتخلى عن "التنقيب" لصالح تعويضات الكربون.. ووزير: "المكاسب أهم"

توفير تمويل وقف حقوق الاستكشاف "العائق الأكبر"

هبة مصطفى

تتمتع جمهورية الكونغو الديمقراطية بموارد طبيعية هائلة، غير أنها غارقة في مشكلاتها الاقتصادية، ودفع ذلك نحو تخلّيها عن أعمال التنقيب عن النفط -خلال جولة التراخيص التي أثارت الجدل- والسماح لشركات أرصدة الكربون والعملات المشفرة بالمشاركة في الجولة.

وتستخدم شركات أرصدة الكربون والعملات المشفرة موارد النفط والغاز غير المستخرجة في البلاد والمتوقعة بموجب جولات الاستكشاف لبيعها للشركات الراغبة في تعويض انبعاثاتها، بدلًا من الحفر في تلك المناطق واستكشاف الهيدروكربونات، وفق ما نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز (Financial Times).

وكان لمسؤولي قطاع النفط والغاز في البلاد ردة فعل مثيرة للجدل، إذ لم يعلنوا أيّ اعتراضات على وقف أعمال التنقيب، في الوقت الذي أكدت فيه اثنتان من كبار شركات النفط الدولية عدم التقدم بعروض في تلك الجولة، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

التنقيب أم المكاسب؟

ضربت الكونغو عصفورين بحجر واحد، بعدما واجهت جولة تراخيص النفط والغاز التي أطلقتها الشهر الماضي معارضات بيئة، وأبدت موافقتها على مشاركة شركات أرصدة الكربون والعملات المشفرة في الجولة.

التنقيب
منصة بحريّة للتنقيب عن النفط في الكونغو - الصورة من الموقع الإلكتروني لشركة شيفرون

وعدّت الحكومة أن وقف التنقيب في مناطق الاستكشاف والإبقاء على الهيدروكربونات في باطن الأرض من شأنه إرضاء نشطاء البيئة، وتوفير مكاسب وعوائد لها في الوقت ذاته، ببيع حصص من تراخيص تلك المناطق في صورة اعتمادات للشركات الراغبة في تعويض انبعاثاتها.

وفي تصريح مثير للجدل، أكد وزير الهيدروكربونات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ديديير بوديمبو، أنه لا مانع من السماح للشركات حديثة العهد في أسواق الكربون بالتقدم بعطاءات التنقيب، رغم عدم ارتباطها بالشركات الكبرى في قطاع النفط والغاز.

وبرّر بوديمبو موافقته على تلك الخطوة بأن شركات أرصدة الكربون تتمتع بغطاء مالي قوي من شأنه دعم اقتصاد البلاد.

وقال: إن "الغرض من تلك الجولات هو ضمان مكاسب اقتصادية للكونغو، سواء في ظل استكشاف وإنتاج النفط أو بدونه، فالأهم لنا هو كسب الأموال".

خطط التطوير.. ومعارضات بيئية

زادت حدّة الجدل بين جمهورية الكونغو الديمقراطية من جهة ونشطاء البيئة من جهة أخرى، الشهر الماضي، بعدما أعلنت الحكومة طرح مناقصة لأعمال التنقيب عن النفط والغاز فيما يقرب من 30 منطقة.

ولاقت المناقصة ردود أفعال غاضبة من نشطاء البيئة، إذ إن عددًا من تلك المناطق الاستكشافية يقع في نطاق متنزه فيرونغا الوطني ومنطقة الغابات الرطبة "كوفيت سنترال" التي تضم أكبر الأنظمة البيئة للأراضي الرطبة في العالم، إذ يمكنها امتصاص الكربون من الغلاف الجوي بصورة طبيعية.

التنقيب
متنزه فيرونغا في الكونغو القادر على امتصاص الانبعاثات - الصورة من (Financial Times)

واستند علماء ونشطاء البيئة خلال رفضهم أعمال التنقيب في تلك المناطق الشهر الماضي، إلى أن الحفر والاستكشاف من شأنه إطلاق كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون التي تمتصه تلك الأراضي طبيعيًا.

وبصورة عامة، لطالما واجهت حكومة الكونغو إحباطات لخطط التوسعات في إنتاج النفط بالبلاد، بعدما تصاعدت وتيرة المعارضات البيئية، وانخفاض خيارات التصدير، وانتشار الفساد.

وتُنتج الدولة الواقعة وسط أفريقيا ما يقرب من 25 ألف برميل يوميًا، اعتمادًا على مربعات نفطية (برية وبحرية) محدودة العدد.

واقترحت المجموعات البيئية عدم السماح بأعمال التنقيب والحفر بمنطقة الأراضي الرطبة التي تمتص الكربون طبيعيًا، والاحتفاظ بالهيدروكربونات في باطن الأرض.

وانطوى المقترح على جانب أسهم في إقناع حكومة الكونغو بالسماح لشركات أرصدة الكربون والعملات المشفرة بالمشاركة في جولة التراخيص.

تعويضات الكربون في الكونغو

يقضي مقترح المجموعات البيئية بإمكان الحكومة الحصول على عائدات ومكاسب من مناطق النفط والغاز محل الخلاف، لكن بطريقة أخرى، دون الحاجة إلى الحفر والاستكشاف.

ودعت تلك المجموعات إلى عَدِّ الانبعاثات التي امتصتها تلك الأراضي بصورة طبيعية "أداة" لتوفير اعتمادات يمكن بيعها للشركات الراغبة في تعويض انبعاثاتها.

ويبدو أن التوجه الجديد لم ينجح في جذب اهتمام شركات النفط الكبرى، إذ أكدت شركتا توتال إنرجي الفرنسية، وإيني الإيطالية، عدم مشاركتهما في تلك الجولة، رغم امتلاكهما مشروعات ضخمة في مناطق مجاورة.

وعلى الجانب الآخر، أعلنت شركات معنية بتعويضات الكربون والعملات المشفرة اهتمامها بالمشاركة في جولة المناطق الـ30 المُعلنة، وشكّلت حملات وتكتلات من شأنها ضمان حصولها على تراخيص بعض المناطق.

واتُفق على تشكيل ائتلاف وحملة تحت اسم "ريديمبشن دي إيه أو" -تضم ممثلين عن شركتي "فلو كربون" و "وي وورك"-، بهدف شراء أحد المربعات المطروحة في المناقصة، عبر توفير تمويل جماعي واستخدامه في أغراض طرح أرصدة كربون.

ويواجه طموح حملة "ريديمبشن دي إيه أو" تحديًا جديدًا عقب إقناع حكومة الكونغو بمشاركتهم، إذ إنها كانت تسعى لتوفير 50 مليون دولار بحدّ أدنى؛ للحصول على الترخيص، غير أنها لم تتمكن إلا من جمع 2.57 مليون دولار فقط.

إنتاج الكونغو من النفط الخام - فبراير 2022

تجارب سابقة

منحت حكومة الكونغو الشركات مهلة حتى فبراير/شباط المقبل للتقدم بعطاءاتها، ورغم ذلك هناك مخاوف من نجاح التجربة، إذ إن تأهيل مربع واحد بما يتماشى مع خطط تعويضات الكربون قد يستغرق عامين.

وكان التمويل عائقًا أمام التجارب المثيلة السابقة، أدى إلى عدم اكتمالها، فمنذ ما يقرب 15 عامًا (2007) طالبَ رئيس الإكوادور الواقعة في أميركا الجنوبية المجتمع الدولي بمكافأة بلاده، وتعويضها عن وقف الحفر والتنقيب عن النفط في أحد المواقع.

ورغم طموح الفكرة المطروحة للمرة الأولى، فإن جمع تعويضات بمعدل لا يرقى للمستهدف البالغ 3.6 مليار دولار دفعَ نحو استئناف أعمال الحفر مرة أخرى بالمنطقة، عام 2016.

وتستعد الغابون الواقعة وسط أفريقيا أيضًا لإصدار أرصدة كربون بما يعادل 187 مليون طن من الكربون، مقابل عدم إزالة الغابات.

وفي الآونة الأخيرة، ومع تصاعد وتيرة الحديث حول تعويضات الكربون والأهداف المناخية والحياد الكربوني، زاد معدل الطلب على إصدار أرصدة كربون مقابل عدم إزالة الغابات، وهو خيار لاقى ترحيبًا كونه قابلًا للتطبيق بصورة تفوق وقف التنقيب عن النفط.

ورغم ذلك، حذّر مسؤول السياسات في شركة "سيلفيرا" لتصنيف اعتمادات الكربون، بن راتينبيري، أن توفير التدفق النقدي اللازم لدفع مقابل حقوق الاستكشاف قد يشكّل تحديًا كبيرًا أمام الشركات.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق