تقارير التغير المناخيالتغير المناخيرئيسية

التنبؤ بالكوارث المناخية.. هل يسبب تعطل تيارات المحيط الأطلسي فوضى في أوروبا؟

نوار صبح

يتذكر معظم الناس عناوين الأخبار، فقط، وخصوصًا ما يتعلق بالتنبؤ بالكوارث المناخية، وقد لا يستوعب بعضهم أو حتى يقرأ السياق والبراهين، وبذلك يصبح العنوان مقبولًا وشائعًا، ويتحول إلى مثال لا جدال فيه عن الكوارث وشيكة الحدوث.

وتشير عناوين الأخبار الرئيسة، التي صدرت في الأيام الأخيرة، إلى كارثة مناخية عالمية وشيكة بسبب تباطؤ حركة شمال المحيط الأطلسي الذي تنبأت به نماذج الحاسوب، وفقًا لما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتشير بعض الأخبار إلى أنّ تعطُّل تيارات المحيط الأطلسي تسبَّب بفوضى المناخ البارد في أوروبا وعدد من الكوارث المناخية، استنادًا إلى نماذج الك التي حولتها إلى قصة رعب صادمة جيدة.

ويترتب عن ذلك مخاوف مثيرة للقلق، إذ يهدد بارتفاع مستوى سطح البحر والطقس العالمي، ما قد يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في بعض المناطق، وارتفاعها في مناطق أخرى.

ويرى محللون أن الأمر لا يتعلق بانجراف شمال الأطلسي، وهو التيار الذي يجلب المياه الدافئة إلى شمال أوروبا من خليج المكسيك، وأن هذا نتيجة لدوران الأرض وتوزيع القارات، ولن يتغير ما دامت الأرض مستمرة في الدوران.

تيارات المحيط الأطلسي

قال الصحفي لدى مجلة "نيو ساينتست"، مايكل لو بيج: "إن التوقف الحالي لتيارات المحيط الأطلسي يمثّل خطرًا حقيقيًا، لكنه تراجع بعد ذلك عن وصف ما يعنيه بـ"الخطر الحقيقي"، حسبما نشرته مجموعة "نت زيرو ووتش" (Net Zero Watch) المعنية بشؤون الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

وأضاف: "يُظهر النموذج الحاسوبي الأكثر تفصيلًا الذي شُغِّلَ حتى الآن أن ذوبان الجليد يمكن أن يتسبب في انهيار التيار المحيطي الرئيس الذي يرفع درجات الحرارة في أوروبا، وما يزال من غير الواضح مدى احتمال حدوث ذلك".

لذا فإن "الأمر غير الواضح هو مدى احتمال حدوث ذلك"، وفقًا لأحد العلماء لدى جامعة أوتريخت في هولندا، رينيه فان ويستن.

وعلى مدار عقود، ظل العلماء يدقون ناقوس الخطر بشأن استقرار دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي، إذ يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات وإذابة الجليد، ما سيخلّ بتوازن الحرارة والمياه المالحة التي تحدد قوة التيارات.

وفي حين يعتقد العديد من العلماء أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي سوف يتباطأ في ظل تغير المناخ، بل ويمكن أن يتوقف تمامًا، إلّا أنه ما يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن وقت ومدى سرعة حدوث ذلك.
وقد تكون التأثيرات المترتبة على انهيار دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي كارثية، إذ وجدت دراسة أن بعض أجزاء أوروبا قد تشهد انخفاضًا في درجات الحرارة حد 30 درجة مئوية على مدار قرن، ما سيؤدي إلى مناخ مختلف تمامًا على مدار عقد أو عقدين فقط.

تيارات في المحيط الأطلسي
تيارات في المحيط الأطلسي - أرشيفية

التغطية الصحفية

تهتم صحيفة الغارديان البريطانية ((The Guardian بطرح المواضيع الحساسة، إذ نشرت "أن دوران المحيط الأطلسي يتجه نحو نقطة تحول تمثّل" أخبارًا سيئة للنظام المناخي والإنسانية"، بحسب التقارير التي تفيد بأن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي يضعف، وقد انهار في الماضي البعيد.

ويرى محللون أنه انخفض بنسبة 15% منذ عام 1950، وربما يكون الآن، في "أضعف حالاته" منذ أكثر من ألف عام، ولكن لا أحد يعرف حقًا ما إذا كان هذا يشكّل أهمية كبيرة.

وتشير بعض الدراسات إلى أن نقطة التحول يمكن أن تحدث بين العام المقبل وعام 2095.

ويتّسم تيار المحيط المعروف باسم دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي بتدفّق المياه الدافئة والمالحة شمالًا في الطبقات العليا من المحيط الأطلسي، وتدفق المياه العميقة الأكثر برودة باتجاه الجنوب، إذ تحمل التيارات الحرارة والأملاح إلى مناطق مختلفة من الكرة الأرضية وتؤدي دورًا حيويًا في الحفاظ على مناخ أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي معتدلًا نسبيًا.

من ناحيته، أفاد مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة أن التغيرات الكبيرة والسريعة في دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي "غير مرجّحة للغاية" في القرن الـ21.

وألمحت صحيفة الغارديان إلى تراجع بطيء يمكن أن يؤدي إلى انهيار مفاجئ خلال أقل من 100 عام، وينطوي على عواقب وخيمة".

وتدّعي مجلة نيو ساينتيست New Scientist أن التباطؤ أو التوقف الكامل لدوران انقلاب خط الزوال الأطلسي يرتبط بأوقات من التبريد الدراماتيكي في جميع أنحاء أوروبا خلال الـ100 ألف عام الماضية، أو نحو ذلك، عندما تمرّ بنقطة تحول يمكن عندها أن تؤدي التغييرات إلى تحول النظام إلى حالة مختلفة.

وتضيف المجلة أن تحديد النماذج الحاسوبية ثبتت صعوبته، وأن التنبؤ بالتوقف يتضمن إضافة كميات كبيرة بشكل غير واقعي من المياه العذبة دفعة واحدة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

بدورها، أضافت عمليات المحاكاة الحاسوبية الهولندية الجديدة المياه العذبة تدريجيًا، ما أدى في النهاية إلى توقّف دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي، ما تسبّب بارتفاع درجات الحرارة في نصف الكرة الجنوبي، ولكنها انخفضت في أوروبا.

ويقول الباحثون، إن بعض التغييرات التي شوهدت في النموذج قبل الانهيار تتوافق مع التغييرات التي لوحظت في المحيط الأطلسي الحقيقي في العقود الأخيرة.

وبعد ذلك تتغير القصة مرة أخرى، وتزيد المياه العذبة المضافة بنحو 80 مرة عن المياه التي تدخل المحيط حاليًا مع ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند.

وأكد أحد العلماء لدى جامعة أوتريخت في هولندا،رينيه فان ويستن، "أن هذا أمر سخيف وغير واقعي".

وكانت صحيفة ذا تيليغراف البريطانية الأكثر واقعية ورصانة في تغطيتها، قائلة، إن النموذج المناخي الذي يتنبّأ بانهيار مدمّر وشيك لأنظمة المحيطات تعرّض لانتقادات، لاعتماده على سيناريوهات "غير واقعية تمامًا".

وعلى الرغم من أن بيانات السطح الجليدي تشير إلى أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي يمكن أن يتوقف عن العمل، فإن النماذج الحاسوبية المتطورة الحديثة لم تكن قادرة على إعادة إنتاج التأثير، ما دفع العديد من العلماء إلى الاعتقاد بأن حدوث الانهيار غير مرجّح.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق