وزيرة بريطانية تفتح النار على سياسات المناخ: أشعلت الاضطرابات في أوروبا

أشعلت سياسات المناخ حالة من الشد والجذب بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في أحدث مناوشات بين الجانبين منذ خروج بريطانيا رسميًا من التكتل، والمعروف اصطلاحيًا بـ"بريكست" في 1 يناير/كانون الثاني (2021).

وصادقت دول الاتحاد الأوروبي في عام 2020 على ما يطلق عليه "الاتفاق الأخضر" الذي يستهدف خفض الانبعاثات الكربونية بنحو 5% بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، اتساقًا مع أهدافها المناخية صديقة البيئة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

غير أن القيود الصارمة المقترنة بهذا الاتفاق أثارت -على ما يبدو- حفيظة بعض شرائح المجتمع في تلك البلدان، لا سيما المزارعون الذين يضطرون بموجبه إلى اتخاذ إجراءات إضافية لحماية المحيط، لا سيما خفض استعمال مادة الآزوت الداخلة في تصنيع الأسمدة التي تُعد أخطر مادة في رفع نسب الاحتباس الحراري.

سياسات "خرقاء"

قالت وزيرة أمن الطاقة البريطانية كلير كوتينيو، إن المملكة المتحدة لن تكرر سياسات المناخ "الخرقاء" التي تسببت في اضطرابات اجتماعية في بلدان أخرى بأوروبا، في تصريحات أدلت بها إلى مجلة بوليتيكو (POLITICO) الأميركية.

وأضافت كوتينيو، أن "أعمال الشغب" والاحتجاجات الحاصلة في أوروبا كانت نتاج سياسات "يشعر العوام أنها ليست في مصلحتهم".

وسرعان ما أثارت تصريحات كوتينيو بشأن سياسات المناخ الخضراء في أوروبا ردود أفعال من داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت كوتينيو، أن المملكة المتحدة ستتوخى الحيطة والحذر، لضمان أن سياسات الحياد الكربوني تصب في الصالح العام.

موجة احتجاجات

اجتاحت المدن الأوروبية موجة من الاحتجاجات خلال الشهور الأخيرة ضمن ردود فعل عنيفة على لوائح سياسات المناخ الخضراء الصارمة المطبقة داخل الاتحاد الأوروبي.

فقد اشتبك متظاهرون من بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا مع قوات الشرطة خارج مبنى البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، بسبب البيروقراطية ذات الصلة بالقواعد المناخية، إذ أضرموا النيران، من بين مظاهر شغب أخرى.

وزعمت كوتينيو -وهي حليفة مقربة من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك- أن المملكة المتحدة قد حققت، في المقابل، خفضًا كبيرًا في انبعاثاتها الكربونية، "مع التأكد أننا نحمي الرأي الجماعي بشأن الأجندة في هذا البلد".

وقالت: "هذا لا يحدث في كل بلد أوروبي"، مضيفة: "بينما تندلع أعمال الشغب والاحتجاجات في أوروبا، أعتقد أن هذا يُعزى إلى أن الناس ينتهجون سياسات خرقاء لا يشعر العامة أنها في مصلحتهم".

وأضافت: "علينا أن نحتاط في هذا الخصوص، كما أننا بحاجة إلى تأكيد أننا نساعد الناس على فهم الأمر بكل تفاصيله"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

سوناك ونشطاء البيئة

في العام الماضي (2023) أثارت حكومة سوناك حفيظة نشطاء البيئة وأنصار سياسة المناخ الخضراء، حينما خفضت مستهدفاتها الرئيسة ذات الصلة بطرح السيارات الكهربائية وأنظمة التدفئة المنزلية النظيفة.

وما تزال لندن تستهدف تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، غير أن سوناك طالب بانتهاج إستراتيجية "برغماتية" لا تفرض "تكاليف كبيرة" على المواطنين.

ويتردد أن وزيرة أمن الطاقة البريطانية كلير كوتينيو تفكر في تغيير هذا المسار عبر إلغاء خطط فرض غرامات على مصنعي الغلايات إذا لم يستوفوا الحصص الحكومية لمبيعات المضخات الحرارية الكهربائية.

وتُعد سياسة آلية سوق التدفئة النظيفة ركيزة رئيسة لخطط المملكة المتحدة لإزالة الكربون من قطاع التدفئة المنزلية الذي يبرز بصفته أحد أكبر مصادر الانبعاثات في البلد الأوروبي.

وفي معرض ردها على سؤال كررته عليها بوليتيكو مرتين بشأن إذا كانت تلك السياسة ستظل قائمة، لم تقدم كوتينيو أي ضمانات، غير أنها قد أكدت أنها تريد دعم الناس في التحول الأخضر، وليس "عبر إجبارهم أو معاقبتهم".

وتعقيبًا على سؤال حول إذا كانت ترغب في تفادي الاضطرابات السياسية التي واجهتها ألمانيا، بسبب تشريعاتها الخاصة بالتدفئة، لم تحدد كوتينيو أي دولة لانتقادها، مكتفية بقولها: "إذا أردنا أن تكون لدينا هذه الأجندة لعقود من الزمن، فنحن بحاجة إلى حماية التوجه الجماعي".

وتابعت: "ما يحتاج إليه الناس هو الشعور بالتفاؤل في هذا الخصوص، وأن تلك السياسات ستكون إيجابية بالنسبة إليهم ولمناطقهم المحلية، وأنها ستوفر فرص عمل في هذا البلد، وستحسن الأوضاع المالية لأسرهم".

ردود أوروبية

لم تُشِر وزيرة أمن الطاقة البريطانية كلير كوتينيو مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي بصفته مصدرًا للاستياء خلال تصريحاتها إلى بوليتيكو، لكنها لم تسلم من ردود الأفعال القوية من داخل بروكسل على تصريحاتها.

فقد قال أحد الدبلوماسيين -الذي طلب عدم الكشف عن هويته، كي يتمكن من التحدث بصراحة-: "عندما يتحدث أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عن السياسات المناخية الخضراء (الخرقاء)، فمن المستحسن أن نستمع".

وأضاف ساخرًا: "إنهم (بريطانيا) يميلون إلى أن يكونوا خبراء في ذلك"، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتحدث دبلوماسي آخر، معقبًا على تصريحات كوتينيو، قائلًا: «بريطانيا.. من هي بريطانيا؟ ألم يغادروا الاتحاد الأوروبي؟".

وتبنّى عضو البرلمان الأوروبي نيلز فوغلسانغ، الذي قاد مفاوضات البرلمان الأوروبي بشأن بند رئيس من "الاتفاق الأخضر" التاريخي، موقفًا أكثر انتقادًا إزاء بريطانيا.

وقال فوغلسانغ: "ليست سياسات المناخ الخضراء (الخرقاء) التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي هي التي تسبب الاضطرابات الاجتماعية، بل إن عدم المساواة الاقتصادية هي التي زادت بصورة حادة خلال العقد الماضي، خاصة في المملكة المتحدة، بسبب السياسات الاقتصادية غير المسؤولة".

موضوعات متعلقة..

• سياسات المناخ في دول الخليج العربي.. هل تحقق الهدف المنشود؟ (تقرير)
• قمة كوب 27: بعض الدول تعطل السياسات المناخية.. ورقم صادم بشأن الخطط الوطنية
• الحرب الروسية تكشف سلبيات سياسات المناخ في أميركا (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• ارتفاع صادرات أميركا من الفحم الحراري.. ومصر والمغرب بقائمة المستوردين
• هبوط قوي بأرباح شركات النفط الكبرى في 2023 (إنفوغرافيك)
• ألمانيا توقع أول صفقة لاستيراد الغاز الجزائري عبر خطوط الأنابيب
• نتائج أعمال دانة غاز في 2023 تهبط بالأرباح 12%.. ما دور مصر؟