الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة مقيدة بـ"البيروقراطية".. وتهديد بسحب الاستثمارات
أسماء السعداوي
تواجه مشروعات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة تحديًا يهدد بهروب استثمارات ضخمة بمليارات الجنيهات إلى دول أخرى مجاورة.
وطالب الرئيس التنفيذي لعملاقة الطاقة البريطانية أوكتوبوس (Octopus)، غريج جاكسون، بإصلاح قواعد شبكة الكهرباء المحلية من أجل تعزيز الاستثمارات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال جاكسون، إن توصيل المشروعات بالشبكة يستغرق وقتًا طويلًا للغاية، مثل مزرعة الطاقة الشمسية التي ترغب أوكتوبوس في إقامتها في دورهام، إذ إن موعد توصيلها بالشبكة سيكون في عام 2037.
وتستهدف الحكومة إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة بالكامل بحلول عام 2035، تحقيقًا لأهداف خفض انبعاثات الكربون، وصولًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
تحديات الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة
حذرت شركة أوكتوبوس من أن تأخير توصيل مشروعات الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة بشبكة الكهرباء والتعطيلات التي تعترض العملية التنظيمية سيؤديان إلى خروج استثمارات بمليارات الجنيهات من السوق البريطانية إلى بلدان ثانية.
ويقول الرئيس التنفيذي للشركة غريج جاكسون، في حوار مع صحيفة ذا تليغراف (The Telegraph)، إن تلك التأخيرات وصلت إلى أكثر من 10 سنوات في بعض المشروعات، مهددًا بأن الشركة ستنقل استثماراتها للخارج.
وأضاف: "حصلنا على مليارات الجنيهات من رأس المال، ونرغب بتوظيفها هنا في المملكة المتحدة لكن رأس المال يذهب إلى حيث يمكن توظيفه".
وتابع: "حاليًا، من السهل إقامة الكثير من البنى الأساسية في فرنسا وألمانيا مقارنة بالمملكة المتحدة".
وتُنير الكهرباء، التي تنتجها شركة أوكتوبوس من مشروعات الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة، 7 ملايين منزل.
وتقود الشركة ثورة خضراء في قطاع الكهرباء عبر نشر الآلاف من الألواح الشمسية ومزارع الرياح والمضخات الحرارية في أنحاء المملكة، بالإضافة إلى فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا واليابان.
شبكة "بيروقراطية"
اتهم غريج جاكسون شبكة الكهرباء في المملكة المتحدة بالبيروقراطية، وبأنها السبب في توقف مشروعات الطاقة المتجددة التي تطورها "أوكتوبوس".
ويقول: "هناك مزرعة شمسية نريد بناءها في دورهام، ولن نحصل على توصيل بالشبكة حتى عام 2037. إنها 13 عامًا لا يمكن فيها توظيف رأس المال، لكن في الوقت ذاته يمكننا توظيفه في بلدان أخرى".
يقوم نظام ربط المشروعات بشبكة الكهرباء التي تديرها الشبكة الوطنية البريطانية ناشيونال غريد (National Grid) على أساس أسبقية تقديم الطلبات، وهو ما أدى إلى تأخير انطلاق المشروعات، ولا سيما المُجدية منها التي يطورها مشغلون معتمدون.
وفي خريف العام الماضي (2023)، تعهدت الهيئة المنظمة لأسعار الغاز والكهرباء في بريطانيا (Ofgem) ومشغل شبكة الكهرباء الوطنية (ESO) بحل الأزمة عن طريق تنقية القائمة من المشروعات غير الواقعية ومشروعات المضاربة.
لكن العشرات من الطلبات الجديدة أُضيفت للقائمة منذ ذلك الحين، وهو ما دفع بعض المطورين إلى التهديد باللجوء إلى القضاء.
الوقود الأحفوري مقابل الطاقة المتجددة
يقول الرئيس التنفيذي لشركة أوكتوبوس، غريج جاكسون، إن شركات الوقود الأحفوري مسؤولة عن تأجيج ردود أفعال مناوئة لجهود التحول الأخضر، خشية أن تحل مصادر الطاقة المتجددة بدلًا من النفط والغاز.
وأضاف: "أعتقد أن 24-2023 هو العام الذي استفاقت فيه شركات الوقود الأحفوري على التهديد الحقيقي الذي يواجه مشروعاتها حاليًا".
- السنة المالية في المملكة المتحدة تبدأ في يوم 6 أبريل/نيسان وتنتهي في 5 أبريل/نيسان من العام التالي له.
وتابع: "بالفعل، تُبعد السيارات الكهربائية 1.5 مليون برميل من النفط عن الطرق يوميًا.. هذا يكفي لتبدأ شركات النفط بملاحظة المشكلات، وتبدأ برؤية بعض التوقعات بشأن تراجع الإنتاج.. أعتقد أن بعضهم بدأ بالشعور بالقلق الشديد بشأن ما سيبدو عليه مستقبلهم".
ونتيجة لذلك -بحسب جاكسون- تحاول بعض الشركات تحفيز رد فعل مناهض للحياد الكربوني، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتعليقًا على قرار رئيس الوزراء ريشي سوناك تأجيل بعض الأهداف المناخية مثل حظر سيارات البنزين والديزل واستبدال الغلايات العاملة بالغاز بالمضخات الحرارية إلى 2035، يقول جاكسون إن سوناك قد استسلم لمجموعة المشرعين المحافظين الرافضين لخطط الحياد الكربوني.
النفط والغاز
على الجهة المقابلة، طالب رئيس هيئة بحر الشمال الانتقالية المسؤولة عن تنظيم قطاع النفط والغاز في المملكة المتحدة، ستيوارت باين، بإطلاق صافرة سباق أعمال التنقيب عن النفط والغاز لاستخراج مليارات البراميل التي ما زالت في جوف البحر.
وأكد أن النفط والغاز سيساعدان المملكة في الحفاظ على أمن الطاقة على مدار العقود المقبلة، لأن 3 أرباع مزيج الطاقة حاليًا يعتمد على الهيدروكربونات.
وإذ وصف النفط والغاز بكونهما "ثروة ضخمة"، أكد باين أنهما هيمنا بوضوح على تاريخ بحر الشمال على مدار الـ50 - 60 عامًا الماضية، كما سيواصلان كونهما جزءًا مهمًا خلال الـ25 إلى الـ40 عامًا المقبلة، لأن بعض مشروعات التنقيب الحاصلة على موافقات حكومية ستواصل الإنتاج حتى خمسينيات القرن الحالي.
وقال أيضًا: "نعيش في عالم تأتي فيه 75% من الطاقة من النفط والغاز"، مشيرًا إلى أن الغاز الطبيعي يوفر 40% من الكهرباء، ويمنح الدفء لـ25 مليون منزل، كما أن 32 مليون مركبة تقريبًا ما زالت تعتمد على البنزين والديزل.
موضوعات متعلقة..
- مزيج الكهرباء في بريطانيا ينذر بكارثة.. ماذا ينتظر الحكومة الجديدة؟
- شركات التشغيل تدفع ملايين الجنيهات لإيقاف مزارع الرياح في بريطانيا (تقرير)
- بريطانيا تنقذ النفط الروسي وتخدع أوروبا.. تحقيق يكشف مفاجآت عديدة
اقرأ أيضًا..
- توترات البحر الأحمر تضرب سوق النفط.. ومخاوف تحيط بقناة السويس
- هل يؤثر الغبار في أداء الألواح الشمسية ودرجة حرارتها؟ بحث دولي يجيب
- صناعة النيكل تنهار.. هل تنجح محاولات الإنقاذ لوقف نزيف الأسعار؟
- إنتاج الميثان الحيوي يرتفع إلى 8 مليارات متر مكعب بقيادة أميركا وأوروبا (تقرير)