المقالاتالنشرة الاسبوعيةرئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

تعقيدات تهدد تجارة النفط الروسي مع الهند وسط العقوبات العالمية (مقال)

فيلينا تشاكاروفا* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • تشير ديناميكيات التجارة إلى ميل مستمر نحو مواصلة تجارة خام سوكول بين روسيا والهند
  • في العام الماضي رفضت شركة إنديان أويل استعمال الدولار الأميركي في مدفوعات النفط
  • الروبية عملة غير قابلة للتحويل والصادرات من الهند إلى روسيا ضئيلة
  • محاولة الهند للانتقال إلى تسوية العملة المحلية مع روسيا واجهت تحديات كبيرة

تراجعت صادرات النفط الروسي إلى الهند، في ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/كانون الثاني من العام نفسه.

ويُعزى هذا الانخفاض الكبير، في المقام الأول، إلى التحديات اللوجستية والمالية، حسبما أوضحت البيانات الصادرة عن شركة كبلر (Kpler)، وهي شركة بارزة لتحليل الطاقة.

وأوضح التقرير أن 6 ناقلات مخصصة لنقل خام سوكول لم تتمكن من إكمال عمليات تسليمها بسبب التعقيدات الناشئة عن مشكلات الدفع وسط عقوبات صارمة ومتزايدة.

وعلى الرغم من وصول تجارة النفط بين روسيا والهند إلى ذروتها في مايو/أيار 2023، مسجلة معدل استيراد غير مسبوق قدره 2.15 مليون برميل يوميًا، فإن هذا الرقم شهد انخفاضًا تدريجيًا، وبلغ ذروته بانخفاض ملحوظ إلى 1.48 مليون برميل يوميًا في ديسمبر/كانون الأول 2023، إذ كان العامل الحاسم في هذا الانكماش هو الصعوبات التي واجهتها مصافي التكرير الهندية.

طوال عام 2023، كان لدى مصافي النفط الهندية نمط ثابت لشراء ما متوسطه 140 ألف برميل يوميًا من خام سوكول.

ولسوء الحظ، فقد واجهت انقطاعًا في تسلم حمولتها في الشهر الأخير من العام، إذ واجهت شركة سخالين-1 (Sakhalin-1)، وهي شركة منتجة رئيسة للنفط في أقصى شرق روسيا، عقبات في إنشاء حساب مصرفي في الإمارات.

وقد حالت هذه العقبة الإدارية دون تنفيذ معاملات الدفع بالدرهم، كما جرى الاتفاق عليه سابقًا.

إحدى ناقلات النفط الروسي
إحدى ناقلات النفط الروسي - أرشيفية

ناقلات النفط الروسي

ما زاد الوضع تعقيدًا الإبلاغ عن 6 ناقلات نفط كانت متوقفة عن العمل قبالة سواحل الهند في يناير/كانون الثاني، ومن بين هذه الناقلات، أشارت ناقلتان إلى إمكان إعادة توجيه مسارهما نحو الصين.

وعلى الرغم من هذه التحديات، تشير ديناميكيات التجارة إلى ميل مستمر نحو مواصلة تجارة خام سوكول بين روسيا والهند، ويتجلى ذلك من خلال عمليات نقل النفط المزمعة من سفينة إلى سفينة، إذ جرى تحديد الهند بصفتها وجهة نهائية لـ3 عمليات نقل مقبلة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك 3 ناقلات: "إن إس أنتراكتيك" و"جاغوار" و"فوستشني بروسبكت" تواصل السير في طريقها بنشاط، وتحمل خام سوكول إلى المواني الهندية.

ولم تتمكن الناقلات التي تحمل النفط الروسي من شحنها إلى الهند لعدة أسابيع في يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب مشكلات في تنظيم الدفع.

وبحسب الوكالة، فإن 14 ناقلة محملة بـ10 ملايين برميل من النفط الروسي المنتج في إطار مشروع سخالين-1 تقف قبالة سواحل كوريا الجنوبية في انتظار تسوية المصدر روسنفط والمستورد الهندي شركة إنديان أويل نزاعًا بشأن السداد.

تجارة النفط بين روسيا والهند

في العام الماضي، خوفًا من التعرض للعقوبات الأميركية، رفضت شركة إنديان أويل استعمال الدولار الأميركي في مدفوعات النفط الروسي، وعرضت إجراء المعاملات بالروبية الهندية.

في المقابل، فإن الشركات الروسية ليست سعيدة بهذا، لأن الروبية عملة غير قابلة للتحويل، والصادرات من الهند إلى روسيا ضئيلة.

نتيجة لذلك، وبصفته إجراء مؤقتًا، دفعت الهند لبعض الوقت ثمن النفط الروسي باليوان الصيني ودولار هونغ كونغ والدرهم الإماراتي.

من جهتها، تفرض الإمارات العربية ضوابط إضافية على استعمال عملتها في مثل هذه المعاملات، والهند نفسها لم ترغب في استعمال عملة منافستها الرئيسة، الصين، في التسويات.

وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في مارس/آذار 2022، أعلنت شركة إكسون موبيل، العضو البارز في التحالف الدولي الذي يدير مشروع سخالين-1 للنفط والغاز، خروجها من المشروع، وكانت هذه الخطوة استجابة مباشرة للتوترات الجيوسياسية المحيطة بالصراع.

وفي وقت لاحق، واجهت روسيا تحديات مالية كبيرة، خصوصًا في تعاملاتها مع الهند، التي سرعان ما أصبحت أكبر مستورد للنفط الروسي في العام التالي للغزو.

وشهدت واردات الهند من النفط الروسي، في أعقاب الغزو الروسي، ارتفاعاً هائلًا، إذ زادت بمقدار 14 ضعفًا في غضون عام واحد، لتصل إلى قيمة مذهلة بلغت 162.2 مليار دولار.

وأدت هذه الزيادة في الواردات إلى اختلال واضح في التوازن التجاري بين الهند وروسيا. وبحلول نهاية عام 2022، توسع الفائض التجاري لصالح الهند إلى 31.8 مليار دولار ، بزيادة 6 أضعاف عن عام 2021. وشهد الربع الأول من عام 2023 استمرار هذا الاتجاه، إذ وصل الفائض إلى 5 أضعاف مبلغ المدة نفسها من عام 2022.

الإنفوغرافيك التالي يستعرض صادرات روسيا من الفحم والنفط والغاز حسب الجهة (يناير 2022- يناير 2024):

صادرات روسيا من الفحم والنفط والغاز حسب الجهة يناير 2022- يناير 2024

الديناميكية التجارية المنحرفة

أرغمت هذه الديناميكية التجارية المنحرفة روسيا على تكديس احتياطيات كبيرة من الروبية، وبلغت حسبما يقال مليار دولار شهريًا، التي تظل غير مستعملة إلى حد كبير خارج الهند.

وقد أدى الركود في الواردات إلى تخمة الروبية في روسيا، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب القابلية المحدودة لتحويل الروبية، بصفتها غير قابلة للتحويل خارج الهند، لا يمكن تبادلها إلا داخل البلاد من خلال أسواق الأوراق المالية أو البنوك المعتمدة.

بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المعاملات النقدية واسعة النطاق موافقة السلطات التنظيمية المحلية في الهند، ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى الوضع.

وقد أكد وزير المالية الروسي السابق، ميخائيل زادورنوف، هذه التشابكات المالية، وكشف عن أن عشرات مليارات الدولارات من شركات النفط الروسية كانت محتجزة فعليًا في حسابات مصرفية هندية.

وفي النصف الأول من العام، بلغت صادرات روسيا من النفط والمنتجات النفطية إلى الهند نحو 30 مليار دولار، في حين كانت الواردات من الهند أقل كثيرًا، إذ قُدرت بنحو 6 إلى 7 مليارات دولار سنويًا.

وشدد زادورنوف على التحديات التي تواجهها روسيا في هذا السياق، قائلًا: "لكن ليس لدينا حق ما نشتريه في الهند، ولا يمكننا إعادة هذه الروبيات، لأننا نتحدث عن عملة غير قابلة للتحويل".

ويسلط هذا البيان الضوء على التعقيدات والقيود الكامنة في العلاقات التجارية بين روسيا والهند، خصوصًا في ظل قيود الظروف الجيوسياسية والاقتصادية الحالية.

الإنفوغرافيك التالي يستعرض قائمة بأكبر مستوردي الفحم والنفط والغاز من روسيا خلال المدة من (24 فبراير 2022 إلى 27 يناير 2024):

أكبر مستوردي الفحم والنفط والغاز من روسيا

وقد واجهت محاولة الهند للانتقال إلى تسوية العملة المحلية مع روسيا، على غرار الصين، تحديات كبيرة. ويعكس هذا النهج تحرك المملكة العربية السعودية لبيع النفط باليوان، لكن تنفيذ الهند كان أقل فاعلية بصورة ملحوظة.

وعلى عكس العملات الأكثر تداولًا عالميًا، لا يمكن تحويل الروبية الهندية إلا داخل الهند، عادةً عن طريق البورصات أو البنوك وعادةً بموافقة البنك المركزي المحلي.

وتخضع هذه المعاملات للمصالح المتغيرة للبلد ومصدريه، ما يضيف طبقة من عدم القدرة على التنبؤ إلى العملية.

من ناحية ثانية، تتمتع الروبية خارج الهند، بفائدة محدودة على المسرح العالمي.

ولم يأخذ دفع الهند لتسويات الروبية في الاعتبار بصورة كافية المساوئ التي يفرضها ذلك على روسيا.

وبالنظر إلى أن صادرات روسيا إلى الهند تتجاوز وارداتها كثيرًا، فإن قيمة الروبية في هذه المعادلة التجارية منخفضة بصورة ملحوظة بالنسبة إلى روسيا.

وكان لهذا الاختلال تداعيات كبيرة، أبرزها تقويض سعر صرف العملة الوطنية الروسية، وقد تصاعد الوضع إلى معضلة مالية معقدة للحكومة الروسية وبنكها المركزي.

وكما أشار ميخائيل زادورنوف، فإن حل قضية مليارات الدولارات "العالقة" في الهند هي عملية طويلة ومعقدة.

سقف سعر النفط الروسي

ما يزيد الأمور تعقيدًا هو فرض الغرب سقفًا لسعر النفط الروسي. وبموجب هذه العقوبات، فإن الجهات التي تدفع أكثر من 60 دولارًا للبرميل مقابل النفط الروسي تخاطر بمواجهة عقوبات أميركية ثانوية.

ردًا على ذلك، استعملت روسيا إستراتيجيات مختلفة للتحايل على هذه القيود، بما في ذلك إنشاء أسطول ناقلات "الظل".

على صعيد آخر، أجبرت العقوبات روسيا على عرض النفط على الصين والهند بأسعار أقل بكثير من أسعار السوق، أي أرخص بنسبة 20 إلى 30%.

وبالإضافة إلى هذه التعقيدات، أبلغت البنوك الهندية الكبرى، مثل بنك الدولة الهندي وبنك بارودا، شركات تكرير النفط المحلية بأنها لا تستطيع معالجة مدفوعات النفط الروسي التي تتجاوز 60 دولارًا للبرميل. وبالتالي، تستفيد الهند من شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة، وتدفع بالعملة المحلية، التي تُعدّ ذات قيمة محدودة حاليًا لروسيا.

لقد أصبحت خيبة أمل روسيا بشأن آلية تسوية الروبية واضحة، بسبب عدم فاعليتها على الرغم من الجهود التي تبذلها الهند، بالإضافة إلى ذلك، فإن السياق الجيوسياسي يزيد من تقييد الوضع.

وقد جعلت القيود المفروضة من واشنطن على تجارة الهند مع روسيا والطبيعة أحادية الاتجاه لنمو التجارة التي تفضل الهند بصورة رئيسة، هذا الترتيب غير قابل للاستمرار بالنسبة إلى روسيا.

وعلى الرغم من هذه القيود، من المتوقع أن تنمو واردات الهند من الوقود الأحفوري الروسي تدريجيًا في عام 2024، نظرًا لتعميق العلاقات بين البلدين.

* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق