شركات التشغيل تدفع ملايين الجنيهات لإيقاف مزارع الرياح في بريطانيا (تقرير)
نوار صبح
- بعض مشغّلي مزارع الرياح يبالغون في مقدار الكهرباء التي يقولون إنهم يعتزمون إنتاجها
- أكثر من نصف مزارع الرياح حقق نتائج في حدود 5% مما توقّعه.
- أيّ شركة يتبين أنها تقدّم توقعات غير دقيقة عن عمد ستواجه غرامة كبيرة
- من غير النزاهة المبالغة في الإنتاج المقصود من أجل استخلاص أموال إضافية من المستهلكين
أصبح إيقاف مزارع الرياح في بريطانيا مطلبًا ملحًّا في الوقت الحالي لشركات التشغيل التي اضطرت لدفع ملايين الجنيهات الإسترلينية لتلك المزارع لقاء إيقاف تشغيلها بهدف حماية الشبكة، التي لا تستطيع دائمًا التعامل مع كمية الكهرباء المولّدة من توربينات الرياح في الأيام العاصفة.
وترتبط هذه التكاليف الإضافية بمشكلة متنامية تتعلق بشبكة الكهرباء القديمة في بريطانيا، ففي الأيام العاصفة، قد تؤدي زيادة طاقة الرياح إلى زيادة الأحمال على النظام، ويتعين على مشغّلي الشبكة أن يستجيبوا من خلال الدفع لبعض الشركات حتى لا تقوم بالتوليد.
في المقابل، بالغت العشرات من مزارع الرياح في بريطانيا، التي تديرها بعض أكبر شركات الطاقة في أوروبا، بشكل اعتيادي، في تقدير كمية الكهرباء التي ستنتجها، ما يضيف ملايين الجنيهات الإسترلينية سنويًا إلى فواتير الكهرباء للمستهلكين، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويكلف هذا التقليص في الإنتاج المستهلكين مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية سنويًا.
مزارع الرياح في بريطانيا "تبالغ"
يبالغ بعض مشغّلي مزارع الرياح في بريطانيا بمقدار الكهرباء التي يقولون، إنهم يعتزمون إنتاجها، ما يعزز المدفوعات التي يتلقونها مقابل إيقاف التشغيل، وفقًا لـ9 أشخاص، من تجّار وأكاديميين وخبراء في السوق، قابلتهم وكالة بلومبرغ (Bloomberg).
وقال هؤلاء، إن الشبكة دفعت لبعض مزارع الرياح مقابل عدم توليد الكهرباء التي لم تكن لتنتجها على أيّ حال.
وقامت منصة بلومبرغ نيوز بتحليل 30 مليون سجل من عام 2018 حتى يونيو/تموز 2023 لمقارنة التوقعات اليومية بشأن الكهرباء التي خطّط مشغّلو طاقة الرياح لتوليدها مع إنتاجهم الفعلي عندما لم يُقَلَّص الإنتاج.
من بين 121 مزرعة رياح في التحليل، بالغت 40 مزرعة في تقدير إنتاجها بنسبة 10% أو أكثر في المتوسط، و27 منها بالغت في تقدير إنتاجها بنسبة 20% على الأقل.
وادّعت مزرعة الرياح فالاغو ريغ Fallago Rig التابعة لشركة كهرباء فرنسا Electricite de France بالقرب من الحدود الاسكتلندية، أنها ستولّد كهرباء أكثر بنسبة 27.1% مما فعلته خلال مدة الـ5 سنوات ونصف.
من جهتها، أعلنت مزرعة الرياح كريستال ريغ 2 Crystal Rig II التابعة لشركة أوسلن رينيوابلز Olsen Renewables أنها ستنتج كهرباء أكثر بنسبة 35.5% مما توفره.
وقد بالغت شركة فنشنت إنرجي Ventient Energy، المدعومة من قبل ذراع إدارة الأصول في جيه بي مورغان تشيس JPMorgan Chase & Co المصرفية الأميركية، بتقدير الإنتاج في مزرعة فار Farr للرياح بنسبة 28.7%.
وقال المتحدثون باسم شركتيْ كهرباء فرنسا وفريد أولسن، إن الشركات تأخذ الامتثال للوائح السوق على محمل الجد، وتعمل مع شركات خارجية لتقديم التوقعات، وفقًا لما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تحديد المبلغ الذي أنفقه دافعو الفواتير
يرى محللون أنه من المستحيل تحديد المبلغ الذي أنفقه دافعو الفواتير بدقة، بسبب هذه المبالغة.
وبافتراض وجود معدل مماثل من المبالغة في التقدير خلال الأوقات التي دُفِعَ فيها لتلك المزارع الـ40 مقابل التوقف عن الإنتاج، فإن المستهلكين سيدفعون مبالغ زائدة تُقدَّر بنحو 51 مليون جنيه إسترليني (65 مليون دولار) منذ عام 2018.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من نصف مزارع الرياح في بريطانيا حقق نتائج في حدود 5% مما توقّعه، وأن نحو ربعها قلّل من إنتاجه.
وقال كبير المحاضرين في جامعة غلاسكو الخبير في التنبؤ بالطاقة، جيثرو برويل،: "إذا كنت تبالغ في التنبؤ بشكل منهجي بهامش كبير، فهذا أمر مثير للريبة".
وأضاف: "يجب أن يكون متوسط الخطأ قريبًا من الصفر، وينبغي عليهم أن يقللوا من توقعاتهم بقدر ما يبالغون في التنبؤ".
انخفاض المبالغة في التقدير
على الرغم من انخفاض المبالغة في تقدير كمية الكهرباء، التي تعتزم مزارع الرياح في بريطانيا توليدها، مؤخرًا، فإنها ما تزال كبيرة.
بين عامي 2018 وأغسطس/آب 2021، وجد تحليل بلومبرغ أن مزارع الرياح الـ40 التي بالغت في تقديرها قد فعلت ذلك بنسبة 20%.
ومن سبتمبر/أيلول 2021 حتى يونيو/حزيران 2023، بالغ هؤلاء المشغّلون في تقديراتهم بنسبة 13%.
وتحظر لوائح المملكة المتحدة صراحةً على شركات التوليد "الحصول على فائدة مفرطة"، عندما يُدفع لهم مقابل إيقاف أو تقليل إنتاجهم بسبب قيود الشبكة.
وقال وزير الطاقة البريطاني السابق، جاكوب ريس موغ، إنه صُدِم من حجم المبالغة في التقدير، ودعا هيئة تنظيم الطاقة البريطانية، المعروفة باسم "أوفجيم Ofgem"، إلى التصرف بشكل عاجل.
وقال أحد تجّار الطاقة، إن المبالغة في التوقعات لها ما يبررها، لأن الكثير من الشركات يفعل ذلك، مشيرًا إلى أن أولئك الذين لا يفعلون ذلك سيواجهون ظروفًا صعبة.
وأوضح أحد كبار المتداولين أنه "لا يوجد سبب مشروع لعدم دقة توقعات بعض المشغّلين باستمرار، بينما لم يكن بعضهم الآخر كذلك".
وقال، إن بعض الشركات أكثر جرأة في السعي لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات من تقليص الإنتاج.
وأضاف أنه من غير النزاهة المبالغة في الإنتاج المقصود من أجل استخلاص أموال إضافية من المستهلكين الذين يتعرضون لضغوط شديدة.
اقرأ أيضًا..
- ما هو الهيدروجين.. وما أنواعه المقبولة في الأسواق العالمية؟ (صوت)
- 6 خبراء يكشفون لـ"الطاقة" دوافع أرامكو السعودية لوقف زيادة الإنتاج
- الصيد بشباك الجر يطلق الانبعاثات الكربونية من قاع البحار (دراسة)